; ماذا وراء «الضجيج» الإعلامي؟ ولماذا «قانون الردة» الآن؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا وراء «الضجيج» الإعلامي؟ ولماذا «قانون الردة» الآن؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 19-يوليو-1977

مشاهدات 23

نشر في العدد 359

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 19-يوليو-1977

نعود - مرة أخرى - للحديث عن الذين يسمون أنفسهم «جماعة المسلمين»، ويسميهم الإعلام المصري «جماعة التكفير والهجرة»، نتناول - هذه المرة - القضية من زاوية أخرى.

 زاوية الدوي والتجني الإعلامي الذي انفجر وتصاعد بطريقة مريبة.

إن هذا الإعلام جرم هؤلاء الناس، وأصدر عليهم الحكم بالإعدام قبل بداية التحقيق والمحاكمة.

وهذا أغرب سلوك في العالم.

 اقتلوهم.. اشنقوهم.. أعدموهم.. ثم بعد ذلك نسمع الحيثيات والدفاع، وننتظر الحكم!

في أي غابة نحن؟

وبأي روح وحشي نعيش؟

استنكار الجريمة واجب إنساني نعم، ولكن هناك فرق كبير بين استنكار الجريمة وبين أن يحتل صحفي أو مذيع منصة القضاء، ويصدر الأحكام بالموت على الناس.

ومهما كان حجم الجريمة فإن العدالة تقضي بتهيئة جو سليم؛ للتحقيق، وتمحيص الأدلة، ودراسة الدوافع والظروف في محكمة عادلة وفي ظل قضاء نزيه. 

وهنا نسأل: لماذا تشكيل محكمة عسكرية؟ 

إن القضية مدنية، والإجراءات المدنية كافية، والمحاكم المدنية واسعة جدًّا.

 إنالأحكام التي تصدرها المحاكم العسكرية -في العادةـ هي أحكام سياسية لا قضائية، وفي تاريخ مصر الحديث ألف دليل على ذلك.

وهذه النقطة تقودنا إلى نقطة أخرى مرتبطة بها، وهي المسارعة - في هذه الأيام - إلى إصدار قانون بحد الردة، وهذا تصرف مريب؛ فمنذ زمن بعيدوالكنيسة القبطية تفتن بعض أبناء المسلمين، وتغريهم على الانتقال من الإسلام إلى المسيحية.

ولقد وقع أكثر من حادث من هذا النوع، وكانت هذه الحوادث من أقوى الأسباب التي دفعت المسلمين للتحرك والرد، وكانت نتيجة ذلك هزة اجتماعية عنيفة في مصر شملت القطر كله منذ ثلاث سنوات، لم يتحرك أحد يومها لإصدار قانون بحد الردة.

فلماذا يصدر الآن؟

الراجح أنه سيكون تبريرًا دينيًّا لإصدار حكم بالإعدام على جماعة بعينها بعد اتهامها بأنها ارتدت عن الإسلام بما تحمله من أفكار وتصورات تجاه المجتمع والناس.

ففي المناخ الديني العام الذي تعيشه مصر لا يمكن أن تكون حيثية الحكم هي: أن الإعدام تم بموجب جناية ثابتة هي التمسك بالدين! أهون من ذلك أن يقال: إن الإعدام تم بموجب الخروج من الدين والارتداد عنه،ونقول: مثنى وثلاث ورباع، إننا لا نقر الغلاة على غلوهم، ونبرأ إلى الله -تعالى- مما وقع للشيخ الذهبي. 

ولكن الشرف الإسلامي يلزمنا بأن نطالب بالعدالة في المحاكمة، والنزاهة في الخصومة، ونقطة أخيرة هي: أن الإعلام المستهتر شريك في صناعة الغلو وردود الفعل العاصفة، شريك كبير لأنه دأب على استفزاز المتدينين بما ينشره من فساد وما يبثه من أكاذيب، شريك في صناعة الغلو بمبادرته الدائمة في تبريرأخطاء السلطة.

الرابط المختصر :