العنوان الهجمة الصليبية الحديثة.. أسبابها وأبعادها
الكاتب نبيه عبد ربه
تاريخ النشر الثلاثاء 23-يناير-1979
مشاهدات 13
نشر في العدد 429
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 23-يناير-1979
منذ صدع محمد عليه الصلاة والسلام بدعوة الحق في مكة، والمسلمون في معركة دائمة مع قوى الباطل يواجهون ملة الكفر مجتمعة، وكأنهم اتفقوا على رمي المسلمين عن قوس واحدة رغم كثرة الخلافات التي بينهم والخصومات التي كادت أن تقضي عليهم. لا لشيء إلا لأن المسلمين أصحاب رسالة سماوية يريدون أن يردوا الناس إليها وينزلوهم على حكمها ليردوهم إلى مصدر عزتهم وكرامتهم وسعادتهم ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (البروج: 8), والمعركة التي يخوض المسلمون غمارها اليوم هي جزء لا يتجزأ من المعركة الكبرى بين الحق والباطل، فإذا أردنا أن نكون على مستوى المعركة وأن يتحقق على أيدينا النصر الذي وعد به الله عباده الصالحين، يجب أن تكون صورة هذه المعركة واضحة في تصوراتنا، مستقرة في قلوبنا لأن وضوح الرؤية يعتبر من الأسباب المباشرة للنصر.
فالمعركة بين الحق والباطل معركة قديمة قِدم الإنسانية باقية ما بقيت الحياة البشرية، وقد تميزت هذه المعركة على مر الأيام أن الحرب فيها سجال بين طرفيها، فتأتي على البشرية حقبة من الزمن تقوى فيها شوكة الباطل وأهله، لا لأن الباطل أقوى من الحق، ولكن لأن أهل الحق قد تهاونوا في حقهم فابتعدوا عن ربهم وتركوا كتاب الله وراءهم ظهريًّا فيضعف الإيمان في قلوبهم ويكلهم الله إلى أنفسهم فتدور الدائرة عليهم بما كسبت أيديهم ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (النحل: 118) حتى يظن الجاهلون أنه لن تقوم لأهل الحق بعد ذلك قائمة، فإذا بهم بعد فترة من الزمن -قد تطول أو تقصر- يعودون إلى الميدان بعد أن تكون العقيدة قد قويت في نفوسهم واستعلى الإيمان في قلوبهم وأيقنوا أنهم من الله وإليه وعندئذ فقط يهزمون أهل الباطل ويردون كيدهم إلى نحورهم.
وعليه فإن خوض هذه المعركة بالنسبة للمسلمين -القاعدين منهم والعاملين- ليس لهم فيها خيار، سيخوضون غمارها آجلًا أم عاجلًا راضين كانوا أم كارهين، فإذا كانوا مستعدين لهذه المعركة فإنهم سيحددون هم زمانها ومكانها، أما إذا كانوا ساهين لاهين فإن عدوهم سيفرض عليهم المعركة فرضًا وتكون عندها الغلبة لأهل الباطل على أهل الحق، ولهذا فإن أمانة الرسالة تفرض على العاملين أن يكونوا دومًا على استعداد كامل لهذه المعركة حتى لا يؤخذوا على حين غرة، ولأن مئة ضربة بالسيف للمسلم وهو مقبل أهون عليه وأعز له من ضربة واحدة بالسوط وهو مدبر.
أما القاعدون من المسلمين الذين يظنون أنهم بأخلاقهم وصلاتهم فقط يؤدون ما عليهم من واجب تجاه هذه المعركة المصيرية، فعليهم أن ينفضوا عن أنفسهم غبار الجهل والكسل وأن يبدأوا العمل الإيجابي الجاد دفاعًا عن أنفسهم وكرامتهم ومحرماتهم؛ لأن أعداء الله إذا انتصروا فإنهم يعاملون المسلم على أنه مسلم لا فرق عندهم بين مسلم عامل ومسلم قاعد، فكل المسلمين عندهم أعداء يجب القضاء عليهم.
فمعركتنا مع أهل الباطل ليست معركة قومية أو معركة وطنية أو معركة اشتراكية كما يحلو لأعدائنا أن يصوروها، ولكنها معركة عقائدية مصيرية: أن يكون الإسلام أو لا يكون، أن تكون خير أمة أخرجت للناس أو لا تكون، أن نكون شهداء وأوصياء على البشرية أو لا نكون، فلم يشن علينا الأعداء هذه الحرب المستمرة لكي يغتصبوا أرضنا وخيراتنا فحسب، فهم يؤمنون أن الحق لا بد أن يعود يومًا ما لأصحابه آجلًا أم عاجلًا، ولكنهم ركّزوا حملاتهم علينا لكي لا تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ولكي لا يتم الله نوره على البشرية بأسرها، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
لقد حدد الله تبارك وتعالى طرفي المعركة تحديدًا واضحًا لا لبس فيه ولا غموض، فقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (التوبة: 71) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (المائدة: 51)، حزبان لا ثالث لهما، ومعسكران ليس هناك سواهما، حزب الله وحزب الشيطان، معسكر الكفر، ومعسكر الإيمان، فلا فرق بين مسلم عربي ومسلم عجمي في نظر الأعداء لأن بعضهم أولياء بعض، كما أنه لا فرق بين يهودي أو نصراني لأنهم في ميزان الله بعضهم أولياء بعض.
وعليه فليس هناك خيار للمسلمين القاعدين أن يكونوا على الحياد بين هذين المعسكرين فلينظروا إلى أي المعسكرين يجب عليهم أن ينضموا قبل أن تعركهم الحرب بنابها وهم صاغرون، أما المسلمون العاملون فعليهم أن يكونوا كما أراد الله لهم أن يكونوا «كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» وأن يعوا قول رسولهم الكريم «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»، حتى أن الفقهاء قد أجمعوا على أنه «إذا سبيت امرأة في أقصى المشرق وجب على أهل المشرق والمغرب تخليصها وافتداؤها ولو أتى ذلك على جميع أموال المسلمين»([1]) فليقدر المسلمون العاملون عظم الأمانة التي يحملونها، وثقل التركة التي ورثوها.
لقد فصل لنا الله تبارك وتعالى أركان حزب الشيطان لنكون على معرفة دقيقة بأعدائنا ليس فقط في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن... في كل زمان ومكان وفي زماننا هذا خاصة، فقال تعالى ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة: 82) وهم ينحصرون اليوم في الثالوث الاستعماري البغيض والذي يتكون من اليهودية المجرمة والشيوعية الملحدة والرأسمالية الحاقدة، وأشد هؤلاء عداوة للمسلمين اليهود لأنهم المحرض والمحرك لبقية رؤوس الكفر.
فقد أثبت التاريخ بأن الممولين اليهود كانوا وراء الحروب الصليبية التي شنتها أوربا المسيحية على ديار الإسلام؛ إذ كانوا يمدون الملوك والأمراء المسيحيين بالمال بدون فوائد، كما أن الثورة الشيوعية يهودية في عقائدها وزعمائها ومخططاتها، وليس أدل على هذا من أن الرأسمالية المسيحية تقف جنبًا إلى جنب مع اليهودية والشيوعية لمحاربة الإسلام والمسلمين، ليس في العالم الإسلامي فحسب ولكن في جميع أنحاء العالم.
لقد أدرك اليهود بأنهم نظرًا لقلة عددهم في العالم فإنهم لن يستطيعوا منازلة بقية الأديان جملة واحدة، ولهذا فضّلوا مهادنة المسيحية واستغلال طاقاتها الروحية والبشرية لتحقيق أهدافها، فقد ابتكروا فكرة «العدو المشترك» واستطاعوا إقناع المسيحيين بأن هناك خطرًا عظيمًا يهدد الحضارة الغربية ويسعى للقضاء عليها ويتمثل هذا الخطر في الإسلام والمسلمين، وقد تنصر كثير من اليهود ظاهرًا ووصلوا إلى أعلى المناصب القيادية الروحية في العالم الغربي واستطاعوا من خلالها توجيه طاقات العالم المسيحي لمحاربة المسلمين.
والذي يراجع فترة القارة الاستعمارية على العالم الإسلامي يجد أن حملات المبشرين كانت طلائع الجيوش الاستعمارية، فبينما كانوا يظهرون بأنهم دعاة رحمة وسلام كانوا في الحقيقة عيونًا وآذانًا للدول الاستعمارية وموطئ قدم لها في دنيا العروبة والإسلام، وكان هدف هذه الطلائع الاستعمارية سلخ هذه الأمة من دينها وأخلاقها ومقوماتها حتى تضعف شخصيتها فيسهل ذلك عليهم إذابتها في الحضارة الغربية بعد سلخها من حضارتها وعقيدتها.
يقول الدكتور -زويمر- رئيس المبشرين في الشرق الأوسط في مؤتمر عقد في القدس عام 1924: «إنني أقركم على أن الذين دخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين ولكنهم واحد من ثلاثة: صغير ليس له راع، وفقير ليس له عائل، أو رجل مستخف بجميع الأديان، ولكن مهمة التبشير ليست إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريمًا، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلمين من الإسلام، ليصبحوا مخلوقات لا صلة لها بالله وبالتالي لا صلة لها بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية». وقال «إنكم أعددتم شبابًا في ديار المسلمين لا يعرفون الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقًا لما أراده له الاستعمار لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات، فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإذا تبوأ أسمى المراكز فللشهوات؛ ففي سبيل الشهوات يجود بكل شيء».
يجب أن نؤمن أن معركتنا مع أهل الكتاب عربهم وعجمهم معركة عقائدية وأن نعاملهم في ديارنا على هذا الأساس وأن ننزلهم هذا المنزل، فالله تبارك وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ (المائدة: 51)؛ إذ أن من الصفات الأصيلة التي فطر عليها هؤلاء أنهم يظهرون الضعف والتعاون للمسلمين ما داموا ضعفاء، حتى إذا ما أصبحوا أقوياء أو وجدوا من يدعمهم من الداخل أو الخارج فإنهم يظهرون على حقيقتهم ويظهرون كل ما في نفوسهم من حقد وبغضاء للإسلام والمسلمين، وقد بيّن لنا الله تبارك وتعالى ذلك بقوله: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ (الممتحنة: 2)، ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ (البقرة: 120).
لقد كان أهل الكتاب في بلادنا -وخاصة الموارنة منهم- منذ الحروب الصليبية عيونًا للغربيين في بلادنا وأعوانًا وخدامًا للمستعمرين، كما كانوا الأيدي الخفية التي قامت بتنفيذ المخططات الاستعمارية في العالم الإسلامي؛ فهم أول من نادى بالنعرات القومية، والعنصرية في بلادنا، وأول من روّج السفور والانحطاط والكبائر بين قومنا، وأول من أسس الأحزاب اليسارية والقومية والاشتراكية في عالمنا؛ فقد أسس -أنطون سعاده- حزب القوميين السوريين ومن بعده -جورج عبد المسيح- وأسس -ميشيل عفلق- حزب البعث العربي، وأسس قسطنطين زريق -القوميين العرب- ومن بعده -جورج حبش- وكان هدف هؤلاء من تأليف هذه الأحزاب شق الصف العربي وتحطيم جبهته الداخلية وإحلال النعرات العنصرية محل الأخوة الإسلامية في نفوس أبنائه، ولقد زار -ميشيل عفلق- البابا في الخمسينات فمنحه وسام -القبر المقدس- وقال له: «لقد فعلت بالمسلمين ما لم تفعله كتيبة من المبشرين».
فملة الكفر واحدة، ولا تتحد إلا على الإسلام والمسلمين، فهل سمعت بحاخام يهودي كبير في إسرائيل يعمل الآن على جمع ثلاثين ألفًا من المتطوعين الغربيين -يهودًا ونصارى- للمحاربة إلى جانب الموارنة في جنوب لبنان ضد المسلمين، ولقد صرّح راهب ماروني كبير وأستاذ في الجامعة اللبنانية للصحف الغربية بأنه «ذبح بيده مسلمًا وآخر سوريًّا»، وجمع بقية الكهنة والرهبان وقال لهم «افعلوا مثل ما فعلت باسم الكتاب المقدس». كما نشرت صحيفة (داي بيرغر) ذات الصبغة الرسمية في جنوب أفريقيا خبرًا مفاده «إن رئيس الوزراء (جون فوستر) يخطط لإعلان قيام شبكة نووية يطلق عليها اسم «الصليبيون الدوليون اليائسون» تضم عددًا من الدول الغربية وإسرائيل وتحظى بتأييد أميركا أو على الأقل سكوتها».([2]) كما أكد وزير الخارجية الفرنسية بأن الرئيس الأسبق للبنان كميل شمعون يتلقى أوامر إثارة الحرب الداخلية في لبنان من إسرائيل([3]) وأن - بطرس غالي- وزير الدولة للشئون الخارجية المصرية كان أول من دعا عام 1975 على صفحات الجرائد إلى ضرورة وجود حوار ثقافي مع إسرائيل ونبذ الخصومة بين أبناء العام سام.
فإذا أضفنا إلى هذا أن النصارى في الأردن قد أسسوا منذ الخمسينات -الجيش المريمي- كما أسس الأقباط جناحًا عسكريًّا لحزب الشعب القبطي، وهم يدخرون هذه الطاقات العسكرية ليفعلوا في الأردن ومصر ما فعلته الكتائب في لبنان، أدركنا أي خطر يحيق بالمسلمين الذين يفعلون ما تفعله النعامة حينما تدفن رأسها في الرمال لكي لا يراها الصياد.
هذه هي الحقيقة.. وإن كانت مُرة، فيا أيها المسلمون إذا كانت أميركا وروسيا وبقية الدول الغربية المسيحية لأهل الكتاب في بلادنا وفي كل مكان، فمن لكم أيها المسلمون، إن لكم الله ما تمسكتم بحبله وأخذتم بسنة رسوله، وانتصرتم لدينه على أنفسكم وعلى كل من حولكم، وصدق الله العظيم ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ (النور: 55).
السوفيات يفتحون باب الهجرة اليهودية...
يواجه العرب بسبب مبادرة الرئيس المصري أنور السادات خطر زحف جدار بشري مؤلف من 2.5 مليون يهودي روسي على فلسطين المحتلة لاستيطان الضفة الغربية والجولان واستكمال تهويد القدس والإحاطة بقطاع غزة.
وقد ألمح إلى ذلك مسؤولون سوفيات في تقرير نشرته مؤخرًا صحيفة «نيويورك تايمس» الأميركية نقلًا عن مراسلها في واشنطن.
ويذكر التقرير أن عشرات الألوف من طلبات السماح بالهجرة قد تقدّم بها اليهود الروس إلى السلطات وذلك بعد مبادرة السادات «السلمية» وقمتها في كامب ديفيد. ويرى هؤلاء أن حلول السلام في الشرق الأوسط يشجعهم على العيش في إسرائيل بأمان واطمئنان بعدما أنهى السادات قدرة العرب على «شن» الحرب ضد إسرائيل.
ويلمح التقرير إلى أن السلطات السوفياتية تميل إلى منح عدد كبير من اليهود الروس تأشيرة الهجرة في السنوات القليلة المقبلة، وذلك طمعًا بتحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة.
وكان صهاينة الكونغرس الأميركي قد تمكنوا من تمرير مشروع عام 1974 يربط قضية التجارة الأميركية- السوفياتية بقضية الهجرة، بحيث يحرم السوفيات من معاملة الدولة الأفضل اقتصاديًّا وتجاريًّا ما لم يسمحوا بهجرة اليهود الروس الذين تحتاج إليهم إسرائيل في استيعاب واستيطان الأراضي العربية المحتلة، وخاصة استكمال استيطان الضفة الغربية وتهويد القدس.
ويأمل السوفيات الآن في الحصول على سلع صناعية وزراعية ومنتجات التكنولوجيا الأميركية المتفوقة، وكانت قيمة التبادل التجاري قد انخفضت بين البلدين في العام الماضي إلى 1.86 بليون دولار فقط.
ومن العوامل التي ربما تشجع السوفيات على السماح بهجرة أفواج كبيرة إبرام الاتفاق الثاني للحد من الأسلحة الاستراتيجية -سالت 2- خلال زيارة الرئيس بريجنيف للولايات المتحدة هذا العام، إلا أن بريجنيف أبلغ وفدًا من رجال الأعمال الأميركيين أخيرًا أن حكومته تطمع في الفصل تمامًا بين التجارة وقضية الهجرة اليهودية.
وقد بلغ عدد اليهود الروس الذين سمح لهم بالهجرة في العام الماضي 30 ألف يهودي ويهودية، وهو أعلى رقم منذ عام 1973، وذلك في مقابل 16.7 ألف شخص عام 1977، و13 ألف شخص عام 1975، و21 ألف شخص عام 1974 و35 ألف شخص عام 1973. وبذلك بلغ مجموع اليهود الروس الذين هاجروا منذ نهاية الستينات حوالي 175 ألف يهودي.
وكان مجلس اليهود الأميركيين الذي لاحظ بارتياح ارتفاع معدل هجرة اليهود الروس قد أعلن في الصيف الماضي أنه سيسمح للكونغرس الأميركي بتخفيف القيود المفروضة على التجارة مع السوفيات في النطاق الزراعي فقط، غير أن محاكمة عدد من عملاء المخابرات الأميركية والإسرائيلية في الاتحاد السوفياتي والحكم عليهم بالسجن مددًا مختلفة، أغلقا الباب مرة أخرى.
ويرى السناتور هنري جاكسون وهو من غلاة أنصار الصهاينة في الكونغرس أن الحد الأدنى للهجرة الذي يرضى به اليهود هو 60 ألف مهاجر سنويًّا، في مقابل عدم ممانعتهم بتخفيف القيود التجارية. والمعروف أن تشريع الحد من التجارة مع السوفيات عام 1974 سُمي باسم هذا الصهيوني المتعصب.
الوطن العربي 12- صفر 99
11-1-79
([1]) من كتاب «مجمع الأنهر في ملتقى الأبحر».
([2]) البلاغ 5-11-1978.
([3]) البلاغ 27-11-1398ه.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل