; بعد المؤتمر الاقتصادي الثالث: المقاومات الذاتية لمواجهة المشروعات الصهيونية في المنطقة | مجلة المجتمع

العنوان بعد المؤتمر الاقتصادي الثالث: المقاومات الذاتية لمواجهة المشروعات الصهيونية في المنطقة

الكاتب الدكتور توفيق الشاوي

تاريخ النشر الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

مشاهدات 717

نشر في العدد 1226

نشر في الصفحة 30

الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

* الدولة الكبرى صارت أدوات في أيدي المراكز المالية والشركات العالمية تحقق من خلالها أهدافها.

* نحن اليوم في حاجة إلى جبهة وطنية شعبية لتشجيع مشروعاتنا ومنتجاتنا الوطنية وحمايتها من خطر المنافسة الأجنبية.

* سلاح المقاطعة الشعبية يعطي للقوى الحية وسيلة لمقاومة الخطط الأجنبية دون حاجة للصدام مع الحكومات الوطنية بحجة أنها خاضعة للقوى العالمية.

تناقش رجال المال والاقتصاد والسياسة كثيرًا في موضوع ما يسمى بالقمم الاقتصادية التي عقدت أولًا في الدار البيضاء، ثم عقدت في عمَّان وأخيرًا في القاهرة، والرجل العادي لم يكن أقل منهم اهتمامًا بها، وسوف أستعرض ما لاحظته أثناء الحوار حول هذا الموضوع على مستوى الأفراد العاديين.

لقد تساءل كثيرون عن السبب في وصفها بأنها «قمة»، ويعتقدون أن هذا من الوسائل الإعلامية التي تريد بها القوى الأجنبية المسيطرة على الإعلام العالمي إقناع الرأي العام بأهمية هذا المؤتمر وفائدته لمن يشاركون فيه كلهم - أو بعضهم على الأقل. .

في نظر كثيرين أن مؤتمر عمَّان كان مثل مؤتمر الدار البيضاء الذي سبقه، يقصد به إقناع شعوب العالم العربي بأن طريق التنمية الاقتصادية هو قبول المشاركة في مشروعات مشتركة تعدها وتعرضها الجهات التي تبدي اهتمامًا خاصًا بالمؤتمر، ولا شك أن سبب اهتمامها هو أن لها مصلحة كبرى مؤكدة من وراء تلك المشروعات ولن يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للقمة التي عقدت في القاهرة. 

ومن الواضح أن الجهات ذات المصلحة في عقد هذه المؤتمرات هي إسرائيل ومن يؤيدها من القوى العالمية في أوروبا وأمريكا.

منذ عدة قرون عندما بدأ المد الاستعماري، كانت الشركات والبنوك هي القُوى الفعالة التي بدأت التوسع الإمبريالي، وهي التي استدرجت الدول الصناعية الأوروبية إلى التوسع الاستعماري في إفريقيا وآسيا وأمريكا، ودفعتها إلى استخدام المؤامرات السياسية والقوى العسكرية في فرض سيطرتها على الشعوب المستضعفة، لتمكن أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات والشركات من تنفيذ خططها التوسعية للحصول على المزيد من الربح والثراء عن طريق استغلال ثروات الشعوب الأخرى وخاصة المواد الأولية ومصادر الطاقة، بل واستغلال العنصر البشري واليد العاملة الرخيصة فيها للعمل لصالحها في المجال السياسي أو الإعلامي أو التجاري، تبدأ باستخدام طائفة كممثلين تجاريين ووسطاء وموظفين وحكام ووزراء، ثم تستخدم طائفة أخرى في المجال العسكري كمجندين أو مرتزقة متطوعين للحصول على لقمة العيش، أو مجندين مجبرين بأمر القوانين الاستعمارية وقوانينها والإدارة المحلية التي تسيطر عليها الإمبراطوريات الكبرى. 

يكفي أن أذكر أن استعمار الهند بدأته شركة الهند التجارية، وأن حرب الأفيون ضد الصين لإلزامها بفتح موانيها لتجارة المخدرات، إنما كانت لصالح الشركات التجارية التي تتجر في المخدرات، ومازالت مافيا المخدرات تسيطر على بعض الحكومات في الدول الفقيرة -وإن كانت في الحقيقة أداة في يد بعض المراكز المالية أو الاستخبارات العاملة لصالح دول كبرى. 

كما أن التغلغل الأجنبي في الدولة العثمانية وإيران، وفي مصر بدأته البنوك الربوية والشركات عن طريق تقديم القروض للحكام والحكومات، والملوك والأمراء، واستدرجت الحكومات الأجنبية لفرض سلطانها ونفوذها على الحكام أو الإدارة المحلية بحجة تدبير المال اللازم لسداد هذه القروض وفوائدها الربوية المتزايدة. 

محور النظام العالمي:

ثم إن الوضع الحالي تجاوز ذلك، إذ أصبحت هناك مؤسسات عالمية مالية ونقدية هي محور النظام العالمي الذي تستغله الدول الغنية لمزيد من التحكم في ثروات الشعوب الأخرى ومصائرها وسياساتها بل وأنظمتها، وخاصة منها شعوب الدول الصغيرة أو الضعيفة أو المتخلفة من أجل تحقيق السيطرة على الاقتصاد والسياسة العالمية، وأصبح من المؤكد أن نمو هذه السيطرة يستلزم تدابير تؤدي إلى زيادة فقر الشعوب المستهدفة لتزداد حاجتها إلى القروض، حتى أصبحت الديون والقروض هي الأغلال والقيود التي تتخذها المراكز المالية العالمية وسيلتها لإذلال الشعوب والدول وتسيير الحكومات في الطريق التي يمكنها من زيادة الاستغلال المالي والاقتصادي للشعوب وفرض سيطرتها على المال والسياسة في العالم كله بصورة كاملة. 

ولابد أن نعرف أنه في هذا السوق العالمي للمال والمراكز المالية والقوة الاقتصادية متعددة الجنسيات لابد أن يزداد نفوذ الصهيونية التي استطاعت أن تعتمد على نفوذها الدولي والعالمي منذ زمن طويل على القوة المالية لليهود المنتشرين في جميع أنحاء العالم والذين سيزداد نفوذهم في كثير من الدول عن طريق زيادة نفوذهم المالي وزيادة المشاكل المالية والاقتصادية لكثير من الدول، مما أدى إلى تغلغلهم في مراكز التخطيط والتوجيه واختراقهم لأجهزة الاستخبارات الكبرى والأحزاب التي تعتمد على التمويل والإعلام المحلي والعالمي الذي تسيطر عليه قوى المال والاقتصاد العالمي. 

كثيرون ما زالوا يعتقدون أن الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية هي مجرد أدوات تستخدمها الدول الكبرى للتدخل في شؤون الشعوب الأخرى والسيطرة عليها، لكني أرى أن الوقت قد حان لنعرف أن الأمر أصبح على العكس من ذلك، فإن أصحاب الشركات ورؤوس الأموال والمسيطرين على المراكز المالية والقوى الاقتصادية هم الذين يوجهون الحكام ويسيطرون على الدول والحكومات التي أصبحت هي في الواقع أداة في يدهم يسخرونها لأهدافهم، وهم الذين دفعوا الدول الكبرى لفرض ما يسمى بحرية السوق أو الاقتصاد الحر. 

إن العالم الآن يعيش في مرحلة جديدة صارت فيها الدول الكبرى والمؤسسات المالية العالمية تحتكر السيطرة العالمية وتتخذها وسيلة لتنمية ثرواتها على حساب الشعوب الأخرى، ونجحت في فرض ما يسمى مبدأ اقتصاد السوق الذي تعتبر اتفاقيات «الجات» عنوانًا لما تميز به، وخاصة إلزام الدول بعدم فرض رسوم جمركية لحماية مشروعاتها وصناعاتها الناشئة، وعدم تقديم دعم مالي لمنتجاتها الوطنية، وبذلك جرد الاقتصاد الوطني للدول الصغيرة أو الشعوب النامية من كل حماية، وأصبح محرومًا من كل سلاح يدفع به غزو السوق المحلي من جانب منتجات الشركات الكبرى في الدول الغنية التي تتمتع بجميع الميزات التي تمكنها من اكتساح السوق الحر، والقضاء على الإنتاج المحلي الناشئ الضعيف في الدول الأخرى. 

الاستعمار الجديد:

لذلك تحولت الشعوب الصغيرة والدول الناشئة إلى مجرد مجتمعات استهلاكية وسوق لبضائع الدول المتقدمة ومنتجاتها سواء كانت زراعية أو صناعية، وهي تفرض عليها من أجل ذلك التبعية والخضوع لقرارات الدول الصناعية سواء في النواحي الاقتصادية والمالية، أو النواحي السياسية والعسكرية، وذلك هو الاستعمار الجديد الذي تواجهه الشعوب الصغيرة الناشئة إذا استسلمت له أو لم تجد وسيلة لمقاومته. 

إنَّ تضاؤل دور الدول والحكومات لم يعد مقصورًا على الدول الصغيرة أو الفقيرة، بل إن الدول الكبرى ذاتها أصبحت مجرد أداة في يد المراكز المالية والشركات العالمية، أما الدول الصغيرة والناشئة فإن القوى المالية العالمية تتحكم فيها، بالإضافة إلى ذلك عن طريق الدول الكبرى والمنظمات الدولية العالمية التي تسيرها. 

إننا يجب أن نراعي ذلك عند وضع خططنا لمقاومة السيطرة الأجنبية بأن نجعل هدفنا الأول هو تحرير اقتصادنا وبناء تكتل اقتصادي واسع يستطيع مقاومة السيطرة الاقتصادية الأجنبية، لأن الاقتصاد هو أساس كل الخطط السياسية. 

جبهة وطنية:

إن المقومات الذاتية لشعوبنا قد تكون محدودة في الناحية المالية والاقتصادية، ولكنها تكون أقوى وأكثر فاعلية إذا دعمتها المقومات المعنوية والقيم الذاتية التي يمكن الاستفادة منها في تنظيم تيار شعبي يهدف لتشجيع مشروعاتنا ومنتجاتنا بل وحمايتها من الأخطار التي تهددها وخاصة خطر المنافسة الأجنبية للبضائع التي تنتجها الدول الكبرى المتقدمة الغنية، والتي يكون لديها إمكانيات تقنية تجعلها تفوق منتجاتنا في الجودة، وإنتاج كبير يمكنها من أن تجعلها أقل ثمنًا منها، ولديها فوق ذلك رأسمال ضخم يسخر وسائل الإعلام لتوجيه الأفراد والجماهير لكي تتسابق للحصول عليها بحجة أنها أرخص أو أجود من المنتجات الوطنية. 

التنظيم الذي ندعو إليه يمكن أن يأخذ صورة جبهة وطنية شعبية تساهم فيها جميع القوى السياسية بل والمنظمات النقابية والشركات والمؤسسات الوطنية التي تحتاج الاستفادة من هذا التيار ويمكنها أن تزوده بإمكانيات دائمة ومتنوعة - تمكنه من ترشيد الإنتاج وترفع مستوى الجودة في البضائع الوطنية حتى يسهل إقناع المستهلك بتفضيلها على غيرها، بهذه التدابير التي يمكن لهذه الجبهة الوطنية أن تلجأ لها عند الاقتضاء لإيجاد تيار شعبي إعلامي لنجاح الدعوة للمقاطعة الشعبية للمنتجات أو شركات معينة تهدد الإنتاج الوطني وتعوق مسيرة التنمية الذاتية. 

إن المقاطعة الاقتصادية الشعبية يجب أن تسبقها حركة إيجابية شاملة للتنمية الذاتية لا  تقتصر على حماية الإنتاج، بل يجب ترشيده وتحسينه حتى يكون أقدر على المنافسة، وأن يراعي مصلحة المستهلك مقابل ما يتطلبه منه من تقشف يساعده على تفضيل المنتجات الأهلية على المستوردات الأجنبية التي قد تكون أكثر إغراءً له. 

تشجيع الإنتاج الوطني:

وفي نظرنا أن تشجيع الإنتاج الوطني وحمايته من خطر المنافسة الأجنبية غير المتكافئة، أو غير العادلة، يستلزم توعية المستهلكين وتوجيههم إلى أن يأخذوا المصلحة العامة بعين الاعتبار، لأن تنمية الإنتاج الوطني تفيدهم وتضمن لاقتصادنا مستقبلًا يستفيد منه الجميع، ولذلك فإن الحركة الشعبية التي تسعى لدعم التنمية الذاتية يجب أن يكون لها دور كبير في ترشيد الاستهلاك وتعبئة الجماهير لكي تبذل كل ما تستطيعه لتشجيع المشروعات المنتجات الوطنية، وقد يستلزم ذلك بعض التضحيات أو الخشونة والتقشف لفترة ما، حيث إن مشروعاتنا الناشئة لا يتوقع كثير منها أن تكون منتجاتها في مستوى البضائع المستوردة من حيث الجودة ولا من حيث الإعلان والدعاية وما تستلزمه من نفقات لا تستطيع مشروعاتنا الصغيرة أن تجاري بها إعلانات الشركات متعددة الجنسيات أو المشروعات العريقة في الدول الكبرى المتقدمة. 

إن الدعم الشعبي والحماس الوطني والديني هو الذي يمكن أن يوفر لها نصيبًا من الدعاية يعوضها عن قصورها في الدعاية والإعلان، كما أن التزام قدر معين من التقشف فترة معينة يمكن أن يجعل المستهلك مستعدًا أكثر لتفضيلها على بضائع مستوردة يعتبرها كثيرون أجمل أو أكثر تقدمًا وإتقانًا. 

إن الدعوة يجب أن توجه للمستهلكين لتدعيم الإنتاج الوطني ولو اقتضى ذلك بعض التقشف نتيجة لمقاطعة بضاعة أجنبية معينة وإعطاء الأولوية لبضائع وطنية بدلًا منها، ولكي تكون هذه الدعوة مقبولة ومؤثرة نرى أن توجهها جبهة شعبية تضم ممثلين عن جميع القوى الوطنية والعربية والإسلامية، وأن تتولى هذه الجبهة إعداد الخطة لتنفيذ سياسة شاملة للتنمية الذاتية في بلادنا. 

واجبنا الآن أن نساعد شعوبنا على الاعتماد على قواها الذاتية وندعوها لكي تتجه مباشرة إلى مقاومة هجوم العدو الأجنبي في المجال الإنتاجي والاقتصادي بالسلاح الذي لا تستطيع أي قوة في الأرض أن تنزعه منها أو تبطل مفعوله…. وهو سلاح المقاطعة الشعبية الاقتصادية لبضائع معينة أو مشروعات معينة وكل ما يدخل في نطاق المقاومة السلمية. 

ليست المقاطعة عملًا سلبيًّا كما يظنون، بل إنها أصعب من حمل سلاح وإلقاء القنابل وعمليات القتل أو العنف، بل أصعب من المواقف السياسية التي أصبحت مقصورة على الاستنكار والشجب والاحتجاج… لأنها تحتاج إلى إرادة مشتركة وعزيمة وإقدام لا حدود له، وتحتاج إلى تضامن والصبر والمصابرة التي أمرنا الله بها. 

إنها تبدأ بتربية الجماهير على الثقة بذاتها والاعتماد على إمكانياتها ومقوماتها في بناء اقتصادها والاستغناء بمنتجاتها عن كثير من المستوردات الأجنبية وتكون سعيدة بالسير في هذا الاتجاه والإقدام وراء القدوة الحسنة… فلابد لها من رواد يقتنع الناس بهم لكي يكونوا هم القدوة الحسنة أو القيادة الصادقة، التي إن اقتنعت بها من الجماهير وسارت معهم فإن طاقاتها في الجهاد والثبات لا حدود لها وستنتصر بإذن الله، والله مع الصابرين. 

إن خطة المقاطعة الاقتصادية الشعبية معناها توجيه الأفراد والجماهير للمواجهة المباشرة مع القوى المالية والسيطرة الاقتصادية للشركات العالمية المستغلة…. ومقاومة الهجوم على الاقتصاد الوطني عن طريق ما يفرضونه على الدول والحكومات باسم مبدأ اقتصاد السوق وحرية التجارة، وهو المبدأ الذي يُمَكّن المنتجات الأجنبية للدول الكبرى والغنية من السيطرة على السوق المحلي والقضاء على الصناعة والزراعة والإنتاج الوطني الذي يكون فيه مركز ضعف بالنسبة للمستوردات الأجنبية ويزداد ضعفه بالتزام الدول والحكومات بما يسمى اقتصاد السوق…. الذي تعتبر اتفاقيات الجات مؤشرًا واضحًا لأهدافه ومعالمه وكلها لصالح الأغنياء في الدول المتقدمة على حساب الشعوب الفقيرة والناشئة.

القوة الذاتية:

يجب أن يبدأ أفرادنا وشعوبنا في البحث عن القوة الذاتية التي تمكن المستهلك من التحكم في اقتصاديات المنتجين وسياستهم والضغط عليهم عن طريق التحكم في مشترياته ورغباته وحاجاته بطريقة تمكنه من استعمال سلاح المقاطعة الاقتصادية الشعبية لبضاعة معينة أو مشروع معين حتى يقضي عليه أو يصيبه بخسائر… وبذلك يفرض على القوى العالمية أن تبحث عن وسيلة لإرضائه واسترضائه وإعطاء مطالبه وطموحاته الأهمية التي تستحقها… وتضطر إلى مراجعة خططها وتغييرها أو العدول عنها بسبب ما تفرضه عليها المقاومة السلمية من تكاليف لا يتحملها اقتصادها. 

إن سلاح المقاطعة الشعبية لبضاعة معينة أو مشروع معين يعطيه للقوى الحية وسيلة لمقاومة الخطط الأجنبية دون حاجة للمصادمة مع الحكومات الوطنية، بحجة أنها خاضعة لتوجيهات القوى العالمية… بل إنها في صالح تلك الحكومة ذاتها، لأنها توقف الضغوط التي تفرضها القوى الأجنبية على حكوماتنا، بعد أن يتضح لها أنه لا مصلحة في مواصلة هذه الضغوط والتهديدات للدول والحكومات، لأن التيار الشعبي هو الذي يتحمل المسؤولية، ولا تستطيع الحكومات أن تتحداه أو تعارضه، أو أن تضطرها إلى أن تواجه تحدي القوى الشعبية…. بصورة مباشرة. 

وهنا لابد أن تتسلح هذه القوى الجماهيرية الإنسانية الشعبية بعقيدة وإيمان يمكنها من تحمل مسؤولية هذه المجابهة المباشرة مع القوى المالية والاقتصادية والأجنبية المعادية، وعليها أن تصبر على مشاق هذه المقاطعة التي ستحملها كثيرًا من أعباء التقشف والخشونة التي يستطيع الإيمان بالله والثقة بنصره أن يعينها على مواجهتها، ونحن واثقون أن لديها رصيدًا كافيًا من الإيمان يمدها بقوة وعزم وتضامن يكفي لانتصارها. 

إن مسيرة الحضارة المادية النفعية وتطور الآلات وزيادة حجم المصانع والمشروعات ذات الإنتاج المتزايد وخاصة في مجتمعات الدول الكبرى المهيمنة على العالم اليوم وتخلق لأصحابها مشاكل اقتصادية ومالية تنشأ عنها تناقضات بين دولها وتكتلاتها وشركاتها وعناصرها المختلفة بسبب المنافسة على الأسواق، وهذا يعطي للمستهلكين الفرصة ليفرضوا إرادتهم عن طريق التحكم في مشترياتهم، ويمكننا نحن بالتفكير والتخطيط والعزم أن نوجه شعوبنا نحو أساليب من المقاطعة الاقتصادية لبضائع معينة أو شركات معينة لكي يكون لنا دور في الاستفادة من هذا التناقض بين التكتلات الاقتصادية الكبرى الذي يؤدي حتمًا إلى مشاكل اقتصادية وسياسية فيما بينها وهي تؤدي دائمًا إلى أن تفرق صفوفهم وتغرس الخلافات بينهم، بل إنها تستدرجهم إلى الفتن والمنازعات بل والحروب فيما بينهم، وإذا أحسنا الصبر والمثابرة فإنهم سوف ينشغلون هم بالفتن في صفوفهم بدلًا من انشغالنا نحن بفتن داخل صفوفنا، إننا إذا أحسنَّا استعمال سلاح المقاطعة الشعبية يمكن أن نتفادى الفتن الداخلية في بلادنا، ونراها تنتقل إلى الدول الكبرى التي تتنافس على الأسواق في بلادنا. 

ويتحول هذا التنافس بينهم إلى فتن وحروب اقتصادية أو سياسية بل وعسكرية في النهاية. 

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل