العنوان الإعلام التركي اعتبرها مظاهرة لتأييد مروة قاوقجي.. 60 ألفًا يشاركون في المهرجان السنوي لـ «مللي جوروش» بألمانيا
الكاتب خالد شمت
تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1999
مشاهدات 17
نشر في العدد 1354
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 15-يونيو-1999
أربكان: نحن أكثر المحبين لتركيا.. وليس المتسلطون الذين يدفعونها نحو هوة سحيقة
مع دوي الطبول العثمانية ووسط بحر من الأعلام الحمراء والخضراء الحاملة لشعار التوحيد، اكتظت مدرجات الاستاد الرياضي بمدينة كولون الألمانية بستين ألفًا من أبناء الجالية التركية للمشاركة في المهرجان السنوي الخامس للاتحاد الدولي لجمعيات مللي جوروش الإسلامية التركية، والذي حضره أيضًا قيادات العمل الإسلامي في المانيا وأوروبا ووفود من دول عربية وإسلامية، تصدرهم أعضاء المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الحشود التي شاركت في الاحتفال جاء نصفها من ولاية شمال الراين الألمانية يعيش فيها (٧٥٠ ألف مسلم)، ومن مدن المانية أخرى، والنصف الآخر وفدوا من جميع الدول الأوروبية.
وقد تحدث د. يوسف القرضاوي في الحفل نيابة عن أعضاء المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، فأشار إلى أن هذا اللقاء يذكره بمهرجان آخر جرى في اسطنبول «إسلامبول»، بمناسبة ذكرى فتح القسطنطينية، وحضرته الجماهير التركية التي تؤكد إصرارها على الحياة بالإسلام وللإسلام ورفضها الانسلاخ عن دينها، وهذا يوضح بجلاء أن تركيا الحقيقية لمن أراد أن يعرفها هي هذه الجموع الحاشدة للشباب المسلم والفتيات المحجبات، فتركيا هي: أبو أيوب الأنصاري، ومحمد الفاتح، ونجم الدين أربكان، ومروة قاوقجي، وليست أولئك المتفسخين والمتفسخات ويومًا ما سيزول الصدأ والطلاء الكاذب لتظهر الروح الأصيلة للشعب التركي الذي نشر الإسلام ودافع عنه ورفع لواءه في المشارق والمغارب.
ودعا القرضاوي الأتراك الفاتحين إلى أن يعضوا على الإسلام بالنواجذ فهم بالإسلام كل شيء ومن غيره لا شيء، وذكر بمقولة كاتبة تركية: «كنا أول دولة في الشرق فصرنا في مؤخرة الغرب، بل إن الغرب رفض قبول تركيا بين صفوفه».
وقدم شوكت قازان وزير العدل في حكومة أربكان السابقة عرضًا للتطور التاريخي للهجرات التركية إلى ألمانيا وقسمها إلى مرحلتين الأولى: امتدت بين عامي ١٩٦١م – ١٩٧٦م وفي هذه المرحلة عاني الجيل الأول من المهاجرين من مشاكل ضخمة دينيًا واجتماعيًا ونفسيًا، لكنهم ما لبثوا في المرحلة الثانية التي امتدت من عام ١٩٧٦م – ١٩٨٦م، أن تغلبوا على تلك المصاعب بعد أن تشكلت الجمعيات والمؤسسات الإسلامية التركية وفي مقدمتها مللي جوروش لخدمة الجالية في جميع المجالات، وقد حافظت هذه المؤسسات على الهوية والثقافة الإسلامية من الذوبان وأعطت الألمان صورة حضارية عن الإسلام، والقيم التركية الأصيلة.
وما كاد شوكت قازان يعلن بعد ظهور صورة نجم الدين أربكان على شاشة العرض الضخمة بالإستاد عن وصول مكالمة تليفونية منه حتى دوى زلزال من التصفيق تارة والبكاء تارة أخرى لمدة ١٠ دقائق، وبعد أن قدم أربكان اعتذاره عن عدم تمكنه من الحضور بسبب مرضه، أكد أن الحرية وحقوق الإنسان غابت منذ سنتين عن الحياة في تركيا، لكنه مع ذلك يدعو الناس لعدم فقدان الأمل في مجيء فجر تحترم فيه الحريات والحقوق، وبين أربكان أن المنتمين سابقًا إلى الرفاه ولاحقًا إلى الفضيلة هم أكثر المحبين لتركيا والحريصين على استقلالها وليس المتسلطون الدكتاتوريون الذين يدفعونها باستمرار نحو هوة سحيقة.
وفي تقريره السنوي قدم د. محمد أربكان الأمين العام، عرضًا للأنشطة المتعددة التي قامت بها مللي جوروش لخدمة الجالية التركية والمسلمين في المانيا خلال العام الماضي، وحملات الإغاثة الإنسانية التي وجهتها للعديد من الأماكن المتضررة والمنكوبة في العالم الإسلامي، إضافة لحملة ناجحة شارك فيها ۱۰ آلاف متبرع بالدم المساعدة مرضى أتراك يعالجون من أمراض خطيرة بالولايات المتحدة.
وفي كلمة قصيرة أشاد د. تیلمان تسولش ممثل الكنيسة الكاثوليكية الألمانية بإسهامات مللي جوروش الإنسانية وامتنانه للدور المميز الذي لعبته الجالية التركية في بناء المانيا المعاصرة.
كما تحدث في الاحتفال د. کارل لامارس نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي وعضو البرلمان الألماني «البوندستاج» فأوضح أن مللي جوروش تعد أكبر منظمة إسلامية ليس في ألمانيا فحسب، بل في عموم أوروبا، وأكد أن المجتمع الألماني يتعامل في مجمله باحترام بالغ مع الجالية التركية ذات الخصوصية المميزة، وأضاف أنه يعتقد أن الإسلام لا يتعارض مع روح العصر وهذا يفرض على مللي جوروش تقديم نموذج يجمع بين القيم الإسلامية والمعاصرة، وتدعيم الانفتاح الإيجابي على المجتمع وفيما بدا أنه محاولة لتلطيف الأجواء بين حزبه صاحب المواقف العدائية تجاه الأجانب وبين الجالية التركية -المتوقع زيادة الحاصلين منها على الجنسية الألمانية إلى مليون شخص بعد إقرار قانون الجنسية الجديد- قال لامارس إنه سيعمل في الأيام القادمة على تبني قانون يسمح للأتراك المقيمين في ألمانيا بصورة قانونية بحق التصويت في الانتخابات حتى ولو لم يكونوا حاملين للجنسية الألمانية.
وكانت المظاهرة التي نظمها النازيون الجدد في شوارع كولون في نفس يوم الاحتفال، والخوف من أعمال عنف كردية بسبب محاكمة أوجلان قد فرضا على الشرطة الألمانية اتخاذ تدابير احترازية مشددة حول الاحتفال الذي حظي بحضور كثيف من وسائل الإعلام الألمانية والتركية، ولم تجد الأخيرة ما تلوكه سوى الزعم بأن اجتماع المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ومهرجان مللي جوروش كانا فقط لإظهار الدعم للنائبة التركية السابقة مروة قاوقجي التي كانت حاضرة فوق اللافتات التي رفعتها آلاف النساء المشاركات ومكتوب عليها: كلنا «مروة قاوقجي». ووصفت قناة D التركية التي نقلت المهرجان في نشراتها الاحتفال بأنه مظاهرة ضد الرئيس التركي دميريل، وباستثناء صحيفة تركيا إسلامية نسبيًا، التي غطت الاحتفال، بما عرف عنها من موضوعية، فقد مارس باقي الصحف التركية هوايته في الاختلاق والتلفيق، إذ شنت صحيفة ملليت هجومًا حادًا على د. يوسف القرضاوي، ووصفته بأنه أبو الأصولية في العالم وإضافة لتغطيتها في صفحة كاملة احتفال العلويين الأتراك في ألمانيا الذي جرى في نفس يوم المهرجان بحضور مسؤولي السفارة التركية، فقد أفردت صحيفة حربيت المشهورة بالإثارة صفحة أخرى ضخمت فيها المشكلة التي أثارتها مراسلة ATV التركية التي حاولت بمشاركة الفريق العامل معها افتعال مشاجرة مع الجمهور، بعد أن فشلت في استفزازهم بارتدائها ملابس شبه عارية لا يرتديها أكثر الأوروبيات تحررًا.