; نحو موتة شريفة(١).. كيف سيكون مشهد نهايتي؟ | مجلة المجتمع

العنوان نحو موتة شريفة(١).. كيف سيكون مشهد نهايتي؟

الكاتب حمدي شعيب

تاريخ النشر السبت 18-أغسطس-2007

مشاهدات 16

نشر في العدد 1765

نشر في الصفحة 54

السبت 18-أغسطس-2007

 فلنسرع إلى رحلة التغيير والنجاة رغبا في الجنة من النار 

 الاجتهاد في مراجعة النفس كل فرد مسؤول عن صياغة حياته ومستقبله.. وأصل كل التغيرات ينبع من النفس.

لقد أخبرنا الحبيب ﷺ عن الدنيا وما فيها، وقدرها في ميزان الآخرة إنها لحظات معدودات على طريق رحلتنا.

 وينصحنا ﷺ ألا ننشغل بلحظات القيلولة الدنيوية.. وننسى كيف ستكمل مشوار رحلتنا إلى النهاية، وما وراءها من مصير وخلود فيقول ما لي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة في يوم صائف ثم راح وتركها، (1)

فنعيش دومًا مترقبين النهاية، الذي يعيش مترقبًا النهاية يعيش معدًا لها، فإن كان معدًا لها، عاش راضيًا بها فإن عاش راضيًا بها، كان عمره في حاضر مستمر كأنه في ساعة واحدة يشهد أولها ويحس آخرها فلا يستطيع الزمن أن ينغص عليه مادام ينقاد معه وينسجم فيه غير محاول في الليل أن يبعد الصبح ولا في الصبح أن يبعد الليل ( ۲).

 إنها آخر المطاف.. إنها النهاية المجهولة المعلومة فهي النهاية المجهولة لأننا لا نستطيع ولا تملك إجابات شافيات لهذه التساؤلات الحائرات عنها متى؟ وأين؟ ثم وهو الأخطر: كيف ؟ لأن هذه التساؤلات علمها عنده سبحانه، ولأنها من الغيبيات وهي النهاية المعلومة لأننا أخبرنا أن هنالك ملكًا سيقبض أرواحنا ثم نبعث فيجازينا سبحانه على أعمالنا، 

هكذا علمنا وقدر لنا، ولا مناص.

 وقفة مع النفس 

لهذا علينا أن نجتهد في وقفة مراجعة مع النفس، ويكون شغلنا الشاغل وهمنا هو إجابة جادة على هذين السؤالين:

 الأول: كيف سيكون مشهد نهايتي؟ 

«إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنَّهُ لَمَنْ أهل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنَّةِ وَإنَّهُ لَمَنْ أَهْل النَّارِ، وَإِنَّمَا الأعمال بالخواتيم» ( ۳)، فلا تكون بغفلتنا من الذين استغربهم سلمان، وقيل أبو الدرداء رضي الله عنهما، فقال:

ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني

 ١-مؤمل الدنيا والموت يطلبه.

 ٢- وغافل وليس يغفل عنه!

٣-وضاحك ملء فيه ولا يدري: أساخط رب العالمين عليه أم راض؟

وثلاث أحزنتني حتى أبكتني 

١- فراق الأحبة: محمد وحزبه.

٢- وهول المطلع.

٣-والوقوف بين يدي الله -عز وجل- ولا أدري إلى الجنة يؤمر بي أم إلى النار؟! 

الثاني: هل لي من دور في صياغة هذا المشهد ( ٤) 

هنالك رؤية قرآنية تطمئننا أن أي تغيير ممكن بعد الاعتماد على الله سبحانه، فنجد البيان:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ﴾ (الرعد: ١١).

 وهو دعوة إلى الإيجابية والعمل، لأن أصل كل التحولات والتغيرات ينبع من النفس ومن القناعة الداخلية بضرورة التغيير ومسؤولية كل فرد في صياغة حياته ومستقبله، 

إذن حسن الخاتمة والنجاة تكون في محاولة إجادتنا لفن إحسان خاتمتنا فنكمل ما تبقى من رحلتنا مرتكزين على دعامتين هما جناحا العبادة وهما الخوف والرجاء ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ (الأنبياء: ٩٠) 

رباعية وخماسية 

فلتسرع إلى رحلة التغيير والنجاة، رغبًا في حسن الخاتمة، وفي الفوز بالجنة ورهبًا من سوء الخاتمة ومن النار.

 ولنبدأ بالنظر إلى رحلتنا بمنهجية علمية من زاويتين:

الأولى: هي نظرة الجاهل بنهايته ومصيره، والذي لا يأمن مكره سبحانه فيلهب ظهره سوط الرهبة والخوف والخشية الدائمة من سوء الخاتمة.

 والثانية: هي نظرة العالم يقينًا بما سيحدث له وذلك على منهجية رباعية المراحل:

  1. يستشعر مسؤوليته الفردية عن نهایته.

٢- فيسرع إلى العلم ويسأل ليفقه ويبحث في عوامل حسن الخاتمة.

٣- ثم يبادر إلى العمل فيفعل ما يوجب حسن الخاتمة.

٤- ثم يلجأ إلى سلاح الدعاء فيسال الحق سبحانه ويتضرع إليه في كل سكناته أن يمن عليه ويوفقه ويثبته في اجتهاده من أجل حسن الخاتمة، فيملؤنا الرغبة والرجاء في رحمته -سبحانه- وكما سترنا في الأولى فلن يفضحنا في الأخرى.

 بهذا النظر الذي وراءه التذكر، الذي وراءه التقوى التي وراءها الله، هذا وحده هو القوة التي تتناول شهوات الدنيا فتصفيها أربع مرات حتى تعود بها إلى حقائقها الترابية الصغيرة التي آخرها القبر، وآخر وجودها التلاشي ( ٥).

 وكما كان النظر بمنهجية علمية، فكذلك تبدأ السير العملي بمنهجية عملية خماسية الخطوات (سنتحدث عنها في العدد القادم -بإذن الله-) حتى يوفقنا سبحانه إلى الوصول إلى محطة حسن الخاتمة بسلام، 

---------------------------

الهوامش

( ۱) مسند الإمام أحمد ( ۲۹۹۱).

( ۲) وحي القلم: مصطفى صادق الرافعي ٠٧٥/١.

( ۳) رواه البخاري ( ٣١٧٦٨).

( ٤) كتاب الموت- سكرات الموت وشدته- وحياة القبور حتى النفخ في الصور: أبو حامد الغزالي، من المقدمة لعبد اللطيف عيسى عاشور ص 9- الرقائق: محمد أحمد الراشد ص ١٠٥- عن كتاب الزهد ابن المبارك ص ٨٤ و٠٥٥٤

( ٥) وحي القلم: مصطفى صادق الرافعي ۱۹۸/۲.

الرابط المختصر :