العنوان المجتمع التربوي(1278)
الكاتب د.عبدالحميد البلالي
تاريخ النشر الثلاثاء 02-ديسمبر-1997
مشاهدات 15
نشر في العدد 1278
نشر في الصفحة 56
الثلاثاء 02-ديسمبر-1997
وقفة تربوية
ليست بحائط «1»
لا ينقصها شيء، فالزوج يقوم بواجب الإنفاق، ورعاية الأبناء، والقيام بواجباته المنزلية من شراء الحاجيات، ومتابعة ما يحتاجه البيت من إصلاح أو إضافة، كما أنه لا يهينها، ولا يسب ولا يشتم، ولكنها غير سعيدة معه.
قد يستغرب البعض هذا الأمر، ويتساءل عن سر عدم سعادتها بالرغم من مواصفات هذا الزوج المثالية؟ وماذا تريد أكثر من ذلك؟ وقد يتنهد بعض الزوجات وتقول بحسرة: يا ليت عندي زوج مثله.
وقد يزول هذا الاستغراب عندما يعلم هؤلاء المستغربون بأن السعادة الزوجية لا تنحصر بالمال، وقيام الزوج بواجباته المنزلية، وحب الأبناء، والقيام برعايتهم، وإن كانت هذه الأمور أساسية في بناء البيت المثالي السعيد، ومن أهم أسباب جلب السعادة، إلا أن هناك أمورًا أهم بكثير من هذه الأمور التي يعدها البعض هي كل شيء في الحياة الزوجية، ألا وهي الشعور بالطرف الآخر، ومراعاة أحاسيس الزوجة، وبث معاني الحب والتقدير، وتحسيس الزوجة بأنها إنسانة ذات كيان، وهي شريك في هذه الحياة، شريك كامل لا شريك جزئي، وبالتالي لا يجوز معاملتها كالجماد فهي ليست «حائطًا»، تحتاج من زوجها ما هو أهم من المال، تحتاج منه ابتسامة، ومزاح، وإبداء مشاعر الحب نحوها، وإبداء عبارات الإعجاب بطبخها، وملابسها وتربيتها للبيت وأفكارها في القضايا الفلانية تحتاج أن يستشيرها في أموره ليشعرها بوجودها، وتحتاج ألا يخفي عنها بعض الأمور المالية والبيتية، فهما شركاء في كل شيء.
قد تكون هذه الأمور يغفل عنها الكثير من الأزواج بالرغم من أهميتها، وبما يترتب عليها من استقرار للحياة الزوجية.
أبو خلّاد
تعال نؤمن ساعة
يا أهل الباقيات الصالحات
أعمال البِر والخير هي سِمة المسلم، وهو يصبو إليها بفطرته من غير مرزأة تلحق به، لرياء أو سمعة أو مَن وغيرها من غصص مرة، يتجرع وبالها مَنْ لم يُخلص النية في أعماله كلها، فالزكاة والصدقة والمعونة، وكل رفد خالص لله، إنما كان تأَلفًا لقلوب المسلمين، حيث ينجاب عنها الأثر الذي يتركه تصرف الغني الشحيح، ولا يقضي له الفقير العفيف، وبذاك الأثر تكون البوائق وتنشأ الفتنة التي يتولد منها ما رأينا من انسياق جهلة المعوزين وراء قماءة المبادئ المستوردة التي تتنافى مع عقيدتنا الإسلامية، وقيمنا الروحية السامية، ألم يقل رسول الله ﷺ «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم»؟
هذا حديث من عشرات الأحاديث المضيئة، وهو نبراس ثر في ظلمة الضياع والانحراف، ليرد الوجوه الساهمة عن النظر في تحديث العناوين التي كانت مرقاة الأمة المسلمة، وسرق معطياتها المستشرقون والأفاكون، وعاجوا بها مرة أخرى إلينا بعد أن ألبسوها- أو قُل شوهوها- بمفاسدهم وضلالهم، فاستقبلها أبناء المسلمين لجهلهم بالترحاب والتصفيق، فتجرعت الأمة بها كؤوس المرارة، وتقطعت أقتاب بنيها من سغب وخيم، وغلاء مستحدث أيضًا، لأن الجزاء من جنس العمل.
ولعل فلول تلك النظم العالمية المتآكلة والمتهافتة أحست أنها أغلقت على نفسها باب مهيع كريم، يُسود فيه مَن لم يضاه الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولم يجعل نفسه قعودًا عن الوقوف مع الحق، ولم يرض بالمفازة الوعرة الموحشة عن ظلال الرحمة والبِر التي جعلها الله للناس لو اتقوا ربهم وعبدوه.
إن شغف المسلم بأعمال البِر والخير في كل مجال وعلى كل حال لهي سجيته التي أودعها ربه فيه، فما كان لمسلم فقير أن يتأوه من فاقة في العشيات الطيبة عند أخيه المسلم الغني، ويعلم هذا بجوعه وحاجته، وينام قرير العين، فالأواصر التي تربط المسلم بأخيه المسلم لتربو وترسخ بهذا الشعور الكريم، وبتلك المعونة الخالصة من غير لمز، وهي السور المنيع الذي يؤدي إلى الرفعة والسؤدد بالفرد المسلم وبالمجتمع المسلم، وبالأمة المسلمة على حد سواء.
أيها المحسن أقِبلْ
واغتنم دربَ هداها
فالحياة اليومَ جوَد
وغدًا تلقى الإلهَ
وهي الجنات تدعو
بالمبرات فتاها
فأبذلِ المالَ الخير
وأرْع للنفَس خُطاها
أنت بالإحسان صوتٌ
عطْرِ اليومَ الشَفاها
فتينُ الخير وأبذلْ
يؤتكَ الله مُناها
فالمبراتٌ كنوزٌ
حيثُ ألقيتْ عصاها
فأسبق السعي بسعيٍ
صارَ يوم الحشرِ جاها
ظلك الممدودُ فيه
ليس مِن ظلٍ سواها
إنذ ما قد ذمت بشريٍ
نشر الفضلُ شذاها
فمغانيها قبولٌ
لیس يُدری ما مداها
جلّ مَنْ تربو لديه
حَبّةٌ طابَ جناها
وبنفسٍ ليس ترجو
غير رحماهُ يداها
فأنهَّضَنْ صاح وضاعفٌ
عند مولاكَ غناها
ولْيرَ الناسُ بغرب
وبِشرقٍ ما سَناها
ليسَ في الإسلام جوعٍ
أو به مَنْ قال: آها
إنّهُ الإسلامُ فخر
وبه العيشُ تباهی
شريف قاسم
إفلاس العلمانية
في الوقت الذي يبذل المسلمون هنا في أمريكا قصارى جهدهم للدفاع عن دينهم ضد الهجمات التي يتعرض لها من أعداء الإسلام وهم كثيرون يؤلمنا أشد الألم أن بعض الناس يطعن في صحابة رسول الله ﷺ.
من ذلك ما نقلته مجلة المسلمين في أنحاء العالم المجتمع في عددها «١٢٦٧» الصادر في ١٤ جمادي الأولى ١٤١٨هـ عن كتابين أحدهما «مجتمع يثرب» والآخر شدو الربابة في أخبار الصحابة، ولا أتطرق إلى ذكر المؤلف حتى أفوت عليه غرضه في الاشتهار.. وإن الوقت لا يتسع للرد على كافة ما وَرَد في الكتابين من تهم وأكاذيب ومفتريات، وسوف أقتصر على الكتاب الثاني «شدو الربابة» الذي تضمن طعنًا بصحابة رسول الله ﷺ ورضي الله عنهم أجمعين.
إن فضل الصحابة لا ينكر، وقد وَرَد في القرآن قوله تعالى: ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ (سورة الفتح: 18).
وقال جل جلاله: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ (سورة الفتح: 29).
ولقد وردت أحاديث شريفة عديدة في حق الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- منها: قوله ﷺ: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» ومنها قوله ﷺ: «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا لم يدرك مد أحدِهم ولا نصيفه» أخرجهما البخاري.
إن العلمانيين يهاجمون مجتمع يثرب، والحقيقة التي يعترف بها الأشراف من الناس أجمعين أن مجتمع يثرب كان خير مجتمع في التاريخ الإسلامي، ولم يحدث له نظير بعده مطلقًا، فقد كان الأنصاري يقاسم المهاجر ماله، وكان هذا من مقتضى الأخوة الإسلامية التي أمر بها رسول الله ﷺ بعد أن استقر في المدينة المنورة، وذلك المجتمع هو الذي نزل القرآن الكريم بحقه ومنحه تلك الشهادة الرفيعة والوسام الخالد: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (سورة آل عمران: 110).
لقد نال الصحابة عبر القرون الطويلة احترام المسلمين، كيف لا وهم تلاميذ محمد ﷺ الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)﴾ (سورة النجم: 3 – 4).
يقول ابن القيم- رحمه الله-: الصحابة سادة الأمة وقادتها وسادات المفتين والعلماء وقال مجاهد: العلماء، هم أصحاب محمد، وقال سعيد عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ﴾ (سورة سبأ: ٦) قال المراد هنا أصحاب محمد، أعلام الموقعين 1 / 14.
يقول ابن القسيم أيضًا: «إن أفهام الصحابة- رضي الله عنهم- أفهام جميع الأمة وعلمهم بمقاصد نبيهم ﷺ وقواعد دينه وشرعه أتم من علم كل من جاء بعدهم»، الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية ص ۱۳۲، ويقول أيضًا: «وهذا من كمال فقه الصحابة، فإنهم أفقه الأمة وأعلمهم بمقاصد الشرع وحكمه» الطرق الحكمية ص ۱۹۹، هذا ما صدر من ابن القيم، وغيره كثير من أفاضل العلماء والأشراف من الناس عبر القرون الطويلة، ممن عرفوا قدر الصحابة ومكانتهم في الشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، ثم يأتي شخص ويضع عنوانًا لكتابه «شدو الربابة» ويطعن تلك الطعون، وإن العنوان وحده يكفي للحكم على المؤلف.
إن الذي يؤسف له حقًا: أنه لا توجد محكمة شرعية تختص، بمثل هذه الجرائم ويومها لن نسمع للعلمانية صوتًا يخالف كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسول الله ﷺ.
لقد أفلس العلمانيون لأن دعوتهم لا تقوم على قواعد ثابتة يستندون إليها، وراحوا يهاجمون الصحابة ليتخذوا من ذلك خطوة أخرى، وهي مهاجمة الرسول نفسه ﷺ كما فعل بعض الكفار هنا في أمريكا.
د. علاء الدين خروفة- شيكاغو- أمريكا
ظواهر في حياة المسلمين
محاربة الفكر والثقافة الإسلامية
التحليل: بدأت دعوات جديدة في مجتمعاتنا وخاصة في دور العلم والمعاهد العلمية والجامعات تدعو إلى محاربة كل ما يسمى فكرًا أو ثقافة إسلامية بحجة أن ذلك يتعارض مع العلم الشرعي الذي دعت إليه الرسل، وحثَ عليه القرآن الكريم، وجعل هناك انفصامًا بين الفكر والشريعة وكأن الأول أمر دعت إليه الدعوات، والفِرق الضالة لنشر ضلالتها من خلاله- كما يدعون- فلا يمكن أن يوجد من وجهة نظرهم ما يسمى بــــ«المفكر الإسلامي» فهذا مصطلح غريب علينا، فلا يمكن أن يوجد عالم ومفكر في آن واحد، كما بدأت تحارب الثقافة الإسلامية ومناهج الدعوات الإسلامية وتلبس لباسًا آخر بحجة أن الثقافة هذه ليست من العلم الشرعي، بل تزاحمه والانغماس فيها يصرف عنه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وكل ذلك- مع الأسف- يتم على أيدي من يسمون بطلبة العلم، والعجيب في الأمر أنه في الوقت الذي يُحارب فيه الفكر الإسلامي والتصور والثقافة الإسلامية، يتم الانفتاح على الغرب وأفكاره ومناهجه، وأساليبه التربوية وعلومه الاجتماعية أو الإنسانية، فكيف نرضى بهذا ونقبله ونحارب ما هو جزء من شريعتنا، وحث عليه ديننا الحنيف؟
النتيجة: لو استمر هذا الوضع فسيخرج جيل مبتوت عن ماضي أمته وتراثها، فلا يدرك واقعه ولا المخططات التي تحيط بها، فإن لم يتمكن شبابنا أن يكون منهم العالم المفكر، والمثقف البارز فلا مجال له إلا أن يكون أجنبيًا مستغربًا وإن فاته الأمران، فلا سبيل إلا أن يكون فاسدًا مفسدًا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
العلاج: يمكن علاج هذه الظاهرة بالموضوعات الآتية:
1- حاجتنا للفكر والثقافة الإسلامية وضوابطهما.
۲- دراسات مختلفة لفرق معاصرة «اليهودية الماسونية... إلخ».
3- عوامل بناء الفكر والثقافة الإسلامية.
4- منهج التفكير.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل