الأهداف الأخروية والدنيوية لرمضان

واحدة من المسلَّمات
التي يجب أن تكون لدى الفرد المسلم إدراكه أنه من الضروري أن يبدأ في تحديد أهدافه
الأخروية والدنيوية قبل دخول شهر رمضان، وأن يكون جاهزًا للوصول إليها منذ بدء أول
ثانية في هذا الشهر الكريم.
لا شك أنه
بتحديد الأهداف واستشعار أهمية تحققها، يمكن للمرء أن يوجه جهوده بشكل فعال
وحقيقي، ليحقق أكبر فائدة مرجوة عبر الاستفادة من الوقت رغم ضيقه وسرعان مروره،
وذلك من خلال ترتيب الأوليات في ظل جدول أعمال واضح ومحدد بتوقيت معلوم، حتى يقيس
المرء إنجازاته ويتابع تقدمه أول بأول خلال شهر رمضان المبارك.
وإذا أردنا
تقسيم الأهداف بشقيها الدنيوي والأخروي، فعلى مستوى الأهداف الأخروية، فقد تكون
أهدافًا مثل المواظبة اليومية على صلاة قيام الليل والتهجد، بجانب المحافظة على
صلاة الجماعة في المسجد لكل الصلوات، بالإضافة إلى الاجتهاد في قراءة القرآن
وإنجاز ختمة واحدة على الأقل خلال شهر رمضان، وبالطبع هذا المثال المذكور قد يناسب
البعض ولا يناسب البعض الآخر، ولذلك فكل شخص أدرى بحاله وبأهدافه، ولكننا أردنا
تقريب المعنى المقصود لا أكثر.
أما على مستوى
الأهداف الدنيوية، فقد تشمل أهدافًا تعزز من حياة أفضل لبعد رمضان، مثل استغلال
الشهر للتخلص من العادات اليومية السيئة كمسألة تنظيم الوقت بشكل جيد يحقق التوازن
بين كل من العبادة والعمل أو تعلم مهارات جديدة تجعل المرء أكثر إنتاجًا في سجل
إنجازاته الدنيوية وأكثر سعيًا في ذات الوقت في طريقه للآخرة.
ومما يساعد في
تحقيق هذه الأهداف سواء الدنيوية منها أو الأخروية، التعمق في فهم الغاية والمراد
من شهر رمضان، حيث يجب على المسلم أن يعي جيدًا مقاصد هذا الشهر وغاياته وفق ما
جاء في القرآن الكريم والسُّنة.
بالإضافة إلى
أنه يجب على المسلم مطالعة كيفية تعامل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا
الشهر المعظم، كيف كانت حالهم مع الصيام والقرآن وسائر العبادات، وكيف كان يسير
يومهم في هذا الشهر.
وعلى المسلم أن
يدرك أن الفهم الصحيح لطبيعة هذا الشهر يجعل الصوم أكثر تأثيرًا في حياته، لدرجة
أنه يحولها من مجرد عادة اعتاد الناس على تكرارها كل سُنة، لتصبح عبادة حقيقية
يستشعرها بكافة أركانه وجوارحه ويتقرب من خلالها إلى ربه ومولاه، وقد زخرت السُّنة
النبوية بالعديد من الأحاديث التي تشير إلى هذا المعنى على وجه التحديد، فعن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قال الله عز وجل: كل عمل بن آدم له
إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا
يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد
بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا
أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه» (رواه البخاري، ومسلم).