; مصر -الأسباب غير المعلنة وراء «الهروب الكبير» للعزازمة | مجلة المجتمع

العنوان مصر -الأسباب غير المعلنة وراء «الهروب الكبير» للعزازمة

الكاتب محمد جمال عرفة

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أبريل-1999

مشاهدات 35

نشر في العدد 1346

نشر في الصفحة 36

الثلاثاء 20-أبريل-1999

اعتاد أفراد قبيلة العزازمة الَّتي تنتشر على طول الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة، ويصل تعدادهم الى قرابة ١٤ ألف نسمة على الترحال على جانبي الحدود بسبب موسم الأمطار أو التصارع المستمر بينهم وبين القبائل الأخرى وخاصة قبيلتي «العطايا»، و«الدياهة أو التياهة» وقَدْ أدى توقيع اتفاقية التسوية المصرية الإسرائيلية وترسيم الحدود للفصل تمامًا بين القسم الأكبر من أبناء القبيلة الَّتي تعيش في فلسطين والقسم الأصغر الَّذين يعيشون داخل الحدود المصرية.

وقَدْ فوجئت السلطات المصرية منتصف مارس الماضي بقيام المئات من العزازمة الَّذين يسكنون وادي الجيفة في سيناء قرب الحدود الدَوْلِية بالتسلل ليلًا إلى مستوطنة تسيعوت الاسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود مصطحبين معهم متاعهم وجمالهم وحميرهم، وطلبهم الحصول على حق اللجوء السياسي إلى إسرائيل ؟؟ الأمر الَّذي آثار عشرات التساؤلات عن أسباب تذكر هؤلاء لجنسيتهم المصرية ولجوئهم إلى العدو الصهيوني طالبين حمايتهم من إخوانهم المصريين، خاصة أن السلطات الإسرائيلية استغلت بدورها مشكلة هؤلاء في الإساءة لمصر واعتبرت وسائل الإعلام الصهيونية مشكلتهم نتاج الاضطهاد الأمني المصري وأنهم لم يلجأوا لإسرائيل إلا حبًا فيها وطلبًا لحمايتها والعلاج فيها!

أقوال متضاربة

وكان من اللافت أن التصريحات الَّتي وردت على لسان بعض أبناء القبيلة وكذلك شيخ العشيرة تبريرًا لأسباب الهروب من مصر جاءت متضاربة فقد تحدثوا عن انهيار محصول الخوخ الَّذي يزرعونه وعدم من السلطات المصرية يد العون لهم رغم أنه مصدر رزقهم الوحيد وتحدثوا عن اضطهاد الأمن المصري لهم وإلقاء القبض على بعضهم لصالح القبيلة المنافسة وزعموا حرمان السلطات المصرية أبناهم ونساءهم من تلقي العلاج كما ذكروا أن السلطات المصرية تتهمهم بالتعاون مع إسرائيل.. وحتى النقطة الرئيسة الَّتي قالوا إنهم هربوا بسببها وهي دفع دية لقبيلة العطايا كمقابل لقتلهم فردين من أبناء هذه القبيلة جاء حديث رئيس القبيلة متضاربًا حولها.

الأجهزة السياسية والأمنية المصرية عقدت اجتماعات مكثفة على مدار الشهر الماضي لبحث أزمة هؤلاء البدو والتوصل لحلول للمشكلات المعلقة بينهم وبين القبائل الأخرى بما في ذلك دفع الدية الَّتي عليهم ونفى كل من رئيس مدينة رفح ومحافظ شمال سيناء اضطهاد أفراد القبيلة من قبل أجهزة الأمن المصرية ولخصوا المشكلة كلها في أمر واحد هو الثأر بين قبيلة العزازمة وقبيلتي الدياهة والعطايا بعدما قتل شخصان على أيدي أفراد من العزازمة وقال اللواء على حفظي محافظ شمال سيناء إن قبيلة العزازمة نزحت أصلًا لمصر في الخمسينيات من فلسطين هربًا من ثار عليهم هناك، وقَدْ عاودوا للسبب نفسه..

أما اللواء خيري حسن رئيس مدينة رفح فقد أتهم الصهاينة -عبر وسائل إعلامهم - بالتدخل في مسألة مصرية داخلية وتضخيمها وروى أسبابًا أخرى لغضب العزازمة قائلًا إنهم - كمزارعين. كانت لديهم مشكلات بسبب قلة المياه في المنطقة نتيجة الجفاف الَّذي ضرب المنطقة وأنهم اجتمعوا مع محافظ شمال سيناء لهذا الغرض مرتين وكانت المرة الثانية قبل تسللهم لإسرائيل بساعات وأن مطالبهم تركزت في تزويدهم بالمياه للحفاظ على زراعات الخوخ الَّتي تعرضت للتلف بسبب ندرة المياه وأنه تم عقد اجتماع في المحافظة بين مديرية الزراعة ومركز البحوث وكلية الزراعة بالعريش لحل المشكلة واقتراح الحلول أما رئيس قرية العشيمة الَّتي يتبعها العزازمة فأشار إلى أنه تم عقد جلسة صلح بين القبيلتين بعد تدخل الأجهزة المحلية والاتفاق على دفع دية قدرها مليون ونصف المليون من الجنيهات مشيرًا إلى أن قبيلة الدياهة فرضت على العزازمة حصارًا واشترطت دفع الدية لرفع الحصار وقَدْ تكشفت أبعاد وأسباب أخرى لهروب العزازمة إلى إسرائيل نقلًا عن المصادر المصرية أبرزها:

  1. أن العزازمة تضرروا بالفعل عائليًا – منذ الفصل بينهم وبين أهلهم وأقاربهم في فلسطين المحتلة الَّذين يتركزون في مدينة بئر سبع ، وانتقالهم إلى منطقة جبل حريف جنوبي النقب داخل إسرائيل يجعلهم قريبين من أهلهم وقَدْ يحسن أحوالهم خاصة أن بعض أقاربهم يشغلون مناصب مهمة في الجيش الإسرائيلي وغيره من المؤسسات الإسرائيلية وبعضهم كان وراء التدخل السريع لدى السلطات الإسرائيلية لمنع طرد وترحيل العزازمة المصريين من النقب بعدما تقرر إعادتهم المصر في البداية ثم عدل عن الأمر. بل وتحول الأمر لمناقشة عامة تدخل فيها عرب فلسطين ونواب الكنيست العرب الَّذين طالبوا مثلما فعل طلب الصانع بالإبقاء على العزازمة في النقب لتحقيق التواصل العائلي بين أبناء القبيلة الواحدة.
  2.  تشن أجهزة الأمن المصرية وقوات حرس الحدود هجمات مستمرة على زراعات بعض بدو سيناء بحثاً عن زراعات الحشيش، ولم تسلم العزازمة من عقاب بعض أفرادها بسبب هذه الزراعات المحرمة وربما وقعت تجاوزات أمنية بالفعل ضد بعضهم.

أبن شيخ القبيلة.. ضابط إسرائيلي

  1. لم يذكر أحد من المسئولين المصريين أن بعض أبناء العزازمة جواسيس يتعاملون مع إسرائيل، ومع ذلك قال شيخ القبيلة إن السلطات المصرية تتهمهم بالتعاون مع إسرائيل وتعتبرهم عملاء لها، وأن المصريين يطلقون عليهم اسم «يهود سيناء» للدلالة على تعاونهم مع الاسرائيليين؟ أيضًا لفت ابن شيخ قبيلة العزازمة المقيمين على الجانب الآخر الإسرائيلي «عمر عودة أبو معمر» وهو ضابط في الجيش الإسرائيلي الانتباه إلى تعاون عزازمة مصر مع الإسرائيليين بالفعل وقال خلال لقاء مع التلفزيون الإسرائيلي.. إنهم فروا من مصر إلى إسرائيل خوفا من انتقام قبيلة الدياهة المقربة من السلطات المصرية وأضاف: إن سبب الانتقام هو تعاون الهاربين مع إسرائيل الَّتي يرغبون – حسبما زعم - في البقاء فيها والانتقال لأقربائهم في صحراء النقب: وهو ما يكشف جانبًا آخر من الحقيقة غير المعلنة وبعد أحد أسباب هربهم.

ومن الواضح أن هذه الأسباب مجتمعة - وخاصة الأخير كانت وراء عملية «الهروب الكبير» للعزازمة - كما يطلق البعض عليه في مصر - ولذلك يبدو أن السلطات الصهيونية سوف تبقي عليهم ولن ترحلهم لمصر رغم المباحثات الدائرة بين الأجهزة الأمنية في البلدين واستعداد مصر لإعادتهم وحل مشكلاتهم. وقَدْ عقد بالفعل اجتماع مهم أواخر مارس الماضي بين ممثلين من قبيلة العزازمة وبين وزير الداخلية الإسرائيلي حضره الشيخ عواد أبو معمر شيخ عشيرة العزازمة في إسرائيل لبحث مسألة لم شمل شطري العشيرة على جانبي الحدود. وقالت الصحف العربية والإسرائيلية في الأرض المحتلة إن ممثلي العشيرة اشتكوا للوزير الإسرائيلي «مأساتهم في مصر المتمثلة في حرمانهم من العيش مع أقربائهم من الدرجة الأولى في. إسرائيل وأنهم طلبوا من الوزير السماح لهم بلم الشمل وبالتالي البقاء في إسرائيل»!، وأن الوزير وعدهم بدراسة الموضوع وقرر تعيين طاقم خاص لبحث الموضوع. يضم كلًا من رفائيل كوهين مدير إدارة تعداد السكان وملكة سان نائب المستشار القضائي ودفيد افراتي رئيس مجلس مدينة حورة المحلي.

الرابط المختصر :