; المعايير الإيمانية والتربوية للمؤسسة الربانية (10) | مجلة المجتمع

العنوان المعايير الإيمانية والتربوية للمؤسسة الربانية (10)

الكاتب د. يوسف السند

تاريخ النشر السبت 01-سبتمبر-2018

مشاهدات 31

نشر في العدد 2123

نشر في الصفحة 10

السبت 01-سبتمبر-2018

مقال

بقلم - د. يوسف السند:

المعايير الإيمانية والتربوية للمؤسسة الربانية (10)

الارتقاء والتطوير

«طوَّرَ يطوِّر، تطويراً، فهو مُطوِّر، والمفعول مُطوَّر.

طَوَّرَهُ: عدّله وحسَّنه، حَوَّلَه من طَوْرٍ إِلى طَوْرٍ..» (معجم المعاني).

التطوير رؤية ثاقبة وجادة تأتي بعد مرحلة من المراجعات والتقييم لأداء المؤسسة، يعقبها برامج وأعمال وفق خطة زمنية لأداء أكثر تميزاً وجودة لرؤية ورسالة وأهداف وقيم المؤسسة.

وقد تتغير رؤية ورسالة وأهداف المؤسسة إلى ما هو أفضل وأحسن ومناسب لفترة جديدة تعيشها المؤسسة.

ومع مرور الزمن المؤسسي تحتاج المؤسسة إلى التطوير والارتقاء لجميع كوادرها وهياكلها وخططها وأساليبها وإستراتيجياتها.

وإليكم مبررات التطوير:

- الزمن المتسارع بكل جديد ومبتكر.

- حاجة أفراد المؤسسة لمعرفة الجديد والمتجدد من العلوم والنظريات والتقنيات.

- للوصول للإبداع لا بد من معرفة الجديد.

- حاجة الأفراد لرفع مستوى الأداء والعمل.

- يأتي التطوير كحاجة ملحة بعد مرحلة المراجعات والتقييم والنقد.

- التطوير حاجة ضرورية كحاجة المؤسسة إلى الإبداع والابتكار والتجديد.

- التطوير ارتقاء تربوي وإيماني للأفراد إذا ما روعي التطوير للجوانب المتكاملة للفرد روحياً وقلبياً وفكرياً وعقدياً وسلوكياً وبدنياً وحركياً.

- إن عملية التطوير بعد المراجعات تساعدنا كثيراً على ترتيب الأولويات وتذليل الصعوبات والعوائق لأعمالنا المؤسسية.

إن التطوير والارتقاء هما جناحان للتحدي الإيجابي الذي تتخذه المؤسسة بعد إنتاج وإنجاز وعمل وبذل وعطاء رغم العوائق والصعوبات، هذا التحدي هو التحدي المنتج، هو التحدي الذي نملك المقدمات للاستجابة له، وتكون المقدمات والأدوات التي نملكها غير كافية، وإنما نحتاج إلى إضافات من عمل الفكر واليد.

وتاريخ الدول المتقدمة هو تاريخ المواجهة المنتجة الواقعة ضمن دوائر الإمكانات المقاربة.

فعلى صعيد الإنتاج والتنمية -مثلاً- توفر الدولة تجهيزات البنية الأساسية من طرق وموانئ وطاقة ومدارس ومشافٍ ومياه كي تكوّن الأرضية التي ينطلق منها المواطن نحو الإنجاز، فليس في وسع المواطن أن يستورد الطاقة لتشغيل محركات مزرعته، كما أنه ليس في استطاعته أن يبني جامعة لتعليم أولاده! وعلى الصعيد السلوكي، فإن الإنسان إذا ما وضع في ظروف عادية وأمامه نماذج خيرة يقتدي بها فإنه يستطيع أن يرتقي في معارج الكمال من خلال مجاهدة للنفس ميسورة. (بكار، نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي).

والارتقاء والتطوير حاجة تربوية يلاحظها كل من يعتني بنفسه ويهذبها ويرتقي بها.

نفسي التي قد حلّقت

بالحب فوق الأنفس

يوماً أراها أحسنت

صُنعاً وأياماً تُسِي(1)

والشاعر القديم يقول:

إذا ما علا المرءُ: رام العلاء

ويقنع بالدُّون من كان دونا(2)

«فهي الطبيعة النفسية تطبع صاحبها بعز أو انحطاط، وفي هذا التقرير إيماءٌ إلى أن العُلا منظومة متدرجة تامة..»(3).

وعندما وجّهَنا العلماءُ الربانيون إلى ضرورة محاسبة النفس فهم يرشدون ويوجهون طلابهم لأهمية تنمية النفس والارتقاء بها نحو المعالي وصولاً للخير وتقرباً إلى ما يحبه الله ويرضاه من النيات الأقوال والأعمال؛ (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر: 10). 

«وفي قواعد الإيمان القرآنية جاء ذكر النفس اللوامة على طريق المدح، فوجود النفس التي تحاسب صاحبها وتلومه، سُنةٌ إيمانية محكمة»(4).

وعندما شدد التربويون على أهمية التعلم المستمر فهم يريدون التطوير والامتلاء العلمي.

«العلم بالتعلم، ولا بد من أخذ النفس بالشدة، وإطالة المجالس، وإحياء المحاورات، ولأن يتملق الداعية لمالك حكمة حتى يمنحها له خير له من أسمار الأقران، وهذا عصر ثورة العلم ومنهجية الأعمال والعمق شرط للمضي في المنافسة، وما عادت الأحرف اليسيرة تدبر نقاشاً أو ترشح صاحبها لندوة أو تقرير ناجح أو مقالة لها رواج أو خطبة ينصت لها الناس، بل المليء هو سيد الساحات وأبو المنابر». (الراشد، معاً نتطور).

نعم «المليء هو سيد الساحات» هو نتاج تطوير وارتقاء مستمرين وقبل ذلك محض توفيق من الله وفضل.

والحمد لله رب العالمين.

 

الهوامش

(1) (2) (3) (4) الراشد، النفس في تحريكها الحياة.

الرابط المختصر :