العنوان بريد المجتمع (1057)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 13-يوليو-1993
مشاهدات 10
نشر في العدد 1057
نشر في الصفحة 62
الثلاثاء 13-يوليو-1993
•رسالة إلى علماء العالم الإسلامي.
هذه رسالة مفتوحة إلى زعماء المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي في زمن تفرق فيه الجمع وتسلط فيه الأعداء بعد أن تفرقوا أحزابًا وشيعًا يذيق بعضهم بأس بعض...! في هذا الزمن الرديء، الذي تسلط علينا فيه الأعداء من صليبيين لا يرعون فينا إلا ولا ذمة. ويهود لا يعرفون عهدًا ولا ميثاقًا.. وهندوس حاقدون.. إلى آخر تلك المصائب الجسام " التي جاءتنا بمكر وخبث دبر بليل من أعدائنا الذين لا هم لهم إلا تفريق شملنا وأكلنا لقمة سائغة. وإلا فما هو النظام الدولي الجديد القبيح!! هذا النظام الذي ظهر بعد وجود قوة صليبية واحدة تتحكم في مصائر الشعوب؛ إنه يعني بكل بساطة نهب العالم الإسلامي وسلبه والتدخل في شؤونه والتحكم في مصيره؛ إن من أول قيئه القبيح تلك المجازر البشعة للمسلمين في جمهورية البوسنة والهرسك التي لم ير العالم ولن ير أشد منها قذارة وقبحًا؛ إنها حقد صليبي أسود تقيأه ذلك النظام المهزلة.. الخدعة التي خدعتم بها يا زعماء المسلمين وبشعوبهم المخذولة المسكينة المغلوبة على أمرها خذوا حذركم من هذا النظام الخبيث.. إن هدفه القضاء عليكم في عقر داركم وذبحكم ذبح الشياه كما ذبح إخوانكم المسلمين في البوسنة والهرسك يا زعماء المسلمين إن الهيئات الدولية المزعومة ماهي إلا دمي لإلهائكم كالطفل الذي يخدع بالمني حتى ينام؛ إنها لإماتة قضاياكم وإسكات أصواتكم نعم لقد بحت أصواتكم وأنتم تستصرخون "هيئة اللمم" من أجل إنقاذ المسلمين في البوسنة والهرسك... ومضت أكثر من سنة وكل يوم نسمع عن مخطط لهذه الهيئة أو قرار لهذه الدولة وما رأينا إلا المجازر التي يشيب لها الولدان والجرائم التي يندى لها الجبين يا زعماء المسلمين: لا تنظروا أو تلتفتوا لتلك الدعاية الغربية الخبيثة المغرضة التي تحاول تصوير الصحوة الإسلامية أمامكم على أنها بعبع مخيف يجب القضاء عليه لأنه سيستولي على السلطة؛ إنكم إن نظرتم لها فإنما تحفرون قبوركم بأيديكم لأنكم لا تحاربونهم وإنما تحاربون الله ورسوله.
انصروهم لينصركم الله ويثبت أقدامكم ويعزكم ويورثكم الأرض!! لا تنظروا لتلك الدعايات التي يطلقها الغرب وأذنابهم بوصم كل مسلم بالمتطرف والأصولي والمجرم.. وسفاك الدماء..
لقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر. آزروا المسلمين وارحموهم يرحمكم. من في السماء.. ووالله لا عز ولا نصر لكم إلا بالإسلام وبمؤازرة المسلمين لا بحربهم؛ جمعوا صفوفكم ووحدوا كلمتكم تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله." وبهذا يعود لكم مجدكم الذي حكمتم به الدنيا يومًا وبلغتم مشارق الأرض ومغاربها يوم كانت الدولة الإسلامية مشعل الهداية والنور والعلم الذي عم العالم بالازدهار والتقدم يوم أن كانت ترتعد فرائص. الأعداء منكم؛ إنها رسالة مفتوحة لكم فهل أنتم مستجيبون؟؟!!
عبد العزيز محمد السحيباني- السعودية– القصيم– البدائع
• تعقيبات على تعدد الزوجات.
لقد اطلعت على ما نشر المحتوى في مجلتكم الغراء في العدد ١٠٤٩ تحت عنوان «مع تعدد الزوجات» مرة أخرى بقلم الأخت فاطمة جلال– المدينة المنورة وأحببت أن أشارك الأخت في موضوعها ببعض النقاط وهي:
1 – الكاتبة طرحت بعض الأسباب التي تكون وراء عدم تقبل نسائنا لتعدد الزوجات وذكرت منها وسائل الإعلام، ودور التربية وغير ذلك من الأسباب، ولكن في نظري أن هناك أسبابًا غير هذه وهي في المعدد نفسه، فإن كثيرًا من الرجال اليوم، يعددون لمقاصد دينية أوهي من بيت العنكبوت ولا يراعون المقاصد والحكم التي من أجلها عدد الرسول بأبي هو وأمي، ولكن للأسف يتعاملون مع النساء كأن الواحد منهم في معرض للسيارات يأخذ ويترك متى شاء وكيف شاء فلو عدد بعض الرجال إنما هو لبضعة أيام فقط وبعد ذلك تكون مع عداد المطلقات والتي ينظر إليهن في هذا الزمان أنهن من سقط المتاع.
٢ – الشروط المعقدة التي يضعها الرجل المعدد، والتي قد لا تتوفر في نساء الدنيا صغيرة، جميلة، لا هي طويلة ولا قصيرة إلخ، فمن المطلقات والأرامل، أما لكم في رسول الله أسوة حسنة؟
3- ما تلاقيه المرأة إذا قبلت الزواج من الرجل المعدد من المضايقات الأسرية والكلام النابي والدعاء عليها لدخولها على امرأة فلان أو علان واتهامها ببعض العيوب وأخيرًا أقول: لو عدد الرجال على نمط الرسول وصحابته لما اتسع الخرق على الراقع.
أم قتيبة– سنانة– السعودية
ردود خاصة:
الأخ محمد أحمد فلاتة– المدينة المنورة:وصلنا عتابك الرقيق النابع من المحبة والتقدير ونفيدك بأن جميع الرسائل نقرؤها فما كان صالحًا نشرناه، وبخصوص بعض– رسائلك فإنها تعاني من الطول ومن عدد من الأخطاء الإملائية والنحوية، بالإضافة إلى كثير من التعابير والتراكيب التي تحتاج إلى إعادة صياغتها.. نحن نرحب باندفاعك المخلص، وبانتظار ما يستجد لديك من أفكار ومقالات ندعو لك بالتوفيق وتحقيق كل ما تطمح إليه والله يحفظك ويرعاك.
الأخ / أبو مجاهد– السعودية– الدمام: مصطلح الرجولة ليس بدعًا من القول فقد ورد ذكره في القرآن الكريم من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا، فهو رمز للقوة والصدق والثبات والعزيمة في الأمر والشجاعة والمروءة والنخوة وما إلى ذلك من الصفات الحميدة وليس غريبًا أن تتحلى بعض النساء بإحدى هذه الصفات أو بها جميعًا لكن عدم اشتهار المرأة بهذه الصفات لا يخل في مكانتها ولا قيمتها لأن لها من الصفات المميزة التي تتناسب مع. طبيعتها ووظيفتها في الحياة كالعطف والحنان والتربية ومتابعة الأولاد والسهر على راحتهم والصبر على إزعاجهم والعمل على حل مشاكلهم، وتهيئة المناخ النفسي الملائم لهم ولوالدهم.. هذه الصفات التي قد يتصف بها قليل أو كثير من الرجال لكنها تبقى صفات مميزة للمرأة لأنها أقرب إلى فطرتها التي فطرها الله عليها.
وتختلف صفات الرجولة عن صفات الأنوثة وتتنوع ليتحقق التكامل في الحياة الأسرية مع مراعاة التخصص والتفرغ وتوزيع المهام... وضمن إطار التكامل تندرج أعمال المطبخ التي تقابلها مهام الرجل في المعمل أو المصنع أو الحقل.. إنها نوع من تقاسم المشاق والأعمال بين الرجل والمرأة وليست من باب التفاضل أو الانتقاص من دور أحد المحورين
ثم إن المرأة لا يعجبها ولا يملأ قلبها من يتشبه بالنساء كما أن الرجل لا يرتاح لامرأة مسترجلة أخيرًا فإن الواقعة التي ذكرتها دليل على حاجتنا إلى الرجولة التي من أول خصائصها المروءة والنجدة وتتجلى الحاجة أكثر عندما تكون المستغيثة أو المستنجدة امرأة تنتظر من يرد لهفتها ويخفف لوعتها.
الأخ / ماهر عبد العزيز التمار– السعودية– الأحساء
أيتها النفس، ينطوي على موضوع هام فما أحوجنا إلى مخاطبة النفوس لتقويم اعوجاجها وإصلاح ذاتها لكن نظرًا لأهمية هذا الخطاب النفسي ينبغي أن تكون المعالجة أكثر عمقًا وأدق تعبيرًا ليكون لها التأثير المنشود نرجو إعادة الصياغة ومراعاة ما ذكر.
«السلم المسلح»:
لقد نادى الإسلام منذ طلع فجره وأشرق نوره بهذه الدعوة «السلم المسلح»، ووضع الخطة الرشيدة التي تصل بالإنسانية إليها، وذلك عندما دعا إلى القوة وأمر بأن تكون موجهة بناءة، تحافظ على الأمن والسلام، وترهب أعداء الله حتى يحصل التوازن في القوة. وبهذا يحفظ– السلام قال تعالى ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال:60) فإن من ينظر إلى هذه الآية نظرة مدقق يجد أن لفظ «قوة نكرة، وبذلك يفيد العموم في القوة، فيشمل كل ما يطلق عليه اسم القوة برية أو بحرية أو جوية.
والمسلمون مأمورون بأن يعدوا لأعدائهم أقصى قوة عرفها عصرهم واللفظ الآخر "ترهبون به" فإن الله سبحانه لم يقل تستذلون أو تعتدون ولكن قال ترهبون لأن عدوك إذا عرف أنك قوي مسلح رهبك، وكف عن حربك، وهنا يحفظ السلام، ويكون التوازن بين الحكومات والشعوب، وذلك ما يسمى بالعرف الدولي. الحاضر« السلم المسلح».
وإذا ما نظرنا إلى الكلمة الأولى وهي «السلم» لعلمنا أنها دعوة ليست جديدة علينا ولا غريبة عنا لأن الإسلام قد نادي بالسلام منذ طلع فجره، كما أن لفظ «الإسلام» والذي يعد عنوان هذا الدين مأخوذ من مادة «السلام» فالسلام والإسلام يلتقيان في توفير الأمن والسكينة والاطمئنان، والله سبحانه من أسمائه الحسنى السلام المؤمن، لأنه يؤمن الناس بما شرع من مبادئ، وبما رسم من خطط ومناهج. وحامل راية الإسلام، وصفوة الدنيا وخلاصة الإنسانية.
محمد صلى الله عليه وسلم هو حامل رسالة السلام لأنه يحمل إلى البشرية الهدى والنور والخير والرشاد والوئام وتراه يحدث عن نفسه بقوله «إنما أنا رحمة مهداة والتحية التي يتناقلها المسلمون فيما بينهم إنما هي السلام، وبذل السلام للناس وإفشاؤه جزء من الإيمان وما جعلت هذه اللفظة» تحية للمسلمين الا إشعارًا بأن هذا الدين دين سلام وأمان وفي الحديث أن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانًا لأهل ذمتنا ومع هذا فلا يفهم أن السلم في الإسلام معناه الاستسلام، بل لا يكون السلام إلا عن قوة وكفاية واقتدار، لذلك لم يجعله الله مطلقًا، بل جاء مقيدًا بشروط:
1 – أن يكف العدو عن العدوان.
٢- ألا يبقى ظلم في الأرض.
٣- ألا يفتن أحد عن دينه.
فإذا وجد أحد هذه الأسباب فقد أذن الله سبحانه بالحرب والقتال والجهاد في سبيله، وبهذا ينكشف الستار عن نفسية المؤمن والتي من شأنها الاستماتة في الدفاع عن الأمة، فالمسلم بين أمرين لا ثالث لهما إما قاتل أو مقتول لأنه ينال بالأولى نصرًا عزيزًا وبالثانية شهادة وجنانًا، والجهاد هو الإيمان العملي الذي لا يكمل الدين إلا به كما أن الإسلام قد نهى عن الوهن والدعوة إلى السلم طالما لم تصل الأمة إلى غايتها ولم تحقق هدفها، واعتبر السلم في هذه الحالة ضعفًا وجبنًا، ورضًا بالدونية من العيش.. ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم فعلى المسمين قاطبة أن يعيدوا النظر في موقفهم، ويعدوا لغد عدته، فإن أعداء الإسلام من كل حدب وصوب قد شمروا عن ساعد الجد ووهبوا أنفسهم للشيطان وأعدوا عدتهم لحرب الإسلام وإبادة المسلمين، فعلينا أن نتنبه لما يراد بنا وبأمتنا وأن نجمع كلمتنا ونعتصم بحبل الله المتين وصراطه المستقيم وأن نعود إلى ربنا عودًا حميدًا، ونلجأ إليه لجوءًا صادقًا.
ونعبده حق عبادته ونجاهد في سبيله حق الجهاد ونخلص القول والعمل وسنرى بعد ذلك كيف يأتينا النصر من عند الله ﴿ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾ ( محمد:7) ونحن إن نقول هذا نعلم يقينًا أن الله سيجعل كيد الكفار في نحورهم وسينتصر الإسلام رغم أنوفهم ولكن الويل على من قصر من المسلمين والويل على من تخلف في ساعة العسرة، وهذا أوانها.
عبد الخالق عبد الرحمن القرني- السعودية– أبها
رسالة من قارئ:
ألا يستقيم أن نكون إخوانًا؟!
بقلم: أحمد بن عبد الرحمن الصويان- السعودية- الرياض
يسر الله– سبحانه وتعالى– لي بفضله في شهري رمضان وذي الحجة الماضيين لقاء عدد غير قليل من الدعاة ورجالات الإسلام من مختلف الدول الإسلامية العربية وغير العربية فكانت هذه اللقاءات فرصة ثمينة للتعرف على تطورات العمل الإسلامي، وتبادل الخبرات والتجارب الدعوية في وقت تعاني فيه الصحوة الإسلامية من ازمه كبيرة في وسائل الاتصال والإعلام، فلا يتيسر للإنسان في كثير من الأحوال أن يتعرف على أوضاع الدعوات الإسلامية إلا من خلال القنوات الإعلامية الرسمية التي تقصد تشويه الحقائق وتزويرها.
ومن ثم فإن لقاء عدد كبير من الدعاة والمهتمين بالعمل الإسلامي من أقطار مختلفة، وفي أوقات متقاربة، يكون مكسبًا عظيما يثري المعرفة الدعوية، وينضج التجارب العملية، خاصة وأن كثيرًا من الدعوات تعاني من العزلة، إذ إن كل اتجاه إسلامي يشعر بأنه منقطع الصلة بالآخرين، لا علاقة له بإخوانه ولهذا تراه يبدأ من حيث بدأ غيره ويعيد التجارب والأخطاء نفسها، بسبب قصوره وجهله حينًا .. ويسبب عجزه وعدم اطلاعه على مكتسبات الآخرين حينًا آخر.
ولقد سررت جدًّا بتلك الأخبار التي تواترت عن الانتشار المذهل للصحوة الإسلامية التي فرضت نفسها على الساحة الإعلامية والعالمية حتى فاق هذا الانتشار والتنامي المتسارع توقعات المحللين والمتابعين، ومراكز الدراسات المستقبلية المتخصصة.. على الرغم من كثرة العوائق، وألوان التغريب والعلمنة التي تجتاح العالم الإسلامي مما يؤكد صلابة هذا الدين وتجذره في بلاد المسلمين. ولكن .. أزعجني جدًّا ذلك الصراع العنيف بين فصائل العمل الإسلامي حتى إنني أحسست بأن الجامع المشترك الأكبر بين جميع الفصائل الإسلامية هو الخلاف بل الصراع الذي يصل إلى حد الاتهام والتجريح والعداء!!
رأيت تسابقًا عجيبًا على السباب والشتائم والتراشق بالتهم والتقليل من شأن الآخرين والاستهانة بمنجزاتهم، ويتبع ذلك تزكية النفس والثناء على الذات والظهور بمظهر المشيخة والأستاذية.
تستمع إلى الداعي فيعجبك حسن منطقه وهدوؤه، وسلاسة عرضه، وموضوعيته في الحوار حتى إذا سألته عن داعية من فصيل آخر، أو جاء الحديث عن مواقف الفصائل الأخرى تفاجأ بأن الموضوعية التي يتميز بها قد تبخرت وعباراته المهذبة قد انقلبت إلى نقيضها وعلته الكآبة والضجر. وإذا كان هذا المتكلم مهذبًا فإنه يميل إلى التعميم المطلق، ويعطي
إجابات عائمة لا تفهم منها شيئًا وكلما توسعت دائرة الحديث ازدادت الهوة وزاد التشنج وضعفت القدرة على ضبط النفس، وغابت المنهجية العلمية عند الإنسان استمعت إلى أحدهم في محاضرة عامة يتحدث عن الأخوة والمحبة في الله وأخذ يسرد– ببراعة فائقة– النصوص الشرعية في التحذير
من الغيبة والنميمة.. حتى أسر القلوب، وأثر في نفوس سامعيه تأثيرًا بالغًا .. ثم اجتمعت به- بعد يومين فقط– في مجلس خاص ضم عددًا من الدعاة فرأيته يتحدث بلسان آخر عن إخوانه؛ أصبح التجريح أول ما ينطلق من الفم. وأصبحت التهمة والأخذ بالظنة هي الأساس وتحول الاختلاف السائغ في الرأي إلى أزمة في الثقة وبسبب هذه المواقف المحزنة، شعرت بإحباط شديد، وتساءلت بمرارة أهذه هي الصحوة الإسلامية المجتباة التي يرجى أن تحرر الأمة من ذل العبودية، وتنقذها من أسر التخلف والضياع؟
لماذا كل هذا الصراع والخلاف؟ لا شك بأن بعض الخلاف مبني على أسس علمية وشرعية.. ولكن ليس من الشرع أن يكون المسلم سبابًا، فاحشًا متفحشًا يطوي في قلبه سوء الظن والحسد والحقد، ويتقصد الإساءة للآخرين. مع العلم أن كثيرًا من الخلاف الدائر في ظني- والله تعالى أعلم- ناتج عن أسباب وهمية مصطنعة ليس لها حظ من الأثر أو النظر، وتبنى في أغلب الأحوال على أسس حزبية وانفعالات نفسية إذ إن الولاء- للأسف الشديد– للشيخ أو الحزب مقدم على الولاء للمنهج والعقيدة وأنا على يقين بأن هذه القطيعة المتزايدة لا تؤدي إلى الضعف والهزال فحسب بل تؤدي أيضًا إلى الموات والزوال– كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾ (الأنفال:46) وإذا لم يستطع الدعاة أن يتوحدوا فيما بينهم– على الرغم من وحدة المنهج– فكيف نستطيع جمع الأمة كلها على راية واحدة؟
إذا كانت الأهواء والانتماءات الحزبية هي التي تحدد مواقفنا .. فكيف نستطيع أن نواجه ذلك السيل المتدفق من مكائد الأعداء ودسائسهم؟!
لقد استعرت نيران العداوات بيننا وازداد لهيبها. وأحرقت منا ما أحرقت ومع ذلك لازالت الهوة تكبر والخرق يزداد اتساعًا.
وأقولها صادقًا: حتى متى يكون ذلك؟!!
ولست أدعو في هذه المقالة إلى إذابة الخلافات المنهجية، ووضع الرؤوس في التراب والاجتماع بأي صورة كانت.. ولكنني أنادي الجميع لطرح الخلافات الوهمية، ونسيان الأهواء الشخصية والصراعات الحزبية التي تبنى على أسس هشة. وأما الاختلافات العلمية فتعالج بطريقة شرعية
من أهل العلم والاختصاص، بعيدًا عن المهاترات والاتهامات، ويكون معيار الحق كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (النساء:59)
إن استعراض مسائل الخلاف، ثم دراسة أسبابها العلمية وجذروها النفسية من جانب ودراسة آثارها العامة من جانب آخر، ليس مطلبًا ثقافيًّا أو ترفًا علميًّا، بل هو مطلب شرعي لازم لا قوام للأمة إلا به ومن المعلوم جزمًا أننا لن نتفق على كل المسائل... ولكننا بعد الدراسة والتمحيص يجب أن نتفق على مسائل الأصول التي لا يعذر فيها المخالف.
وأما مسائل الخلاف التي يسع فيها الاجتهاد فيجب أن تتسع الصدور لها، وما وسع أصحاب نبينا محمد– صلى الله عليه وسلم– فيجب أن يسعنا، وما أجمل ما قاله يونس الصدفي–
رحمه الله تعالى: «ما رأيت أعقل من الشافعي؛ ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي» ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة؟
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل