العنوان الصهيوني القادم من آفاق الأرض يحدد مستقبل عالمنا العربي!
الكاتب د. عصام العريان
تاريخ النشر الثلاثاء 27-فبراير-2001
مشاهدات 13
نشر في العدد 1440
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 27-فبراير-2001
لماذا تغيب الحريات في معظم بلادنا؟ تصعب أحيانًا الإجابة عن هذا التساؤل الحائر الذي يرى رايات الحرية ترفرف في معظم بلاد الأرض إلا في أكثر بلاد العالم العربي فالدكتاتوريات العسكرية تحولت إلى جمهوريات ولكن يتوارث الحكم فيها أبناء الزعماء لكي يستمر منوال الحياة على ما هو عليه.
والحركة الإسلامية ذات الجذور الشعبية العميقة وصاحبة التأييد الشعبي الكبير ممنوعة من الحق القانوني في الوجود الرسمي، وإذا سمح لها فهي مطاردة محاصرة بقوانين تشكل غابة من المتاريس التي تمنع وصولها هي أو غيرها إلى مواقع التأثير، إذ لا يمكن تداول السلطة مطلقًا في ظل الدساتير الموجودة حاليًّا.
إلا أن المدقق الحصيف يستطيع أن يرصد ما يجرى في الكيان الصهيوني من انتخابات حرة يتداول فيها قطبا الحركة السياسية العمل والليكود رئاسة الحكومة والجميع يعمل على تنفيذ مخطط واحد لابتلاع الحقوق العربية ويرى من الحركات الصهيونية الدينية التي باتت أصواتها تحدد شكل الحكومة التي يتعامل معها العرب، ويسمع تشدق الصهاينة بأنهم واحة الديمقراطية ولذلك هم الشعب الأحق بالدعم والمساندة.
وحينئذ تكون إجابة التساؤل الحائر حاضرة: إن غياب الحريات في أكثر بلداتنا ووجود الحريات عندهم هو في صالح بقاء هذا الكيان الغاصب الذي لن يستمر إلا في ظل القمع والاستبداد الواقع في أكثر بلادنا.
إن الصوت الصهيوني للشخص القادم من مهاجري يهود روسيا أو حفيد مهاجر بولندي أو من الفلاشا الإثيوبية أصبح يحدد مستقبل الحرب والسلام ويهدد باستنزاف قدراتنا وإمكاناتنا في حروب معروفة سلفًا، في ظل الأوضاع الحالية- نتيجتها، بينما الصوت العربي المسلم في بلادنا محروم من أبسط حقوقه، بل محاصر ممنوع من إبداء رأيه، وإذا اتضح مرة أنه سيصوت أو أنه صوت الصالح الحركة الإسلامية فإنه يعامل كالسفيه فيحجر عليه وتحجب النتائج كما حدث في الجزائر، أو يمنع من التصويت كما حدث في مصر، أو تعالج الآثار السلبية، لذلك كما حدث في تركيا.
لذلك كله تحتل الحرية مكانة بارزة في مفهوم الحركة الإسلامية، لأن الله خلق الناس أحرارًا ولأن الحركة الإسلامية لن تستطيع ممارسة نشاطها ودورها إلا في ظل الحريات، ورحم الله الإمام البنا عندما قال: «والحرية فريضة من فرائضه».
هل تحدث الحرب؟
بقدر ما كانت نتائج الانتخابات الصهيونية متوقعة للمراقبين المحايدين بقدر ما كانت مفزعة لبعض الحكام، ويكفي الاطلاع على تصريحات أهم الرؤساء العرب وحركته الدعوية لاستطلاع الرأي قبل انعقاد القمة العربية الدورية حتى يتساءل الجميع: كيف سيواجه العرب شارون؟ لقد هدد شارون وحلفاؤه بإشعال المنطقة بنيران الحرب وتدمير السد العالي، فهل سيحدث ذلك؟
إن الحرب تحتاج إلى طرفين مستعدين لدخولها، فإذا أعلن أحد الأطراف أنه لن يحارب أبدًا مهما كانت الاستفزازات فإن الطرف الآخر يكون قد كسب جولة مهمة في حرب لم تقع وحقق نصرًا سهلًا دون أعباء، خاصة في ظل غياب استراتيجية واضحة بعيدة المدى لمواجهة هذا العدو المتجبر المتغطرس.
أكثر الزعماء العرب طلقوا الحرب لأسباب لا تخفى على أحد، وفشلوا في تحقيق توازن في الردع مع عدو يمتلك القوة النووية، وفرقتهم تعطى عدوهم فرصة للانفراد بكل على حدة وفرض شروطه المجحفة وهم في الوقت نفسه يهرولون خلف سراب السلام الخادع ويقدمون التنازلات بعد التنازلات دون الحصول على أي مكاسب ولو مرحلية، وجميعهم يثق في القطب الأوحد أمريكا المنحاز كلية إلى جانب عدوهم.
خطط شارون وكيف نواجهها؟
هل يستعد شارون فعلًا لخوض حرب؟
الظاهر أنه لن يقدم على ذلك، فالموازنات الدولية تمنعه ولا يوجد هدف واضح يبرر شن حرب على العرب، حيث يستطيع تحقيق أهداف دون حروب أو معارك.
فما الذي يستعد له شارون؟
إن إعلان شارون عن رغبته في تشكيل حكومة وحدة وطنية ودعوته لخصومه في حزب العمل لدخول تلك الحكومة ينبئ عن رغبته في تحقيق أهداف عدة:
- الاستقرار في الحكم لأطول فترة ممكنة.
- تحقيق وحدة الصهاينة خلفه.
- الضغط على الفلسطينيين لقبول شروط أقل من تلك التي عرضها باراك والاحتفاظ بالقدس موحدة كعاصمة أبدية كما يتوهم للشعب الصهيوني.
وفي ظل تلك الأهداف فإن الراجح هو تجميد الوضع على ما هو عليه، ويمكن توقع أن تخفت قبضة السلطة الفلسطينية عن حركات المقاومة لمواجهة غطرسة شارون بحيث تشهد تجدد العمليات الفدائية الاستشهادية خاصة بعد امتلاك حماس لآلية التفجير عن بعد مما يزيد قدراتها القتالية، وقد نسمع في مستقبل الأيام عن عمليات جديدة.
وفي مواجهة شارون ما الذي يستطيعه الفلسطينيون والعرب والمقاومة؟
إن الخيار الوحيد لنا هو صمود المقاوم واستمرار الانتفاضة ودعمها مع دعم خيار المقاطعة الاقتصادية، فهل تستطيع القمة العربية المقبلة أن تنجز وتحقق القرارات السابقة لقمع الانتفاضة بحيث يصل الدعم المحجوب إلى أهله في فلسطين؟
وهل تصمد السلطة الفلسطينية في وجه الضغوط سواء أكانت من الجهات الدولية المانحة مثل الاتحاد الأوروبي أو أمريكا من ناحية أو من رجالها الذين نضبت الموارد التي تتضخم منه أرصدتهم بسبب وقف التعاون الاقتصادي والأمني مع العدو الصهيوني؟
أما الشعوب فهي باستمرار المعين الذي لا ينضب لدعم قضية فلسطين وخاصة شباب الصحوة الإسلامية ورجالها ونساؤها، فعلينا أن نزيد الدعم للانتفاضة بكل صور الدعم، وأن نفكر في الانتقال لمراحل أبعد في دعم قضية فلسطين فهي محور الصراع في منطقتنا، وأن نعتقد في أن قضية الحريات هي أحد أهم أبعاد قضية فلسطين، وعلينا أن نجاهد من أجل تحقيق الحرية لكل الشعوب وعندها سنضع أقدامنا على أول طريق النصر وتحرير المسجد الأقصى وكل أرض فلسطين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل