العنوان زواج المسلمة بغير المسلم ... اجتهاد أم إفساد؟!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 11-أغسطس-2007
مشاهدات 22
نشر في العدد 1764
نشر في الصفحة 58
السبت 11-أغسطس-2007
الأزهر: المسلم يحترم عقيدة زوجته الكتابية.. أما غير المسلم فلا يؤمن بنبي الإسلام أساسًا.
د. القرضاوي: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.. والزواج ولاية وقوامة ولا يمكن أن يكون غير المسلم ولياً أو قواماً على المسلمة.
الإسلام كان منطقيا حين حرم زواج المسلم من غير الكتابيات لأنه لا يحترم عقيدتهن.
منذ فترة تمت مراسم زواج امرأة مسلمة من مسيحي في العلن، وسط دهشة أهالي ثالث أكبر مدينة في شرق السودان ( القضارف)، وهذه الواقعة هي أول ردة فعل لفتوى الدكتور حسن الترابي (الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض ) بجواز زواج المرأة المسلمة من رجل مسيحي، وجرت مراسم زواج الفتاة السودانية من الرجل الإثيوبي الجنسية في إحدى كنائس مدينة القضارف؛ حيث منزل ذوي الفتاة، ونقل شهود عيان عن الفتاة قولها إنها سعيدة بزواجها من عريسها المسيحي، ومقتنعة بالفكرة وأنها تستند إلى فتوى الدكتور الترابي في هذا الخصوص. وذكر هؤلاء الشهود أن أهل الفتاة منقسمون حول الخطوة التي أقدمت عليها العروس، فهناك من أيد وهناك من عارض..
ويرى جمهور الفقهاء إباحة زواج المسلم من نساء أهل الكتاب، وأجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا أمر تعبدي، وإذا أردنا أن تلتمس حكمة لذلك فيمكن أن يقال: إن الإسلام عندما أباح للرجل الزواج من الكتابية فإنه أمر الزوج أن يحترم دينها، لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء. أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها، ولا يؤمن بنبيها، مما يوقد النار في المنزل ويمنع السكينة والرحمة التي عليها قوام البيوت، فلهذا منع الإسلام مثل هذا الزواج.
حكمة المنع
يقول فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً، والله تعالي يقول: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم .... وقال: ﴿وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ﴾ ثم استثنى فقال: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ (المائدة: 5) فأباح زواج المحصنات من أهل الكتاب ولم يجز زواج الرجال النصارى من نساء المسلمين.
وحكمة ذلك أن المسلم يؤمن بكل الرسل بما فيهم موسى وعيسى عليهما السلام وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل، بينما لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسولهم وكتابهم. وقد أجاز الإسلام لزوجة المسلم الكتابية أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد بينما لا يجيز هؤلاء الكتابيون للمسلمة - لو تزوجوها - أن تذهب للمسجد وتظهر شعائر الإسلام.
والأهم من ذلك أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم ولياً وقواماً على زوجته الكتابية. بينما لا يمكن أن يكون غير المسلم ولياً أو قواماً على المسلمة، فالله تعالى يقول: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ (النساء: 141).
والزوجة عليها طاعة زوجها، فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله r.
ولعل هناك حكماً أخرى كامنة في منع زواج المسلمة من غير المسلم يعلمها الله تعالى، العليم بما يصلح العباد ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾؟
وما على المؤمن بالله تعالى وبحكمته وعلمه إلا أن يقول: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ (البقرة: 285).
السبب الحقيقي
وجاء في فتاوى الأزهر الشريف الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة (مسيحية أو يهودية) ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم.
وللوهلة الأولى يعد ذلك من قبيل عدم المساواة، ولكن إذا عرف السبب الحقيقي لذلك انتفى وهم انعدام المساواة، فالزواج في الإسلام يقوم على المودة والرحمة والسكن النفسي، ويحرص على أن تبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية، والإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة، ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعًا جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية فإنه مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها. والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد.
أما إذا تزوج غير المسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودا. أنه لا يؤمن بنبي الإسلام، ولا يعترف به بل يعتبره نبيًا زائفاً.
وقد كان الإسلام منطقياً مع نفسه، حين حرم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرم زواج المسلمة بغير المسلم، فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية ما عداها يعد أديانا بشرية، فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة - بعيدًا عن المجاملات - يكون مفقوداً، وهذا يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية.
وهذا الذي ذكر ما هو إلا محاولات استنباط الحكمة من المنع، ويبقى الكثير الذي لا يدركه إلا الله، على أن الفيصل في المسألة أنه أمر تعبدي محض.
قصة زيجة: رغم إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم.. إلا أن الوضع - بالنسبة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب - مختلف ومن العربيات المسلمات المهاجرات سواء من الجيل الأول أو الثاني من تدير ظهرها لتلك الفتاوى وتقبل الزواج من غير دينها متحملة بذلك صعاباً اجتماعية شديدة.
تقول (ز.أ) سودانية مقيمة بإسبانيا: تزوجت من نصراني بعد أن أسلم بناء على رغبتي وأنجبت منه ثلاثة أبناء. وبعد سنوات اكتشفت أنه ما زال على دينه ويذهب إلى الكنيسة مصطحباً ابني الكبير معه، وأنا الآن أندم ندماً شديداً ولا أدري ماذا أفعل؟
عظة في زيجة
هذه القصة ترويها أم حازم صلاح أبو إسماعيل، فتقول: عندما كنا في أمريكا كان لنا جيران ينحدرون من أصل عربي وتعلقت ابنتهم بشاب أمريكي نصراني وجن جنون أبيها، فماذا يقول لذويه ومعارفه؟ وحاول إقناعها بشتى الطرق، لكن دون جدوى، في النهاية رضخ لرغبة ابنته بعد أن هددته بترك البيت. وطلب مقابلة هذا الشاب وأقنعه بأن يعلن إسلامه صورياً، حتى لا يتعرض للانتقادات واللوم، ووافق الشاب وفي أثناء هذه المقابلة أعطاه الأب كتيباً عن التعريف بالإسلام باللغة الإنجليزية، وتزوجت الفتاة ومر عامان على زواجها، وذات مرة وزوجها النصراني جالس يحتسي كوبا من الشاي وجد على الطاولة بجانبه هذا الكتيب الذي كان قد أعطاه له والد زوجته، فأخذ يتصفحه بلا مبالاة فجذبته كلمات الكتاب، وأعجب بعظمة هذا الدين، وذهب إلى صهره ليسأله المزيد من المعلومات عنه، وبعد فترة وجيزة ذهب إلى المركز الإسلامي وأعلن إسلامه. ثم تعلم الصلاة وبدأ يصلي ووجد زوجته لا تصلي، فطلب منها أن تصلي كما يأمرها دينها فرفضت، ثم طلب منها أن تتحجب كما يأمرها دينها، فلم ترضخ لذلك، فقال لها: أنت عاصية لريك لا تقيمين فرائض دينك كما أراد الله. لذا فأنا لا أستطيع العيش معك وطلقها وتزوج من مسلمة محجبة!
نموذج آخر
وهناك نموذج آخر هو حالة مريم ف (٢٦ عاماً) التي تعلق قلبها بشاب أمريكي الجنسية عربي الأصل مسيحي الديانة، ورغم اختلاف ديانتيهما، لم يمنعه ذلك من مصارحتها برغبته في الزواج منها، ولم يمنعها من قبوله زوجاً.
بدأت معاناتها في كيفية مصارحتها أهلها استجمعت قواها وتحدثت مع والدتها التي طلبت منها العودة في أسرع وقت ممكن. رفضت مريم طلب والدتها، ما اضطرها لوضع والدها في الصورة، فطالبها بالاستعجال في العودة، فأخبرته بأنها وخطيبها قد تزوجا فعلاً!
ويعلق د.. عطية فياض، أستاذ الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد بالسعودية على مثل هذه الزيجات قائلاً: يقول الله عز وجل ﴿وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا﴾ [سورة البقرة: 221]، وأن مثل هذه المرأة تكون قد ارتكبت إثماً وذنباً، وزواجها غير صحيح، ولا يمكن أن يصح هذا الزواج إلا إذا أسلم هذا الرجل وصح إسلامه، وأكرر صح إسلامه. فقد منع الإسلام، زواج المسلمة بغير المسلم. ولتعلم المرأة التي تقدم على مثل هذه الزيجة أن الحب والغرام يجب أن يحتكم إلى الشرع، يقول r: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به».
والأطفال الذين يأتون نتاج هذه الزيجة ينسبون إلى أبيهم بالإلحاق وليس بالزواج؛ لأن الزواج باطل .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل