; رمضان في أوساط الأقليات المسلمة بالغرب.. عادات مختلفة وفرحة واحدة | مجلة المجتمع

العنوان رمضان في أوساط الأقليات المسلمة بالغرب.. عادات مختلفة وفرحة واحدة

الكاتب محمد سرحان

تاريخ النشر الجمعة 01-يونيو-2018

مشاهدات 24

نشر في العدد 2120

نشر في الصفحة 23

الجمعة 01-يونيو-2018

وداعاً رمضان.. مرحبا بالعيد

رمضان في أوساط الأقليات المسلمة بالغرب.. عادات مختلفة وفرحة واحدة

طول النهار بالنرويج يجعل الحياة الاجتماعية برمضان في مستواها الأدنى حيث لا يوجد وقت لدعوة الأصدقاء

تنتشر بألمانيا فكرة الخيم الرمضانية التي يحضرها أكثر من 2000 منهم عمدة المدينة والقيادات السياسية

المساجد والمؤسسات الإسلامية في إيطاليا تتعدى كونها مجرد مراكز ومساجد إلى أن تمثل الوجه الجماعي للإسلام

يعد رمضان في باريس مناسبة كبرى لأصحاب المحلات العرب لبيع الكثير من البضائع

«المقابلة» أشهر ما يميز رمضان البوسنة وهي عادة عثمانية تأتي انطلاقاً من الحرص على ختم القرآن

رمضان بأمريكا يمثل طعماً آخر يعكس صوراً أسمى تتناغم مع مقاصده الجميلة وروحانيته السامية

ما أن يحل شهر رمضان المبارك، إلا وتزداد أواصر الوحدة بين المسلمين على اختلاف وتنوع عاداتهم وتقاليدهم، وتتولد لدى المسلم حالة من الشغف لمعرفة طقوس وعادات إخوانه المسلمين في هذا الشهر الفضيل، جمعنا لكم في هذه السطور أبرز مظاهر رمضان في أوساط الأقليات المسلمة. النرويج:

رمضان بدون حياة اجتماعية

يقول د. باسم غزلان، رئيس الرابطة الإسلامية بالنرويج: إن امتداد دولة النرويج باتجاه القطب الشمالي يجعل ساعات النهار في هذا الوقت من السنة مفرطة في الطول في كثير من المدن النرويجية، أما العاصمة أوسلو فساعات الصوم فيها تصل إلى أقل من 20 ساعة بقليل، وطول النهار هذا يجعل لرمضان هنا لوناً خاصاً، فصلاة التراويح تكون قصيرة نسبياً؛ لأن وقت الإفطار نفسه وما بعده قليل جداً، وبالتالي الحياة الاجتماعية تكون في مستواها الأدنى، حيث لا يوجد وقت لدعوة المعارف والأصدقاء إلى موائد الإفطار الرمضانية.

المسلمون في أوسلو بشكل عام يعتمدون في صلاتهم وصيامهم على التوقيت المتعارف عليه حسب غروب الشمس الحقيقي، مع أن جزءاً من المسلمين أيضاً يعتمدون على جدول بديل بحيث تكون ساعات الصيام فقط 15 ساعة، وذلك حسب بعض الفتاوى التي صدرت في ذلك.

ألمانيا: أجواء استثنائية

يقول الشيخ طه عامر، رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا: قبل رمضان تضع المساجد والمؤسسات الإسلامية برامجها للشهر الفضيل، وكان للأطفال نصيب من مظاهر الاحتفال ليعيش أبناء المسلمين معنى الشهر فتتعلق به قلوبهم وتسعد به نفوسهم.

ويضيف: من أهم ما يميز شهر رمضان تدفق المصلين على التراويح في جميع المساجد، على الرغم من تأخر وقت صلاة العشاء لما بعد العاشرة والنصف؛ الأمر الذي يشق على أصحاب الأعمال، لكن هناك حرصاً كبيراً على أداء الصلاة، كما تتسابق المساجد في تنظيم الإفطارات الجماعية التي يحضرها المئات من المسلمين وغير المسلمين، والجدير بالذكر انتشار فكرة الخيم الرمضانية التي يحضرها ما يزيد على 2000 شخص، وعادة تكون هذه الخيم مفتوحة للجميع، ويتم تتويجها بحضور عمدة المدينة والقيادات السياسية والحزبية والدينية والأمنية، في ظل جو إيماني إنساني أخوى يبهج القلوب والنفوس، بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية المتنوعة التي تتمثل في المحاضرات والندوات والمسابقات، كما تحظى المسابقات القرآنية بنصيب وافر في شهر القرآن.

ومن المهم ألا نغفل مبادرة «يوم الجار» في 25 مايو الماضي، وكان التجاوب معها كبيراً؛ حيث تم تقديم هدايا لجيران المساجد والأفراد وكانت ردود الفعل إيجابية بشكل كبير.

السويد: 20 ساعة مدة الصيام

يقول الشيخ حازم حريري، داعية إسلامي بالسويد: إن السويد تعتبر حديثة عهد بالإسلام، فقد بدأت أولى الهجرات إليها في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين، وكانت هذه الهجرات للتتار القرم الذين حاولوا إيجاد المصليات، لكنها في هذا الوقت كانت محدودة جداً، إلى فترة الستينيات بدأت هجرات الأتراك ودول شمال أفريقيا ومن البوسنة كذلك، وبدأ افتتاح مصليات ومساجد صغيرة جداً في ظل وجود أعداد قليلة جداً من المسلمين، ثم تطور الأمر بزيادة أعداد المسلمين الذين توافدوا على السويد من العرب ثم الأفارقة لا سيما من الصومال، ومن هنا كثر المسلمون وتوسعت بوجودهم أعداد المساجد، لا سيما في أواخر القرن العشرين والسنوات الأخيرة مع توافد أعداد كبيرة من العراقيين والسوريين وغيرهم.

هذه الأعداد المتزايدة ساهمت في تكوين روابط ومنظمات إسلامية في الوقت الذي تقدر فيه أعداد المسلمين، وفق إحصائيات غير رسمية، بحوالي مليون مسلم.

وفيما يخص أجواء رمضان بالسويد، يقول حريري: في السنوات الأخيرة ومع حلول شهر رمضان المبارك في موسم الصيف، تزداد ساعات الصيام بالسويد إلى حوالي 20 ساعة أو يزيد، حيث يمسكون عند الساعة 2:20 تقريباً ويفطرون عند حوالي الساعة العاشرة مساء، وبرغم ضيق وقت الإفطار فإن أغلب المساجد تقيم الشعائر الإسلامية، وفي السنوات الأخيرة بدأت تزداد الإفطارات الجماعية بالمساجد وحتى أيضاً السحور الجماعي؛ نظراً لضيق الوقت، وتكون صلاة التراويح قصيرة بالإضافة إلى أنشطة ومحاضرات ودروس إسلامية.

فرنسا: رمضان بنكهة عربية

تعد الجالية المسلمة في فرنسا هي الأكبر في أوروبا؛ إذ تبلغ نحو 8 ملايين مسلم، يتركز غالبيتهم في المدن الكبرى (باريس ومارسيليا وليل وليون).

وفيما يخص شهر رمضان بفرنسا، يقول محمد السيد، صحفي: لشهر رمضان بفرنسا مظاهر تختلف باختلاف الأحياء، فعلى سبيل المثال في أحياء باريس المعروفة بكثرة العرب ووجود العديد من المساجد مثل «مسجد أبو بكر»، و«مسجد عمر» ومحلات المأكولات الشعبية والمثلجات، يعد الشهر الكريم مناسبة كبرى لأصحاب المحلات من العرب لبيع المزيد من بضائعهم.

كما تشهد المساجد ازدحاماً في هذا الشهر الكريم وخاصة في صلاة التراويح، رغم أنها تقام في وقت متأخر من الليل، وعقب انتهاء الصلاة تقدم المساجد الحلوى والمشروبات الساخنة التي غالباً ما يجلبها المصلون كتعبير عن فرحتهم بهذا الشهر، وتساهم المؤسسات ومن بينها اتحاد المنظمات الإسلامية بعمل موائد للإفطار يشارك فيها علماء وشيوخ من داخل فرنسا وخارجها، وخلالها يلقون محاضرات عن فضائل الشهر الكريم وما تحقق في هذا الشهر من انتصارات، وتساهم الجمعيات الخيرية -وعلى رأسها «الإغاثة الإسلامية»- من خلال فروعها المنتشرة بفرنسا في وجبات إفطار يومية.

إيطاليا:

برامج رمضانية مكثفة

عن رمضان في إيطاليا، يقول الشيخ وجيه سعد، رئيس الجمعية الإيطالية للأئمة والمرشدين: من الأسر من يهتم برمضان بشكل عرفي كما تعودوا في بلادهم الأصلية التي جاؤوا منها؛ فرمضان له مكانة لديهم ويبدؤون الاستعداد له سواء في المطبخ أو التهيئة للحضور بالمساجد، كما أن هناك أسراً لديها الوازع الديني، وهؤلاء لديهم حرص على المشاركة في برامج المساجد لاغتنام الشهر الفضيل، وكذلك يرتبون أمور عملهم لعدم تعارضها مع إقامة الشعائر.

وبالنسبة للمساجد والمؤسسات الإسلامية، ففي إيطاليا تتعدى كونها مجرد مراكز ومساجد، فهي تمثل الوجه الجماعي للإسلام، فقبل حلول الشهر يكون هناك استعداد بتزيين المراكز والمساجد وإعداد برامج رمضانية للشعائر والأنشطة الدعوية، ويكون هناك حرص كبير من قبل المراكز والمساجد على ملء الفراغ لدى الشباب، خاصة أن رمضان في هذه السنوات يكون في موسم الصيف، وقد تمتد الأنشطة والبرامج لليوم بأكمله، ففي مسجد الأمة بمدينة «ريجواميليا» ترتبط الأنشطة بالصلوات الخمس؛ حيث تبدأ بصلاة الفجر يعقبها أذكار الصباح، ثم صلاة الظهر وبعدها حلقة قرآن لختم القرآن على مدى الشهر، فصلاة العصر يتلوها سلسلة خواطر بواقع خاطرة يومياً، ثم المغرب وإفطار جماعي يومي يقام في مسجد الأمة، بينما بعض المساجد تقيم إفطارات غير يومية، فصلاة العشاء والتراويح ودرس، بالإضافة إلى مسابقات قرآنية، في العشر الأواخر تقام صلاة التهجد قبل السحور، من الأمور المهمة أيضاً أنه يتم الإعداد لإفطار خاص بالعائلات المسلمة حيث تشارك كل عائلة بطعامها وثقافتها في المطبخ غيرها من العائلات المسلمة.

روسيا: نشاط دعوي مكثف وأجواء متنوعة

تتنوع أجواء شهر رمضان في روسيا بتنوع وتعدد مكوناتها، بحسب ما قاله د. نضال الحيح، نائب مفتي منطقة حوض الفولكا في العلاقات الخارجية: إذ يعد المسلمون في روسيا متعددي الأعراق، منها التتار والكازاخ والقوقازيون، وكل عرقية لها خصوصياتها وعاداتها وتقاليدها، فقبل رمضان تقوم المؤسسات الإسلامية بإعداد دعاية للشهر الكريم، وإيجاد حالة من الأجواء الروحية المرتبطة بهذا الشهر، كما يقام في مدينة سراتوف حفل استقبال رمضان، وبالنسبة للإفطارات في السابق كانت تقام موائد في البيوت؛ إذ تقوم إحدى العائلات بإعداد إفطار كبير وتدعو المعارف والجيران والأئمة، لكن حالياً أصبحت عادة الإفطارات الجماعية بالمراكز أو أحد المطاعم أو ما يعرف بالخيمة الرمضانية، وبعض المراكز الإسلامية تقيم إفطارات متفاوتة من وقت لآخر، بينما في مدن أخرى تقام إفطارات تتسع لنحو 800 شخص، كما تنظم المؤسسات الإسلامية خلال رمضان يوماً دعوياً كاملاً في المناطق القروية يتضمن صلاة الفجر وإقامة الصلوات بجانب إفطار وصلاة العشاء والتراويح لبث روح الإسلام مجدداً في هذه المناطق.

البوسنة والهرسك:

«المقابلة» وختم القرآن

اتجهنا إلى منطقة البلقان، وكانت محطتنا الأولى في البوسنة والهرسك، حيث قالت لنا مريم تولتش، صحفية وباحثة بوسنية: رمضان في البوسنة والهرسك يتشابه في بعض مظاهره بالدول العربية في الاهتمام بالبعد العائلي والاجتماعي في صورة الدعوات العائلية، كما تلحظ ازدحام الناس على المخابز قبيل الإفطار للحصول على خبز رمضان الذي تغطي سطحه حبة البركة، لكن أشهر ما في رمضان بالمساجد هو «المقابلة»؛ وهي عادة عثمانية تأتي انطلاقاً من الحرص على ختم القرآن في شهر الصيام، فيجتمع الناس في المسجد بين صلاتي الظهر والعصر، ويقرأ أصحاب الأصوات العذبة القرآن في حضور عدد من الناس حتى يختموا جزءاً يومياً، والأهم أن حافظ القرآن له مكانة خاصة؛ إذ يسمى «الحافظ» فلان، وتبقى كلمة «الحافظ» لقباً يلازم حفظة القرآن طوال العمر.

صربيا: رمضان عبادة وهوية:

بقينا في البلقان واتجهنا إلى صربيا ليحدثنا د. خير الدين باليتش، أستاذ بكلية الدراسات الإسلامية في إقليم السنجق بصربيا، عن مظاهر رمضان هناك، فقال: رمضان بالنسبة للمسلمين البوشناق في السنجق هو شهر عيد بكامله، فهو بالإضافة إلى كونه شهر العبادة وصفاء القلوب هو عيد وطني يرتبط بهويتهم الدينية، وعند انتهاء رمضان يحتفل المسلمون كما في أنحاء العالم الإسلامي بعيد الفطر، وتوزع الهدايا على الأطفال من قبل المؤسسات الدينية والرسمية؛ حيث العادة أن يستلم كل طفل عبوة تحتوي على كمية من الحلويات والألعاب، وتتشابه بقية الطقوس الاحتفالية مع باقي دول العالم الإسلامي في زيارة الأقارب وتبادل التهنئة وحفلات الغداء المشتركة، وغيرها من مظاهر الفرح.

كما أن «المقابلة» لها أهمية كبيرة لدى مسلمي السنجق، حيث يجتمع عدد من حفاظ القرآن الكريم في المسجد عند صلاة العصر ويجلسون متجاورين في مواجهة المصلين ويقرؤون بالتتالي آيات من القرآن الكريم إلى أن يتموا جزءاً من القرآن يومياً حتى يختموا القرآن في نهاية شهر رمضان، وتنتشر الإفطارات الجماعية التي تنظمها المؤسسات الدينية والاجتماعية في كل مدن السنجق وقراها.

الولايات المتحدة:

الإسلام يجمعنا

تتنوع أجواء رمضان وتختلف من ولاية إلى أخرى بأمريكا، وبحسب الوجود الإسلامي، إلا أنه غالباً ما تشهد أغلب الولايات إفطارات جماعية في المساجد.

تقول شيماء محمود، مترجمة ومقيمة في فيلادلفيا: في رمضان بالولايات المتحدة تستشعر أنك تعيش رمضان في كل أقطار الأمة الإسلامية نظراً لتنوع الوجود الإسلامي الذي ينحدر من كل البلاد؛ وبالتالي يحمل كل الثقافات، ففي فيلادلفيا يوجد نحو 80 مسجداً ويكتظ فيها وجود المسلمين من أصول أفريقية، وقد بدأ تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين المسلمين خاصة من دول غرب وشرق أفريقيا، وتجد هنا بعض المساجد متنوعة عرقياً ولغوياً، وتقدم خدماتها وخطبها بالإنجليزية، لكن يوجد أيضاً الكثير من المساجد التابعة لمجموعات إثنية معينة تقدم الخطب بلغات الشعب المحلية، وتقيم إفطارات لأبناء مجموعاتها، كما تنشط المراكز الإسلامية في الولايات الأخرى، ويمثل رمضان بتجمعاته وروحانيته موسماً لاستعادة الهوية المسلمة.

كما يمثل رمضان في الولايات المتحدة حالة استثنائية، متنوعة وجميلة، تجمع الأمريكي والجامبي والعربي والبنجالي والصيني وغيرهم على مائدة واحدة تجسيداً لوحدة المسلمين، ورغم أن رمضان في الولايات المتحدة يخلو من المسلسلات والإعلانات والفوازير وما تسمى بالخيام الرمضانية، لكنه يمثل بتجمعات المسلمين طعماً آخر يعكس صوراً أسمى وروحاً أرقى تتناغم مع مقاصد رمضان الجميلة وروحانيته السامية.

الرابط المختصر :