; زوجات النبي والتشريعات الاجتماعية | مجلة المجتمع

العنوان زوجات النبي والتشريعات الاجتماعية

الكاتب د. زيدان عبد الباقي

تاريخ النشر الثلاثاء 02-نوفمبر-1976

مشاهدات 12

نشر في العدد 323

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 02-نوفمبر-1976

من زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، التي ترتبط حياتها بالتشريعات الاجتماعية السيدة زينب بنت جحش، وهي الزوجة السادسة بين زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام.

وقد أراد الله من زواج زينب بنت جحش أن يكون مجالاً لتشريعات اجتماعية جديدة، حيث أراد الله أن يلغي الفوارق الطبقية في الزواج وكذلك إلغاء التبني، وكانت بطلة هذه القصة هي زينب بنت جحش أيضًا، وهي ابنة عمة الرسول عليه الصلاة والسلام ومن شريفات قريش، وكان زميلها في البطولة، زيد بن حارثة أحد الموالي السابقين للرسول الكريم، فقد كان يدعى زيد بن محمد، حيث تبناه الرسول الكريم وهو غلام صغير.

فقد أوصى الله إلى رسوله أن يعمل على تزويج زينب بنت جحش من زيد بن محمد، ولكنها رفضت رفضًا قاطعًا بإباء وشمم فهي قرشية وهو من الموالي. 

ولذلك نزل أمر الله تعالى في قوله ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب:36)

ومن ثم خضعت زينب– على غير رغبة منها– لأمر الله، وبيتت في نفسها أمرًا جللاً، حيث أحالت حياته معها– بعد زواجه منها– إلى جحيم لا يطاق، وبالتالي فقد ذهب زيد بن محمد إلى الرسول يستأذنه في فصم عرى هذه الزيجة، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في كل مرة (أمسك عليك زوجك) واستمرت وتكررت الشكوى والنصيحة فترة طويلة إلى أن نزل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ– أي زيد- وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ (الأحزاب:37)

وبناء على الأوامر الواضحة في هذه الآية تم تطليق زينب من زيد وتزويجها للرسول الكريم، حتى يقضي نهائيًا على ظاهرة التبني بالادعاء، فقد كان محرمًا على الرجل أن يتزوج زوجة ابنه ولو كان بالتبني. وليس ذلك كما يرى البعض من أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرغب في الزواج من زينب بنت جحش قبل زواجها من زيد، مع ما يترتب على تلك الرغبة من أقاويل. 

ومن هذا يتضح لنا أن زواج النبي عليه الصلاة والسلام من زينب كان استجابة لأمر إلهي من أجل إلغاء أسلوب التبني، وما يترتب على التبني من علاقات اجتماعية.

ثم نزلت آية أخرى قضت نهائيًا على ظاهرة التبني وهي قوله تعالى ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ﴾ (الأحزاب:5)

ومن تاريخ نزول تلك الآية أصبح كل مولى يدعى باسم أبيه وليس باسم متبنيه، وأول من طبقت عليه تلك القاعدة هو (زيد) الذي أصبح اسمه زيد بن حارثة بدلا من زيد بن محمد.

وبذلك خفت حدة الفروق الطبقية التي كانت تقول (القرشي كفؤ للقرشية وغير القرشي ليس كفؤا للقرشية) وانتهت تمامًا ظاهرة الادعاء والتبني بمثال يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ (الأحزاب:37-40)

ومن جهة أخرى فقد أصبح التبني في ذمة التاريخ بعد أن أصبح محمد رسول الله فحسب، وليس أبا أحد من الناس شأنه شأن سائر الأنبياء وأي ادعاء بغير ذلك يؤدي إلى اختلاط الأنساب.

تلك هي قصة زواج زينب بنت عمة الرسول- عليه الصلاة والسلام- وما ترتب عليها من تشريعات اجتماعية، لم تصل إليها الدول المتقدمة، حيث لا تزال التفرقة العنصرية قائمة في مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية الذي يزعم أهله أنهم يعيشون في قمة الحضارة.

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

دروس من الهجــرة وما سبقها

نشر في العدد 1

769

الثلاثاء 17-مارس-1970

يوميات المجتمع - العدد 10

نشر في العدد 10

36

الثلاثاء 19-مايو-1970

النصر الأعظم

نشر في العدد 10

32

الثلاثاء 19-مايو-1970