; الرسالة التي غيّرت وجه التاريخ | مجلة المجتمع

العنوان الرسالة التي غيّرت وجه التاريخ

الكاتب الأستاذ أحمد عبد القادر محمد

تاريخ النشر الثلاثاء 19-مايو-1970

مشاهدات 24

نشر في العدد 10

نشر في الصفحة 13

الثلاثاء 19-مايو-1970

إن احتفال العالم الإسلامي هذه الأيام بذكرى مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مناسبة طيبة لنا ليعيد إلى الأذهان تلك الأيام التي سبقت مولده، تلك الأيام التي كان فيها العالم يعيش في جاهلية جهلاء، وكانت بلاد العرب في خضم هذا البحر المتلاطم من الوثنية وعبادة الأصنام وتفكك المجتمعات وتفشي العادات السيئة كقتل الأولاد خشية الفقر وتسلط القوي على الضعيف.

وإذا نظرنا إلى العالم الخارجي حول شبه جزيرة العرب وجدناه في ذلك الوقت تسوده دولتان هما دولة الفرس والروم، وكانت هاتان الدولتان في آخر أيام حياتهما تشهدان عهدًا من الخصومة وتحلل المجتمع؛ فكانت الإنسانية تتطلع إلى من ينقذها من هوتها (السحيقة) ومن يقوِّم اعوجاجها ويعيدها إلى طريق الحق والصواب، وفي هذا الظلام الدامس وهذا الليل الحـالك أشرقت تباشير عهد طيب وبزغت شمس يوم جديد؛ فقد ولد المصطفى الهاشمي القرشي من ذرية عدنان، وقد ولد يتيمًا؛ حيث توفي والده وهو في بطن أمه، ولما بلغ السادسة من عمره توفيت والدته وقام بكفالته جده عبد المطلب، وعندما أصبح في عمر السنتين تُوفي بعدها عبد المطلب فكفله عمه أبو طالب.

ومن هذا يتبين لنا أن النبي لم يلاق الاستقرار والهدوء العائلي من أول حياته، ولكنه مع هذا نشأ نشأة طيبة ورباه الله تربية حسنة فاشتهر بين قومه بالصدق والأمانة وحسن المعاملة حتى نال في قومه هذه المقومات الأخلاقية والسلوكية قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، ولما بلغ الخامسة والعشرين من عمره اقترن بالسيدة خديجة رضي الله عنها بعد أن تاجر في أموالها، وقد لمست فيه الصدق والإخلاص والأمانة فاختارته زوجًا لها، وقد أخلصت هي له أيضًا قبل البعثة وبعدها، وكانت رضي الله عنها خير عون له في أول نزول الوحي عليه وهو في سن الأربعين.

وكانت بعثته ورسالته الربانية إلى الناس أجمعين هذه الرسالة التي غيرت وجه التاريخ، وبدلت نظم المجتمع وقصرت العبادة على إله واحد لا شريك له، ونظمت سبل الحياة من معاملات اجتماعية ونظم اقتصادية وسياسية. وهكذا أراد اللـه سبحانه للإنسانية أن تستيقظ من غفوة الغفلة وأن تبني مستقبلها على أساس من الحق واليقين، ولكن هل تقبّل كل الناس هذا التحول من طريق الخطأ إلى طريق الحق والصواب بدون مقاومة ومعاندة؟ التاريخ يقول: "لا"؛ فقد عارض البعض وتمسك بعقائد الآباء والأجداد على زيفها عنادًا واستكبارًا، وهذا ما كلّف صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه البذل والعطاء والتضحية بالمال والنفس والأولاد؛ فقد تحمل المصطفى صلى الله عليه وسلم ألوان العذاب في سبيل الدعوة إلى الله، وكان هو وأصحابه في الغزوات والدفاع عن دين الله عنوانًا للفخر والاعتزاز بالحق، صلى الله عليه وسلم ورضي عن أصحابه وأتباعه والسائرين على سنته إلى يوم الدين.

وبعد فإننا نتذكر تلك الأيام ونعيش معها لا لمجرد الذكرى والتاريخ؛ وإنما لنستمد منها القوة ونستعين بماضينا علـى حاضرنا المؤلم فقد بلغ السيل الزبى وبلغت القلوب الحناجر؛ فما نحن فيه اليوم من الذل والهوان على الناس وتسلط الأعداء علينا يسوموننا سوء العذاب يقتلون أبناءنا ونساءنا ويهدمون بيوتنا ويشردون أسرنا وعائلاتنا، نعم لقد أرسل الله علينا اليهود الكفرة الملعونين على لسان الأنبياء جزاءً وفاقًا لما فرطنا في جنب الله ومخالفة دينه والخروج على تعاليمه وتخلي البعض منا عن عقائده الصحيحة واعتناقه المذاهب الهدامة والمعتقدات الزائفة والآراء الدخيلة على مجتمعنا الإسلامي.

فمتى نعود إلى نبعنا الصافي الزلال؟ ومتى نرجع إلى الله تائبين مخلصين نادمين على ما فرطنا؟ ومتى ننصر الله لينصرنا على أعدائنا ويثبت أقدامنا؟ كما قال جل شأنه ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).

أيها الإخوة والأخوات: إن إحياء ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالأفعال دون الأقوال، يكون بالتضحية والجهاد بالمال والنفس؛ لنعيد مجد الإسلام ونسترد أرضنا السليبة وكرامتنا المهدورة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نحو منظمة إسلامية - مولد النور

نشر في العدد 10

30

الثلاثاء 19-مايو-1970

في ذكرى المولد!

نشر في العدد 10

34

الثلاثاء 19-مايو-1970