العنوان اليوم انتخابات مجلس الشورى اليمني
الكاتب مراسلو المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988
مشاهدات 12
نشر في العدد 873
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 05-يوليو-1988
بعد صدور أمر من رئيس الجمهورية العربية اليمنية العقيد علي عبد الله صالح بدعوة كافة المواطنين في كل الدوائر الانتخابية التوجه للانتخابات العامة لمجلس الشورى يوم الثلاثاء الخامس من شهر يوليو الموافق ٢١ ذي القعدة ١٤٠٨هـ، وكان قد قضى القرار بفتح باب التسجيل لطلبات الترشيح وعضوية المجلس، والمرحلة الأولى من الانتخابات، والتي تمثلت في قيد وتسجيل أسماء الناخبين في عموم الجمهورية قد جرت في شهر مارس الماضي، بهذه المناسبة نقدم لمحة موجزة تاريخية عن هذا البلد الشقيق المسلم، داعين الله أن تكون تجربة اليمن التشريعية تجربة رائدة، وتحمل كل الخير للشعب اليمني.
لمحة تاريخية:
يعيش الشعب اليمني في هذه الأيام مرحلة من أدق مراحل حياته السياسية؛ حيث يخطو نحو صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس الشعب الجديد، وذلك ليحقق لنفسه الحرية السياسية التي كان يفتقدها تمامًا في عهود الأئمة فيما قبل الثورة السبتمبرية عام ١٩٦٢، والتي جاءت نتيجة طبيعية لنضال الشعب اليمني ضد النظام الأمامي الكهنوتي الذي عرف طيلة حكمه بالاستبداد السياسي والتمييز الطبقي.
وجهاد اليمنيين ضد الطغيان أمر معروف عنهم، وتحفظه لهم كتب التاريخ، إلا أن ما يجدر الإشارة إليه هو دور العلماء العاملين في الحفاظ على هوية اليمن الإسلامية ودورهم في التصدي للظلم والقهر، وهذه الثورة تعتبر أول ثورة إسلامية شورية في العالم الإسلامي في القرن العشرين، والتي ساهم في إشعال جذوتها -إلى جانب اليمنيين- كل من الشهيد العراقي جمال جميل الذي عمل في سلك العسكرية اليمنية بعد أن وصل من العراق عقب فشل ثورة الكيلاني، والأستاذ الجزائري الفضل الورتلاني، والأستاذ عبد الحكيم عابدين من مصر، واللذين أرسلهما الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين، مساهمة منهم في رفع الظلم عن الشعب اليمني، وفك حصار الجهل الذي طوق به اليمانيون، وقد شهد لهذا العمل من الإخوان المسلمين الأحرار أنفسهم، والتي سجلوها في مذكراتهم التي قاموا بنشرها في السنوات الأربع الماضية، والتي أكدوا فيها أن صحيفة الإخوان المسلمين في مصر هي الصحيفة الوحيدة في العالم الإسلامي التي ثبتت الثورة، وقامت بتغطية أحداثها إعلاميًا منذ بدايتها حتى لحظة نشأتها لأسباب خارجية وداخلية لا يتسع المجال لذكرها.
- الميثاق المقدس:
ومما يلفت النظر في ثورة ١٩٤٨ أنها ثورة دستورية، انبثق عنها ما عرف: بـ «الميثاق المقدس» والذي كان من أبرز ما جاء فيه أن يكون نظام الحكم «شوريًا» ولا يخالف الشريعة الإسلامية، وكل ما جاء في الكتاب وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
هذا وبالرغم من فشل تلك الثورة فإنها كانت بداية لتحولات هامة ليس على مستوى اليمن فحسب، بل ربما امتد أثرها إلى العالم الإسلامي؛ فقد كان منهم أحرار اليمن الذين قاموا بالثورة مترفعين عن كثير من الشعارات التي طالما أدمت الشعوب أقدامها، وأفنت رجالها، وهي ترددها فلا تجد إلا الظلم والاستبداد، لقد جسد هذا الحدث في نفوس اليمنيين معنى التضحية وقيمتها في سبيل مبدأ الشورى، وظل الشعب يناضل من أجلها، ويدفع بأبنائه لتحقيق ذلك المعنى في الحكم، واستمر في تقديم قوافل الشهداء بعد ذلك في عام ١٩٥٥وعام ١٩٦١، وكلل نجاحه بانتصار ثورته في 26/٩/1962.
صدور أول دستور مؤقت:
لقد حاول أعداء الشعب اليمني إجهاض الثورة والقضاء عليها، لكن الله -عز وجل- حفظ انتصارها، وتمكنت من الصمود في وجه المؤامرات الداخلية والخارجية، وصدر أول دستور مؤقت بعد الثورة عام ١٩٦٣، إلا أنه ووجه بانتقادات كثيرة بسبب انعدام الضمانات الكافية فيه التي تمنع استبداد الحاكم، وغابت عن مواده ما يفيد بالتزام النظام بمبدأ الشورى، فكان أن انعقد مؤتمر «عمران» ١٩٦٤، والذي دعا إليه أبو الأحرار اليمني الأستاذ محمد محمود الزبيري، وعدد كبير من مشايخ اليمن وعلماؤها الذين أعلنوا فيهم رفضهم للدستور المذكور، وطالبوا بدستور جديد يبنى على الشورى، كما طالبوا بإصلاح الوضع الداخلي، ودعوا إلى الصمود في وجه نفايات العهد الأمامي التي لا تزال تعمل على إسقاط الثورة والنظام الجمهوري بدعم من الخارج، واستجاب النظام الحاكم في صنعاء لمطالب الجماهير، ونصت المادة (٤٦) على أن «مجلس الشورى هو الهيئة التي تمارس السلطة التشريعية».
وتتالت الأحداث والتي توجت بدم الشهيد محمد محمود الزبيري الذي استشهد بعد أن قام بتأسيس «الحزب» عام ١٩٦٥، والذي كان من أهم مبادئه الالتزام بالشريعة الإسلامية، وتطبيق الشورى.
وفي عهد الرئيس عبد الرحمن الإرياني عام ١٩٧٠ تم وضع الدستور الدائم الذي نصت فيه المادة (٤٤) على أن مجلس الشورى هو الهيئة التشريعية العليا للدولة، وفي عام ١٩٧١ تم انتخاب أول مجلس للشورى في الجمهورية العربية اليمنية عن طريق انتخابات غير مباشرة، وتولى رئاسة مجلس الشورى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، وقد استمر هذا المجلس بالعمل بالدستور الدائم حتى قام الرئيس إبراهيم الحمدي بانقلاب ضد الإرياني، والذي عرف بحركة ١٣ يونيو ۱۹۷۷، وانتقلت السلطة بعد ذلك للرئيس أحمد الغشمي الذي قام بتعيين مجلس الشعب التأسيسي مؤقتًا حتى تتم انتخابات مجلس الشورى.
عهد الرئيس:
الغشمي لم يستمر إلا بضعة أشهر؛ حيث اغتيل في حادث الحقيبة الملغومة، والتي أرسلت مع حاملها من عدن، وفي مايو ۱۹۷۸ قام مجلس الشعب التأسيسي بترشيح وانتخاب الرئيس الحالي علي صالح.
وفي عام ۱۹۸۳ أعاد مجلس الشعب التأسيسي انتخاب الرئيس علي عبد الله صالح رئيسًا للبلاد، ولمدة خمس سنوات أخرى تنتهي خلال الأيام القليلة القادمة.
هذا وقد قام مجلس الشعب -بناء على أوامر صدرت إليه من الرئيس علي عبد الله صالح- بالإعداد لانتخاب مجلس شورى جديد، وتم بالفعل دعوة الشعب لتسجيل أسماء الناخبين، وتوافدت الجماهير على لجان التسجيل، وبلغ عدد الناخبين أكثر من مليون ومائة وخمسة عشر ألف، سيقترعون في (۱۲۸) دائرة انتخابية، وسيكون من حق الرئيس تعيين (۲۰ %) من أعضاء مجلس الشورى بحسب ما جاء في الدستور الدائم الذي وضع عام ١٩٧٠.
فهل تكون تجربة اليمن التشريعية تجربة رائدة يقتدى بها؟
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
الانتخابات المحلية في اليمن: الحزب الحاكم يتهم المعارضة بتزوير الانتخابات!
نشر في العدد 1441
13
السبت 10-مارس-2001