العنوان في مجرى الأحداث.. دولة إسلامية تحت حكم الصليب
الكاتب شعبان عبد الرحمن
تاريخ النشر الثلاثاء 28-نوفمبر-1995
مشاهدات 14
نشر في العدد 1177
نشر في الصفحة 47
الثلاثاء 28-نوفمبر-1995
على امتداد قرن من الزمان وحتى الآن ابتليت نيجيريا بواحدة من أخطر فصول المشروع الاستعماري الصليبي الذي أتقن الغرب والفاتيكان تدبيره وتنفيذه في إفريقيا، وعندما وطأ الاحتلال الإنجليزي هذه البلاد منذ اللحظة الأولى صحب معه أدوات الحرب على العقيدة المتمثلة في الإرساليات، وكان الهدف الأول والأخير استنزاف هذه البلاد اقتصاديًّا بعد نزح ثرواتها ليبقى شعبها أمة من الجياع المتخلفين، فيسهل اقتلاع عقيدتهم وتحويلهم إلى المسيحية.
وأمامي تقارير وكتابات عديدة تصف ما دار وما يدور حتى الآن على أرض الواقع.. وليس في المسألة سر أن يركز الغرب بمشروعه الاستعماري الصليبي حتى الآن على نيجيريا، فهي أكبر دولة إفريقية، يمثل سكانها «۱۲۰ مليون نسمة» خمس سكان القارة الإفريقية «٦٠٠ مليون»، ومدينة واحدة فيها مثل لاجوس بها ٨.٥ مليون، وهو عدد يفوق أعداد دول إفريقيا بكاملها مثل رواندا «٥.٥ مليون»، أو النيجر «5.7 مليون»، ومن جانب آخر فهي مستودع هائل من الثروات الطبيعية وأهمها البترول.
وقد ركز الاستعمار البريطاني خطته في استنزاف وتنصير نيجيريا على امتداد قرن من الزمان على أكثر من صعيد.. ففي الريف الواسع نفذت الإرساليات التنصيرية خطة محمومة في شراء الأراضي وضمها للكنيسة، وتمليكها للفلاحين النصارى حتي صاروا يشكلون ثقلًا ماليًّا واقتصاديًّا مكنهم من السيطرة على مجريات الأمور، بينما ظلت الأغلبية المسلمة تعاني الفقر والجوع؛ وبالتالي حرمت من التعليم.
وفي نفس الوقت كانت الكنيسة بحماية الاستعمار تقوم بعملية منظمة لتقطيع أواصر الإسلام وروافده في هذه البلاد، بالقضاء على اللغة العربية، حيث تم منع تدريسها نهائيًّا، بينما تمت الدعوة على نطاق واسع لإحياء اللغة المحلية والتعصب لها رغم أن هذه اللغة المحلية ليس لها أبجدية، وليس لها أدب ولا تراث يثريها.
وعلى خط ثالث استغل الاستعمار بروز النعرات القبلية كنظام في المجتمع النيجيري «٢٥٠ قبيلة، و٤٨ لغة»، ونفخ فيها النار فصارت تشكل معادلة هامة في أية منافسات سياسية أو نزعات اجتماعية، وهو ما عمل الاستعمار بالتعاون مع الكنيسة على تعميقه حتى أصبحت القبلية تمثل قنبلة موقوتة يفجرها في الوقت المناسب، وفي كل الأحوال كانت النتائج تصب دائمًا في صالح النصارى وضد المسلمين.
وقد أسفرت هذه الحرب الغربية الكنسية ضد نيجيريا عن تحويل هذه البلاد بأغلبيته المسلمة «٦٠%» إلى كم من البشر المحكوم بأقلية مسيحية بعد أن تحكم النصارى في كل مواقع إدارة البلاد الاستراتيجية.. فحسب أحد التقارير الرسمية الواردة من هناك فإن النصارى يتحكمون في ٧٥ % من الجيش، و٨٥% من الصناعات والبنوك، و۸۲% من الأساتذة والمحاضرين في ٣٣ جامعة، و٩٥% من العملية التجارية بشتى أنواعها، و٩٠٪ من قطاع الإعلام، و91% من الوظائف المدنية.
وما زالت الخطة تسير بإحكام للقضاء على وجود نيجيريا كدولة مسلمة، ولكنها هذه الأيام برعاية أمريكا وفرنسا وبريطانيا ومعهم الفاتيكان، ولذلك قصة أخرى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل