العنوان صفحة الطالب (العدد 82)
الكاتب بأقلام القراء
تاريخ النشر الثلاثاء 19-أكتوبر-1971
مشاهدات 67
نشر في العدد 82
نشر في الصفحة 23
الثلاثاء 19-أكتوبر-1971
صفحة الطالب
عبقرية خالد..
مما لا شك فيه أن سلسلة العبقريات التي كتبها –العقاد-، هي واحدة من أهم المراجع الإسلامية في التاريخ الحديث.
بيد أن لنا على كل منها بعض الملاحظات، والمخالفات الفكرية.. الذي يهمنا في هذا الباب أن نوضح الخلاف الفكري في عبقرية -خالد- بصفتها من المقررات المدرسية:
• أولًا: جعل –العقاد- من عبقرياته الإسلامية، وغيرالإسلامية حقلًا لتطبيق نظرياته وآرائه -الخاصة- في الفرد.
وجعله الأساس بشيء من المبالغة والإسهاب، متأثرًا ببعض الاتجاهات الفكرية الأوروبية.
وقد يصح هذا في العبقريات الغربية -كفرنكلين وياكون-، ولكنه لا يصح مطلقًا في الشخصيات الإسلامية، إذ إن الشخصية الإسلامية وليدة التأثير العقائدي قبل كل شيء...
فخالد بن الوليد -رضي الله عنه- وليد الإسلام، قبل أن يكون وليد البادية العربية وقريش ومخزوم والوليد بن المغيرة!!
وعبقرية –خالد- ضرب من التوفيق الرباني وعرق من أصالة الإسلام، قبل أن تكون وليدة التدريب الحربي، والعرق، والأصالة، والبيئة!!
ثانيًا: أخطأ –العقاد- عندما أتم بناء عبقرية –خالد- بلبنات جاهلية، فلمَّح بين طيات كتابه بالآتي:
(أ) كانت عبقريته ضربًا من الفطرة العربية، المفطورة على المصارعة والمقارعة وتحمل الصعاب والتعرف على المهامه والمخاوف.
(ب) بدت عليه ملامح العبقرية وهو صغير فرشحه أبوه لقيادة مخزوم، وأُعطِي قيادة الميمنة في غزوة أُحد التي كان فيها السبب الأول في الانتصار «المؤقت» لقريش.
(ه) رشحه قومه لاستلام الأعنة والقيادة العامة..
ففي كل ما سبق، إشارة إلى أن خالد -رضي الله عنه- قد وصل إلى الإسلام عبقريًا، وهذا ما أنكره.
وإلا فلماذا لم ينبغ الآخرون من مخزوم؟! لماذا لم ينبغ إخوته العشرة؟ لماذا اختارت الأيام –خالدًا-؟ وما هي الأسباب التي جعلته سيفًا من سيوف الله؟!
لا بد وأننا سنقول دون تردد: إنه الإسلام، ونظرات الرسول -عليه السلام- وصنيعه بأصحابه.
ثالثًا: رَكَزَ –العقاد- بشيء من الإسهاب، والمبالغة على دور أسرة –خالد- في بناء عبقريته، فجعل المرد بذلك لأصالة أمه، وأبيه، وجده، وأعمامه، فكأنما أراد أن ينيط العبقرية بالبيئة.
وهذا قد لا يكون خطأ، ولكن من الخطأ أن يسرد كقاعدة، فقارئ العبقرية يلاحظ أن –العقاد- قد بدأ من المحيط العربي الكبير، ودخل إلى قريش، فمخزوم، فالمغيرة، فالوليد، فالفاكهة ،فهشام، فلبابه، فالعبقرية... وهذا -بنظري- منافٍ للفكر الإسلامي أو على الأقل لا ينطبق على -خالد بن الوليد-.
عبرة...
هَزِئ َأرنب من سلحفاة لمشيها البطيء، وقهقه الأرنب قائلًا بإنه يرغب في الدخول في سباق معها، وذلك في أي يوم تختاره، ظانًا أنه «سيتغلب عليها بالحتمية المطلقة»!
وأخيرًا اتفق الفريقان على إقامة السباق في نفس اليوم.
وبدأت السلحفاة بالسيرغيرمتلكئة في سيرها أية لحظة، أما الأرنب «المغرور» فقال لنفسه:
«لا خوف من السلحفاة، فلأذهب للنوم بعض الوقت، وبعد ذلك سأهب مسرعًا وأسبقها!».
خلال ذلك «وعندما كان الأرنب يغط في نوم عميق»، كانت السلحفاة على أبواب الهدف! «وهبَّ» الأرنب!!!، وانطلق إلى الهدف ليجد أن السلحفاة البطيئة قد وصلت قبله.. يا لغبائه.. لقد كان مغرورًا!!
إليك يا صديقي القديم أسرد هذه العبرة!!
من مذكرات طالب:
التوبة:
... سأعيش في كهف بعيد، على شجرة من الرطب وعلى ماء جعفر عجوز، وسأثبت هناك.. مهما كانت التضحيات فادحة، والأمر جلل، حتى ولو كان الثبات في حفرة من الدماء، وتحت الدماء جماجم حتى ولو كانت جماجم من عرفتُ من البشر، من أحببتُ من البشر!! من خدعتُ به من البشر!! سأعود إلى الله قابل التوبة.. فقلبي قد تحرر من رق المادة، من حنين الأرض، وانطلق لفسحة السماء يستمع للترنيمات الملائكية، للفجر الجديد.. قلبي قد تمرد على مدلليه، على قاتليه بزيف الحضارة وسم الكأس الفائر!! وجسدي قد نضته العبادة، لم يعد ذلك الجسد الجاحد المعربد، الطروب إلى الدف، العزوف عن الخير، المهرول للرذيلة، جسدي قد تفتحت فيه عيون ورؤى إلى السماء!!..
أرى أن من السماء هاتفًا، وملكًا يفتح لي ذراعيه يقول لي بحنان: «مرحبًا بالتائب الثابت، أنت منا، مقامك عند ربك مكين طوبى للتائبين».
وأعاهد ذلك الملك، ما أجمل ذلك الملك وما أجمل التوبة!!.
كلمة...
مسئولية المعلم أمام الله:
كثيرًا ما تتردد على شفاه بعض الأساتذة، بعض الكلمات التي لا تناسب مسئولياتهم!
وباعتباري من الطلبة المتحرين لمثل هذه الكلمات، فقد عمدت لسرد بعضها بنفس النص الذي قيلت فيه:
• «الصلاة، ربنا مسامح كريم».
• «حدیث ضعیف؟ وإيه يعني؟ ده يناسب العقل».
• «اجلس لا أريد سماع هذه الآراء!».
• «الدين عند الشيخ، احنا بندرس رياضة».
• المشايخ، كل واحد لحيته أد المكنسة دول الله أعلم...».
وأظن أن إخواني الطلاب يفهمون القصد من تلك العبارات دون التبيين، لأنهم من أصحاب هذه البيئة!!. والذي أطالب به هو أن يشعر المعلم بمكانته في المجتمع، أن يشعر بمسئوليته أمام الله، فهو قائد سفينة الشباب إلى بر الأمان، فكيف به إذا كان لا يعرف بر الأمان!!.
إنني أقف بحرج شديد، أقول إن المعلم -حتى الآن- لم يتعرف على مسئولياته الجسام، لم يعلم أن تلميذه سيأخذ عنه كل كبيرة وكل صغيرة، أنه يستطيع بآرائه وأفكاره -إلا من رحم ربي- وسيكون صورة له، إن كانت خيرًا فخير وإن شرًا فشر.
إنني أناشد المعلمين -وبخاصة الذين يدرسون المواد الأدبية والدينية- أن يشعروا بالمسئولية أمام الله أولًا، وأمام الإنسانية ثانيًا، فهم معدون لذلك، ولذلك فقط، وإلا فلا حفظت الأرض ولا رعت السماء!
أحمد طحان
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل