; لقاءات المجتمع - مع .. وفد يوغندا الإسلامي | مجلة المجتمع

العنوان لقاءات المجتمع - مع .. وفد يوغندا الإسلامي

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 04-يوليو-1972

مشاهدات 15

نشر في العدد 107

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 04-يوليو-1972

لقاءات المجتمع

مع .. وفد يوغندا الإسلامي

خلال الأيام الماضية، خرج من يوغندا وفد يمثل المسلمين الأوغنديين ليلتقي بمسلمي العالم ويتعرف على بلاد الإسلام ويكشف للكثيرين عن الوجود الإسلامي العريق في قلب القارة السوداء.

حيث عاش المسلمون الأفارقة خلف أسوار الاستعمار وحواجزه مئات السنين، يواجهون مؤامرات التذويب والاستيعاب والغزو الحضاري بالرفض والصمود والثبات على العقيدة.

وقد التقى مندوب «المجتمع» برجال الوفد خلال زيارتهم للكويت.

ووجود الإسلام في يوغندا أمر طبيعي، فهي تقع في ملتقى الشرق الإفريقي بالوسط وتربط السودان منفذ الحضارة الإسلامية إلى القارة بأواسط القارة الإفريقية وشرقها الإسلامي. لذلك لم يكن غريبًا أن يصبح الإسلام هو الدين السماوي الوحيد الذي دخل يوغندا قبل قدوم الاستعمار البريطاني.

وأعطى الطابع الحضاري الأول لتلك المجتمعات البكر وأخرجها من البدائية والجاهلية إلى هدي الإسلام ونوره.

ومع مجيء الاستعمار، جاءت النصرانية وتحت حمايته وجبروته انتشرت وفرضت وجودها، وكان طبيعيًا أن ينحسر مركز المسلمين ويتقهقر حتى أسدل الستار على وجودهم وأصبحوا شعبًا منسيًّا، ولعل وجود الوفد الرسمي لمسلمي يوغندا بيننا هو إحدى النتائج المشهودة على تحسن أوضاعهم الآن.

والوفد مكون من الشيخ عبد الرزاق أحمد رئيس القضاة، والسيد أحمد سليمان رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، والسيد خميس صافي مدير الشؤون الدينية بالجيش. وكانت فرصة طيبة لننقل لقراء «المجتمع» صورة جديدة عما يجري هناك.

سألت الشيخ عبد الرزاق:

• باعتبار أن السيرة الشخصية لكل مسلم تلقي ضوءًا على الظروف التي يعيشها مجتمع المسلمين في يوغندا، فهل تسمح فضيلتكم أن نعرف شيئًا عنكم؟

ـ تعلمت في بلدي يوغندا حتى المدرسة الثانوية في مدارس الفلاح الإسلامية التي أسسها السيد جمعة تامسان من مسلمي يوغندا، وكان مديرها الشريف محمد عبد الرحمن الجفري، أحد المسلمين الحضارم. ثم عملت بالتدريس في بعض المدارس الإسلامية لمدة 5 سنوات حيث تركت التدريس وعملت بالتجارة. في عام ١٩٥٧ حصلت على منحة دراسية ورحلت إلى الباكستان وأمضيت ٥ سنوات في جامعة «دار العلوم الإسلامية»، وعدت إلى يوغندا ومعي ماجستير في الشريعة الإسلامية.

·       هناك أسست مدرسة إسلامية ثانوية كنت أرسل خريجيها إلى جامعات الأزهر والمدينة والباكستان. وفي هذا العام، عُقد المؤتمر العام لمسلمي يوغندا، واختارني المجلس الأعلى رئيسًا للقضاء في يوغندا، ومن ثم، بدأت نشاطي بتأسيس المركز الإسلامي في كمبالا، وتأسيس فروع له في جميع المناطق الإقليمية في يوغندا.

- فضيلتكم، هل تعتقد أن المؤسسات القضائية والقضاء، بصفة خاصة، لعبوا دورًا هامًا في جمع المسلمين وتوعيتهم والحفاظ على شعائرهم الدينية والاجتماعية أيام الاستعمار؟

ـ في تلك الفترة، لم يكن للقضاة الوجود الرسمي المعترف به، وكان الناس -في قضايا الأحوال الشخصية المختلفة- يرجعون إلى بعض المشايخ. وإذا عرفنا أن المجتمع الإسلامي كان موزعًا إلى فرق ومذاهب مختلفة، فقد كان لكل جماعة مشايخها، إذًا فالقضاء لم يكن له دور ملحوظ في توحيد المسلمين وتقوية كيانهم.

معنى ذلك أن قانون الأحوال الشخصية لم يكن قانونًا رسميًا في محاكم الدولة؟      

ـ كلا، لم يكن له أي وجود في المحاكم، ولكن الآن، فإن الرأي يتجه إلى الاعتراف به من قبل الدولة بعد الاعتراف بالمجلس الإسلامي الأعلى.

- هل تكونت محاكم إسلامية رسمية الآن؟

ـ ليس بعد، ولكن سيكون هذا أول عمل نقوم به في المستقبل القريب، إن شاء الله، وسنعد القضاة المؤهلين للقيام بهذا الدور.

- فضيلة الشيخ، نحب أن نعرف عن دخول الإسلام ليوغندا وعن تاريخ المسلمين فيها؟

ـ بدأ الإسلام ينتشر في يوغندا حوالي عام 1818م كأي بلد آخر في شرق وغرب أفريقيا. فقد تسرب الإسلام مع قدوم التجار والنازحين المسلمين الذين تأثر بهم المواطنون لما رأوه من رقي الخلق وبساطة الدعوة وعظمة العقيدة. ولم يكن أولئك التجار الحضارم مبشرين محترفين، وإنما كانوا شأن أي مسلم حقيقي، مثالًا حيًا لسماحة الدين الإسلامي. فانجذب إليهم السكان وأسلموا على يديهم إعجابًا وإيمانًا.

وقد جاء هذا المد من الساحل الشرقي، حيث أصبح للإسلام قوة منيعة ونفوذ شامل،  وبإسلام بعض الملوك الأفارقة في يوغندا، بسط الإسلام سيطرته وأصبح دين المستقبل.

ولكن بمجيء الاستعمار الغربي، أصبح التبشير النصراني، والذي نشط من مركز القوة، هو الاتجاه المسيطر، وأغرى بعض الملوك بالارتداد عن الإسلام، وحدثت فتنة كبرى أعقبتها حرب أهلية دامية استشهد فيها العديد من المسلمين. من يومها أصبحت النصرانية هي الدين الأكثر انتشارًا.

وتخلّف حال المسلمين -وجميع المسلمين من الأهالي في يوغندا على مذهب السنة- لكن يوجد القليل جدا ًمن الشيعة الإسماعيلية بين الأجانب وبالتحديد الباكستانيين. أما القاديانية، فلا يوجد لها أي أثر واضح.

ثم توجهت بأسئلتي إلى السيد أحمد سليمان، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى وهو الوحيد من بين أعضاء الوفد يتحدث الإنجليزية

 أما بقية أعضاء الوفد فإنهم يجيدون اللغة العربية ويتحدثونها بطلاقة مذهلة، إلى جانب إجادتهم للغات أخرى.

 والسيد أحمد سليمان شخص مثقف درس في تابورا بتنزانيا وبعد تخرجه انضم إلى الشرطة اليوغندية وعمل فيها مدة ١٢ سنة، تقاعد بعدها ليشتغل بالأعمال الخاصة والتجارة ثم التحق بوظيفة عالية في وزارة التجارة، وحينما كون الرئيس عيدي أمين المجلس الإسلامي الأعلى انتخبه مسلمو يوغندا في مؤتمرهم الأخير رئيسًا للمجلس الإسلامي الأعلى ويقوم الآن بإدارة شؤون المجلس.

·        هل يمكن أن تحدثنا عن منظمتكم؟

ـ إن المسؤولية المناطة بالمجلس الإسلامي متعددة الجوانب ومن الصعب تحديدها لأننا يجب أن نعتني بكل شؤون المسلمين. إلا أننا في مرحلة البداية نحصر أنفسنا في النهوض بحالة المسلمين، وكما تعلم، فنحن خلال العصور الماضية ظللنا «بتدبير» في وضع متخلف عاقنا عن النهوض بأنفسنا وعن القيام بدورنا في خدمة الدين الإسلامي. ونركز الآن بصفة رئيسية على النهضة التعليمية والاجتماعية.

في الجانب التعليمي، سنهتم بالتعليم الديني والمدني على السواء وسنجعل التعليم إجباريًا لأبناء المسلمين في المرحلة الأولية.

وسنقدم لهم كل عون لرفع مستواهم الاجتماعي، بتوحيدهم وتنسيق جهودهم وتقديم الخدمات الاجتماعية وربطهم بالعالم الإسلامي. ومن ناحية أخرى، سنرعى مؤسساتهـم الاقتصادية والتجارية ونقدم لهم المساعدات ليبنوا أنفسهـم اقتصاديًا وماليًا عن طرية المشاريع الخاصة.

·       هل تعتقد سيادتكم إذا قدر لتنظيمكم النجاح في تعزيز الوجود الإسلامي في يوغندا أن تلعبوا دورًا مؤثرًا في مساندة مسلمي شرق أفريقيا خصوصًا في المناطق التي يواجهون فيها اضطهادًا وتضييقًا؟

ـ ليس في ذلك شك. بل نحن نطمع في خدمة مسلمي القارة كلها خصوصًا الأقليات الإسلامية الموجودة في جميع أقطار الوسط الأفريقي والجنوب، بل إن طموحنا يذهب إلى التفكير في مساعدة مسلمي أمريكا اللاتينية وجزر المحيط الهندي، وقد تباحثنا مع بعض المسؤولين في العالم العربي حول الدور الذي يمكن أن نقوم به لنشر الإسلام في أفريقيا.

وكان من بين أعضاء الوفد الأستاذ خميس صافي، مدير الشؤون الإسلامية بالجيش، وهو أصغر أعضاء الوفد سنًا ويتحدث العربية التي تعلمها في بلده يوغندا، إلى جانب معرفته باللغة الإنجليزية والأردو.

والسيد خميس صافي كان ضابطًا في الجيش بعد أن تخرج من المدارس الإسلامية في يوغندا وأمضى مطلع حياته العملية في العمل بالتدريس.

والتقليد في يوغندا أن يكون رجال الوعظ الديني من الذين عملوا بالخدمة العسكرية، لذلك فقد اختير السيد خميس من بين ضباط الجيش المسلمين ليصبح مديرًا للشئون الإسلامية في الجيش.

·       ما هي طبيعة وظيفتكم؟

أجاب -الجيش اليوغندي- يتكون من عناصر دينية مختلفة وفي الغالب من المسيحيين والمسلمين وقد خصص لكل مجموعة دينية مشرفون دينيون للإشراف الديني والإرشاد والتوجيه.

وكما للمسلمين قسم خاص بالإرشاد الديني كذلك بالنسبة للمسيحيين -ويوجد عندنا في كل معسكر- مرشد ديني يعلم الجنود تعاليم الإسلام ويهتم بترقية مفاهيمهم الدينية ويقوم بالوعظ والتوجيه والاهتمام بالسلوك العام للجنود وتربيتهم على حب الخير واستقامة النفس.

وقال السيد أحمد سليمان: إن المجلس الإسلامي الآن يضم ٣ ملايين ونصف يوغندي من مجموع السكان البالغ ١٠ ملايين وأنهم إذا قدر لهم أن ينجزوا المشاريع التي يأملون في تنفيذها فسيكون للإسلام شأن جديد في المنطقة - وقد شملت جولة الوفد مصر وليبيا والجزائر وسوريا والأردن والسعودية وأخيرًا الكويت- وقد وجدوا تفهمًا كبيرًا من المسؤولين القائمين على أمر الدعوة الإسلامية ومسؤولي الجامعات الإسلامية ورابطة العالم الإسلامي.

وقد ودعنا أعضاء الوفد الشقيق ونحن أكثر أملًا وثقة بمستقبل الإسلام في العالم الأفريقي.

الرابط المختصر :