العنوان تلميذتي
الكاتب حسن الخضيري
تاريخ النشر الثلاثاء 19-سبتمبر-1972
مشاهدات 16
نشر في العدد 118
نشر في الصفحة 7
الثلاثاء 19-سبتمبر-1972
وتلميذتي فتاة العصر، بكل ما يحمله العصر من سمات في المظهر والمخبر، ملابسها قصيرة، ضيقة، كاشفة، يمتلئ وجهها بالأصباغ، ينحسر ثوبها عن العورات، رأسها الصغير الدقيق يمتلئ بما أعطاه مجتمعها من أفكار وآراء.
وكم ترددت في قبولها تلميذة لي لولا الأمل أن يغير الله من حالها. كان علي أن أدرس لها الفلسفة والأخلاق والمنطق.
وبدأت الدروس وأسلوبي معها أن أبدأ بآيات معينة من القرآن ثم أربط بين هذه الآيات الكريمات وبين المشاكل التي تثيرها الفلسفة مقتنعًا تمام الاقتناع أن الإجابة الصحيحة على كل أسئلة الإنسان ومشكلاته تقع بين دفتي المصحف المطهر.
وألمح على الوجه الصغير المليء بالأصباغ شيئًا من النور عقب تلاوة القرآن انبعث من الرضى والسعادة حين يخاطب المولى عز وجل فطرة الإنسان، وسألتها :
هل استراحت نفسك واطمأنت بقراءة هذه الآيات وماذا فهمت منها؟
وجرى الحديث والمناقشة ولم يقتصر وقتي على الساعة المخصصة للدرس فقط بل أعقب ذلك وقت إضافي للحديث في الإسلام.
ولا أحب أن أعرض للنقاش والموضوعات التي أثيرت وكيف كان عقلها وفطرتها تستجيبان لنداء المولى عز وجل:
كان هناك آدم وكان الشيطان، وكانت العداوة بينهما، وكان القسم الفظيع الذي تقاسي منه البشرية في كل العصور والأزمان.
﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ (سورة ص: 82– 83) وكان هناك الأنبياء والمرسلون يهدون الناس فأعرض أكثرهم إلا القليل، ثم كان خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم بالدين الكامل الصالح لكل زمان ومكان.
وكان منها سؤال عن الجنة وعن النار ومن يدخلهما وفزعت من النار وارتجفت من حديث رسول الله صلى الله عليـه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط کأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» رواه مسلم.
وتبع ذلك نقاش حول الملابس الضيقة ولم اصدمها بالإجابة المباشرة بل عرجت على أمر العقيدة.
أما الملبس وغيره فهو مظهر للمحتوى الداخلي في عقل الإنسان وقيمة فالإسلام يعتنى بالعقيدة أولًا فإذا صححت صحت جميع الأعمال بشيء من المران والتطبع: وناقشنا الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة على عري المرأة في هذا العصر في أوروبا والشرق.
وانتقل الحديث عبر تلميذتي إلى أبويها وجاءا يسألني والنقاش والموضوعات تتسع وتتفرع، ومع الإجابات تتفتح القلوب لذكر الرحمن.
وصارت عقب الدرس حلقة كأنها حلقة في مسجد وكأني الشيخ الذي تتسع دائرة تلامذته حتى شملت إحدى الجارات المسنات.
وجاء دور الصلاة، ونظرت في الوجوه والعيون فإذا الأعين ناظرة إلى ربها وإذا القلوب مطمئنة راجية عفو وليها، وإذا النفوس سعيدة إنها عرفت الطريق.
وانتهى الدرس ونجحت التلميذة ونجح معها ثلاثة آخرون انتبهوا إلى الامتحان الكبير العسير يوم يسأل المرء عما قدم وأخر.
هذه قصة من قصص اهديها إلى الدعاة المسلمين الذين يدورون حول أنفسهم بينما المجتمع من حولهم محتاج لهم.
بدلًا من الخطب الرنانة والحركات الدوارة حول نفسها هؤلاء هم الناس.
تقدموا إليهم.
بالحب، بالحكمة، بالموعظة الحسنة.
﴿فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ﴾ (سورة المائدة: 52)
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل