العنوان حتى لا يصبح الدم الإنساني.. ملهاة بين أصابع القتلة - عقوبة الإعدام
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 20-يونيو-1972
مشاهدات 12
نشر في العدد 105
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 20-يونيو-1972
حتى لا يصبح الدم الإنساني.. ملهاة بين أصابع القتلة
عقوبة الإعدام
«عدل» ضروري لصيانة حرمة النفس
أخيرًا، وبعد موجة من جرائم القتل عمت البلاد في الفترة الأخيرة، تم تنفيذ حكم الإعدام في أحد المذنبين ويتوقع أن يتم تنفيذه في مذنب آخر خلال هذا الأسبوع بعد أن صادق أمير البلاد على هذه الأحكام.
وقد لقيت هذه الأحكام اهتمامًا ملحوظًا في الأوساط، الرسمية والشعبية باعتبارها إجراءات عادلة وهادفة ومعقولة، وحكم الإعدام في الحقيقة هو فعلًا العقوبة الصحيحة والطبيعية لكل من يرتكب جريمة القتل:
أولًا: لأنها تعادل الجريمة البشعة التي يقترفها القاتل حين يقتل النفس الإنسانية ظلمًا وبغير حق.
وثانيًا: لأنها استئصال لشر ماحق يعيش في أحشاء المجتمع ويهدد استقراره وأمنه وحياة أفراده.
وثالثًا: لأنها إجراء رادع لكل من تسول له نفسه بالإقدام على هذه الفعلة المتوحشة الظالمة وهو بذلك إجراء أمني وقائي يعالج الكثير من الجرائم قبل أن تقع.
• وعقوبة القصاص شرعها القرآن الكريم منذ ١٤ قرنًا من الزمان، وقد كانت مع الكيفية التي بينها الفقه الإسلامي علاجًا جذريًا ليس فقط في استئصال الجريمة في مجتمع لم يكن القتل فيه جريمة من قبل، بل ربما كان مفخرة، إنما كانت علاجًا حتى لعادة الأخذ بالثأر التي كانت فلسفة وتقليدًا وتشريعًا لتلك المجتمعات الجاهلية.
إننا ننظر باعتزاز وثقة إلى ديننا حينما نجد أن القانون الوضعي في قمة تطوره في القرن العشرين يواجه الخطأ الشنيع الذي انزلق فيه مشرعوه حينما ألغوا عقوبة الإعدام في بعض البلدان، لقد تفشت جرائم القتل واتسمت بالوحشية في أسلوبها وأصبحت عادة سهلة بعد أن كانت شيئًا مرهوبًا في السابق، ومعروف أن من أقوى الدوافع التي تجعل الجاني يتردد قبل ارتكاب جريمة القتل هو التفكير في العقوبة والتفكير في مصيره، فإذا عرف أن هذه الجريمة تكلفه حياته ثمنًا فإنه يتردد مهما كان الباعث، لأن أي دافع للجريمة لن يكون أغلى من حياته.
إن عقوبة الإعدام هي العقوبة الرادعة الوحيدة لجريمة القتل، وإن استبدالها بالسجن لظلم في حق القتيل وفي حق أفراد المجتمع. ومعروف أن في القانون متسعًا لأي شبهة أو ملابسات أو ظروف إنسانية قد تدرأ العقوبة عن المذنب أما الذين تثبت عليهم الجريمة دون وجود أي مانع من تنفيذها في حقهم فمن العبث أن يفلتوا من القصاص العادل.
إن جريمة القتل غالبًا ما تكون جريمة مركبة، وكثيرًا ما يأتي القتل مرادفًا لهدف إجرامي آخر كالسرقة أو هتك العرض كما في الحادثة التي نفذ فيها حكم الإعدام أخيرًا، لذلك ينبغي أن نتذكر أن الإعدام هو أقل ما يستحقه الجاني.
ولعل كل الذين تظاهروا أو يريدون أن يتظاهروا بالتأفف من عقوبة الإعدام قد استرجعوا مشهد الجريمة والقسوة المتناهية التي ملأت قلب القاتل وهو يفتك بضحيته البريئة بلا رحمة أو إنسانية فزالت من نفوسهم صفة القسوة في العقوبة وارتاحوا لعدالة القصاص.
وفي هذا المجال: لماذا لا نستلهم من كتاب الله أيضًا عقوبة رادعة لأوسع الجرائم انتشارًا ومن أشدها خطرًا وهي عقوبة السرقة؟
إن اليد الآثمة التي تمتد لمغتصب وتستولي على حصيلة عرق الآخرين وجهدهم يجب أن تعتبر يدًا آثمة ومخربة وظالمة. إنها ليست يدًا تعمل ولا هي يد تبذل أو تعين إنها يد تدمر وتخرب وتؤذي وتضر وتظلم. وإن السجن لا يمكن أن يردعها أو يكفها ومتى سمع الناس أن مجرمًا ترك السرقة لأنه سجن؟ وإن السجن كان ولا يزال هو مدرسة الإجرام يخرج المجرم بعدها قوي الأعصاب مكيف الطبع مسلحًا بالتجربة والخبرة.
إن كل يد تسرق دون أي مبرر أو شبهة خاصة يجب أن تلقى معاملة خاصة غير السرقات الأخرى، يجب أن تردع ردعًا حازمًا حتى تسلم وتصان حرمة الأموال والممتلكات.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل