العنوان صحة الأسرة (1270)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 07-أكتوبر-1997
مشاهدات 732
نشر في العدد 1270
نشر في الصفحة 62

الثلاثاء 07-أكتوبر-1997
ص 62 العدد 1270 لسنة 1997
صحة الأسرة
نزف الدم وتخثره.. شبكة أسرار عجيبة:
بقلم: د. عبد المطلب السح([1])
هناك الكثير من الأحداث تجري في أبداننا ولا نعلم عنها إلا القليل حتى إنه يندر أن نفكر بها.
الدم هو سائل يجري في عروقنا وهو والحياة رديفان لتدفق هذا السائل في أوعية ترد القلب وتخرج منه، وهذه الأوعية تشكل بمجملها شبكة محكمة الإغلاق رائعة التوزيع يبلغ طولها عشرات الآلاف من الكيلو مترات، والعروق أنواع: فمنها الصغير ومنها الكبير وتحوي الشريان كما تأوي الوريد وفيها المهم والأقل أهمية، ولكل عرق جدران، وللجدار طبقات تتألف من مواد عديدة وخلايا مميزة، فالجدران رقيقة في الوعاء الصغير، أما الوعاء الكبير الذي يحتوي من الدم أكثر والضغط بداخله أكبر فإن له جدارًا سميكًا متينًا، إن العرق مهم له من الحماية أكثر، فالشريان الأبهر الذي يوزع الدم لكل الجسم يقطن في أعماق الجوف، بينما الأوعية الشعرية توجد في كل مكان حتى في الجلد.
توازن الدم:
فالدم له توازن معين وإن اضطربت العناصر والعوامل التي يحتويها زيادة أو نقصانا، أو اختلت وظيفتها أدى ذلك لزعزعة التوازن والاستقرار فيزداد احتمال حدوث النزف ولو من دون جرح أو على العكس يكثر احتمال تخثر الدم «يصبح على شكل جلطات» ولكل من هاتين الحالتين مخاطر لا تحمد عقباها، فبالنزيف يفقد البدن الدم، والدم رئة وغذاء.. إنه جوهر «ثمين» وأكثر، أما الجلطات أو الخثرات فإنها تذهب في العروق لتقف حيث يطيب لها المقام سادة للعرق وبالتالي تقطع الإمدادات عن العضو الذي يغذيه العرق المسدود، فإن كان الانسداد في عروق الدماغ حدث الفالج والشلل وإن أغلقت عروق القلب فالجلطة «أو احتشاء القلب» هي النتيجة، أما الأطراف فقد تموت، وكل هذه الأمور أخطار جسام، فما الذي يحفظ توازن الدم بدقة متناهية؟
إن بطانة الأوعية الدموية «وهي الغلاف الداخلي للعرق» هي الحاجز الأول المانع للنزف وهي ملساء ناعمة فإن جرحت نزفت وإن اخشوشنت تراكم الدم عليها وتخثر، وعندما يجرح وعاء «صغير» ويحدث انكماش في موضع الجرح مانعًا النزف وتأتي عناصر تدعي الصفيحات وهي جزيئات «مجهرية» يوجد منها في الدم ما بين ألف إلى ألفي مليار واحدة وهي مهمة لحفظ العروق الصغيرة ولضبط النزف حيث إنها تشكل سدادة تسد الموقف المعطوب وتطلق مواد عديدة لها أدوار أساسية.
إن الأذية التي تصيب وعاء أكبر تتطلب عونًا من جملة أخرى، حيث إن الصفيحات لا تكفي، وانكماش العرق قد لا يؤدي المطلوب أو ربما لا يحدث، فما تلك الجملة التي تهب لنصرة أختها بجيوش جرارة تعيد الأمور إلى نصابها؟
التخثر:
إنها جملة التخثر التي تزود الوعاء بخثرة «علقة» ليفية ثابتة مستقرة، وجحافلها ثلاثة عشر، كل منها له دور ووظيفة وله من الخواص ما يميزه، وهذه العوامل تحرض بعضها في سلاسل وتفاعلات لا تحيد عنها وتتفاعل فيما بينها فيتحرك هذا وينشطر ذاك ويتفعل ذلك ليحرض آخر، إن أي اضطراب في أي منها يحدث خللًا في الجسم، وتكون هذه العوامل في الحالة الطبيعية بحالة هجوع تخلد للراحة، وتستيقظ عند إعلان حالة الطوارئ فتشهر أسلحتها في سبيل صيانة البدن، فتتأهب للدفاع في أي لحظة يطرأ خلل فيها على أوعية البدن وتوازن الدم، حيث تنطلق آنذاك مواد تحول الحمل الوديع لمقاتل شديد.
إن عملية التخثر تمر بمراحل، وعندما يحدث جرح يتقلص الوعاء، وتلتصق الصفيحات على الجرح وبنفس الوقت فإن عناصر جملة التخثر بعد آلاف التفاعلات المعقدة تشكل شبكة من الألياف تترسب الصفيحات في عيونها.
تشكلت الخثرة وتم إرقاء النزف فما الذي يوقف جملة التخثر عند حدودها؟
لا يجوز التمادي فلكل فيلق حدوده، وعند وصول الأمر بر الأمان تتدخل فرق لتكبح جماح التخثر وهي جملة المثبطات التي تتألف من مواد ثلاثة على الأقل وكذلك الجملة الحالة للألياف التي تشكلها مواد عديدة، وعمل هاتين الجملتين منع تشكيل علقات أكثر من اللازم وكذلك العمل لإزالة العلقة عند شفاء الجرح والتئامه، ولنذكر أن كل هذه العناصر تكون في حالة راحة ويحفزها للعمل حدوث الخثرات والجلطات.
إن الأوعية والصفيحات وعوامل التخثر والمواد المضادة لها توجد بقدر يتلاءم مع توازن دقيق لا خلل به، ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ (الرعد: 8)، إن أي اضطراب تنعكس آثاره سلبًا على البدن، فعملية التخثر تشتمل على تفاعلات وأحداث بالألوف في كل لحظة، وذلك من أجل الحفاظ على الدم، ولكن لسلسلة التخثر طاقات تقاوم ضمنها وإذا ما طفح الكيل ظهرت أعراض المرض.
أمراض جملة أرقاء النزوف:
هناك من الأمراض ما يجعل بعضًا من تلك العناصر مضطربًا وهي أمراض منها الخفيف سهل العلاج، ومنها الخطير الذي يستدعي إجراءات طبية حاسمة، إن من الأمراض من لا يُبقي على شيء من عوامل التخثر فيذر الدم في مهب الرياح عرضة للنزيف، ومنها على النقيض ما يؤدي لتكون جلطات تسد العروق، ولنذكر أن من الأمراض ما يجعل الدم مائعًا أكثر من اللازم، من هذه الآفات ما يولد مع الإنسان، ومنها ما يكتسبه خلال حياته.
قد تمتد يد الإنسان لتساعد جملة الأرقاء فهناك أمراض تتطلب أن يكون الدم بحالة ميوعة أكثر فنعطي الأدوية المثبطة للتخثر لوقاية المريض من كوارث أكبر.
إن البدن ككل يساهم في سلامة هذا التوازن المحكم فلا نزف ولا تجلط، والحمد لله الذي أبدع هذا النظام الفريد.
العقم.. أنواعه وأسبابه وعلاجه:
أرسل القارئ س. مباركي من الجزائر بلدية أولاد عمار ولاية باتنة، يطلب حلًا لمشكلة صحية يعاني منها وهي أنه عقيم ويريد أن يعرف هل بإمكانه الإنجاب أم لا قبل أن يقدم على الزواج بفتاة؟ ويقول أيضًا إنه منذ ولادته لم تكن خصيتاه في موضعهما الطبيعي «الصفن» وقد أجريت له عملية إنزال الخصية اليسرى لموضعها وكان عمره وقتها سبعة عشر عامًا وقد تم استئصال الخصية اليمنى في سن الثالثة والعشرين لأنها لم تكن صالحة «على حد تعبير القارئ»، وتم فحص المني فكانت النتيجة سالبة.
لقارئنا العزيز نقول إنه بعرض مشكلته على الدكتور محمد حجازي أفادنا بما يلي: إننا قبل أن نتحدث عن المشكلة المعروضة يجب أن نلقي الضوء على علم الأجنة الذي يبين لنا أن الخصى تنشأ عند المنطقة الفاصلة بين التجويف الصدري والتجويف البطني على جانبي العمود الفقري «الصلب»، ثم تتحرك الخصى لأسفل على جانبي العمود الفقري أثناء الحياة الجنينية إلى خارج التجويف البطني لتستقر في كيس الصفن، حيث وجد أن عملية إنتاج النطاف واكتمال نضجها لا يتم إلا في درجة حرارة أقل من حرارة الجسم، وللسب نفسه نجد أن الخصى تنكمش وتقترب من الجسم في فصل الشتاء، حيث تنخفض درجة حرارة الطقس وتصبح غير ملائمة لعملية تكوين النطاف، فتنكمش وتقترب من الجسم في محاولة للاستفادة من الحرارة التي يشعها الجسم للسير بعملة إنتاج النطاف على أكمل وجه.
وقد تتوقف الخصى عن إكمال مسيرتها إلى خارج الجسم لسبب أو لآخر يترتب على ذلك بقاء الخصيتين داخل الجسم متعرضة بذلك لدرجة حرارة غير مناسبة لعملية تكوين النطاف مما يسبب العقم لهذا المريض، «حيث إن مصنع إنتاج النطاف قد تم تدميره بحرارة الجسم»، وهذه هي الخصى المعلقة أو الخصى الهاجرة.
وإذا ما كان احتجاز الخصى في البطن كاملًا فلا يمكن إعادتها إلى موضعها الطبيعي، ولا يمكن إعادة إفرازها للهرمون الذكري، وعندها تظهر على المريض ملامح الأنوثة، وليس هناك علاج مؤكد للعقم في هذه الحالة، ويجب استئصال مثل تلك الخصية لأنها قد تتحول إلى نسيج سرطاني.
أما إذا كان الاحتجاز جزئيًا كأن تتوقف الخصى ما بين الصفن والحالب فإن الرجل يحافظ على رجولته وفحولته، ولكن عدد النطاف يكون قليلًا فيسبب عقمًا يصعب علاجه، ويكون العلاج إنزال الخصية للصفن بعملية جراحية مبكرة وذلك بين سن الثانية والخامسة من عمر الطفل.
ونعود إلى القارئ العزيز من الجزائر.. لقد كانت العملية الجراحية التي أجريت لك لإنزال الخصية اليسرى في سن السابعة عشرة متأخرة، فلقد أجريت لك بعد أن فقدت الخصية القدرة على إنتاج النطاف ولذلك كانت نتيجة تحليل المني ونتيجة عملية الخزع «Biopsy» هذه الكلمة Azoospemia والتي تعني فقد النطاف أي لا توجد نطاف بالمرة مما يسبب عقمًا مستديمًا لا علاج له.
أخي القارئ: هذا قدر الله قدره لك فكن راضيًا بما قسم الله لك، وأنصحك بمصارحة فتاتك التي تريد الزواج بها، ولا تخدعها واترك لها حرية الاختيار بعد ذلك.
أما إذا كنت شغوفًا بأن يكون لك ولد، وأنت إن شاء الله إنسان متدين وملتزم فلتفكر في كفالة يتيم فقد ترى فيه ضالتك عندما تحسن تربيته ورعايته معنويًا وماديًا وسوف تشعر بمدى السعادة التي سوف يجلبها عليك هذا الأمر، وبذلك تكون قد أصبت في الدنيا والآخرة، والرسول الكريم يقول في الحديث الشريف: «أنا وكافل اليتيم كهاتين»، أو كما قال صلى الله عليه وسلم في الجنة.
إصابة الأطفال بمرض السكر.. الأسباب والعلاج:
بقلم: د. صفاء العيسى([2])
من الضروري أن يعرض الوالدان طفلهما على الطبيب المختص عند ملاحظتهما نقصًا حادًا في وزن ابنهما وكثرة تبوله وشربه للماء، حيث من المحتمل إصابته بمرض السكر.
وإصابة الطفل بمرض السكر تعود إلى أسباب كثيرة منها: اضطراب جهاز المناعة عند الطفل، وبالتالي فإن الجسم يبدأ من تلقاء نفسه بتدمير خلايا البنكرياس، وهنك سبب وراثي مثل إصابة أحد أقاربه بهذا المرض من قبل، أو إصابة الطفل بفيروس الحصبة الألمانية بسبب التهاب غدة البنكرياس.
وأعراض داء السكر هي نقص في الوزن، وكثرة التبول، وشدة العطش، والتهاب المهبل، الحكة الشديدة فيها، وكذلك التهاب المجاري البولية.
وتبيَّنَ أن حالة ارتفاع نسبة السكر في الدم عند الطفل قد تسبب فقدانًا لوعيه وتيبسًا شديدًا في الفم مع برودة الأطراف وسرعة في التنفس.
وينصح لعلاج طفل مصاب بداء السكر اتباع ثلاثة أمور مهمة وهي:
1- تثقيف الأهل والطفل حول المرض وأهمية استمرار العلاج طول العمر، الأمر الذي يحدث عادة صدمة نفسية للأهل كون طفلهم مصابًا بمرض يحتاج إلى علاج لا يتوقف.
2- الأنسولين وهو الدواء الوحيد «أو الهرمون» الذي يخفض نسبة السكر في الدم ويُعطَى عن طريق الإبر تحت الجلد أو بالعضل مرتين في اليوم.
3- الغذاء وذلك باتباع طريقتين هما:
أ- تغذية الطفل بكل شيء وإن زادت نسبة سكره في الدم يعطى كمية أكبر من الأنسولين.
ب- تحديد كميات النشويات والسكريات التي يأخذها الطفل وهذه الطريقة الأكثر شيوعًا.
وعلى أولياء أمور الأطفال المرضى بالسكر تقليل السكريات في الأكل مثل: الخبز والحلويات والمشروبات الغازية، وجعل هذه المشروبات بدون سكر إلا إذا كان اصطناعيًا، وممارسة الرياضة البدنية المنتظمة بهدف إقلال الشحوم وخفض كمية السكر في الدم بصورة مستمرة.
ولا بد للطفل المريض من عمل تحليل للدم يوميًا مرة واحدة إلى مرتين لمعرفة نسبة السكر فيه، وهي أفضل من الطريقة القديمة التي تعتمد على تحليل البول، علمًا بأن حالة الطفل ستتحسن كثيرًا عند بدء استعمال الأنسولين ويجب تشجيع طفلهم على أخذ العلاج.
والجدير بالذكر أن داء السكري يعني زيادة كمية السكر، وذلك بسبب انعدام الأنسولين الذي تفرزه غدة البنكرياس لإحباط كمية السكر في الدم.
ويأتي السكر من النشويات والسكريات في الأكل وكثرته بعدم وجود الأنسولين يجعل الكلى تفرز هذه المادة عن طريق البول، وبالتالي يتبول الطفل المصاب بكثرة مع كثرة شرب الماء لشدة العطش، ويسبب أيضًا ضعفًا وفقدًا في وزنه في الأيام الأولى من إصابته.
([1]) أخصائي أول أمراض أطفال بمستشفى الحمادي- الرياض.
([2]) استشاري الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى الحمادي. الرياض.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

الدكتور عبد الرزاق العدواني يقول: التوعية الصحية دائمًا سلاح ذو حدين!
نشر في العدد 55
16
الثلاثاء 13-أبريل-1971
