; درس أفغاني للمنهزمين | مجلة المجتمع

العنوان درس أفغاني للمنهزمين

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 31-مايو-1983

مشاهدات 17

نشر في العدد 623

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 31-مايو-1983

المنهزمون:
    كنا نتمنى أن نجد على أرض العرب من يريد القتال من أجل تحرير الأراضي العربية المحتلة، لنقدم إليه تجربة فذة فريدة من أفغانستان.
    ولئلا يعترض طريقنا المنهزمون، وهم يدقون طبول الصمود والتصدي وسائر المعزوفات التي تبلدت في إحساس المواطن العربي، فما عادت تثير فيه حاسة التصديق، لئلا يعترض طريقنا هؤلاء قائلين نحن الذين قاتلنا في الماضي، ونحن الذين سنقاتل الآن، ونحن...، ونحن...، فإننا نحيل اعتراض هؤلاء إلى المواطن العربي في مشارق وطننا ومغاربه، حيث يعرف هذا المواطن سيرة هؤلاء، ويعرف أنهم هم المنهزمون، وهم الذين يرسخون الهزيمة، ويؤصلونها بين شعوب الأمة، معتمدين على قبضة الحكم الحديدية ذات اللون الإرهابي المرير، ومزايدين على القضية بحفنة من الهتافات الشعارية التي يحاولون- بكل غباوة- أن يغطوا بها على الجرائم التالية:
قتل شباب المقاومة الفلسطينية في لبنان بالسلاح العربي الذي اشتُري بدعوى الرغبة في قتال العدو.
إرهاب المواطن العربي الذي يتطلع إلى التحرير والمحكوم لإرادة أنظمة الثورة وقتله، وسحله، وفقء عينيه، وسلخ جلده في سجون المخابرات ومعتقلات العسكر في إقليم المواجهة، وما حدث في حماة، وتدمر وطرابلس اللبنانية ليس عن ذاكرة المواطن العربي ببعيد.
التقلب بين الولاءات للدول الاستعمارية الكبرى، ومحاولة ترضية تلك الدول على حساب المصلحة العربية والإسلامية العليا؛ مما يدخل أولئك المزايدين ببزاتهم العسكرية في أوسع أبواب الخيانة العظمى.
المساومة على الأرض العربية، وبيعها لإسرائيل في مزاد الدول الكبرى، وللمواطن العربي أن يراجع كتاب سقوط الجولان ليتعرف على الحقائق في الوثائق.
    هذا وغيره قليل من سيرة المنهزمين، ولعل الطلعات الجوية التي تشهد فيها سماء البقاع بعض الطائرات العربية ليست إلا طلعات تفسرها شعارات (الصمود والتصدي)، كما بات يفهمها المواطن العربي الذكي.
الحكاية الجديدة
    ولئلا يعترض المنهزمون طريقنا ثانية بحكاية جديدة، فيزعمون أنهم هم الذين يحددون مكان وزمان المعركة، وأنهم يجهزون أنفسهم الآن لاسترداد الكرامة العربية في الخامس من يونيو القادم (يوم النكسة المشهود)، فإننا نحيلهم أيضًا إلى إجابة المواطن العربي الذي يوقن الآن أن أية حرب قد تقوم على الجبهة الشمالية لن تكون سوى البوابة العريضة للعبور العربي نحو اتفاقية ثالثة مع إسرائيل، فالعربي اليوم يعرف تمامًا أن تسخين الجبهة أو إشعالها بات وسيلة من وسائل التحريك، ولو مات في حرب التحريك آلاف الجنود العرب، ومعروف أن الجنود الذين يوضعون في فوهة المدفع الإسرائيلي هم أبناء المدن المحافظة المسلمة، التي استعصت على سياسة المنهزمين.
    كنا نتمنى أن تكون لدى هؤلاء مصداقية في القول، لكنهم -كما أثبتت أفعالهم- يمارسون عملية تأصيل الهزيمة في الكيان العربي، ولعل تأصيل الهزيمة مهمة وُجدوا على رأس المواجهة من أجلها.
الدرس الأفغاني:
     أما الدرس الأفغاني فهو ذاك السفر الذي نقرأ فيه أولًا المبدأ.. الأفغاني مسلم.. وهو يقاتل عدوه اليوم من أجل المبدأ المنضوي تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وهدف الأفغاني واضح في معركته، تحرير أرضه، وتحكيم كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أما وسيلته إلى ذلك فهي سنن الجهاد الإسلامي الحق:
    الإعداد، والوحدة، بعيدًا عن جميع الوصفات الشعارية الممجوجة التي تقدم للمواطن العربي في بعض عواصمه، ولأن شعب أفغانستان المجاهد يأبى أن يقاتل تحت أية راية عمية؛ فقد رفض كل الزعامات اللاإسلامية، والتف حول قيادته المسلمة في صف واحد، وهنا تكمن قوة شعب أفغانستان المسلم، لقد رفض كل السياسات، وتمسك بجهاده، ومن البديهي أن تنكشف هذه الرؤية الجهادية الصحيحة عن توحد الوسيلة، وتوحد الهدف، وتوحد القيادة، وتوحد العمل.
    وكل هذا نقرأه اليوم في السفر الأفغاني الجهادي، وما التفاف المقاومة الجهادية في أفغانستان حول أميرها (سياف) إلا رمز المصداقية في القول والعمل، كم نحن -أيها المنهزمون- بحاجة إلى معرفة التجربة الأفغانية ودراستها.
    كم نحن بحاجة إلى الإسلام، وإلى أمير يقود الجيوش تحت راية هذا الدين.

أيها المنهزمون: لقد مزقتم الأمة، وفرقتم صفوفها بما ابتدعتموه من مبادئ هدامة، سميتموها علمانية، واشتراكية، وشيوعية، وقومية، بينما لن يوحد صف هذه الأمة إلا الإسلام، فهل يحاول المنهزمون أن يطالعوا الدرس الأفغاني ليعرفوا فقط أن الأفغاني عملاق بإسلامه، وأن المنهزم لا يعدو أن يكون واحدًا من الأقزام؟

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 1

807

الثلاثاء 17-مارس-1970