; حول خطاب سمو ولى العهد | مجلة المجتمع

العنوان حول خطاب سمو ولى العهد

الكاتب العم عبد الله المطوع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-يونيو-1970

مشاهدات 766

نشر في العدد 16

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 30-يونيو-1970

لا خير فينا إن لَم نقلهَا ولا خير فيكم إن لم تسمَعوهَا

واجب الوزراء حينما يكونون مسلمين

هَذه الأجيال أمَانة في أعنَاقنا وهي في حَاجَة إلى توجيه!


يحضرني وأنا أقرأ خطاب سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء التاريخي  

موقف صريح لرجلٍ مسلم من المسلمين الأوائل قاله للفاروق عمر حين كان يخطب

في المسلمين، قال له: «اتقِ الله يا عمر»، فانبرى له شخص من الحاضرين يقول: «أتقول لأمير المؤمنين: اتقِ الله»، فوقف عمر وقفته الإسلاميَّة الرائعة وأسكت صاحبه قائلًا: «دعه فليقلها، لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها».

وأتذكَّر كلمة أخرى للفاروق عمر- رضوان الله عليه- حين قال للمسلمين: «من رأى

منكم فيَّ اعوجاجًا فليقوِّمه»، فقام له أعرابي، وقال: «والله يا عمر لو رأينا فيك

اعوجاجًا لقوَّمناه بحد سيوفنا»، كان التعامل بين الحاكم والمحكوم والأمير والرَّعية

ينبثق من هذا المنطلق السليم، فكانت الشورى وكان العدل وكان الازدهار والأمن

والاستقرار.

وإنني كمواطنٍ يشعر بالمسئولية أمام الله في أن يقول الحق راجيًا المولى- عز وجل- ألا تأخذني في الله لومة لائمٍ، أقدم لولي العهد ورئيس مجلس الوزراء رأيي بكل صراحةٍ، وأقول له كما قال رجلٌ من المسلمين لعمر: «اتقِ الله».

وأقول له إنه مسئولٌ بين يدى الله في أن يعمل على إصلاح جهاز الدولة، وأن

يختار الوزراء والوكلاء وكبار الموظفين من النخبة الصالحة المؤمنة بالله المتمسكة

بدينها، الملتزمة بتطبيق الفرائض، حتى لا نجد بينهم من يحاد الله ورسوله، أو يرتكب

المعاصي، وألا يكون بينهم من لا يعرف طريقه إلى المسجد.

عندئذ سنرى وزارة التربية تضع المناهجَ التعليميَّة الصالحة، وتعنى بالتربية الدينيَّة

للناشئة، وتختار المُدرِّس الصالح ذا الخلق القويم، وتفرض الزي المحتشم على

المدرسات والتلميذات، وتمنع الاختلاط أيًّا كان نوعه، وتسعى لتربية أبنائنا وبناتنا

تربيةً سليمة تدفعهم للإخلاص لدينهم والذود عن أوطانهم والتحصيل العلميّ النافع.

ونرى وزارة الإرشاد والأنباء تصلح برامج الإذاعة والتلفزيون، وتمنع كل ما هو

مسيء للأخلاق من رقصاتٍ خليعة، وبرامجٍ ماجنة، وقصص جنسيَّة مثيرة، وتُسخِّر

هاتين الأداتين الهامتين في التَّوجيه الإسلاميّ الصحيح؛ لبعث روح التدين في الأمة،

وإنقاذ الأجيال، مما يعدّه أعداء الإسلام من اليساريين الملاحدة والعلمانيين الغربيين.

ونرى إصلاح الصحافة المحليَّة، بحيث تخدم الإسلام والمسلمين، وتبتعد عن المَباذِل

والعُريّ الموجود فيها، وتلتزم بكل ما يأخذ بید الأجيال إلى احترام الخلق والفضيلة،

أما الصحف الوافدة غير الأخلاقيَّة فتمنع من دخول البلاد.

ونرى وزارة الداخليَّة صارمةً في مُحَاربة الآفات الاجتماعيَّة كالزنى، والخمر،

والقمار، وغير ذلك من المفاسد، لا تأخذها في الله لومة لائمٍ، وأن يكون الناس عندها

سواء في تطبيق القانون .

ونرى وزارة العدل تقترح القوانين المُنْبَثِقة من الشريعة الإسلاميَّة روحًا ونصًّا،

وتنتقي القُضاة الصالحين ذوي الأخلاق والدين.

ونرى وزارة الأوقاف والشئون الإسلاميَّة تسهم إسهامًا كبيرًا في إعلاء كلمة الله،

وتجعل من المسجد منطلقًا للحياة الاجتماعيَّة الإسلاميَّة، كما كان المسجد على عهد

رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يؤدِّي رسالته، وأن تكرِّس الوزارة كل إمكانيَّاتها

لنشر الوعي الإسلاميّ، وأن يكون لها دورٌ كبير في الإذاعة والتلفزيون، وأن ترسل

الوفود الإسلاميَّة لإفريقيا وشرقي آسيا وغيرها من الأماكن التي هي بأمسّ الحاجة

إلى الدعوة إلى الله.

عندند ستكون الوزارات الأخرى أيضًا ملتزمة بسياسة الدولة الإسلاميَّة في كل

شئونها، وبذلك يحق لنا أن نردد عبارة سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء: «إن

دين الدولة الإسلام»، إذا اتخذته عقيدة ومنهجًا وسلوكًا وحكمًا .

وعندما نأخذ بالنهج الإسلاميّ في جميع مناهج الحياة، نكون قد حفظنا الأجيال

وأرسينا دعائم الاستقرار، ونشرنا العدل والسعادة، ونكون أنموذجًا يُقتَدى به، وإلا

فستكون أجيالنا في ضياعٍ ومتاهةٍ يتخطفها أعداء الإسلام، فتكون وبالًا على الدولة

وعلى النظام.

وإننا لنأمل بأن يأخذ سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بهذا النصح المخلص

الذي رائدنا فيه إعلاء كلمة الله وبعث روح التدين، وعندئذ نقول لسمو ولي العهد

ورئيس مجلس الوزراء: «لقد أديت الأمانة، فجزاك الله عن الإسلام خير الجزاء»،

ويصدَّق فيه قول الله: ﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.                                    (سورة الحج: آية 41).

الرابط المختصر :