; سورية تباطؤ في الانفراج انتكاسة. أم تخوف؟ | مجلة المجتمع

العنوان سورية تباطؤ في الانفراج انتكاسة. أم تخوف؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 27-فبراير-2001

مشاهدات 12

نشر في العدد 1440

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 27-فبراير-2001

لم تمض أشهر معدودة على بداية الانفراجة السياسية في سورية التي تلقفها الناس بشغف واشتياق كبيرين بعد حرمان استمر عقودًا، حتى صدرت إشارات توحي بالعدول عن هذا التوجه أو على الأقل التمهل فيه.. وهو ما أحدث حالة من الإحباط بين الذين تفاءلوا باقتراب تنفس سورية صعداء الحرية.

كان النشاط قد دب في جسد القوى السياسية السورية باختلاف توجهاتنا تجاوبًا مع إعلان الرئيس بشار الأسد عن اعتزامه إعادة صياغة الحياة السياسية وفق النهج الديمقراطي.. وصدر عن ألف من السياسيين والمثقفين من كل التوجهات بیان عرف به بیان الألف الذي يبلور تصورهم لما ينبغي أن تكون عليه الحياة الديمقراطية في بلادهم كما حددوا مطالبهم لتحقيق ذلك... وتبع ذلك حوار ممتد في وسائل الإعلام من شخصيات سياسية وفكرية تطرح وجهات نظرها كان بينها من يطالب بأن تكون الحرية لكل الشعب بلا استثناء ومن يؤكد على ضرورة استثناء الإسلاميين منها تحت مزاعم ومبررات خبيثة، هذا في الوقت الذي أكد فيه الإسلاميون مرارًا على أن الحرية يجب أن تكون للجميع بلا استثناء، وأن الحوار هو النهج في مناقشة القضايا وأن يكون الاحتكام للشعب هو القول الفصل في القضايا المختلف عليها، وأصدرت جماعة الإخوان في سورية- التي لا تزال تمثل ثقلًا كبيرًا في الحياة السورية- أكثر من بيان أكدت فيها رؤيتها بوضوح وكان آخرها البيان الصادر عن مجلس الشورى في دورته العادية السادسة.

وأكدت فيه رغبتها في العودة إلى العمل السياسي من داخل سورية بعدما يزيد على عقدين من إقصائها، وإبعاد قادتها إلى الخارج، وملاحقة أنصارها. وقالت الجماعة - في بيانها تقدر بوادر الانفتاح التي تجلت في المواقف الأخيرة لبعض النخب الفكرية والثقافية في سورية على اختلاف مشاربهم، والأصوات التي ارتفعت منادية بالاستحقاقات الأولية للإصلاح السياسي والاقتصادي، مضيفة أن تلك الاستحقاقات سبق أن نادت بها الحركة، وأكدت أنها الخطوات الأولى والأساسية على طريق البناء الوطني الطويل.

وشددت على أهمية أن يقف السوريون بأطيافهم كافة وقواهم الثقافية والاجتماعية والسياسية ومؤسساتهم الرسمية والشعبية وقفة صادقة مع النفس لمراجعة ذاتية تستوعب الماضي وحصاد سنواته التي خلت، وتستشرف المستقبل بكل أبعاده.

وألمح البيان إلى البطء في التعامل مع ملف المعتقلين السياسيين والمبعدين القسريين، فيما وصفه بـ "الملف الإنساني"، منبهًا إلى أن التعامل مع هذا الملف يتطلب أريحية مطلقة، تبدد من سماء سورية، وقلوب الأمهات والآباء فيه سحب الحزن والألم، والقلق والريب.

 وفي إشارة إلى الدعوات المتزايدة التي تتناول إعادة بناء الدولة السورية بعد عقود من الركود الشامل، قال البيان: إن الإنسان المكرم والمجتمع الحر، هما أول الطريق إلى الدولة الحديثة، مشيرًا إلى أن المشاركة الإيجابية الفاعلة في صنع حاضر البلاد ومستقبلها لا يتأتى في ظل حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية، أو القوانين الاستثنائية، أو الأنظمة البوليسية..

وشددت جماعة الإخوان المسلمين على حقها، ورغبتها في العودة إلى سورية الذي طالما حرمت منه، مشيرة إلى عودة تليق بجلال الوطن وتعزز وحدة أبنائه، وتفسح المجال أمام جميع قواه الحية للمشاركة في نسج العباءة السابقة، بكل ألوان طيفها الحقيقية، ومؤسساتها الواقعية.

ودعت الجماعة في بيانها إلى وضع ميثاق شرف وطني، تلتقي عليه جميع القوى السياسية والنخب الفكرية والثقافية، يشمل تقديم مصلحة الوطن العليا على كل الاعتبارات الخاصة والاعتراف المتبادل بين جميع الفرقاء على أرض الوطن بعيدًا عن سياسات الاستئصال والإقصاء والاتهام، مع اعتماد الخيار السلمي والحوار الديمقراطي، وسيلة لتحقيق الأهداف ونبذ العنف من كل مصادره وبكل أشكاله وأساليبه، وكذا العمل تحت الشمس، في فضاءات الحرية والأمن، ورفع الوصاية عن الشعب السوري، وعن قواه الحية، لتكون الدولة دولة وطنية وتكون مؤسساتها وأجهزتها للمواطنين جميعًا، وليست الفريق دون فريق.

لكن في خضم هذا النشاط من القوى السياسية السورية صدرت تصريحات عن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام في لقائه أساتذة الجامعات عن أن سورية لا يمكن أن تكون الاتحاد السوفييتي أو يوغسلافيا .. في إشارة منه إلى التحسب من التوجه الجديد...

فهل سحب النظام السوري كلامه عن الديمقراطية وعاد إلى نقطة الصفر.. أم يتجه إلى مزيد من الدراسة لتكون الديمقراطية بالقطارة وفق ما يجود به النظام ..؟؟

الإجابة تحملها الأيام المقبلة...

ولذا يظل ملف الحريات في سورية مفتوحًا على صفحات المجتمع.. تناقش من خلاله في هذا العدد.. مدى أحقية التيار الإسلامي بأن يكون أول المشمولين بتلك الحريات ورؤيا الإسلاميين لوثيقة «الألف»... بل ورؤيتهم لوضعيات القوى السياسية كافة.

الرابط المختصر :