العنوان إلى الأخت الداعية- صفات أساسية للأخت العاملة في طريق الدعوة
الكاتب زينب الغزالي الجبيلي
تاريخ النشر الثلاثاء 22-فبراير-1994
مشاهدات 18
نشر في العدد 1089
نشر في الصفحة 59
الثلاثاء 22-فبراير-1994
هناك صفات أساسية لا بد من توافرها في الأخت العاملة في طريق الدعوة إلى الله؛ حتى تستمر المسيرة، ويتقدم العمل، وتكلل الجهود بالنجاح في الدنيا، والفوز والفلاح في الآخرة، وفي حالة غياب هذه الصفات أو معظمها في الأخت الداعية، فلن تجني إلا الفشل والانحراف عن الطريق، وربما أدى ذلك إلى توقفها عن المسيرة؛ لأنها أخطأت الطريق.....
أول هذه الصفات: الفهم الصحيح المعالم الإسلام، من أنه دين شامل كامل صالح التطبيق في كل زمان ومكان، وأن شريعته أتم الشرائع، وأنه دين ودولة عقيدة وشريعة وأخلاق وسلوك، ولا بد كذلك من ترتيب الأولويات، وتحديد الأصول والفروع، والفرض والمستحب، والمكروه والمحرم، فالإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، إذن هناك مراتب ودرجات، وأعلى وأدنى، وحسن الفهم الصحيح يؤدي إلى وضع الأمور في نصابها الدقيق، دون إفراط أو تفريط، ودون مغالاة أو انحراف أو تحريف، والفهم الصحيح هو أساس التعاون البناء، وأساس الارتباط والترابط القوي، وهو لذلك يأتي على رأس الصفات المهمة للأخت العاملة في مجال الدعوة، ثم تأتي صفة الإخلاص لله- سبحانه- وابتغاء مرضاته- سبحانه- وحده، وعدم إشراك غيره في النية أو العمل، لأن الإخلاص هو أساس القبول عند الله، والله- عز وجل- يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ (النساء:48)، ولذلك لا بد من تنقية القلب من الرياء والنفاق وحب الظهور، ولا بد من الحرص على تصحيح النية، والشيطان لا يترك الداعية، إنه يحاول دائمًا أن يفسد النية، حتى يحبط العمل، ويضيع الثواب والأجر، ولذلك على الداعية تجديد النية مع كل عمل حتى تفوز بالقبول من الله عز وجل.
إذا وجد الفهم الصحيح والإخلاص العميق، فلا بد من العمل والبذل والتضحية في سبيل الدعوة؛ لأن السلبية لا تقيم بناءً، ولا تدفع ضررًا، ولا تثمر خيرًا، والسلبية والإحباط واليأس جنت على بلادنا، وجعلتها في مؤخرة الأمم، والعمل والبذل في الاتجاه الصحيح هو أساس النهضة، وأهم مجالات العمل بناء الأخلاق، وحسن التربية، والتوجيه والإرشاد، وبناء الإنسان هو أصعب عمليات البناء، لأنه بناء العقل والقلب والوجدان والمشاعر والتصورات، مثلما هو بناء البدن السليم والجسم القوي الصحيح سواء بسواء... والعمل والبذل والتضحية.. كل ذلك يحتاج من الداعية إلى الصبر... الصبر على أعمال الطاعة، والقرب من الله... الصبر على تحمل أعباء الدعوة، وعلى طول الطريق والصعوبات التي تواجه من البشر، حكامًا ومحكومين... الصبر على الناس، وعلى تعليمهم وتربيتهم وتزكية نفوسهم وأرواحهم.. الداعية يحرم نفسه من كثير من ملذاته وشهواته ومتعته التي أحلها الله، يحرم نفسه من الراحة، ومن ممارسة هواياته، لأن عمله الدعوي يحتاج أكثر، وأمته بحاجة إلى وقته، فيجب أن يصبر الداعية، ويدرب نفسه على ذلك... أيضًا يصبر على طول الطريق... يتحمس لكنه لا يتعجل قطف الثمار... يدرك أنه صاحب حق لا بد أن ينتصر في النهاية، فلا يقلق ولا ييأس مهما ادلهمت الخطوب، ومهما اشتدت الأزمات، ومهما أظلم الليل، وانسدت الطرقات.
الداعية يجب أن يتحلى بسعة الصدر ورحابة الأفق، فيتحمل الناس على اختلاف طبائعهم وعاداتهم وسلوكياتهم، فيكون اليد الحانية التي تمتد إلى المحتاج والملهوف، وتمسح جراح وآلام ومتاعب الإنسان، يتحمل كثرة المصاعب دون أن تفتر له همة، أو تضعف له عزيمة، أو يناله التعب والألم، الداعية يدرب نفسه على أن يتقبل النصح والتوجيه، ويستفيد من كل نصح يوجه إليه، ويقبله أيا كانت طريقته، وأيًّا كان الأسلوب الذي قيل به، لأنه يرجو الآخرة، ويطلب رضاء الله، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، والداعية عليه كذلك أن يحسن إسداء النصيحة للآخرين بلا قسوة أو تعنيف أو تعال أو حساسية.... عليه أن يختار أفضل أسلوب وأفضل طريقة وأحسن ثوب وأنسب مكان وأرق عبارة، وهو في ذلك يجدد النية؛ لأنه يرجو الله وحده، ويهدف إلى الخير، ويرغب في الأجر والثواب.
الداعية يجب أن يكون الأقرب إلى الله، والأكثر عبادة والتزامًا، والأسرع توبة وإخباتًا، والأنشط ذكرًا لله، والأرق قلبًا، والأكثر عطاءً ومسارعة إلى فعل الخير، والبعد عن الشبهات...
الداعية هو القدوة، وهو الأسوة، وهو الموجه، وهو المرشد، وهو رائد الأمة إلى الله... والأخت الداعية عليها أن تربي نفسها على هذه الصفات، فإن فعلت فقد أحسنت صنعًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل