; ماذا في سوريا ومصر؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا في سوريا ومصر؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 25-مارس-1980

مشاهدات 20

نشر في العدد 475

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 25-مارس-1980

لعله مما يلفت النظر أن أبرز عناوين التقارير الصحفية والمقالات السياسية التي زخرت بها صحافة الكويت المحلية طيلة أيام الأسبوع الماضي كانت تتمحور حول ما يدور في بلدين شقيقين من بلدان العالم الإسلامي بشكل خاص، ولم يعد سرًا أن هذين البلدين هما سوريا ومصر، حيث إن الصحافة المحلية في الكويت على ما يبدو، وجدت أنه لا مناص من الحديث عما يجري في كلا القطرين الشقيقين المسلمين.. فالظروف هنا وهناك، وإن هي اختلفت من حيث السياسة على المستويين الداخلي والخارجي للنظامين الحاكمين في دمشق والقاهرة، إلا أنها ما زالت تكشف في كل يوم يمر عن وجود صراع من نوع معين داخل صفوف الشعب في البلدين، وقد يلاحظ بعض المراقبين أن هذا الصراع على الجانبين قد يختلف في الدرجة، بيد أنه لا يختلف بالنوع أبدًا.

  • فالأنباء التي نقلتها صحافتنا المحلية تكشف عن نوع من المعارضة الشعبية تشمل كلًا من القطرين، وهي معارضة تنادي بتحكيم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في جميع مجالات الحياة.
  • وهذه المعارضة الشعبية تطرح مبادئها ومطالبها في الشارع السياسي بقوة تشير إلى أن المعارضة الإسلامية ترتكز على قواعد عريضة من شباب البلدين الذين أعلنوا معارضتهم للأنظمة العلمانية والدساتير المبنية على قوانين مدنية مستوردة من مبادئ الشرق الماركسي أو الغرب الرأسمالي المادي.
  • وتقارير المراسلين تشير إلى أن قوة هذا النوع من المعارضة لسلوكيات الحكم في كل من سوريا ومصر قد فرضت على النظامين مسألة البحث عما يواجهون به المعارضة الشعبية العريضة التي تميزت بإسلاميتها شكلًا ومضمونًا وبعقيدتها وسيلة وهدفًا فكان إن امتلأت شوارع القاهرة والمدن المصرية الأخرى بعناصر الأمن المستعدة لقمع أي تحرك شعبي، وكان أيضًا إن دخلت فرق القوات الخاصة السورية إلى بعض مدن الشمال السوري لمواجهة المعارضة الشعبية التي أخذت شكلًا حادًا كما ذكرت الصحف المحلية خلال الأسبوع الماضي.

ولعل التعليل البديهي لهذا الشكل من الصراع، إنما يعود إلى الصدام بين فكرة العقيدة الإسلامية التي أراد لها الله سبحانه أن تكون هي الموجه الوحيد لأنظمة الحكم، وبين الطرائق الدستورية المعمول بها في أجهزة الحكم العلمانية، حيث إن كلا من النظامين الحاكمين في سوريا ومصر يستمدان التشريع الدستوري من مبادئ تصطدم مع الإسلام وتنزيله في كثير من جوانبها، الأمر الذي يصدم السلوك السياسي بالمعارضة الشعبية التي لن ترضى بديلًا عن تحكيم الإسلام واتخاذه دستورًا وتشريعًا تتعامل الدولة من خلاله على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها مما يتعلق بتقنين حياة المسلمين العامة وتنظيمها على الشكل الذي يرضي الله ورسوله.

عند هذا الحد يستطيع المرء فهم محور الصراع بين الشعوب الإسلامية وأنظمتها الحاكمة، ولما كان الصراع بين النظام العلماني والرغبة الشعبية يأخذ شكلًا حادًا في كل من سوريا ومصر، فإن صراع الشعب المسلم مع المبادئ العلمانية يشمل العالم الإسلامي بأجمعه، وإن كانت حدة هذا الصراع تتفاوت من قطر إلى آخر.

على أن المعارضة الشعبية في كل من سوريا ومصر تقف على خط واحد من ناحية الهدف السياسي الذي يرتكز أساسًا على تصور عقائدي، فقد أجمعت وكالات الأنباء الدولية والعربية على أن حركة الإخوان المسلمين في سوريا ومصر هي صاحبة الريادة والثقل في ميزان المواجهة الشعبية بل إن بعض الدبلوماسيين العرب أقروا بأن المعارضة التي يقودها التيار الإسلامي قد غيرت موازين القوى السياسية والشعبية داخل القطرين الشقيقين.

  • ففي مصر ينظر الشعب المصري بمعظم فئاته وطبقاته إلى قيادة الإخوان المسلمين على أنها المحرر والمخلص لمصر ولشعب مصر المسلم مما يفعله الحاكم المصري الذي افتضح أمره داخل مصر وخارجها، حيث إن القاصي والداني بات يعرف أن السادات ينطلق في سياسته من خلال بروتوكولات حكماء صهيون.
  • والطبقات الشعبية في مصر تعلق الأمل على جماعة الإخوان المسلمين لتحكيم كتاب الله وسنة رسوله في حياة الشعب المصري على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية.
  • ومصر اليوم بجموعها الشعبية المسلمة تعتقد أن الإسلام هو الضرورة الملحة التي تنقذ الأمة مما هي فيه، وغياب الإسلام عن ساحة الحكم والسياسة هو السبب في تحرق مصر والعالم الإسلامي بين التيارات المتضاربة والمصالح الدولية الطامعة.

وإذا انتقلنا إلى خط المعارضة الشعبية في سوريا، فإننا نتحسس رغبة شعبية مماثلة

كما تبنى عليه جموع مصر المسلمة معارضتها، ولا أدل على ذلك.

من بيانات العلماء المسلمين والقيادات الشعبية والمهنية والعلمية التي نشرتها الصحف المحلية ونشرنا بعضها في مكان آخر من هذا العدد، حيث إننا بنظرة سريعة إلى تلك البيانات التي تعبر عن رغبة مجموع الشعب السوري، نجد أن الشعب المسلم في سوريا يقف إلى جانب أشقائه المسلمين في مصر، من حيث المطالبة بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله الكريم في جميع مرافق الحياة، على المستويين الداخلي والخارجي.

وإذا كانت وكالات الأنباء والصحافة العالمية والمحلية في الكويت، قد اشتركت جميعًا في نقل أخبار المعارضة الشعبية في سوريا، واتفقت جميعها على أن هذه المعارضة قد أخذت شكلًا حادًا للتعبير عن تحديها لعوائق النظام التي تقوم بها بعض الأجهزة الخاصة في القطر الشقيق، فإن بعض المراقبين السياسيين ألمحوا إلى أن العنف المعارض، ما كان ليكون في سوريا لولا العنف المقابل كردة فعل تحمل مطالب محددة، وإننا نأمل أن تتجاوب الحكومة السورية مع مطالب المسلمين المحددة.

والتي تمثلت في بيانات قدمت لها من علماء المسلمين والنقابات المهنية حقنًا للدماء وتجنيب سوريا الحبيبة ما يحيق بها من مخالب، والتي تضمنت ما يلي:

  1. تحكيم الشريعة الإسلامية في كافة نواحي الحياة، ونبذ كل ما هو غير إسلامي عن كاهل الشعب السوري.
  2. إطلاق الحريات العامة ومنح الشعب السوري حرية التعبير عن رأيه.
  3. إلغاء الأحكام العرفية التي أرهقت الشعب المسلم في القطر الشقيق.
  4. وقف الاعتقالات العشوائية بسبب الانتماء السياسي.
  5. إخراج المساجين السياسيين والموقوفين والمعتقلين من السجون والمعتقلات.
  6. القضاء على المفاسد الأخلاقية واستئصال الفساد الإداري ومنع انتشار الرشاوى والقضاء على الإتاوات الخاصة.

وبعد.. فإنه لا يسعنا إلا أن نتوجه إلى جميع حكام الأمة العربية والأمة الإسلامية لندعوهم بإخلاص وصدق إلى العودة لتحكيم كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لتجنيب الأقطار العربية والإسلامية أخطارًا محققة، ففي ذلك خير كبير للحاكم والمحكوم، وليتأمل كل ذي لب من أبناء هذه الأمة بقول الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (المائدة: 47).

صدق الله العظيم.

الرابط المختصر :