; مذكرات زوجة (101) | مجلة المجتمع

العنوان مذكرات زوجة (101)

الكاتب أم هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 23-مايو-1972

مشاهدات 20

نشر في 101

نشر في الصفحة 30

الثلاثاء 23-مايو-1972

مجلة الأسرة

تقدمها: «أم ابتهال»

مذكرات زوجة

وانتهى رمضان

·       وانتهى رمضان المبارك حقيقة لا خيالًا.. إذ أراد الله في لياليه الهينة أن ينشرح قلبي «لعريسي» بعد أن تعرفت عليه في أحسن الظروف وأكرم المجالس!! وجنبنا شطحات الخيال الطائش، وتوفر لنا جو التعارف النظيف حتى انتهى بالخطبة الرسمية.

التواعد على الزفاف

·       وفي ليلة رمضان الأخيرة، ونحن نستعد لاستقبال فرحة «العيد».. شاء الله أن تضاف إليها فرحة عقد القران والزفاف.. فدخل علينا الوالد ليخبرنا برغبة «أحمد» في أن يتم عقد القران والزفاف في أوائل «شوال».. تيمنًا بعقد قران المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها.

-        لكن حدث ما لم أكن أتوقعه أو يخطر لي على بال!! إذ وجدت والدتي تقطب جبينها، وينتفض جسدها، وتنطلق من فيها كلمات الاستفهام والاستنكار! علام العجلة؟! ألا يجب الانتظار على الأقل عامًا كاملًا نستطيع أن نتبين فيه شخصية العريس ومعاملته؟ ثم أكون أنا –أيضًا- قد هيأت ابنتي لتدبير شئون الحياة المنزلية.. خاصة وأنها كانت مشغولة طول عمرها بالدراسة؟! ثم لم نستقر بعد على توظيفها من عدمه؟! ثم.. هل أعد لها منزل الزوجية بكل احتياجاته؟! أني لأشعر بأن هذه العجلة نوع من الخطف والانتزاع لوحيدتنا.. وعلا صوتها وهي تشير بكلتا يديها نحو أبي: فكر جيدًا.. فالزواج ليس بهذه البساطة في عصرنا هذا.. إنها معاشرة عمر، وبناء أسرة.!

الرقة وسماحة الخلق

·       وجلست بينها منكسة الرأس أرفع طرفي نحو أمي تارة، واتجاه أبي تارة أخرى.. حتى علت وجه أبي ابتسامة مشرفة.. رأيت معها سماحة خلقه، وسعة صدره، وعذوبة أسلوبه، وطرافته.. وهو يقول لها بأسلوب رقیق خفيف:

-        یا زوجتي العزيزة: كلامك على العين والرأس، ورأيك محل التقدير والاعتبار.. لكني أريد أن تسمعي مني بعض الإيضاحات فقط.. فأنت أمها بلا شك.. ومن ذا غيرك تعب في حملها وإرضاعها وتربیتها حتى أصبحت عروسًا؟!

-        ألا تعلمين أن من بركة المرأة سرعة تزويجها، لأنه بر.. وخير البر عاجله؟!

-        فكيف تريديننا أن ننتظر عامًا كاملًا.. اثنا عشر شهرًا..  ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا.. تكونين قد أصبحت فيه جدة ولك حفيد أو حفيدة..  يعيد لك مجد الأمومة والطفولة.. أما اشتقت لمناغاة الصغار وهدهـدة الولدان؟!

-         وازداد وجهه إشراقًا ونورًا وهو يقول: لعل حفيدك هذا يكون ممن يبعثهم الله على رأس كل مائة عام ليجدد للناس أمر دينهم، ويبدل الله على يديه حال الناس إلى أحسن الأحوال.

أو تكون حفيدتك مثل «أسماء» أو «نسيبة»، فتؤجلين هذه الأحداث التاريخية عامًا كاملًا، وتوقفين عجلة المسيرة سنة كاملة!

-        ثم ازدادت ابتسامتـه وهو يقول: وبمنطق التجار وحساب الربح والخسارة، وأفكار الاقتصاديين هل نحبس المال، ونعطل انتفاع عباد الله من هذا الرزق؟ ورسولنا عليه السلام يقول: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»؟

-        وبمنطق العابدين نمنع عن الله -سبحانه وتعالى- لسانًا يذكره، وجوارح تعبده.. عامًا كاملًا؟

-        وبمنطق النفسيين ودعاة الاستقرار.. نترك لهيب الشوق واللهفة يستعر في قلبين تحابا في الله وعلى سنة رسول الله.. ونؤجج فيها نيران الرغبة وعرامة اللذة عامًا كاملًا.. وبيدنا أعمال أدوات الإطفاء، وسكب مياه الطمأنينة والاستقرار؟

-         أراك؛ يا عزيزتي؛ لا بد أن تساعدينا وتكوني عونًا لنا على تيسير الأمر وإتمام الزواج في هذه الأيام.. فقد اجتهدنا لليوم وفكرنا للغد والمستقبل بید الله.. ولسنا مطالبين بأحداثه ونتائجها.. ولتكن نظرتنا له من خلال أضواء الفجر وتباشير الصباح لا من خلال أفول الشمس وظلمة الليل.

(ك. أ. ع)

 هذه مشكلتي.. فما الحل؟

استشارتني في أن تعطي زوجها جزءًا من راتبها.. فهي موظفة فقلت لها: لا بأس لكنها عادت قائلة: إنه مكلف شرعًا بكل مصاريف الأسرة.. وأخشى أن تكون مساهمتي المادية بداية لطمعه.. مع أنه حتى الآن لم يفاتحني صراحة في شيء من ذلك.. فقلت لها: إنه ليس فرضًا عليك.. فالله يقول: ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (النساء: ٤).  فما دامت نفسك لا تطيب لذلك فلا تعطه!

وحاسبت نفسي بعد ذلك على هذا الرأي.. فيا ترى: هل أنا مخطئة أم مصيبة؟!

(سميرة).

·       قبل أن أوضح لك مدى صحة رأيك أو خطئه.. لا بد أن تكوني على بينة من هذه الأمور:

·       الحياة الزوجية شركة عمادها الثقة والتعاون.. اللذان يقومان على أساس المودة والرحمة فإن فقدت الثقة، وانعدم التعاون انهار الأساس وتهدم العش!

·        ليس كالوضوح والصراحة سبيلها لاطمئنان النفوس وسد الثغرات على المخاوف والهواجس.. وإذا لم تصارح زوجها فمن تصارح؟! وكيف تكون معاشرة.. وإفضاء.. ولباس لكم ولباس لهن.. إذا كانت النفوس منطوية على توجس وتخوف...؟!! وكيف تتحدث عن طمع زوجها وهو لم يفاتحها في هذا الأمر حتى الآن.. وما زال يقوم بكل الواجبات!

-        أما أنت يا أخت سميرة فقد اشتد خطؤك، وخاصة حينما استشهدت بهذه الآية في غير موضعها ومدلولها وتفسيرها.. فاستغفري الله.. إذ إنك جئت لنا بنصف آية وحكمت بمقتضاها، واقرئي الآية كلها:

شعارنا ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل: 97).

  ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا(النساء: ٤). وهي خاصة بحق المرأة الكامل في مهرها لا يشاركها أحد فيه!! ولا تلتزم بأن تؤثث به منزل الزوجية أو تعطي أباها منه شيئًا.. إلخ، أما والأمر كذلك..  فقد جوز الإسلام للزوجة أن تعطي زوجها ما تشاء من مهرها.. طيبة بذلك نفسها، دون إجبار أو إلزام، ولا حياء، ولا خديعة.. وللزوج حينئذ أن يأخذه سائغًا لا غصة فيه ولا إثم معه.

فليس المراد به كما ذكرنا الراتب أو الأجر عن الوظيفة، بل المراد به الصداق أي المهر.

ثم لماذا لم تنصحيها بأن تتأسى بأم المؤمنين «خديجة» وقد وضعت اختيار الاقهرار مالها الموروث وتجارتها الرابحة، وهي في بيتها تحت يد زوجهــا المصطفى -صلى الله عليه وسلم؟ ثم إذا كانت تخاف من زوجها على مالها؛ فكيف تأتمنه على نفسها وولدها؟ ثم إذا اكتشفت أنها أخطأت في موافقتها عليه زوجًا.. أليس الأولى أن تنفذ القاعدة «معاشرة بالمعروف أو تفریق بإحسان» وتخالعه على ما يرضاه في سبيل تطليقها إن كانت قد يئست أن تغير في طباعه وأخلاقه أو تضمن حقوقها ولو بالكتابة والإشهاد؟ لذلك أرى؛ يا أخت «سميرة»، أنك أخطأت.. ولا بد أن تسارعي بتصحيح الأمر مع صديقتك.. والله ولي التوفيق.

إلى الزميلة: عائشة محمد الرشيد

من كل قلبي أحييك.. وأقدر وجهة نظرك التي تكتبينها على صفحات الزميلة جريدة «السياسة» ولقد شدتني إليك بكل جوارحي ما سطره قلمك في الصفحة الثانية من العدد رقم ١٣٩٤ المؤرخ 1 ربيع الثاني تحت زاوية «وجهة نظر» من كلمة حق تنبع فيما أرى من إيمانك بالإسلام عقيدة وشريعة أنزله العليم الخبير ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وجعل فيما أوجب على المسئولين من إقامة الحدود حياة لأولي الألباب، وانحسارًا لمد الجريمة بالقصاص العادل من مرتكبيها، وعبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حرمات الله.. فما جنينا من القوانين الوضعية إلا إحياء الرذيلة وإماتة الفضيلة والاستهانة بإزهاق الأرواح، والاجتراء على ابتزاز الأموال سرقة أو نصبًا واحتيالًا!! فتحية لك من زميلة في المهنة، وأخت لك في العقيدة.. وحبذا لو استمر قلمك الجرىء يخط بين يدي المسئولين -على صفحات جريدتك- أخطار الأسباب لهذه الجرائم، وعجز العقوبات، وضعف القوانين البشرية.. التي لا يمكن بحال أن تغني عن شرع الله بارئ النسم.. حتى يتبين أولو الأمر في هذا البلد مقدار خدمتهم لأمتهم ورسالتهم يوم أن يشرح الله صدورهم لتنفيذ شريعته في جميع ميادين الحياة.. واطمئني إلى معية الله، وحسن مثوبته، وليبارك الله جهادك.

أم ابتهال

 أي الثلاثة تختارين؟

كنت وإحدى الصديقات في نقاش حاد حول وضع المرأة المسلمة في عصرنا الحاضر، وكيف ضاعت أنوثتها نتيجة تبرجها واختلاطها بالرجال.

ولكن تلك الصديقة غضبت وثارت وانبرت قائلة:

أتريدين أن نرجع إلى الوراء أربعة عشر قرنًا؟ أتريدين أن نلبس الخمار ونخلع ثوب المدنية القشيب؟ أتريدين؟ أتریدین؟

وسكت حتى هدأت ثورتها؛ فهي من المؤمنات بهذه المدنية المادية الخادعة. ثم قلت لها مبتسمة: رويدك أيتها الصديقة وتعالي لنضع النقط على الحروف كما يقولون.

 تعالي لنرى المرأة في ماضيها المشرق الروحي وحاضرها القائم المادي. وفي ظل دستور السماء أن المرأة يوم خلعت خمارها مزقت سعادتها.. ويوم أن نسيت ماضيها شقيت في حاضرها، ويوم أن تجردت من ثيابها تجردت من عفافها، ويوم أن أفسدت دينها في سبيل دنياها خسرت الصفقتين وعـادت بخفي حنين.

إن رسالة الإسلام تريد من المرأة أن تكون صاحبة رسالة، وإن الأخوات المسلمات حين يقمن في ظل هذه الرسالة الوارف، داعيات إلى التمسك بكتاب الله والاعتصام بحبل الله.

طالبات من أخواتهن أن ينتظمن في صف المسلمات المؤمنات.

يتجهن بقلوبهن إلى الله مسلمات، مؤمنات، قانتات، تائبات، وإنما يردن؛ أیتها الصديقة، التي بهرتها أضواء المدنية، أن تكون الفتاة المسلمة مؤمنة بأن المرأة لم تخلق من أجل هذه الحياة الرخيصة التي تضطرب فيها الآن، لم تخلق من أجل هذه التفاهات التي يتشدق بها نساء فارغات ورجال أقزام.

إنما خلقت المرأة لتجعل من أنوثتها نموذجًا للحياء والكمال، ثم لتفهم رسالتها في الحياة كزوجة ورسالتها في الحياة كأم ورسالتها في الحياة كمسلمة، ورسالتها في الحياة كعنصر من عناصر الحياة الصحيحة الواعية وسكت مرة ثانية ونظرت إلى هذه الصديقة –وقالت: ثم ماذا؟ قلت: ثم تعالي معي إلى حيث نعيش لله وفي الله؛ تعالي لنعيد ذكرى أخوات لنا من قبل مس الإسلام الصحيح قلبهن، فأصبحن يؤمن بالله إيمانًا لا تؤثر فيه العواطف المشبوبة، ولا تنحرف به الغرائز الجامحة، آه أيتها الصديقة لو راجعت تاريخ الإسلام في فجره الصادق، ورأيت كيف أرخصت المرأة المسلمة روحها في سبيل الله، وكيف شاركت الرجل مشاركة يحبها الله.

إذن لأمنت أن من الخير لك أن تتركي ما أنت فيه من جري وراء مبادئ وضعتها نفوس ملتوية وخطتها يد غير ذات وضوء.

وابتسمت الصديقة وقالت والبرلمان؟ ألا نعمل على أن نشارك الرجال فيه؟

أنتركه للرجال؟

فقلت لها: اتركيه.. اتركيه للرجال يشقون به، وينافقون في سبيله، ويغرقون في باطله، ويتناطحون كالكباش المسعورة تحت قبته.

ويوم يحكم الإسلام فلن يظلم شرع الله الرجال ولا النساء.

 أختي المسلمة: يريدك الرجعيون آنية خزفية على رف المنزل.

 ويريدك المنحلون حصاة مبتذلة تطؤها الأقدام على رمال الشاطئ.

ويريدك الإسلام إنسانة رفيعة الذوق موفورة الكرامة متينة الخلق.. زوجة مخلصة تضفي على بيتها السعادة، وأمًا تبني الجيل وتصنع التاريخ.

 فأي الثلاثة تختارين؟!

عائشة عليان

احتفلت أسرة السيد عبد القادر نور الدين بالخرطوم بالعيد الأول لميلاد «غادة».

دعواتنا الحارة للزهرة الحلوة التي تترعرع في مناخ إسلامي صالح. وجعلها الله من فتيات الإسلام الصالحات، مع تهاني صفحة الأسرة للوالدين العزيزين.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مذكرات زوجة "12"

نشر في العدد 97

18

الثلاثاء 25-أبريل-1972

الأسرة "98"

نشر في العدد 98

20

الثلاثاء 02-مايو-1972

الأسرة (100)

نشر في العدد 100

13

الثلاثاء 16-مايو-1972