العنوان اللوبي اليهودي في إدارة الرئيس الجديد بيل كلينتون
الكاتب محمد دلبح
تاريخ النشر الثلاثاء 16-فبراير-1993
مشاهدات 8
نشر في العدد 1038
نشر في الصفحة 31
الثلاثاء 16-فبراير-1993
يرى مراقبون هنا أن تعيين عدد من السياسيين الأمريكيين في الإدارة الأمريكية الجديدة من المعروفين بعلاقاتهم الجيدة مع إسرائيل وتعاطفهم معها جاءت لإرضاء المنظمات الأمريكية اليهودية التي كانت أعربت عن امتعاضها من عدم وجود يهود أمريكيين يمثلون التيار الرئيسي في أوساطهم ضمن تعيينات الصف الأول التي أجراها الرئيس الأمريكي الجديد بيل كلينتون وخاصة في أعقاب الحملة التي شنتها أوساط هذه المنظمات على تعيين وارين كريستوفر لمنصب وزير الخارجية واتهامها إدارة كلينتون بأنها ليست سوى نسخة من إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي تصف تلك المنظمات عهده بالقسوة مع إسرائيل.
ويقول محللون سياسيون هنا بأن تعيين كلينتون لطاقمه المعنِيِّ بالشؤون الخارجية والأمن القومي ليس سوى إشارة إلى أن الرئيس الأمريكي الجديد فضل ذوي التجربة على ذوي الألقاب الذين يحظون بتجربة عملية أقل خاصة، وأنه يحتاج إلى طاقم مجرب يساعده في مواجهة المشاكل الخارجية المُدْرَجَةِ على جدول أعماله منذ اليوم الأول لرحيل جورج بوش عن البيت الأبيض.
ونظرًا لأن معظم الذين عينهم كلينتون هم ممن خدم في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر التي لا تنظر إسرائيل إليها بارتياح، فإن المنظمات اليهودية الأمريكية التي تتخوف من تبنِّي إدارة كلينتون نفس مواقف کارتر إزاء حقوق الإنسان ومعارضة استخدام القوة ضد المتظاهرين وهو ما تسبب في حدوث خلافات بين إدارة كارتر وإسرائيل غير أن مصادر سياسية أمريكية تقول بأن شكوى المنظمات اليهودية الأمريكية من سياسة إدارة کارتر السالفة خلال مفاوضات كامب ديفيد عامَيْ ۱۹۷۸ و ۱۹۷۹ والاعتقاد بأن رجاله الذين عينهم كلينتون في إدارته سوف يواصلون ذات السياسة ليس له ما يبرره حيث إن الدور الذي كان لعبه كارتر قد تسبب في إخراج مصر من دائرة الصراع العربي مع إسرائيل وإدخالها في دائرة التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل إضافة إلى أن إدارة كارتر هي التي أرست سابقة منح إسرائيل3 مليارات دولارًا من المساعدات الأمريكية الاقتصادية والعسكرية سنويًّا منذ عام ۱۹۷۹ كما أن كلينتون كان تعهد للمنظمات اليهودية الأمريكية خلال لقائه مع الأعضاء اليهود في مجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق من الشهر الجاري بأنه سوف يصحح الأمور من خلال تعيينات تشمل عددًا من أنصار إسرائيل في مناصب حكومية كبيرة.
وقال لهم بأنه يعرف بوجود قلق في صفوفهم وفي إسرائيل وأنه يعرف أن لديه مشكلة في ذلك طالبًا منهم دعم تعييناته.
وقد بدأ كلينتون تنفيذ هذا التعهد بسلسلة من التعيينات شملت تعيين ليون فيورث، ونانسي سود ببيرغ في هيئة مجلس الأمن القومي وكان كلاهما يعمل مستشارًا للسياسة الخارجية مع عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي ألبرت غور «قبل أن يصبح نائبًا للرئيس» وإدوارد كنيدي وكلاهما مؤيدان لإسرائيل بدون تحفظ. وتعيين «ليس أسبن»، وزيرًا للدفاع، وجيمس وولسي مديرًا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكان أسبن قبل ذلك رئيسًا للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي ومن أنصار التركيز على تحسين العلاقات مع إسرائيل ودعمها اقتصاديًّا وعسكريًّا وتصفه الصحافة اليهودية في الولايات المتحدة بأنه شخصية أساسية في العلاقات الاستراتيجية الأمريكية - الإسرائيلية، أما وويسي فكان سبق له العمل في منصب وكيل وزارة البحرية خلال عهد كارتر، ونصيرًا غير عادي لإسرائيل وكان ينظر له باعتباره «تابعًا لريتشارد بيرل»، الذي شغل منصب وكيل وزارة الدفاع في عهد إدارة رونالد ريغان وهو أحد أعضاء اللوبي اليهودي الأقوياء.
وقد خدم كل من أسبن، وولسي كأعضاء في المجلس الاستشاري للمركز اليهودي الشؤون
الأمن القومي «جينسا» الذي عمل خلف الستار بشكل ناجح لرفع مستوى العلاقات الإستراتيجية، بين إسرائيل والولايات المتحدة وقد منح المركز جائزته المميزة المسماة «جائزة هنري جاكسون» إلى أسبن العام الماضي حيث وصف بأنه ظاهرة فريدة في دعمه للجالية اليهودية وإسرائيل.
أما وولسي وهو أحد الحاصلين على منحة رودس الدراسية مثل رئيسه كلينتون فلم يُجرَ مفاتحته في أمر تعيينه حتى الليلة التي سبقت الإعلان عن اختياره.
* مادلين أولبرايت التي توصف من قبل القيادات اليهودية الأمريكية بأنها متفهمه ومتعاطفة، مع إسرائيل وقد سبق لها العمل عن كثب مع المجموعات اليهودية الأمريكية خلال مجلتي والتر مونديل، ومايكل دوكاكيس الانتخابيتين وقد عينت سفيرة لدى الأمم المتحدة.
وكان فريق كلينتون أعلن مؤخرًا عن اختيار السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل والرئيس الحالي لمعهد الولايات المتحدة للسلام صموئيل لدينس لمنصب مدير التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الأمريكية خلفًا لدنيس روس الذي قررت أدارة كلينتون الاحتفاظ به لمدة ستة أشهر أخرى كمستشار خاص لمحادثات السلام العربية الإسرائيلية ومن المعروف أن صموئيل لويس طوال فترة خدمته في الخارجية الأمريكية من ١٩٧٧ - ١٩٨٥ لم يكن يخفِي دعمه القوي لإسرائيل وكان منصب مدير التخطيط السياسي عُرض سابقا على ما يكل ماندلبوم أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جون هوبكنز إلا أنه تم سحبه فيما بعد.
وبالرغم من أن حكومة كلينتون التي أعلن عنها تضم ٧ من اليهود الأمريكيين فإن ذلك لم يعجب المنظمات اليهودية الأمريكية.
وتقول مصادر مقربة من طاقم كلينتون أن مخاوف إسرائيل والمنظمات اليهودية الأمريكية ليست في محلها حيث يوجد عدد كبير من اليهود الأمريكيين ومن أنصار إسرائيل الذين يحيطون بكلينتون، وسيقوم هؤلاء بإزالة مخاوف إسرائيل والمنظمات اليهودية الأمريكية الموالية لها حيث سيعملون على محاصرة أي تصرفات تصدر من قبل أعضاء حكومة كلينتون قد لا تعجب إسرائيل وسوف يحولون دون الوصول إلى مثل ذلك الوضع.
لذلك تتساءل أوساط سياسية أمريكية عن مبررات قلق اليهود الأمريكيين الذين حاولوا تعطيل تعيين وارين كريستوفر في منصب وزير الخارجية وتعزو هذه الأوساط حملة المنظمات اليهودية الأمريكية إلى أنها صادرة عن المجموعات المرتبطة بتكتل الليكود الذين يعتقدون أن كلينتون قد تحول باتجاه دعم حزب العمل الإسرائيلي وتبني وجهة نظر المعتدلين الأمريكيين اليهود.
ويشيرون في ذلك إلى أن اليهود الذين يحيطون بالرئيس الأمريكي الجديد من ذوي التأثير لا ينتمون إلى التيار الرئيسي لليهود الأمريكيين المؤيد لإسرائيل دون تحفظ حيث إن بعضهم ينتمي إلى الفرع الأمريكي لحركة السلام الإسرائيلية التي تؤيد مبدأ مقايضة الأرض بالسلام والوصول إلى حل سلمي للصراع العربي الإسرائيلي.
وتشير المنظمات اليهودية الأمريكية في ذلك إلى أن سارة أهيرمان وهي ضابط الاتصال بين كلينتون والجالية اليهودية الأمريكية وبيتر أدمان المستشار القانوني الفريق كلينتون الانتقالي وايلي سيغال رئيس هيئة موظفي حملة كلينتون الانتخابية الذي عين مؤخرًا مساعدًا للرئيس للخدمة القومية هم من أعضاء الفرع الأمريكي لحركة السلام الإسرائيلية.
ويقول محللون هنا بأن تعيين متعاطفين مع إسرائيل في مناصب بارزة في الإدارة الجديدة يجعلهم يلعبون دورًا في رسم سياسات الإدارة الجديدة إزاء القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي ومحادثات التسوية العربية الإسرائيلية وإبعاد إسرائيل لـ ٤١٣ فلسطينيًّا من ديارهم الشهر الماضي ورفضها تنفيذ قرار مجلس الأمن ۷۹۹ الخاص بذلك، إضافة إلى توجيه سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء العراق.
وتعتقد إسرائيل وأنصارها في الولايات المتحدة أنه كان يمكن اختيار طاقم أفضل بكثير لإدارة كلينتون غير أنهم في الوقت نفسه يعتقدون أن الطاقم الحالي ليس سيئًا إلا أنهم يخشون أن تسعى إدارة كلينتون إلى الطلب من إسرائيل إبداء مرونة في مفاوضات التسوية العربية الإسرائيلية التي سوف تستأنف قريبًا في واشنطن وتقديم تنازلات - والامتناع عن استخدام القوة العسكرية ضد الانتفاضة ولكن هؤلاء يعتقدون بأن إدارة كلينتون في الوقت نفسه سوف تمارس ضغوطًا مكثفة على سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية لصالح التوصل إلى «معاهدة سلام» مع إسرائيل بأقل من الشروط العربية.
وقد أبقت إدارة كلينتون على إدوارد جيرجيان في منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط باعتباره أحد الموظفين المحترفين وليس من المعينين سياسيًّا، كما أبقت على جميع الموظفين الأساسيين بوزارة الخارجية الذين كانت إدارة بوش السابقة كلفتهم بالعلاقة مع إسرائيل والإشراف على ملف عملية مفاوضات التسوية العربية الإسرائيلية ومن بينهم أهرون ميلر ودان كيرتسر.
وبينما تنفي أوساط الإدارة الجديدة وجود خطط في الوقت الراهن لقيام وارين كريستوفر بجولة في المنطقة العربية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فأنها في الوقت نفسه تشير إلى ضرورة قيام الولايات المتحدة بدور أكبر في محادثات السلام العربية الإسرائيلية.
وتردد المنظمات اليهودية الأمريكية أن اليهود الذين يشكلون ٢,٥ بالمائة من سكان الولايات المتحدة قد أدلوا بنحو ٨٠ بالمائة من أصواتهم لصالح كلينتون في الانتخابات الرئاسية ولكنهم لم يحظوا بتمثيل في إدارته يساوي ذلك التصويت.
وتؤكد مصادر سياسية مطلعة هنا في واشنطن أن «تاكتيك» المنظمات اليهودية الأمريكية
في مسألة التعيينات ينصَبُّ على ضرورة الحصول على مواقع مؤثرة بشكل مباشر داخل الهيئات والإدارات الحكومية التي تتعامل مباشرة مع قضايا الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي، وإسرائيل تحديدًا وخاصة في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع وهم يسعون إلى وضع رجالهم في وظائف بارزة من المستوى الثاني والثالث في أية إدارة أمريكية وكانوا خلال عهد ريغان قد سيطروا على مجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، مما سهل لإسرائيل التسلل داخل أنظمة الاستخبارات والدفاع الأميركية، كما أنهم تواجدوا بقوة في وزارة العدل التي من خلالها تسللوا إلى أقسام البوليس الأمريكي على مستوى الولايات وعلى المستوى الفيدرالي.
وتقول هذه الأوساط أن التعيينات التي أجراها كلينتون في مجلس الأمن القومي والخارجية والدفاع المتعلقة بموضوع الشرق الأوسط يجعل من الشرق الأوسط مسالة عائلية لليهود الأمريكيين، ويعتقد لاري كوهلر وهو صحافي يهودي أمريكي وليبرالي أن ذلك يعني أنه ليس أمام العرب والفلسطينيين سوى الاتِّكال على الليبراليين اليهود «جماعة حركة السلام الآن» في إدارة كلينتون في معالجة القضايا العربية والفلسطينية.
وكان كلينتون يستشير فيما يتعلق بالشرق الأوسط خلال حملته الانتخابية ستانلي شينباوم وهو أحد الخمسة اللذين اجتمعوا إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في استوكهولم بالسويد قبل أكثر من 4سنوات وهو ما مهد السبيل بعد ذلك إلى فتح الحوار بين منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة.
وتضم إدارة كلينتون سبعة من اليهود الأمريكيين يتولون وظائف من المستوى الأول «وزراء ونواب وزراء» حيث عين خمسة منهم في المجال الاقتصادي وهم روبرت روبين «مستشار كلينتون للشؤون الاقتصادية» وروجر الثمان في منصب نائب وزير المالية وهذان من شارع المال «وول ستريت» ويتركز اهتمامها على المال والقوة الشخصية أكثر من الدفاع عن مصالح إسرائيل أما ألِيس ريفيلين فقد عينت في منصب نائب مدير مكتب الإدارة والميزانية، وروبرت رايش وزيرًا للعمل وهو أكاديمي منخرط بقوة في قضايا الاقتصاد الأمريكي وليس في القضايا الصهيونية.
ويبقى فقط ميكي كانتور الذي عينه كلينتون في منصب الممثل التجاري الأمريكي ويوصف بأنه نصير قوي لإسرائيل.
ولكن مهما كان حجم التعيينات في إدارة كلينتون التي يرغب فيها اليهود الأمريكيون فإن وزير الحرب الإسرائيلي السابق موشيه أدينز يعتقد أنه مهما كان موقف وزراء وكبار موظفي إدارة كلينتون، فإنهم ليسوا سوى مجرد موظفين لدى الرئيس ينفذون السياسة التي يحددها هو، وإن كانت لا تتفق تمامًا مع توجهاتهم ويعتقد أيضًا بأن كلينتون لن يكون من النوع الذي يمكن اقتياده من أنفه كما حدث في عهد ريغان، بل إنه سوف يتصرف بشكل إيجابي تجاه إسرائيل.
أما إبراهام فوكسمان المدير التنفيذي لمنظمة مكافحة تشويه السمعة «اليهودية الأمريكية» فيقول إنه للإنصاف فإن كافة الذين سيتعاملون مع إسرائيل «في إدارة كلينتون» هم موظفون متميزون وهم سيعملون مع نائب الرئيس ألبرت غور، ووزير الدفاع ليس أسبن الذين عرف عنهما دعمهما القوي وبدون حدود لإسرائيل.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
فضائح النظام السوري - النظام السوري والقضية الفلسطينية- الحلقة الأولى
نشر في العدد 500
27
الثلاثاء 07-أكتوبر-1980