; تونس: كيف تعاملت الحكومة مع شروط صندوق النقد الدولي؟ | مجلة المجتمع

العنوان تونس: كيف تعاملت الحكومة مع شروط صندوق النقد الدولي؟

الكاتب عبد الباقي خليفة

تاريخ النشر الجمعة 01-سبتمبر-2017

مشاهدات 12

نشر في العدد 2111

نشر في الصفحة 46

الجمعة 01-سبتمبر-2017

شروط الصندوق تدفع باتجاه تسريح آلاف الموظفين عبر التقاعد المبكر الاختياري

التقاعد المبكر قد يكون إجبارياً إذا لم يستجب له العدد المطلوب من الموظفين

خلال 6 سنوات انتقلت كتلة أجور القطاع الحكومي من 6.78 إلى 13.38 مليار دينار

تبدو تصريحات وزير المالية محمد فاضل عبدالكافي، التي تراوحت بين الزعم بخلو خزينة الدولة من رواتب الموظفين، كما ذكر ذلك في مجلس نواب الشعب، والتراجع عن ذلك في ندوة صحفية في مقر رئاسة الحكومة، والتأكيد على أن وضع المالية العمومية صعب، ولكن المؤشرات الاقتصادية عرفت نمواً إيجابياً هذا العام، مع الإشارة إلى إمكانية تحقيق نسبة نمو في حدود 2.5%، والتعريج على وضع كتلة الأجور التي ارتفعت من 18 مليار دينار سنة 2010م إلى 34 ملياراً خلال السنوات الست الأخيرة، فضلاً عن ارتفاع حجم النفقات العمومية، الذي عمق عجز الميزانية.

يبدو ذلك على علاقة وثيقة بضغط صندوق النقد الدولي من أجل التخفيض في عدد الموظفين بالقطاع العام (800 ألف موظف)؛ حيث سبقت تلك التصريحات (25 يوليو) زيارة وفد الصندوق إلى تونس (26 يوليو - 3 أغسطس) الذي يدفع باتجاه تسريح آلاف الموظفين عبر التقاعد المبكر الاختياري. 

ويبدو كذلك أن مبالغة الوزير في تصوير وضع الخزينة، بصورة دراماتيكية، ومن ثم التراجع وتحسين الصورة مع إبقاء الوضع في «غرفة العناية الخاصة» له علاقة بالزيارة وبضغوط صندوق النقد الدولي، إلى جانب مؤثرات سياسية أخرى.

تقليص كتلة الأجور من شروط صندوق النقد الدولي، من أجل صرف قرض على 8 دفعات تم إسناد دفعتين وبقيت 6 دفعات، ولا يتم صرف دفعة إلا بعد التأكد من مدى التقدم في تنفيذ الإصلاحات ومنها تخفيض كتلة الأجور، وتعد تلك الأولوية الأولى لدى الصندوق ثم الجباية، ثم الصناديق الاجتماعية. 

وقد أشار الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي في تونس، «روبرت بلوتوفوغال»، إلى إحراز تقدم في الإصلاحات الكبرى المرتبطة بالوظيفة العمومية والإصلاح الجبائي والصناديق الاجتماعية، لكنه ذكر أن التحديات لا تزال موجودة، مع التأكيد على أهمية التوافق بين النقابات والحكومة فيما يتعلق بتقليص كتلة الأجور. 

وخلال السنوات الست الماضية انتقلت كتلة أجور موظفي القطاع الحكومي من 6.78 مليار دينار (2.95 مليار دولار) سنة 2010م إلى 13.38 مليار دينار (5.9 مليار دولار) خلال العام الجاري، وهو ما يعادل 45% من ميزانية الدولة و14% من الناتج الداخلي الخام، وارتفعت نسبة التضخم إلى 5%. 

التقاعد المبكر

إذا كان مشروع التقاعد المبكر في هذه المرحلة اختيارياً، فإنه لا يستبعد أن يكون إجبارياً إذا لم يستجب له العدد المطلوب من الموظفين الذين شارفوا على سن التقاعد، وهناك أرقام ذكرت في أوقات سابقة تراوحت بين 120 ألفاً و50 ألفاً و25 ألفاً، حسب المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة توفيق الراجحي؛ حيث ذكر في 27 يوليو 2017م أنه سيتم تسريح ما بين 20 إلى 25 ألف موظف في إطار سياسة التقاعد المبكر، والالتزام بتجميد الأجور بالقطاع العام إلى حدود عام 2020م. 

وقال: الحكومة كانت قد أعلنت أن قانون المالية عام 2018م لن يتضمن إقرار أي انتدابات في الوظيفة العمومية، مشيراً إلى أن سياسة التقاعد المبكر هي من البرامج الطوعية وليست إجبارية، وتندرج في إطار سياسة التحكم في كتلة الأجور، خاصة وأن كتلة الأجور في تونس هي من أعلى النسب في العالم، لكن هل ستبقى الحكومة مكتوفة الأيدي وفي انتظار التطوع، وصندوق النقد الدولي ينتظر أن تتحول الاستعدادات والوعود والتوقيع بالالتزام حبراً على ورق؟ 

وإذا عدنا للحوار الذي أجرته «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» مع ممثل الصندوق بتونس، نلحظ قناعة تامة بأن تونس ستطبق كل ما هو مطلوب منها عندما أشار إلى أن الحكومة دخلت في ديناميكية إصلاحات باتخاذها إجراءات شجاعة، ونقاشات بعثة صندوق النقد الدولي تمحورت بالأساس حول تسريع هذه الديناميكية خلال الأشهر القادمة، وليس أمام الحكومة الكثير من الوقت للمناورة، إذ إن بعثة الصندوق ستعود إلى تونس خلال شهري أكتوبر ونوفمبر؛ أي قبل نهاية العام سترى ما فعلته الحكومة بهذا الخصوص، وتحديداً تخفيض كتلة الأجور، والإصلاحات الجبائية، ويبدو أن الحكومة ستطبق إجراءين؛ هما التقاعد المبكر (إجباري)، والتقاعد الاختياري. 

وكانت بعض المصادر قد أشارت إلى أن 120 ألف موظف يمكن الاستغناء عنهم وليس 25 ألفاً فقط، وذلك في غضون السنوات الأربع المقبلة، وكانت بعض الشركات التابعة للدولة اعتمدت هذا الخيار مثل السكك الحديد والخطوط التونسية إلى جانب عدد من المؤسسات الأخرى؛ وقد أدى ذلك إلى تسريح أكثر من 7 آلاف موظف. 

ويرى صندوق النقد الدولي أن التقليص من كتلة الأجور، وتحسين مداخيل الجباية، ومكافحة التهرب الضريبي، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال المهربة لدى رؤوس أموال ولم تسترجع حتى الآن، والتجارة الموازية التي تستحوذ على أكثر من 50% من الاقتصاد، من شأنه أن يقدم دعماً مهماً لخزينة الدولة التونسية.>

الرابط المختصر :