; المجتمع التربوي (العدد 1083) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع التربوي (العدد 1083)

الكاتب د.عبدالحميد البلالي

تاريخ النشر الثلاثاء 11-يناير-1994

مشاهدات 11

نشر في العدد 1083

نشر في الصفحة 48

الثلاثاء 11-يناير-1994

وقفة تربوية

ميزان الإخلاص

قال الإمام أبو يوسف «رحمه الله»:

«يا قوم أريدوا بعلمكم الله تعالى فإني لم أجلس مجلسًا قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم. ولم أجلس مجلسًا قط أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى افتضح»

«تذكرة السامع ص ٦٩».

إنها النية التي يجب أن يراجعها الداعية في كل عمل يقوم فيه، وإنه السؤال الذي يحتاج إلى تجرد وصراحة بين الداعية ونفسه هل ما يقوم به لله أم للسمعة، أو ليقال فلان عامل، أو للتفوق على فلان وعلان والجماعة الفلانية، أو لإغاظة إخوانه من الجماعات الإسلامية الأخرى، أو لأي نية أخرى غير وجه الله الخالص.

والداعية يستطيع أن يتعرف على نيته بنفس الطريقة التي قام بها الإمام أبو يوسف، فعندما لا يرى توفيقًا في عمل من الأعمال، أو يرى نتيجة سيئة، أو يرى فضيحة أو نقيصة فيه قد بدت للآخرين، أو يرى مفاسد قد ترتبت على عمله، فليراجع نيته فلعلها لم تكن لوجه الله، فيرجع إليه ويستغفره ويجدد نيته ليجعلها خالصة لوجهه الكريم، وإلا فليتذكر بأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

أبو بلال

نبضة قلب

جاءني ذلك المسكين يشكو إرهاقًا أعياه عن العمل وتعبًا أعاقه عن الحركة والبذل شاكيًا من ألم في قلبه ووجع في فؤاده فحملت السماعة ورحت أرقب ذلك القلب المتعب ففاجأني انخفاض نبضه، وما لاحظته من بطء في حركته وتذبذب في خفقاته فقلت في نفسي إن الأمر جد وإنه لتعب أحاط بهذا القلب فما العلة يا ترى؟

رحت أرقب وأسمع علني أجد العلة والسبب لكن الإجابة سريعة فهي نبضة من هذه النبضات المتثاقلة همست لي فقالت: يا أيها الباحث المسكين أو قد ظننت أن العلة ستراها بعينيك أو ستسمعها بأذنيك إنها علة لن تراها ولن تسمعها ولو جلت الأرض طلبًا لها إنها علة قد استوت على هذا القلب. فأفقدته نوره الذي يبصر به وطمست معالم الخير فيه فأصبح «كالكوز مجخيًا» إنها المعاص استولت على قلب هموم وآمال أتعبته.

هموم دنيوية وآمال أرضية حملها هذا القلب المسكين وأبعده عن النور الحقيقي نور الطاعة فهل ترجو السلامة لمن وضع يده في النار ثم هو يطلبها سليمة أو ما يذكر صاحبي هذا تلك المقولة: «مثل القلب مثل الطائر كلما هبط احتوشته الآفات وكلما علا نجا من الآفات».

أو لا يطير بهذا القلب نحو العلا حيث إشراقة الإيمان والتقوى من خشوع في صلاة وتدبر لآية وإخلاص في نية وصدق في التوبة ولزوم لصحبة صالحة وبعد عن الدنيا وزخرفها أولا يذكر ذلك فليستريح ونستريح.

 تأملت في همسات تلك النبضة فهي كلمات حق لها أن توزن بماء من ذهب وذكرت إذ ذاك سبيل الخلاص كما بينه طبيب القلوب وعالم خصائص النفوس الإمام الرباني ابن القيم «رحمه الله» إذ يقول: «من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها القلوب آنية الله في أرضه فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها، شغلوا قلوبهم بالدنيا، ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد إذا غذي القلب بالتذكر وسقى بالتفكر ونقى من الدغل، رأى العجائب وألهم الحكمة. ليس كل من تحلى بالمعرفة والحكمة وانتحلها كان من أهلها، بل أهل المعرفة والحكمة الذين أحيوا قلوبهم بقتل الهوى، وأما من قتل قلبه فأحيى الهوى فالمعرفة والحكمة عارية على لسانه، خراب القلب من الأمن والغفلة وعمارته من الخشية والذكر».

عبد الله السعيد– جدة

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الأسرة.. وحزيران

نشر في العدد 3

838

الثلاثاء 31-مارس-1970

لقلبك وعقلك

نشر في العدد 12

26

الثلاثاء 02-يونيو-1970