العنوان 85% من طلبة الجامعة في أمريكا يتعاطون الماريجوانا
الكاتب كمال كامل العشي
تاريخ النشر الثلاثاء 23-فبراير-1971
مشاهدات 61
نشر في العدد 48
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 23-فبراير-1971
لجأ الشباب في أمريكا في محاولاتهم للثورة على الأوضاع السائدة إلى تدخين الماريجوانا، وهي مخدر يؤدي إلى فقد الإنسان السيطرة على قواه العقلية لفترة من الزمن، حيث تخلق جوًا من الغبطة والسرور وعالم جديد مليء بالخيالات والأوهام يصعب الحصول عليه في أي نوع من أنواع المخدرات الأخرى أو حتى في تناول الكحول.
ولكي نعرف حقيقة الماريجوانا وأثرها على انحطاط المستوى الخلقي والفكري لدى الشباب في أمريكا وغيرها من الدول، يمكننا أن نتعرض ولو بإيجاز إلى الدوافع التي حدت بهؤلاء الشباب إلى تعاطي المخدرات بصفة عامة والماريجوانا بصفة خاصة.
من المعروف أن من أرقى سبل النجاح وأنسبها في أي مجتمع من المجتمعات أن يكون هناك ارتباط بين ماضي وحاضر هذا المجتمع، ولا ارتباط إلا في الاعتزاز بالتراث الذي تركه السلف، بل والعمل على مواصلة الجد والكفاح، للوصول بالمجتمع إلى أرقى مستويات التقدم والرقي على هدى هذا التراث، وبنظرة فاحصة دقيقة على المجتمع الأمريكي نجد أن هناك ظاهرة سائدة وهي انعدام هذا الرباط الذي يربط الخلف بالسلف، فلا صلة بين أفكار هؤلاء الشباب وأفكار آبائهم وأجدادهم، بل على العكس هناك ثورة عارمة على ماضيهم وحاضرهم معًا، ثورة على كل قديم لخلق المجتمع المثالي الذي يحلمون به، مجتمع الفوضى والإباحية، مجتمع يسوده الحب الشهواني العارم، مجتمع لا قيمة فيه لا للدين ولا للقانون، فما وسيلة ذلك إذًا إلا بالالتجاء إلى عالم التخيلات والأوهام الذي تخلقه المخدرات عامة والماريجوانا خاصة. فما هي هذه الماريجوانا؟
الماريجوانا عبارة عن عقار يؤدي إلى العبث بالمستوى الفكري والعقلي لمن يتعاطاه ويدمن عليه، لما لهذا النوع من المخدرات من قوة في التخدير، وقوة التخدير هذه ناتجة عن وجود المادة الدهنية التي تحتويها الماريجوانا، وهي التي تقوم بالدور الأساسي في عملية التخدير هذه، وقد احتار العلماء في معرفة خصائص هذه المادة لفترة طويلة من الزمن.
وللماريجوانا آثار أخرى على الجسم والعقل معًا، فأما أثرها على الجسم فهي تتمثل في زيادة نسبة السكر في الجسم وارتفاع ملموس في ضغط الدم، وزيادة ملحوظة في النبض، يصحب ذلك كله شعور بجفاف الحلق والميل إلى قيء مستمر مع إسهال شديد ورغبة شديدة في التبول مع فقد السيطرة على ذلك، وقد أظهرت البحوث المستمرة أخيرًا أن مدمني هذا العقار يصابون بأعراض تسبق الإصابة بسرطان الرئة ومرض المعدة.
وأما أثرها على العقل، فهي تؤدي إلى خلق جو شديد الشبه من عالم الخيال والبعد عن الواقع، تكون فيه الأفكار متضاربة، أفكار لا بداية لها ولا نهاية، يصحب هذا عدم القدرة على التركيز، وقد علق أحد الأطباء الأمريكيين على ذلك بقوله: في اعتقادي أنه يطرأ تغير بيولوجي على طبيعة وظائف المخ، فقد أظهرت المراقبة للعديد من مدمني العقار أن تغيرًا ملموسًا أخذ يطرأ على شخصية المدمن مع فقد المهارة في معاملة الآخرين، وحب الانعزال من المجتمع بأسره، وشعور بالفراغ القاتل اللانهائي وتجمد في الأفكار، وعدم الرغبة في مجاراة التطور، ومع كل هذا، ورغم ما تبذله الهيئات الطبية الأمريكية من مجهودات في سبيل الحد من هذه الظاهرة، إلا أن الإقبال على تعاطي هذا العقار يسجل ارتفاعًا مستمرًا، خاصة بين طلبة الجامعات والمدارس العليا، ففي إحدى جامعات كاليفورنيا بلغت نسبة مدمني هذا المخدر بين طلبتها نسبة ٨5%، أما في المدارس الثانوية فإن نسبة من يتعاطون هذا المخدر بلغت ٧5%، منهم الكثير في حالة إدمان دائم، والأدهى من ذلك أن هذه الظاهرة بدأت تتفشى أيضًا بين الفتيات في العديد من الجامعات والمدارس، وتتراوح أعمار من يتعاطون هذا المخدر بين العشرين والخامسة والثلاثين حيث يكون الإنسان في أوج نشاطه، فأي مستقبل مظلم ينتظر هؤلاء الشباب وبالتالي مجتمعهم؟!
وكذلك فإن انتشار هذا المخدر أخذت أسهمه ترتفع بين الجنود الأمريكيين في فيتنام، فقد بلغت نسبة مدمني هذا المخدر بين هؤلاء الجنود نسبة ٨5%.
أخيرًا، نقول إن انحدار أمريكا من مركز القوة الحالي سيكون بسبب الانفجار الداخلي الذي سيعصف لا محالة من داخل هذا المجتمع كنتيجة مباشرة لأوضاع الشباب هناك، وانحدار المستوى الفكري والخلقي على حد سواء.
كمال العشي
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل