; الإسلام ليس تعويذة اجتماعية | مجلة المجتمع

العنوان الإسلام ليس تعويذة اجتماعية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 31-مايو-1977

مشاهدات 17

نشر في العدد 352

نشر في الصفحة 35

الثلاثاء 31-مايو-1977

الإسلام عقيدة سامية، تمتاز بأنها عقيدة استعلاء ترفض أن تكون في الصفوف المتأخرة، أو يشرك معها عقائد أخرى باطلة أو تكون كالحصان مطية لكل راكب.

ولذلك فهي تأبى أنصاف الحلول فإما إسلام أو لا إسلام، وبهذا الوضوح انتشرت هذه العقيدة واستقرت في نفوس المسلمين وارتفع شأنهم حين استعلت في أنفسهم، لكن ظهر من يستخدم الإسلام ليحقق له أغراضًا شخصية ويتخذه مطية لأطماعه وأصبحنا نسمع كثيرًا عن أولئك الذين يتاجرون بالإسلام فيعلنون حرصهم عليه مع أنهم أبعد ما يكونون عنه.

وهذه المتاجرة بدين الله تتخذ أشكالًا عدة:

• فالحكام الذين رأوا أنهم حين يعلنون الإسلام يتمكنون من قيادة الشعوب وإخضاعها لأهوائهم فالشعوب المسلمة تسيرها نداءات الإسلام فلطالما غاب عن أسماعها الدعوة إلى الإسلام فهي متلهفة له فإذن لا بد من اتخاذ الإسلام وسيلة لحكم هذه الشعوب ولضمان تبعيتها.

• والعلماء الذين باعوا دينهم وأرضوا الحكام يتاجرون بالإسلام ليعيشوا الحياة التي يريدون مع سكوتهم عن قول الحق.

• وأصحاب الشهوات والأطماع الدنيوية الذين يرون أن في تسترهم بالإسلام تحقيق لرغباتهم.

هذه الصور المتعددة للمتاجرة بالإسلام تدل على واقع المسلمين السيئ الذي وصلوا إليه لدرجة أنهم يتخذون من دينهم لعبة يلعبون بها دون أي خوف من الله أو خشية والناظر إلى الساحة السياسية في هذه السنوات، حيث اشتعل الشعور لدى الشعوب بالإسلام يرى كثرة من يرفعون شعارات الإسلام، فبعد تصاعد أعمال المعارضة في باكستان قام بوتو يدعو إلى تطبيق الإسلام وهو أبعد ما يكون عنه وهي محاولة يائسة منه للحفاظ على منصبه وقد كان له مثلًا وعبرة في فرعون حين أدركه الغرق فقال: «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل» ولكن هيهات بعد أن فات الأوان.

وليس بوتو بدعًا في هذا الأمر، فهذه الظاهرة تتكرر في أكثر من بلد شعر فيه حكامه بأن الإسلام هو الذي يقود الشعوب ويحركها، فرفعوا شعار الإسلام واهتموا بظواهره من إقامة الاحتفالات والشعائر الدينية مع التصريحات المخدرة بين فينة وأخرى.

فرئيس دولة عربية معروف عنه محاربته للإسلام والمسلمين وأدخل الكثير منهم في السجون لأنهم فقط ينادون بالإسلام هذا الرجل ذهب إلى مكة وأدى شعائر العمرة وصرح بكلمات يرفع فيها شعار الإسلام معتقدًا أنه بهذه الكلمات يخدع الناس وينسيهم أفعاله الشنيعة في محاربة المسلمين وتقتيلهم، وأمثال هذا كثير في عالمنا الإسلامي.

هذه الصور من الالتجاء إلى الإسلام لتحقيق الأغراض الشخصية لفئات معينة لم تكن جديدة، بل اقتداء بأمريكا الاستعمارية التي أرادت حرب الشيوعية في البلاد العربية باستخدامها الإسلام الأمريكان وسيلة لذلك لا الإسلام الفعلي إنما إسلام الأوراد والتسابيح والتراتيل وصواريخ المولد.

وكانت كلمة طيبة للشهيد سيد قطب -رحمه الله- حول هذا الموضوع في مجلة الدعوة عام 1952 بعنوان «الإسلام نظام اجتماعي لا تعويذة» قال فيها: «إن الإسلام حقيقة كفيل بأن يقاوم الزحف الشيوعي، بل إنه هو القوة الوحيدة القادرة على صد هذا الزحف في العالم وكل ما سواه من الحواجز التي توضع في هذا الزحف مؤقت وزائل.

ولكن الإسلام ليس تعويذة سحرية تعلق على رأس الشرق الأوسط، أو تحت إبطه فتذهب عنه الأرواح الشريرة وتطرد عنه الجن والمردة وتحفظه بسرها البالغ من المبادئ الهدامة».

ثم يوجه كلمة قاسية إلى الذين يحلمون باستحالة الدعوة الإسلامية نحو تحقيق هذه الأغراض فيقول: «وكل من يحاول أن يميل بالدعوة الإسلامية إلى مهادنة الشر والطغيان باسم مكافحة الشيوعية سيعرف أن هذه الدعوة أصلب منه عودًا وأشد منه يقظة وأنها تستطيع أن تنفي عنها الخبث وأن تسير في طريقها نقية طاهرة نظيفة- فإن كنتم صادقين يا من تنادون بإسلام الرقي والتعاويذ إن كنتم جادين فطبقوا الإسلام جملة وإلا فإن الطوفان سيجرفكم كما فعل بغيركم.

إن الإسلام الأمريكاني نفسه ضعيف وسينقطع هذا النفس وينكشف زيفه لدى الشعوب، وستعرف الشعوب عاجلًا أو آجلًا خداع الحكام الذين يتخفون وراءه. 

نعم إنه ليس إسلام الرقي والتعاويذ، ولكنه إسلام النظام والاعتزاز».

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

قرأت لك..

نشر في العدد 30

18

الثلاثاء 06-أكتوبر-1970

وحوار بنَّاء بين أخوين

نشر في 101

16

الثلاثاء 23-مايو-1972