الثلاثاء 12-يوليو-1988
في مثل هذا الوقت من كل عام تبدأ حملات الحجيج بالتوجه للديار المقدسة لأداء فريضة عظيمة من أركان الإسلام، ألا وهي «فريضة الحج».
فالحج فرض على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع. والاستطاعة هي الزاد والراحلة، والمرأة لا تحج إلا مع زوج أو ذي محرم قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (*) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ (آل عمران: ٩٦-٩٧).
ونظرًا لطبيعة هذه الفريضة العظيمة، وجريًا على عادة حجاج بيت الله الحرام فقد ارتبطت تأدية مناسك هذه الفريضة بالانتساب إلى إحدى الحملات التي تختص بأمور الحج، وتسهل على الحجيج أمور العبادة وتأدية الفرائض، فما هو عدد الحملات لهذا العام؟ وكيف ينظر الحجاج إلى التنافس بينها؟ وما هو معيار الأفضلية والاختيار بين هذه الحملات؟ وما الجديد هذا العام؟ وما مهمة اللجان الأمنية التي ترافق حملات الحج؟
كل هذه الأسئلة سنجيب عليها خلال هذه التقرير عن الحج.
٥٧ حملة حج كويتية تغادر البلاد:
يقول وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المساعد لشؤون الحج والمساجد عبد الرحمن الفارس: إن استقصاء أجرته جامعة أم القرى حول مستوى حملات الحج في كافة الدول الإسلامية شهد أن حملات الحج الكويتية في مركز رفيع، واعتبرت قدوة الحملات الحج في الدول الأخرى، وذلك لما توفره لضيوف الرحمن من مستلزمات الرعاية ووسائل الصحة العامة والسلامة والراحة سواء عند قيام الحملات أو أثناء سيرها في الطريق أو خلال إقامتها في الديار المقدسة أضف إلى ذلك الرعاية السكنية في أماكن مكيفة تتوافر فيها الشروط الصحية؛ سواء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة.
هذا ما قاله الفارس في حديثه لإحدى الصحف المحلية وأضاف أن الوزارة قامت ضمن نطاق اختصاصها بالاستعدادات التالية: «سيقوم ٥٧ مواطنًا بتسيير حملات حج إلى الديار المقدسة خلال هذا الموسم بعد استكمالهم مسوغات الترخيص المقررة، منها ٤٥ حملةً مسارها الكويت – المدينة المنورة - مكة المكرمة - الكويت و١٢ حملةً مسارها الكويت - مكة المكرمة - الكويت».
سمعة الحملة:
والمفاضلة بين الحملات تعتمد بشكل كبير على السمعة التي تتمتع بها الحملة؛ حيث إن الجميع يبحث عن نوعية الخدمات ونوع المعاملة التي تقدمها الحملات وبالأخص قضية السكن والراحة في تأدية المناسك وتقديم أنواع الخدمات المختلفة في جميع الأماكن المرتبطة بالمناسك.
دور وزارة الأوقاف:
وفيما يتعلق بدور وزارة الأوقاف في الإشراف على الحملات، وضمان تطبيقها لجميع المواصفات والشروط لا يمكن إغفاله، ونأمل أن يكون أكبر وإشرافها أعم؛ حيث إن الحملات أحيانًا تعرف مواعيد زيارة المشرفين من قبل الوزارة مسبقًا، لذلك تجدهم يضعون كافة الترتيبات التي من شأنها أن تظهر الحملة بصورة مرضية وغير واقعية، وبالتالي تكون هذه الحملة بعيدةً عن تطبيق المخالفة بحقها. والمعروف أن العقوبات تتمثل في الإنذار أو مصادرة التأمين أو الحرمان المؤقت من الترخيص لمدة لا تزيد عن ٣ سنوات أو عقوبة الحرمان النهائي.
الحج يصادف يوم الجمعة:
وموسم الحج لهذا العام يمتاز عن الأعوام السابقة لكونه يأتي يوم الجمعة، فالكل يسعى للذهاب للديار المقدسة لأداء هذه الفريضة الجليلة من شباب وشيوخ ونساء؛ لأن حج يوم الجمعة فيه ثواب كبير، وقد بلغ عدد الحجاج حوالي ١٣ ألف حاج يتوزعون على ٥٧ حملةً، وعن أسعار هذا العام فقد ذكر أكثر أصحاب الحملات أنها مناسبة للجميع؛ بل أكد بعضهم أنها أرخص من أسعار السنوات الماضية، والحقيقة يتوقف السعر على سمعة صاحب الحملة وما يقدمه من خدمات إضافية لحجاج حملته، والوزارة لا تتدخل في موضوع الأسعار لكن صاحب الحملة مسؤول مسؤولية تامة عن تمكين الحاج من أداء الفريضة على أكمل وجه مع توفير كافة الخدمات المقررة للحجاج؛ سواء في الطريق أو خلال مدة الإقامة في الديار المقدسة.
البعثة الطبية غادرت الكويت:
وقد غادرت الأسبوع الماضي البعثة الطبية الكويتية إلى الأراضي السعودية في بداية رحلتها لهذا العام لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للحجاج الموسم العام الحالي، ومن المعروف أن الكويت دأبت منذ فترة طويلة على توفير بعثة طبية متكاملة كل عام لتقديم خدماتها الإنسانية للحجاج.
وفي هذه المناسبة حذر الدكتور نائل النقيب الحجاج من التعرض لفترات طويلة لأشعة الشمس الحارة والتي قد تصيب الحجاج بضربة الشمس، الأمر الذي يعيقهم عن أداء فريضة الحج، وقد يتسبب في تأخرهم. وقد أكد أمين عام البعثة الطبية وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الأدوية والتجهيزات الصحية إبراهيم المضف على أن البعثة بكامل أعضائها أخذت على عاتقها قبل المغادرة بالعمل المتواصل ليلًا ونهارًا لخدمة الحجاج الكويتيين بصورة خاصة وجميع الحجاج بصورة عامة.
وقال: إن التجهيزات والأدوية التي بحوزة البعثة قادرة على تقديم الخدمات الصحية الضرورية للحجاج. كما أعرب عن ارتياحه لقيام الوزارة بتطعيم جميع الحجاج الذين سيغادرون لأداء فريضة الحج ضد مرض السحايا.
ودعا جميع الحجاج إلى التعاون مع البعثة الطبية الكويتية والالتزام بإرشادات الأطباء والفنيين المتخصصين، لما في ذلك مصلحتهم جميعًا، وطالبهم أيضًا المحافظة على عدم تناول المواد الغذائية الفاسدة، وتجنب أي شيء قد يؤدي بهم إلى الإصابة بأي نوع من الأمراض.
لجان أمنية ترافق حملات الحج:
وقد ذكرت المصادر المطلعة أن اللجان الأمنية المنبثقة عن لجان شؤون الحج بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدول الخليج العربية بصدد تطبيق إجراءات أمنية مشددة على حملات الحج التابعة لها، وتأتي هذه الإجراءات الأمنية؛ تحسبًا لحدوث أي عمل تخريبي أو أي فعل يتنافى مع الأعمال الشرعية التي يؤديها الحجاج خلال موسم الحج.
وقالت هذه المصادر: إن المزاعم الإيرانية بتسيير المظاهرات والمسيرات وكما حدث في موسم الحج الماضي بمكة المكرمة وتحديد السادس من ذي الحجة المقبل موعدًا لهذه المسيرات والعزم على الاستعانة بالحجاج الموالين للنظام الإيراني الحاكم في طهران من غير الإيرانيين قد أخذت بعين الاعتبار، وأنها فاشلة لا محالة.
وأضافت المصادر أن لجان الحج بوزارات الأوقاف الخليجية قد اتخذت كافة الاحتياطات والإجراءات الوقائية لمنع من تسول له نفسه الإصغاء لمثل هذه الادعاءات التي تهدف بالدرجة الأولى الإساءة إلى بيت الله الحرام والعبث بمقدسات المسلمين والإخلال بمناسك الحج وترويع الحجاج الآمنين.
تعليمات:
وأكدت المصادر أن تعليمات أمنية سعودية سوف توزع على المسلمين في جميع أنحاء العالم، وستطبق بحذافيرها وبشدة، وذلك لأن العبث بأمن المقدسات الإسلامية يعني العبث بإيمان الأمة وعقيدتها الأساسية، ولأن تعظيم مكة المكرمة والأشهر الحرم وشعائر الحج من شعب التوحيد الخالص ومن دلائل الإيمان بالله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن علامات تقوى القلوب، والفتنة في الحرم والإلحاد فيه بظلم فجور، لا يتلبس به قوم يعظمون ما عظم الله ورسوله ويتبعون سبيل المؤمنين، وإن دفع الفتنة عن الحرم أمر منوط بمن يلي أمر الحرم من المسلمين وبتأييد الأمة الإسلامية بأسرها، ولهذا فإن لجان الحج بدول مجلس التعاون سوف تطبق تعليمات الحج السعودية على حجاجها، كما أنها ستنفذ قرارات وتوصيات المؤتمر الثالث للدعوة الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة في أكتوبر ۱۹۸۷ والتي تنص على أن أمن الحج والحرمين الشريفين ضرورة لا تنفك عن أداء المناسك، وتحظر المظاهرات والمسيرات والصور والهتافات السياسية في الحج.
وذكرت المصادر أن الجهات المختصة بلجنة شؤون الحج سوف تقوم بتلاوة وتوزيع تعليمات الحج وبعض مواد الإجراءات الأمنية الجديدة على أصحاب الحملات لإبلاغها للحجاج المنتسبين لحملاتهم، وتشمل هذه الإجراءات حظر المنشورات السرية والصور والسكاكين والآلات الحادة وغيرها من المواد التي قد تستخدم في أعمال التخريب، كما تحظر التعليمات الجديدة جميع اللقاءات والاجتماعات والاتصالات مع حجاج الدول الأخرى في مناطق الديار المقدسة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
لقاء "المجتمع" مع.. وزير الأوقاف والشئون الدينية - السوداني
نشر في العدد 96
28
الثلاثاء 18-أبريل-1972