; نيجيريا تلوح بسلاح النفط ضد التمييز العنصري | مجلة المجتمع

العنوان نيجيريا تلوح بسلاح النفط ضد التمييز العنصري

الكاتب إسماعيل فرحات

تاريخ النشر الثلاثاء 28-أكتوبر-1980

مشاهدات 27

نشر في العدد 502

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 28-أكتوبر-1980

  • نيجيريا قوة إسلامية واقتصادية تجعلها الرائدة في القارة الأفريقية.
  • حكومة نيجيريا تقف إلى جانب الأفارقة ضد حكومة بريتوريا العنصرية التي تتبع سياسة التمييز العنصري.
  • أحمد بللو.. رفض السماح لليهود بزيادة نفوذهم داخل بلاده فكان مصيره القتل والاغتيال.

نيجيريا «فيل إفريقيا» كما يطلق عليها قلما تذكر كقوة سياسية مؤثرة ليس في إفريقيا فحسب بل في العالم أيضًا. فنيجيريا تستمد قوتها من الإنتاج النفطي المتزايد في أراضيها حتى وصل إنتاجها حسب آخر الإحصائيات إلى 2,2 مليون برميل يوميًا. وأصبحت المصدر الثاني للولايات المتحدة بعد المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى أنها دولة مهمة من دول الأوبك وعضو في مجلس الوحدة الأفريقي وسبب آخر يعطيها أهمية أكثر هو عدد سكانها الذي يبلغ 76 مليون إنسان منهم 50 مليون مسلم مما يزيد أهميتها كقوة إسلامية -تقليدية- في أفريقيا.. هذه الأسباب وغيرها جعلتها في موضع الريادة في المنطقة جعلتها لا تقف مكتوفة الأيدي أمام أبناء جنسها المظلومين في جنوب أفريقيا الذين يعيشون تحت سياط الظالمين من حكومة بريتوريا العنصرية في جنوب إفريقيا ولهذا لوحت بقطع الإمدادات النفطية عن أمريكا.. فهل تقدم نيجيريا على هذه الخطوة أم تضطر للدخول في حرب مقدسة ضد نظام بريتوريا العنصري؟

«هذه الحرب تخصنا نحن -النيجيريين- أكثر من الشعب المظلوم في جنوب أفريقيا، وإنني متأكد من أن الغرب لو كان يشاطرنا عواطفنا فعلًا نحو التفرقة العنصرية لانتهت المشكلة من الآن».

هذا ما قاله الرئيس النيجيري سيخو شاغاري «56 سنة» في مقابلة أجريت معه بمناسبة الذكرى الأولى لعودة المدنيين إلى السلطة في نيجيريا. أن الحالة السياسية المتوترة في الخليج تعمل على أن تكون تصريحات الرئيس النيجيري جديرة بالاهتمام لدرجة كبيرة حيث إن الأوضاع الخليجية تقلق الولايات المتحدة لأنها تستورد نصف وارداتها النفطية من المنطقة وقطع نفط نيجيريا يمكن أن تكون له نتائج خطيرة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي لأن نصف الواردات الأمريكية من النفط الخام «مليون برميل يوميًا يأتيها من نيجيريا».

وحيث إن الولايات المتحدة تساعد حكومة بريتوريا بشكل أو بآخر، فقد اعترف دبلوماسي أمريكي في لاجوس قائلًا: «إننا لا نشك في أن نيجيريا قد تقدم على قطع صادراتها النفطية عنا إذا أحست أننا لا نساهم بصورة فعالة في قيام حكومة من الأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا».

وقال الرئيس النيجيري بعد زيارته للولايات المتحدة من 6 أكتوبر «إن الولايات المتحدة ترى أنه بالكلمة الطيبة يمكن أن نقنع النظام العنصري على التخلي عن مواقفه المضرة للإنسانية ولكن لا أظن ذلك».

وخوف الغرب من هذا التهديد له مبرراته، ففي 25/9/1979م رفعت الحكومة النيجيرية حظرًا كانت قد فرضته على الشركات البريطانية للحيلولة دون حصولها على عقود للعمل داخل أراضيها. وكان هذا الحظر قد فرض قبل ثلاثة شهور.

وقالت صحيفة الفايننشال تايمز المالية إن رفع الحظر عن هذه الشركات جاء في أعقاب اقتراح بريطاني بتخصيص عشرين بالمائة من مقاعد البرلمان الروديسي للمستوطنين البيض خلال اجتماعات مؤتمر لندن في ذلك الوقت حول المشكلة الروديسية واعتبرت الصحيفة رفع الحظر تحسنًا كبيرًا في العلاقات بين بريطانيا ونيجيريا والتي كانت قد وصلت إلى أسوأ درجاتها أثناء مؤتمر الكومنولث في الشهر الماضي عندما أعلنت الحكومة النيجيرية أنها قد أممت جميع المصالح البريطانية النفطية في البلاد.

إن هذه الخطوة السابقة بين الحكومة النيجيرية وبريطانيا تفرض احترام نيجيريا على الغربيين الطامعين في خبراتها فمظاهر القوة لنيجيريا متعددة فـ:

  • بشريًا: هي أضخم دولة أفريقية على الإطلاق فآخر إحصاء أثبت أن سكان نيجيريا 76 مليون إنسان.
  • عقائديًا: هي أكبر دولة إسلامية بالمعنى التقليدي فنسبة المسلمين 75% من مجموع السكان ويبلغ تعدادهم 50 مليون مسلم.
  • اقتصاديًا: تعتبر نيجيريا ثامن دولة مصدرة للنفط في العالم وهي واحدة من دول منظمة الأوبك وتبلغ قدرتها الإنتاجية 2,2 مليون برميل يوميًا، وتزخر بمعادن ومواد خام أخرى مهمة فقد بلغ إنتاجها من معدن -الكولومبيت- وهو معدن يستخدم في صناعة محركات الطائرات النفاثة- بلغ إنتاجها من هذا المعدن 90% من مجموع الإنتاج العالمي.

ذلك إلى جانب الذهب والقصدير والكلس والحديد إلخ.. وهي بلد زراعي خصب مفعم بالطيبات والخيرات فهي تعتبر من أكبر مراكز تصدير منتجات النخيل ومن أثرى مناطق إنتاج الكاكاو في العالم ولها صادرات ضخمة من القطن والمطاط والخشب والجلود. 

إن هذه العوامل السابقة وخاصة الاقتصادية جعلتها مطمعًا لأنظار المستعمرين الغربيين كالبريطانيين والأمريكيين والفرنسيين واليهود مما أثر على سياستها الداخلية بشكل مباشر، مثلًا: 

  • فرنسا: ساهمت بدعم حركة الانفصال في الإقليم الشرقي التي كانت تهدف إلى إقامة دولة للكاثوليك.. والإقليم الشرقي يحتوي على أكثر من ثلثي البترول النيجيري.
  • بريطانيا: فعندما كانت نيجيريا تحت حماية الاستعمار البريطاني تسلل اليهود إلى نيجيريا، واشتركت رؤوس الأموال اليهودية في معظم شركات استغلال المطاط في نيجيريا ويشرف اليهود على 12 مزرعة مساحة كل مزرعة 150 فدانًا في ذلك الوقت وإلى ما قبل الاستقلال كانت بريطانيا تستورد 20% من حاجاتها النفطية من نيجيريا وإلى الآن.

وتحت ظل هذا الاستغلال السياسي من قبل الدول الغربية نهض المسلمون يطالبون بتطهير بلادهم من المستعمرين وصفى الرجل المسلم القوي الحاج «أحمد بللو» مؤسسة اليهود في الإقليم الشمالي حيث كان رئيسًا لوزراء هذا الإقليم.. وواجه رحمه الله ضغوطًا لا آخر لها لكي يرضخ ويتقبل وجود التغلغل الصهيوني في إقليمه ولكنه أصر على موقفه وقال: «إن قبولي بهذا الوضع ارتداد عن ديني ولا أقبل من أحد أو حكومة أن تطالبني بالردة عن ديني».

إن هذا الموقف المشرف للزعيم النيجيري المنبثق من إسلامه ودينه دفع ثمنه الدم، ففي أوائل عام 1966م دبرت مؤامرة لاغتياله فاقتحموا بيته في 15 يناير 1966م بمدينة كادونا وقتلوه كما قتلوا رئيس الوزراء الاتحادي أبو بكر تفادا بليوا.

وبعدها في يوليو من نفس العام أشعل الصليبيون واليهود حرب بيافرا لتمزيق نيجيريا ولقد وقف العدو اليهودي مع الانفصاليين بالسلاح والمال والخبراء وبكل وسيلة حتى جاء يعقوب غوون وقضى على الانفصال ورد كيدهم في نحورهم- وأدار كفة الحكم لفترة معينة ثم قام الجنرال مرتضى الله رفاعي محمد وهو مسلم بانقلاب أطاح بالرئيس السابق واستلم الحكم لمدة ستة أشهر فقط وبعدها قامت محاولة انقلابية أدت إلى اغتياله وتولى الحكم نائبه «أوبا سانجو» وظل عسكريًا حتى العام الماضي 1979م، حيث أجريت انتخابات انتخب فيها الرئيس الحالي سيمون شاغارى رئيسًا لنيجيريا وأصبح

الحكم مدني.

وبعد الاستقلال برزت أهمية نيجيريا كثقل سياسي واقتصادي يجعلها تلعب دورًا هامًا في أفريقيا خاصة أنها أخذت تقف إلى جانب الشعوب المظلومة في جنوب إفريقيا الواقعة تحت الإرهاب العنصري، وقد يصل الأمر مع حكومة بريتوريا العنصرية وينفجر الجنوب الإفريقي بحرب شاملة تعود بالحق إلى أصحابه ومستحقيه.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل