العنوان دعوة ساذجة من نظام خارج التاريخ
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الاثنين 01-فبراير-1999
مشاهدات 13
نشر في العدد 1335
نشر في الصفحة 9
الاثنين 01-فبراير-1999
رأي المجتمع
على الرغم من الوضع المأساوي الذي يعيشه شعب العراق والتمزق الذي يتهدد كيانه، والدمار والخراب الذي أصاب بنيته الأساسية بعد الحربين اللتين تسبب فيهما طيش حاكمه صدام حسين، واستبداده بالرأي وبسبب المواجهات المستمرة منذ ثماني سنوات.
بالرغم من ذلك وأكثر منه مما لا يتسع المقام للخوض في تفاصيله، نجد النظام العراقي مصرًا على افتعال المزيد من الأزمات والمواجهات وكأنه أدمن العيش على وتيرتها أو أنه يستقي منها ماء الحياة لنظامه الغاشم، ففي خلال أيام قليلة فتح النظام العراقي جبهتين جديدتين:
الأولى: وهي جبهة واسعة تمتد من المحيط إلى الخليج، وتشمل الدول العربية جميعًا بدعوته شعوب المنطقة العربية إلى الثورة لتغيير حكوماتها!.
والثانية: معاودة الحديث عن أطماعه في دولة الكويت والتلويح بسحب الاعتراف بالقرارات الدولية ذات الصلة بتحرير الكويت بعد توصية بهذا المعنى من حزب البعث الحاكم.
والواقع أن كلتا الدعوتين اللتين أطلقهما النظام العراقي، وفي هذا الوقت بالذات تعني أن هذا النظام يعيش خارج التاريخ المعاصر وانه لا يتمتع بأدنى حد من مقتضيات الحكمة أو القدرة على تصريف الأمور السياسية لدولة تعيش نهاية القرن العشرين الميلادي، فمثل هذه الدعوات لا تجلب إلا المزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة، أما إذا سمحنا لأنفسنا بالتفكير في تلك الدعوى فسنجد أنه إذا كان لشعب أن يثور على حاكمه فهو الشعب العراقي الذي ذاق الأمرين على يدي صدام حسين، وإذا كان لنظام أن يتغير فهو النظام البعثي بشكل عام الذي لم يجن العراق، ولم تجن المنطقة على يديه سوى المصائب والكوارث، أما التهديدات الجوفاء لدولة الكويت فلم يعد بمقدورها أن تفعل شيئًا، وهي أشبه بتصرفات أولاد الشوارع، ولا تعدو أن تكون عملية صبيانية لا يعول عليها في كثير أو قليل، ومتعجب أن تصدر من نظام لا يملك السيطرة على أكثر من نصف دولته التي أصبحت مقسمة واقعيًا إلى ثلاثة قطاعات، ولا تملك قواته التحرك إلا لسحق الشعب العراقي المطحون ولا يملك السيطرة على بلاده.
إن مثل هذه التصرفات تعني أن النظام العراقي مصر على استمرار الأزمة واستمرار العقوبات التي يكتوي بنارها الشعب العراقي فيما تعيش زمرة البعث في رغد من العيش.. فهذه التصرفات هي مبرر قوي وجديد للقول إن النظام العراقي يمثل مصدر خطر لجيرانه، وأنه لابد من تحجيم قدراته العسكرية لمنعه من تكرار اعتداءاته أو تنفيذ المخططات التي مازالت تختمر في عقله، ومن ثم استمرار العقوبات المفروضة وتعطيل عودة الشعب العراقي إلى ممارسة حياته الطبيعية.
فهل يفعل ذلك سوى عميل باع نفسه للقوى الأجنبية ليمنحها الذريعة والحجة للتواجد في المنطقة، وتنفيذ مآربها التي لن تكون إلا على حساب المنطقة وأهلها، واستنزاف خيراتها؟
لقد حقق صدام للقوى الغربية الحاقدة أقصى أمانيها، إذ حطم مقدرات المنطقة في حربين بشعتين واعتدى على ثلاث دول من جيرانه، وهي: إيران والكويت والمملكة العربية السعودية، ومهد لعودة التواجد الأجنبي والقواعد الأجنبية في المنطقة، ومكن للتوسع الإسرائيلي بعد أن مزق شمل الأمة.
فأي النظم أولى بالاقتلاع؟
وأي الحكام أولى بالثورة عليه؟
نسأل الله تعالى أن يخلص الأمة من هذا الحاكم الظالم المستبد وأمثاله ممن يوردون شعوبهم موارد التهلكة، وأن يهيئ للأمة من أمرها رشدًا، ويجنبها أعداء الداخل والخارج.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالقدس في ذكرى الإسراء والمعراج.. بقدر غفلة المسلمين يكون التوسع الإسرائيلي!
نشر في العدد 77
23
الثلاثاء 14-سبتمبر-1971