العنوان المجتمع الثقافي العدد 1440
الكاتب مبارك عبد الله
تاريخ النشر الثلاثاء 27-فبراير-2001
مشاهدات 12
نشر في العدد 1440
نشر في الصفحة 48
الثلاثاء 27-فبراير-2001
عجل العيد
لم أكن أعرف أنه سيكون عنيفًا إلى هذه الدرجة، وأن العلاقة المؤقتة معه قبل الذبح لن تخلو من مفاجات غير سارة، إذن لقدمت خروفًا أقدر على التعامل مع أطواره المختلفة ونشوزاته المفاجئة أو حتى لطامت قرباني في عيد الأضحى إلى دجاجة فالروح جميلة والحياة أغلى من أن تتبعزق على قرون عجل أو تنسحق تحت أظلافه، ولكنها غلطة صاحبي الذي أقنعني بالعجول، ثم غلطتي أن سمعت نصيحته!!.
هرعت يوم العيد إلى زرائب العجول أطراف المدينة فرحًا، دفعت ثمن العجل في المزرعة، ثم طلبت من سائق خبير العجول- أو هكذا يدعي- أن ينقله إلى المسلخ القريب، ولم أكن أعرف أن ذلك الخبير أجهل مني بالأمر، بل أجهل من العجل ذاته، ولم يكن العجل هو البادئ بالنشوز ولكنه الخبير.. والبادي أظلم على كل حال.
ربط السائق العجل بحبل في ساقيه حتى يقيد خطواته، فصار العجل يقرب خطواته تقريب تنفل، ثم وضع حبلًا في عنقه، وربط الحبل بمؤخرة الشاحنة ليجره خلفها، وسرت مع صديقي إلى جانب العجل لنزجره ليندفع إذا حرن، ثم قفز وراء المقود غير آبه بالمهزلة التي صنعها خلفه، وكنت وصديقي مع أبطالها المرموقين أو من ضحاياها المغفلين.. وما ندري فقد أسلمنا الأمر إلى خبير- حسب زعمه ...
كنا طبيبين ولم ندرس عن العجول في كلية الطب ولم نتعامل معها، وهي المرة الأولى والأخيرة التي نفعل ذلك، كانت العقدة مشدودة إلى عنق العجل بغباء فريد، فكانت كلما زاد السائق في سرعته أو حرن العجل في مشيته تشد على عنق العجل الخناق حتى تحبس عليه الهواء ويكاد يلفظ أنفاسه، ومما زاد الطين بلة أن ساقي العجل مقيدتان بحيث لا تسمحان له بالانطلاق خلف السيارة وسرعتها، فكان كلما أرسل للسيارة العنان وأرخى لها العقال شد الحبل على عنق العجل المسكين وجحظت عيناه من شدة الربطة، ثم جحظت عيناي أنا خلفه شفقًا عليه حتى كأن الحبل في عنقي أنا، وما أبغي فما هكذا تقاد البهائم إلى حتفها، وهاآنذا أكاد أشهد خنقه لأذبحه وتضحيته، وقبل الوصول إلى مسلخ العجول كبا العجل مرات خلف السيارة على الطريق، ونحن نخور مع العجل ونهتف بالسائق أن يخفف من سرعته أو أن يصحح الأربطة في ساقي العجل وفي عنقه حتى يتيح له لعاعة من هواء فلا يقضي نحبه خنقًا .. وكنا في كل مرة يكبو فيها نقيل عثرته ونرخي أربطته قليلًا حتى يتابع المسير، والسائق رغم ادعائه المعرفة ووعوده بالبطء ورجائنا بالرحمة بالعجل كان ينسى أو يتناسى وعوده ويعود يندفع بالسيارة ويعود العجل إلى عثراته ومعاناته ونحن من حوله حتى لقد سقط مرة سريعًا على الأرض من شدة الإعياء وجحظت عيناه، واندلق لسانه منفوخًا خارج فمه، فصرخت بالسائق مات... قف... ورحنا نبحث عن أي سكين ندرك بها ذكاته قبل هلاكه فلم نجد فعالجنا الربطة في عنقه بسرعة ونجحنا، ولكن العجل ثار بقوة فقطع الحبل من عنقه وساقيه وانطلق هائجًا لا يلوي على أحد وانطلقنا خلفه، كان العجل أسرع من أن يدرك وكنا وقت الظهيرة والحر شدید غاب العجل عن أنظارنا بين الحقول والبيوت جرينا مجهدين نسأل عنه كل من صادف.. هل رأيتم عجلًا؟ هل مر بكم عجل؟ الناس بين مشفق علينا من الحر والإعياء وبين ضاحك لحالنا .. تذكرت أثناء المطاردة الشاقة أعياد الإسبان الثورية وصراع الثيران الذي يمارسونه في العيد...
يا إلهي لقد أضعنا ثلاث ساعات ثمينة من أول أيام عيد الأضحى خلف العجل، وحين أدرکناه سرحت السائق ، الخبير، وبحثت عن سائق جديد اقتاد العجل براحة.. لقد كان عيدًا شديدًا مع العجل المسكين.. لا أنساه، وخرجت من المسلخ وأنا أقول: إنها المرة الأولى والأخيرة قد تبت عن لحم العجول .
د. حمدي حسن
الدور .. أو القرار؟
صدر عن إحدى دور النشر بالرياض مطوية بعنوان القرار، فيما نشرت إحدى صحف لندن العربية موضوعًا بعنوان "۲۰ شخصية نسائية عالمية بين سنة 1000 وسنة ۲۰۰۰ منها الكاتبة المصرية نوال السعداوي".
مطوية " القرار" تخاطب المرأة المسلمة، فتسبح ضد التيار تيار أداء الدور المناسب، أما الجريدة اللندنية فإنها قدمت نوال السعداوي مع مجموعة من غير المسلمات على أنهن نماذج تشرئب إليها أعناق المتطلعات إلى العلياء في عالم النساء، مثلما تقدم الجريدة في صفحتها الأخيرة غالبًا صورًا فجة في التبرج.
في هذه المتابعة لا أقصد الحكم على العملين ولكني أقصد قراءة العقليات التي تتعامل مع المرأة المسلمة وتريد توجيهها.
المطوية : ركزت مطوية القرار على النصوص السلفية التي كانت متداولة في بعض العصور، وخلاصتها أن على المرأة المسلمة أن تلزم بيتها وإلا كانت عاصية!!.
لقد فات كاتب المطوية أن يطالع الصفحات الواقعية للمرأة المسلمة ووجودها في جوانب المجتمع، وليس في البيت وحده.. كانت في الأسواق، حتى في سوق اليهود وكانت في مجالس العلم في المساجد وفي المدارس، وكانت مع المحاربين في ميادين القتال، بل كانت تدافع عن رسول الله ﷺ ، وكانت تمارس الطب والتمريض في المسجد النبوي ولكن وجودها كان في الإطار والضوابط التي رسمها التشريع وحددها تعبدًا لله، لم تخرج لتشارك في حياة المجتمع المسلم حسب عادات أو تقاليد موروثة، أو منقولة، أو مبتدعة حسب الموضة ... لقد حافظ التشريع على المرأة من الرجال وحافظ على الرجال من فتنة النساء، أكرر بأني لا أرد على كاتب المطوية بقدر ما أقرأ فكرته، وأعراضها.
النساء العشرون: أما الموضوع الآخر المناقض للمطوية تمامًا، فقد عرض عشرين شخصية معظمهن من غير المسلمات، وحتى نوال السعداوي فهي نافرة من الدين، ومتمردة عليه، إنها تتعامل مع الدين بطريقة أعدائه فتبنت دعاواهم الباطلة، وافتراءاتهم المزعومة.. متحدية شرع الله متشدقة بشعارات زائفة عفى عليها الزمن، ونقضها الذين جاؤوا بها من أهل الغرب.. وراحت تصول وتجول في أرجاء العالم بتلك الأباطيل "يراجع كتاب المواجهة- ياسر فرحات- دار الروضة للنشر".
قالت .. وليحكم القارئ:
أنا ضد المهر!
أنا ضد تعدد الزوجات!
أنا مع المرأة المتحررة!
الزواج بغاء مقنع!
إذا كان الله قال من ١٤ قرنًا مضت فالأوضاع قد تغيرت!
الحجاب مفهوم عبودي أرفضه!
والمجال لا يتسع لسرد شذوذها النفسي والفكري، فهل يمكن أن تعد نوال من نساء القرن لأمتنا الإسلامية؟
إن ماري كوري تفرض على الغير احترامها لجهدها العلمي في الفيزياء، وإن الراهبة تريزا تفرض على الغير احترامها، لنشاطها في ملتها، أما نوال السعداوي المنسوبة إلى الإسلام فليس لها رصيد عطاء علمي، أو فكري، لقد حاكمها علماء ومفكرون من النساء والرجال، ولو أحيلت للقضاء بقانون الحسبة لكانت أتعس ممن سبقها.
المرأة الداعية: في خضم صدور الفتاوى والمطويات والنشرات التي تقول للمرأة المسلمة: الزمي بيتك ولا تخرجي منه، وإلا كنت عاصية آثمة.. في هذا الخضم المتأزم يصدر كتاب عن مكتبة الرشد بالرياض "المرأة الداعية في العهد النبوي الشريف والعصر الحديث" لمؤلفه: أحمد يعقوب العطاوي جمع مادته من (١٤٢) مرجعًا وسلك في تأليفه مسلكًا حسنًا رشيدًا.
استعرض المؤلف مسلك المرأة المسلمة في العهد المكي، ثم في العهد المدني، وقيامها بالدعوة داخل المجتمع الإسلامي، ومشاركتها في طلب العلم ونشره، ومشاركتها في الجهاد القتالي، ودورها في الدفاع عن الإسلام.. ثم انتقل المؤلف إلى العصر الحاضر واستشهد بالمرأة الأفغانية، والمرأة البحرينية وغيرها.. أرشح هذا الكتاب بإلحاح شديد ليقرأه الرجال قبل النساء، وإني أعتبره تصريح خروج من أزمة الفكر تجاه المرأة، في بعض المجتمعات.
الدور أو القرار: المرأة المسلمة كالرجل المسلم لها دور في هذه الحياة، والتكاليف الشرعية نزلت إليهما معًا:
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)﴾ (آل عمران:195)
إن للمرأة دورًا في الحياة الإسلامية العامة كالرجل، وكلاهما يقر في البيت لأداء أدوار تخصصة في تربية الأولاد أو تنظيم شؤون المنزل إن كانت المرأة أكثر قرارًا في البيت، فهذا القرار يحكم التخصص الغالب أما محاولة فرض التقاليد والاستشهاد على ذلك ببعض النصوص، أو ببعض الأحكام الخاصة، فذلك تعسف لن يفيد الرجال وسيضر بالمجتمع الإسلامي، وسيفيد الحركات النسائية الماسونية المتعددة في الفراغ النسائي الإسلامي.
عبد القادر أحمد عبد القادر
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل