; رد على خليل على حيدر: دولة الإسلام أمل المعذبين في الأرض | Mugtama رد على خليل على حيدر: دولة الإسلام أمل المعذبين في الأرض | مجلة المجتمع Mugtama

العنوان رد على خليل على حيدر: دولة الإسلام أمل المعذبين في الأرض

الكاتب محمد النصيري

تاريخ النشر الثلاثاء 26-مارس-1985

مشاهدات 10

نشر في العدد 710

نشر في الصفحة 44

الثلاثاء 26-مارس-1985

السيد الفاضل رئيس تحرير مجلة المجتمع المحترم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

نرجو نشر المقال المرفق، وهو تلخيص لعدة مقالات سبق أن سلمت إلى جريدة الوطن ردًا على ما نشره السيد/ خليل علي حيدر تحت اسم «دراسة للحركة الإسلامية المعاصرة» والتي تجاوزت حدود الدراسة الموضوعية إلى التهجم على الإسلام ورسوله.. وعلى الصحابة وكبار الأئمة والدعاة ووصمت هؤلاء جميعا بأنهم أصحاب أهواء في تفسيرهم للقرآن، كما طعنت في الإسلام بمقولة أنه مجرد مبادئ تحاول التوسط بين البشر، ولا يخفى ما في هذا من تعريض بالله -عز وجل-.

ولما لم تقم جريدة الوطن بالنشر، رغم أن الكاتب طلب الرد من الإسلاميين في الكويت ومصر، فقد اتصلت هاتفيًا بالأستاذ محمد مساعد الصالح مستفسرًا عن تأخير النشر فقال بالحرف إنك تصف الكاتب بأنه وقح، فقلت له: أصول المقالات أمامك، وصورها أمامي ففي أي سطر أو صفحة أو مقالة هذه الكلمة التي لم أتذكرها أو أسطرها وليس في مقالاتي أي إهانة للكاتب رغم إهاناته وسخريته بجميع الدعاة الإسلاميين. 

وحتى أفوت الفرصة على الذين يتعمدون في الوطن حجب الرد لغرض في أنفسهم- خاصة في مرحلة معينة- فقد فوضت الأستاذ محمد مساعد الصالح في حذف أي عبارة يظن أن فيها مساسًا بالكاتب ومن ثم فقد وعد بالنشر.

ولما لم يتم ذلك أرسلت له الخطاب المرفق صورته ثم برقية باسمه على الجريدة، وحتى اليوم لم تنشر المقالات ولم توضح الجريدة سببًا لامتناعها عن نشرها رغم أن هذا حق لي وواجب على الموطن. 

لذا؛.. أرجو نشر المقال وهو ملخص للمقالات التي لم تنشر.. مع نشر هذا الإيضاح كمقدمة له. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد علي النصيري
المحامي
 ۱۹ جمادى الآخرة ١٤٠٥

١١/٣/١٩٨٥

في الحلقات اللاعلمية التي نشرتها جريدة الوطن يمضي الكاتب خليل حيدر في خياله العلماني يؤسس للإخوان المسلمين الدولة المرتقبة ويضع نظامها والنتائج التي ستترتب على قيامها قفزًا من مجهول إلى مجهول ومن متاهة إلى متاهة كما يملي عليه تصوره هو، وتفكيره هو، ويصل بالقارئ إلى ما يظن أنه البدهيات المسلم بها فيؤكد على:

أولا: رفض تأسيس الحاضر على الماضي الإسلامي بكل مصادره.

ثانيًا: هدم الإسلام نفسه بهدم الحركة الإسلامية وتشويه صورة دعاتها.

ثالثًا: شجب القرآن والسنة عن طريق نقد الفكر الإسلامي.

رابعًا: إبراز المصطلحات الإسلامية على أنها نظريات للكتاب الإسلاميين.

خامسًا: تجريح الرسول والصحابة بتعميم النقد إلى جمهور المفسرين للقرآن والشارحين للسنة.

سادسًا: تأليب- ليس حكام المسلمين فقط- بل حكام الأرض ضد الحركة الإسلامية وأن الخطر المتربص بمستقبل الحضارة البشرية إنما يتمثل فيها وفي جنودها.

سابعًا: الدعوة السافرة لهؤلاء الحكام بسرعة توجيه الضربات التصوفية للحركة الإسلامية ملتقيًا في ذلك مع مخططات ضرب الحركات الإسلامية والتي نشرت نصوصها مجلة الدعوة في مصر والمجتمع في الكويت.

ثامنًا: إيقاد نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين عن طريق إثارة النصارى ضد الخطر المتوهم الذي سيحدق بهم عند قيام الدولة الإسلامية.

تاسعًا: إبراز التيار الديني على أنه دليل على كره العرب والمسلمين للتعامل الحقيقي مع تحديات العصر وحتميات التطور. 

عاشرًا: إن هذا التيار في جوهره قائم على الاستبداد في الرأي والنظرة «القطبية التي تقسم البشر إلى حزب الله وحزب الشيطان، وأنه يهدد الوطن العربي بالتخريب الاقتصادي، وأنه سيدمر استقرار المجتمع بسبب كثرة الوعود اللاواقعية، وأنه ألد أعداء حركة التقدم في العالم العربي كما أنه من ألد أعداء حرية المرأة الفكرية والسياسية والاجتماعية، وأنه سيسبب أعظم الفوضى في مجال السياسة الخارجية، وأنه يتهدد اليوم كل ما بنته العقلية العربية وعقول أبناء الدول الإسلامية الأخرى أما عن حرية الفكر والإبداع الفني والأدبي والصحفي في الدولة التي سيقيمها هذا التيار فلا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، كما أن هذا التيار يتوعد العالم العربي بأعظم فوضى قانونية وجزائية وأكبر هدر لحريات الدفاع عن النفس وحقوق المتهمين، وأن هذا التيار لا يكاد ينشط في بلد حتى تلتهب فيه الطائفية وينقسم المجتمع إلى جماعات وأحزاب متناحرة، وأخيرًا: إن هذا التيار الديني بشكله الحالي ومرتكزاته الحالية وأهدافه الحالية عدو لنفسه وسيدمر روحانية الدين. 

ثم في النهاية تأتي الطامة الكبرى التي تكشف خبيئة هذه الدراسة التي لا يكتفي صاحبها بتشويه صورة دعاة الحركة الإسلامية العصريين، بل تشويه صورة الرسول والصحابة والتابعين من كبار الأئمة وكلهم ابتداء من رسول الله حتى الزمخشري وابن كثير وحسن البنا والمودودي وسيد قطب تصدوا لتفسير القرآن.

يقول الكاتب: وهكذا تزداد باستمرار الفجوة بين الدين والتفكير الديني اتساعًا، فالدين رباني والتفكير الديني بشري، والنص الديني ثابت والعقل الإنساني متحرك، والدين «يحاول» - هكذا سطرها الكاتب- التوسط، والبشر يحاولون التطرف «ما الفرق بين الله والإنسان في هذه المحاولة»!! والدين يحتاج إلى تفسير والمفسرون ذوو ميول وأهواء!! هكذا كان الوضع في الماضي، وهكذا اليوم، وهكذا أبدا.. !! 

هل يحتاج الأمر لتعليق ليحكم القارئ على فقه هذه الدراسة؟ أو على مصدرها؟

  • الله يحاول أن تكون تشريعاته وسطا.
  • والإنسان يحاول التطرف. 

هكذا أنزل الكاتب منزلة الله -عز وجل- إلى منزلة البشر فالمسألة لا تعدو أن تكون مجرد محاولة من الطرفين لإثبات القدرة والاستطاعة للمبادئ أن تحقق شيئا ما ولو مجرد المحاولة.

  • رسول الله فسر الدين في الماضي.
  • والصحابة فسروا الدين في الماضي. 
  • وكبار الأئمة والدعاة فسروا الدين في الماضي والحاضر والمستقبل مع الدعاة الجدد.

والكاتب يجعل هؤلاء جميعا ذوي ميول وأهواء!!

وهكذا يختم الكاتب دراسته بحشد الخطايا العشر للحركة الإسلامية إذا ما قامت دولة الإخوان المسلمين ويصورها على أنها تيار الدمار والخراب للفكر والحضارة الإنسانية وأن دعاة هذا الدين في الماضي والحاضر وإلى الأبد مهما كان إخلاصهم ذوي ميول وأهواء!!

مناقشة الخطايا العشر

ولنناقش ما زعمه الكاتب خطايا للإخوان المسلمين خاصة وللشباب الديني عامة.

أولا: الحاضر والماضي الإسلامي

الكاتب في دراسته يرفض مبدأ تأسيس الحاضر على الماضي السابق للإسلام دولة وشريعة فيقول: لا تستطيع كل أمم الأرض بناء مستقبلها في ظل ظروف ماضيها، أن اليونان لن تسترجع مملكة الإسكندر الأكبر، ولا إيطاليا الإمبراطورية الرومانية العظمى، ولا فرنسا إمبراطوريتها فيما وراء البحار.

وهكذا حكم قياسًا إلى الأمم التي ذكرها باستحالة قيام دولة الإسلام الكبرى ولم يقدم في دراسته أي دليل علمي أو تاريخي على ما ذكر سوى أقوال مرسلة مثل كل دراسته.. حشد هائل من الاستنتاجات التي تقفز من السهل إلى قمة الجبل وبالعكس دون مقدمة أو موضوعية أو سبب.

علمًا بأن حتمية السنن الإلهية التي وردت في القرآن والأحاديث النبوية والتطور التاريخي الإنساني يؤكد تباشير فجر الدولة الإسلامية الكبرى، حيث إن إنسان العالم اليوم يسعى حثيثًا إلى العالمية الاجتماعية والتي يدشنها التكتل السياسي الاقتصادي الاجتماعي أو الأيدلوجي الحزبي إلى وجود الوحدات السياسية الكبيرة التي هي الخطوة الكبرى لاندماج الدول عقائديًا أو مصلحيًا في دولة واحدة.

أما التشرذم الذي يبشر به الكاتب ويؤكد استمراريته فهو عكس مسار التاريخ الإنساني مع المستقبل القريب، والعلامات في الطريق كثيرة والتي تعبر المنظمات العالمية عنها مما يدل على النزعة الإنسانية وطموحاتها نحو الوحدة الكبرى. 

ثانيا: هدم الإسلام بهدم الدعاة

لم يسلم داعية في الماضي والحاضر.. حتى القادمون بظهر الغيب في المستقبل من اتهام الكاتب لهم بأنهم ذوو ميول وأهواء وأنهم لم يقدموا ولا يملكون إمكانية أن يقدموا تصورًا واضحًا للدولة الإسلامية التي يدعون إلى قيامها.

وهكذا بالتعميم في الزمان والمكان، فهل يجوز عاقل أن يكون كل الدعاة مغرضين فاشلين وأنهم وتيار الصحوة الإسلامية ألد أعداء الإنسانية ويوم الحضارات.

والكاتب في عرضه لهذا التصور يهدف بلا شك إلى هدم الإسلام نفسه على أن مبادئه لا تصلح لتأسيس دولة عصرية تحل للناس مشاكلهم وتبني لهم حياة الأمن والتقدم والإنسانية.

ونسي الكاتب أن يقدم لنا نموذج الدولة العصرية التي حلت للناس مشاكلهم المادية الروحية ولم تسع في الأرض فسادًا وحربًا ومؤامرات واغتيالات للقيم البشرية والبشرية نفسها.

ربما هي في نظرة أمريكا.. أو روسيا.. أو الصين.. أو دولة واق الواق.. وكلهم في الهم «سوى».. وكلهم أبالسة الجحيم الذين يقودون الأرض إلى مصرعها على مذبح شهواتهم وأطماعهم وطغيانهم وجنون حكامهم الفوضويين!!

ثم أليس من جميع الدعاة إلى الله رجل رشید..

ثالثا: شجب القرآن والسنة

ويمضي الكاتب في دراسته يصم الفكر الإسلامي بالتهافت والسطحية وأن جميع المفسرين في الماضي والحاضر وإلى الأبد أنهم أصحاب ميول وأهواء كل همهم التلاعب بالنصوص الإسلامية وتفسيرها على هواهم وتطويعها للمرحلة التي يمرون بها أو المشكلات التي تعترضهم أو استهواء المشاعر الجماهير الفقيرة وأن القرآن أوالسنة أن صلحًا لعصر مضى فلن يصلحا لنا الآن، بدليل عجز الدعاة عن تقديم حلول قرآنية نبوية المشكلات العصر ويضرب الأمثلة بمشكلات تكوين الأحزاب وفصل السلطات وحرية المعارضة و«الجزية» التي ستفرض أو لا تفرض على النصارى ونوعية الفكر الاقتصادي الحر أو المقيد والمصالح المعقدة التي لم تواجهها المبادئ المبسطة في القرآن والأحاديث النبوية.

ونسي الكاتب أو تناسى أن القرآن والحديث بجوار المبادئ الكبرى التي تزخر بها نصوصهما، هما حريصان على إطلاق يد الإنسان ليجتهد على ضوء هذه المبادئ فيما يحقق مصالحه المرسلة في كل عصر ويسخر الله له ما في السماوات وما في الأرض ليعمر هذا الكون في حدود وظيفته الإنسانية كخليفة عن المولى سبحانه في هذه الأرض ثم إن القرآن والسنة يصنعان بشرًا صناع حضارة لا مجرد ناقلين لها، أو متسولين على موائد الغير وهذا لب ما تهدف إليه الصحوة الإسلامية.

رابعًا: المصطلحات الإسلامية

يحرص الكاتب على إبراز مفهوم أن المصطلحات الإسلامية مثل «حزب الله» و«حزب الشيطان» إنما هي من اختراع سيد قطب. 

ولست أدري ما دامت عند الكاتب هذه الموهبة الشاملة الواسعة والأسلوب الدفاق أن يعرف أن هذه المصطلحات هي من عند الله وقد وردت بالنص والتحديد في القرآن.

كذلك مصطلح «الجاهلية» حيث وردت في القرآن والسنة ولم يخرج سيد قطب أو المودودي عن تفسيرها كما فسرها الرسول والصحابة وكبار الأئمة من قبل، ولم يخترعوها من عند أنفسهم.

وبهذا يصل الكاتب إلى الطعن في الله وفي رسول الله وفي القرآن والحديث عن طريق مقولته أن هذه المصطلحات بشرية من اختراع سيد قطب وغيره.

خامسًا: تجريح الرسول وصحابته

لقد وصم الكاتب جميع المفسرين في الماضي والحاضر وإلى الأبد بأنهم ذوو ميول وأهواء.. ومن المعروف أن التفسير القرآني بدأ أول ما بدأ من الرسول نفسه ثم من صحابته بعده، كابن عباس ثم بعد ذلك كبار المفسرين.

فهل سكت الله عن رسوله إذا فسر بالهوى وهو سبحانه يقول عنه ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (سورة النجم: 3) وهل سمعنا حتى من ألد أعداء الإسلام من نسب إلى الرسول هذه التهمة.

وتعميم الكاتب بأسلوب تجهيل الأسماء بمقولته كل المفسرين تجعله يظن أنه بهذا أذكى من أن يتهم بالإساءة إلى الله وإلى رسوله وإلى الصحابة الأجلاء.. حيث إنه يعني أصحاب الأهواء.. ومن هم؟ الله أعلم. المعنى في بطن الكاتب!!

سادسًا وسابعًا: تأليب حكام العالم ضد الحركة الإسلامية

والكاتب حريص على أن يبرز الحركة الإسلامية على أنها الخطر الحقيقي المتربص بحكام المسلمين وغير المسلمين ويدعو إلى سرعة مواجهتهم وتصفيتهم.

وهذا أسلوب سبق أن استعمله كبار واضعي الإستراتيجية الدولية في أمريكا وروسيا وغيرهما.. وما استعمله محمد حسنين هيكل أيام عبد الناصر والسادات.. وما استعمله غيرهم ابتداء من تركيا إلى المشرق والمغرب العربي لتأليب الحكام على الحركة الإسلامية وتصفيتها أولًا بأول.. وهذا ما أشارت إليه، بوضوح مجلة الدعوة بمصر ومجلة المجتمع بالكويت، وما صرح به الأستاذ عمر التلمساني في حديثه الرائع الذي يرد- دون قصد- على كثير مما جاء في دراسة الأستاذ خليل حيدر. 

«نشرت الوطن نص حديث مرشد الإخوان بتاريخ ٣١/١/١٩٨٥». 

والكاتب يعلم قبل غيره أن الخطر الحقيقي على حكام العالم لا يأتي ولن يأتي من قبل الحركة الإسلامية لأنهم صمام أمان للوطن، وعامل فعال في استقرارها والأخذ بيد الشعب برفق وهوادة إلى التقدم والحضارة والازدهار.

ثامنا: إيقاد نار الفتنة الطائفية 

يحرص الكاتب بمناسبة وبغير مناسبة على إيقاد الفتنة الطائفية وتصوير الدولة الإسلامية على أن كل همها هو فرض «الجزية» على النصارى- وطبعًا- نسي أن يقول: واليهود أيضًا. 

ثم يسخر من الإسلام بقوله: هل مسلم حفار للقبور في الفلبين أفضل من مسيحي يقاتل مع المقاومة الفلسطينية!!

وطرح الأمر بهذا الأسلوب يعكس سذاجة فكرية وعدم فقه بالمدلول الإسلامي عن الأخوة في الله التي لا تحجب احترام الأخوة الإنسانية بكل عقائدها التي لا يكره الإسلام أحدًا على تغييرها.

وليس معنى حبي لأخي المسلم حفار القبور أن أخور على أخي في الإنسانية والنص واضح في قوله سبحانه: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (سورة الممتحنة: 8).

وطبعا أثار الكاتب الدخان ضد الحركة الإسلامية التي تقاتل اليهود لأنهم يهود.

وأقول له: إننا لا نقاتل في اليهود الغزاة إلا صهيونيتهم وشرهم وطغيانهم واحتلالهم لأرض الإسلام وإبادتهم للشعب الفلسطيني مسيحيهم قبل مسلمهم. 

فإن فاءوا إلى رشدهم ورجعوا عن طغيانهم ومخططاتهم الإجرامية الشيطانية وألقوا سلاح الغدر والغزو فلهم ما لنا وعليهم ما علينا.

وأذكر الكاتب: من الذي حمى اليهود حينما ذبحهم النصارى في جنوب روسيا وفي أوربا وفي إنجلترا وفي أسبانيا.. أليست الخلافة الإسلامية.. بل من الذي حمي نصارى المشرق في الشام ومصر من طغيان نصارى روما.. أليست هي الخلافة الإسلامية.. فلماذا إثارة الفتنة؟

تاسعا: التيار الديني دليل 
كره العرب والمسلمين للتطور

يتحدث الكاتب في هذه الفقرة كأنه ليس من أبناء العرب والمسلمين، وإنما كمستشرق يتناول بالدراسة المغرضة كل ما يسيء إلى العقلية الإسلامية ويصنفها على أنها عقلية جامدة الخلقة لا تقبل التطور أو التعامل مع تحديات العصر وإنما هي قابعة في كهف الزمن الحجري وستظل قابعة فيه بلا شكل أو مضمون أو هوية أو شخصية.

وأبلغ رد على ذلك ما ذكره بعض المستشرقين المنصفين مثل العالمة الألمانية سيجريد هونكة التي تحدثت في كتابها شمس الله على الغرب: عن مدينة قرطبة الإسلامية منذ ألف عام وتوضح بما لا يدع مجالًا للشك أن إمكانات هذه المدينة الحضارية وتقدمها العلمي والتقني بالقياس إلى باريس وعواصم أوربا كانت كمثال النور والظلام، والبصير والأعمى، كمثالنا نحن الآن بالنسبة للغرب بعد أن أدرنا ظهورنا لمصدر قوتنا وحضارتنا وتقدمنا العلمي وهو روح القرآن ونور السنة والرغبة في إيجاد كيان إسلامي متميز متفوق في هذا الكون ثم رضينا الآن بالهزيمة الفكرية الروحية التي حملها إلينا العلمانيون القوميون.

عاشرًا: التيار الديني 
تيار الدمار للإنسانية

ثم يحشد الكاتب خليطًا عجيبًا من التهم حتى لم يجعلهم مجرد مخطئين، بل هم الخطيئة نفسها.. ثم هو في سرده النظري لا يقدم مثالًا واحدًا على ما أثاره من ادعاءات، فهم سدنة استبداد الرأي ومثيرو الفتنة الطائفية وأعداء المرأة ومخربو الاقتصاد العالمي ومدمرو استقرار المجتمعات ومهدمو ما بنته العقول البشرية ومثيرو الفوضى القانونية في العالم «يقصد بإصرارهم على تطبيق الشريعة الإسلامية».

وأقول للكاتب إن كان غيرنا يعمل للحرية كنظام أو مصلحة فنحن نؤمن بها كعقيدة ونحافظ عليها كشريعة لأنها أمر من الله وسنة في حلقة ولا تستقيم أمور الحياة إلا بها ومن عانى من فقدان الحرية ومصادرة الرأي سنين طويلة ولمس ما يترتب على ذلك من ضياع الحق وإهدار الكرامة فلا يعقل أن يقف في جانب الاستبداد. 

أما الفتنة الطائفية فلا تعرفها الصحوة الدينية، والجزية التي يرددها الكاتب بمناسبة وبغير مناسبة مثلها مثل أي نظام ضرائبي، ففي مقابل الزكاة وهي أضعاف مضاعفة يدفع غير المسلمين جزية أقل مما يتصور أحد في الشرائح الضرائبية.. والزكاة عقيدة ولا تفرض على غير المسلم أو يكره عليها والجزية لا تعدو قروشًا معدودات يعفى منها النساء والشيوخ والقساوسة والكهان والأخبار والصبية والمرضى والمساكين وفي المقابل يعانون من الزكاة إن احتاج الأمر لإعانتهم.

بل إن الإسلام الذي حمى اليهود من مذابح النصارى، وحمى نصارى المشرق من مذابح نصارى روما وجعلهم جميعًا في مأمن حصين لهم ما لنا وعليهم ما علينا لهم إخوة الوطن والإنسانية.

ثم ليدلنا الكاتب على ما تصنعه الشيوعية بغيرها، والصهيونية بمن وقعوا تحت طغيانهم، وأمريكا بما صنعت في فيتنام وتصنع الآن في كثير من مناطق العالم.. وغيرهم وغيرهم من طغاة الأرض وسفاكي دماء الشعوب!!

أما المرأة.. فلم يعرف أحد قدرها مثل الحركة الإسلامية التي ينظر إليها على أنها شريكة محراب وجهاد وعلم وحياة، ويؤهلها لأن تكون صانعة جيل من الوعي واليقظة والمسئولية.

أما الكاتب فقد نسي في جملة ما نسي أن يحدثنا عن المرأة التي جعلوها معرضًا للزينة وإعلانًا مستغلًا للجنس، وهدفًا للعيون الجريئة والمشاعر الخبيثة حتى نزلوا بها من درجة الإنسانية المكرمة إلى درجة الرقيق الأبيض.. وهذا ما يأباه الإسلام للمرأة.. !!

فأي الفريقين أحق بالأمن؟ 

وأختم حديثي بما قاله الدكتور حسني حنفي المنشور في الوطن بتاريخ ۲۱/۱۱/۱۹۸۲:

«لم يكن غريبًا أن يتصدى فقهاء المسلمين لقضايا العصر بالعمل دون الاكتفاء بالقول وحده، ولم يكونوا في ذلك خارجين على القانون، أو ساعين لقلب نظام الحكم بالقوة، بل كانوا يدافعون عن الشرع الإسلامي بالقول والعمل، وهذا ما يفسر شدة انتماء أعضاء الجماعات الإسلامية إلى هذا التراث الفقهي والاقتداء به، فالشرعية لديهم تأتي من الأصول وليس من النظم القائمة».

ويقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في دراسته المنشورة بالوطن بتاريخ ٢/٥/١٩٨٣: «في مناخ مثقل بالمتناقضات وأسباب الشك والحيرة والقلق، وتضارب في القيم الاجتماعية والثقافية، وتخبط في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، كانت العودة إلى الدين طلبا ليقين حركة طبيعية، وبدا ذلك وحده أمام عناصر جديدة خصوصًا بين الشباب وراح ما اصطلح على تسميته بالأصولية الإسلامية في جوهرها، كانت كما يشير منطوق اللفظ، تمثل عودة إلى الأصول الأولى للإسلام بالنقاء الذي كانت عليه حين تنزل بها وحي السماء على النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن رسالة محمد قاصرة على مجرد العقائد الدينية ولكنها أيضًا كانت ترسم منهاجًا لتنظيم المجتمع وسلوك أفراده، إذ الإسلام حدد علاقات الإنسان بربه، كما أنه حدد أيضا علاقاته مع غيره من البشر، ولم يكن هذا التنظيم الاجتماعي صالحًا فقط لأهلهم وبلادهم وإنما كان صالحًا للناس في كل زمان ومكان، ومن هنا اتخذت العقيدة الإسلامية طابعها الشامل والمتكامل».

المراجع

  • القرآن الكريم وكتب التفسير وكتب الصحاح
  • معالم في الطريق- سيد قطب
  • التفسير الإسلامي للتاريخ- د. عماد الدين
  • مشكلات الدعوة والداعية- فتحي يكن
  • رسالة المؤتمر الخامس- حسن البنا
  • قضية تكفير المسلم- سالم البهنساوي

موضوعات متعلقة

مشاهده الكل

بداية الزحف التبشيري على الكوَيت

نشر في العدد 1

625

الثلاثاء 17-مارس-1970

إقــراض المحتَاج واجب

نشر في العدد 1

651

الثلاثاء 17-مارس-1970

أصول الاقتصاد من الكتاب والسنة

نشر في العدد 2

582

الثلاثاء 24-مارس-1970