; المسلمون في زنجبار | مجلة المجتمع

العنوان المسلمون في زنجبار

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 17-أكتوبر-1972

مشاهدات 48

نشر في العدد 122

نشر في الصفحة 17

الثلاثاء 17-أكتوبر-1972

·  ثلث زنجبار قدمته بريطانيا هدية لكينيا كما فعلت في فلسطين

• بريطانيا تسقط الحكم الموالي للعرب، وتأتي بجولياس نيريري

• في يوم واحد قتل نيريري عشرين ألف مسلم

• التعليم حرام على المسلمين في زنجبار.. إلا في إسرائيل

 

التقينا به، شاب في الحادية والعشرين من عمره، جبهته السمراء تحكي قصة كفاح مرير، وعيناه تلمعان بوهج الشمس الأفريقية التي غمرها الإسلام، لكنهما تلمعان كذلك بأسى غريب أسى المسلم التائه الذي تواطأ العالم كله على سحقه، ولم يجد كوب الماء في هجير التواطؤ العالمي حتى من الذين كانوا خير أمة أخرجت للناس، له ولأمثاله من التائهين، الأمة الوسط التي كانت شهيدة على الناس فتحولت إلى شهيدة التواطؤ العالمي - بدورها - وفقدت مسئولياتها التاريخية.

• الأخ محمد عبد المطلب الزنجباري، أحد أفراد الجمعية الزنجبارية في دبي، وجبهة تحرير زنجبار.

 • قصة المسلمين في زنجبار

وحول مأساة المسلمين في زنجبار، بدأ الأخ محمد عبد المطلب حديثه، منذ «ألف باء» استعمار صليبي حتى ضياع النفوذ والكرامة الإسلامية في زنجبار.

- يقول:

«عرفت زنجبار في التاريخ بأنها الدولة الأفريقية الإسلامية ذات السيادة الكاملة، لكن في مؤتمر برلين الخاص بتقسيم أفريقيا بين وحوش الصليبية العالمية في أخريات القرن التاسع عشر، ضاع كيان زنجبار كدولة، وأصبحت من جملة ممتلكات الإمبراطورية البريطانية».

«زنجبار التي تمتعت في حقبة كبيرة من التاريخ بالسيادة على الساحل الشرقي الأفريقي، وضمت بين أرجائها الساحل العماني والجنوب العربي «عدن، حضرموت» وأجزاء أخرى من قارة آسيا، وكانت عاصمتها في ذلك الوقت هي مدينة زنجبار.

وظل الحال كذلك إلى أن قسمت دولة زنجبار بفعل السياسة البريطانية التي ترمي قبل أي اعتبار إلى تحقيق تفكك المسلمين ضمانًا لشغلهم بالمشكلات عدة قرون أخرى بعد أن شغلتهم باستعمارها قرنًا إلا ربع القرن وبعد هذا التقسيم لم تبق داخل دائرة زنجبار إلا ثلاث جزر وهي: زنجبار «العاصمة» وبمبا «التي تسمى بالعربية الجزيرة الخضراء» ومومباسا «وهي كلمة عربية متطورة مأخوذة من البأس بمعنى القوة».

« وبالمناسبة زنجبار نفسها كلمة عربية تعني بر الزنوج، لكنها ركبت هكذا على يد سكان البلاد، واستمر استعمالها على هذا النحو»

• ويستمر الأخ محمد عبد المطلب قائلًا:

«وفي سنة ١٩٦٣ قدم الإنجليز كعادتهم في الكرم على حساب الشعوب الإسلامية، وكما قدموا فلسطين لليهود قدموا مومباسا «ثلث المساحة الزنجبارية» هدية إلى كينيا، التي يمثل شعبها أكثرية إسلامية ما عدا الحكام وبذلك أصبحت زنجبار عبارة عن جزيرتين رئيسيتين «بمبا، وزنجبار».

• ونسأل الأخ محمد، عن معطيات زنجبار للحضارة الإسلامية ومكانتها في الثقافة العربية الإسلامية، فيقول لنا:

«زنجبار مركز مهم للثقافة الإسلامية وإحدى قلاع الحضارة العربية، وكما أن لغة التفاهم بين الشعب الزنجباري وشرق أفريقيا هي اللغة السواحلية التي تتكون كلماتها من ٦٥ بالمئة من الكلمات العربية، فإن السواحلية نفسها هي تسمية عربية قديمة.

• وندخل الآن في الحركات السياسية

يقول الأخ محمد:

«بدأت الحركات السياسية في زنجبار من سنة ١٩١٨، للاستقلال من الاستعمار البريطاني، لكن هذه الحركات لم تدم طويلًا، إذ نجحت بريطانيا في اعتقال زعمائها المسلمين، وظلت التحركات المعادية للاستعمار بين مد وجذر، حتى سنة ١٩٥٥م؛ ففي هذه السنة تشكل «الحزب الوطني الزنجباري»، الذي كان هدفه الأول الحصول على الاستقلال.

ولما كان هذا الحزب يعبر في الحقيقة عن الشعب الزنجباري المسلم فإن بريطانيا قد خافت منه على مصالحها، وقاومته بطريقتها المعروفة، أي بخلق حزب عميل لها ينادي هو الآخر بالاستقلال، لكنه في الحقيقة الضمان الأكيد لبقاء مصالحها، وهذا الحزب يدعى «أفرو شیرازي» وهو الحزب الذي أعانته بريطانيا على الوصول إلى السلطة، وأعطتها له، وكان ذلك في سنة ١٩٥٧ عندما وفد « جولياس نيريري » الرئيس التنزاني الموالي للتبشير.

• وقبل أن نصل إلى «نيريري - الإنجليزي» نقف قليلًا عند الحزب الوطني، المعبر عن آمال المسلمين الزنجباريين، ويقول لنا محمد عبد المطلب:

«بزعامة القائد للحزب، «علي محسن» قامت تظاهرات لتأييد القضية الفلسطينية، وفي سنة ١٩٤٨، كونت لجنة لمناصرة القضية الفلسطينية لجمع التبرعات للفلسطينيين، وقد رأس هذه اللجنة أحمد سيف الخروصي - الزعيم الإسلامي - وكان ذلك على الرغم من وجود بريطانيا جاثمة فوق صدر المسلمين في زنجبار.

ومن أجل هذه المواقف الإسلامية الشريفة خافت بريطانيا من اتجاه هذا الحزب، وأعانت «جولیاس نيریري».

والشيء نفسه بالنسبة لكل القضايا العربية والإسلامية، بالنسبة للاعتداء الثلاثي سنة ١٩٥٦، وبالنسبة لقضية الجزائر «ثورة المليون شهيد»، وبالنسبة لكل القضايا الإسلامية.

• والآن إلى الحلقة الاستعمارية التي لعب دور البطل فيها جولیاس نيريري وحزبه المسمى «أفرو شيرازي».

- كان هذا الحزب يمثل الأفارقة الأجانب عن زنجبار - والكلام للأخ محمد عبد المطلب - وبتعبيره، يمثل هذا الحزب الأفارقة الوثنيين والمسيحيين، الذين كانوا يفدون إلى زنجبار كعمال أجراء ثم تمنحهم بريطانيا حق الاستيطان حتى يصلوا إلى مقاليد الحكم، ومع ذلك ففي سنة ١٩٦١ نجح الحزب الوطني الزنجباري المعبر عن آمال المسلمين الزنجباريين الحقيقية في الانتخابات العامة، وتشكلت من أعضائه الحكومة الوطنية، وظل الحزب يحكم الشئون الداخلية - في إطار السيطرة البريطانية - حتى يوم ١٠ ديسمبر ١٩٦٣ حين استقلت زنجبار « وكانت السياسة لا زالت إسلامية وعربية إلى ذلك الوقت لدرجة أن الحكومة رفضت الاعتراف بإسرائيل، ورفضت استقبال جولدا مائير بعد رحلتها إلى تنجانيقا وكينيا »، وبدأت المؤامرة الإنجليزية اليهودية المشتركة « التي مثلها جولیاس نیريري » في دار السلام عاصمة تنزانيا، وساعدتها بريطانيا على أن تطيح بالحكومة الوطنية في يناير ١٩٦٤ « أي بعد شهر واحد من الاستقلال »، وللعلم « ولا زال الكلام للأخ محمد توفيق » فإن العصابة التي قلبت نظام الحكم، وفدت إلى زنجبار في زوارق شركة صهيونية طردها الحكام المسلمون، فرحلت إلى تنجانيقا حيث عادت مرة ثانية معبأة بالسلاح وبالمرتزقة التنجانيقيين، وكان رئيس الشرطة في زنجبار لا زال بريطانيًا فسلم للعصابة الحكم، وفي الليلة التالية لوصولهم نزلوا إلى الشوارع ودخلوا البيوت وقتلوا خمسة عشر ألفًا من المسلمين منهم الأطفال والكهول وسجنوا الزعماء الوطنيين وعلى رأسهم «علي محسن» وباقي الوزراء وقد وزع هؤلاء بين سجون تنجانيقا وزنجبار.

• والسؤال المتبادر إلى الذهن: كيف كانت سياسة الحكم الجديد تجاه الإسلام، وتجاه المسلمين وقضاياهم؟

- والأخ محمد توفيق، يجيب: أولًا: كان أول شيء قام به الحكم الجديد هو الاعتراف بإسرائيل وفتح سفارة إسرائيلية بزنجبار.

وثانيًا: إغلاق جميع المعاهد الإسلامية في زنجبار ومنع تجمع المسلمين في المساجد، حتى في صلاة الجمعة، وقتل المسلمون الذين أصروا على المحافظة على شعائر الإسلام.

«ويظهر بعض التأثر على وجه الأخ محمد توفيق، وهو يلمس هذه النقطة فأستفسره عن سر تأثره الشديد، فيجيب بأن والده - رحمه الله - كان من جملة قتلى هذه الإبادة، قتلى المساجد»

واستمرت إجراءات الاضطهاد ضد الإسلام والمسلمين فمنع تعلم اللغة العربية، بل إن حق التعليم أصبح محرمًا على الزنجباريين وإن كان ولا بد فليتعلم الزنجباريون في إسرائيل!!

وقضي على المحاكم الإسلامية «كما كان قد قضي عليها في بعض البلدان العربية بحجة قضية مفتعلة» وشرد قاضي القضاة الشيخ عبد الله صالح «الذي ترجم القرآن إلى اللغة السواحلية »، وبإيجاز: أصبح الإسلام الزنجباري حرامًا في بلده مطاردًا - كالعادة - بين أهله، والبركة في جولياس نيریري « حامل شهادة الدكتوراة الفخرية والصليب الفخري والقسيس والمبشر الصهيوني » والذي كان له الشرف الصليبي في إبادة المسلمين وكأنهم وحضارتهم في زنجبار، ولقي جزاءه تكريم وود بعض الرحماء العرب المسلمين!!

• في ۷ - ۱۰ - ۷۲ الحالي خطب الرئيس معمر القذافي في طرابلس وكان من جملة قوله: «إن تحرك الاستعمار وتنزانيا التي ذبحت في زنجبار ٢٠ ألف مسلم استهدفت الجنرال عيدي أمين لأنه رجل مسلم، ولأنه يطرد الإسرائيليين والآسيويين الموالين لبريطانيا».

 وسألت الأخ محمد عن العلاقة بين تنزانيا نيریري، وبين أوغندا، فأجاب:

- إن عداء تنزانيا لأوغندا ترجمة لعدائها الشديد للإسلام أينما كان، فهي لم تكتف بإبادة المسلمين في الداخل، أي في زنجبار، وإنما كذلك تحاربه في أوغندا فهي تريد فرض «أوبوتي» الرئيس العميل والمسيحي السابق، عوضًا عن عيدي أمين الرئيس الذي يتبنى القضايا العربية والإسلامية، وموقف نيريري هذا من أوغندا أكبر دليل على عدائه للعرب والإسلام وولائه للصهيونية، وهو رد منه للجميل الذي أسداه إليه بعض الحكام العرب الذين وضعوا أيديهم في يديه الملطختين بدماء المسلمين!!

وشكرًا جزيلًا للأخ محمد توفيق، عضو جبهة تحرير زنجبار.

وبقيت كلمة أخيرة:

إذا كان الرئيس معمر القذافي، قد أصبح الرئيس العربي الذي ينبش قبور الحقيقة التي تواطأ بعض زعمائنا على إخفائها وقتلها.

إذا كان الرئيس معمر القذافي قد أصبح الوحيد الذي ينبش هذه القبور، فماذا بقي لباقي زعمائنا الذين لا يزالون يظنون أنه بالإمكان الفصل بين المسلمين وبين قضية حريتهم، وقضية فلسطين، وينسون أن الاستعمار الصهيوني، يطبق عليهم من كل مكان، ويحاربهم في كل شبر من الأرض، ويفقدهم الأرض الصلبة الوحيدة التي في إمكانهم الوقوف عليها، أرض الثمانمائة مليون مسلم الذين يجب أن يرفع بينهم شعار «يا مسلمي العالم اتحدوا» في ثورة إسلامية عالمية، تحدد موقفنا من الحياة، فإما الحياة والتقدم، وإما الردى!!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل