; من مائدة القرآن.. الجهاد والإنفاق | مجلة المجتمع

العنوان من مائدة القرآن.. الجهاد والإنفاق

الكاتب عبد الله السند

تاريخ النشر الثلاثاء 19-يوليو-1977

مشاهدات 13

نشر في العدد 359

نشر في الصفحة 25

الثلاثاء 19-يوليو-1977

جعل الله عز وجل عزة المسلمين والحياة الكريمة للمؤمنين في أمرين.

  1. الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا، وقتال المعتدين على أوطانهم الغاصبين لحقوقهم.
  2.  إنفاق المال في سبيل الله، أي في وجوه الخير، كمساعدة الفقراء، وصلة الأقارب، وإقامة منشآت البر، كمعاهد التعليم، ودور العلاج والمستشفيات، والتمريض، والإسعاف، وتزويد المجاهدين بالسلاح والمؤنة والعتاد.

 ولما كان من طبيعة الإنسان أن يحرص على الحياة وعلى المال وهما أعز شيء عنده، وليس من الهين، بذلهما إلا بعوض هو خير منها وأبقى، فقد قص الله تعالى قصصا من أخبار الأمم التي باءت بالذل والهوان لقعودها عن القتال، وحرصها على المال، ولم ينجها من الموت أو الفقر، جبن، وبخل وهذه القصص تقطع بأن الحياة والموت بيد الله وحده، وأن الله سيبعث عباده يوم لا ينفعهم فيه مال ولا بنون، حتى ينفقوا من أموالهم في سبيل البر، ما يجدونه شفيعًا لهم يوم القيامة.

 عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، يجهزان جيش المسلمين، وقد نزل قوله تعالى ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ (البقرة: 261) في شأن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حث الناس على الصدقة. حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك. جاءه عبد الرحمن بأربعة آلاف فقال يا رسول الله، كانت ليثمانية آلاف فأمسكت لنفسي وعيالي أربعة آلاف، وأربعة آلافأقرضها لربي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت»، وقال عثمان يا رسول الله، على جهاز من لا جهاز له، وجهز الجيش بألف بعير. بأقتابها وأحلاسها، وسمي جيش غزوة تبوك، هذه جيش العسرة لأن النبي ندب إلى الغزو في شدة القيظ، وكان وقت إيناع الثمار وطيب الظلال، فعسر ذلك عليهم وشق، ولم يكتف عثمان بذلك، بل جاء بألف دينار. فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ يدخل يده فيها ويقلبها ويقول «ما ضر ابن عفان، ما عمل بعد اليوم، اللهم لا تنس هذا اليوم لعثمان»، فعلا ذلك ولم يكن يخطر ببالهما شيء من المن والأذى. فنزل قوله تعالى ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة: 262).

 مثل الذين ينفقون أموالهم في وجوه البر والخير، من جهاد في سبيل الله، وعزة المسلمين، وإعطاء المحتاجين، وإسعاف المصابين. وعلاج المرضى. وتعليم الجاهلين وتدبير الأعمال للمتعطلين في أن الله يضاعف أجرهم بمقدار سبعمائة ضعف لما أنفقوا كمثل باذر حبة في أرض طيبة تعهدها بالرعاية والسقي، فأخرج الله له ساقها قوية، وتفرع منها سبع شعب في كل شعبة سنبلة، وفي كل سنبلة مائة حبة، والله يزيد لمن يشاء من المنفقين المتصدقين فوق هذه الأضعاف أضعافًا من الأجر، لا حد لها على حسب جوده وإخلاصه، وفضل. الله واسع، لا يضيق على من يشاء أن يتفضل عليه بمضاعفة الأجر والثواب، وهو عليم بنية المنفق، وبالطريق الذي كسب منه المال فيثيبه على قدر ما يستحق. 

والذين ينفقون الأموال في وجوه البر والخير، وفي سبيل الله، قاصدين بإنفاقهم وجه الله مبتغين. ثوابه ورضاه، لا يريدون ممن أنفقوا عليهم جزاء بوجه من الوجوه، ولا يتبعون الإنفاق منا عليهم، ويتناسون الإحسان إليهم. فلا يذكرونه لهم، ولا يفخرون به في مجالسهم، ولا يؤذونهم بقول أو عمل، كأن يقول منعم لمن أنعم عليه، لقد أحسنت إليك، أو أن ليفضلًا عليك، وغير ذلك مما يقوله، من يمنون على الناس أن أعطوهم و يؤذونهم لأنهم أحسنوا إليهم، فمن أنفق في سبيل الله، ولم يتبع إنفاقه منًا ولا أذى، فقد كتب الله له الجنة أجرا. وأمنة من الخوف والهول يوم القيامة، وأذهب عنه الحزن على الدنيا، وسر قلبه في الآخرة. أما الصدقة التي يتبعها الأذى فلا خير فيها، ولا ثواب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الكلمة الطيبة صدقة، وإن من الخير أن تلقى أخاك بوجه طلق». والله غني عن الذين يتبعون إنفاقهم منًاوأذى لا يحوج عياله الفقراء إليهم، ويرزقهم من طريق آخر. لا يؤذي نفوسهم، ولا يجرح عزتهم، حليم، لا يعاجل أصحاب المن والأذى بالعقوبة وإزالة النعم، فهو القادر أن يجعلهم هم الفقراء، ويجعل الفقراء أغنياء.

والله الموفق

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مجليات 4

نشر في العدد 4

37

الثلاثاء 07-أبريل-1970

كيف ربّى النبي جنده؟

نشر في العدد 10

38

الثلاثاء 19-مايو-1970

لعقلك وقلبك - العدد 17

نشر في العدد 17

48

الثلاثاء 07-يوليو-1970