التعليم استثمار من أجل المستقبل

ونحن نستقبل العام الدراسي الجديد متفائلين ومستبشرين بمستقبل زاهر لجيل المستقبل، لا يسعنا إلا أن نشيد بجهود وزارة التربية التي هيأت كل الظروف لبدء سنة دراسية على أحسن ما يرام.  

إن ما رصدته وما ترصده الدولة من أموال طائلة تنفقها على تربية النشء وتعليمه ليست أموالًا تذهب هدرًا حيث ينظر للتعليم اليوم لا على أنه خدمة اجتماعية استهلاكية تقدمها الدولة للمواطنين وإنما هو استثمار على المدى البعيد غايته خلق الطاقات البشرية المختلفة وتوظيف تلك الطاقات المصقولة والمعدة خلال سني الدراسة وهذا هو الضمان الأكيد لتقدم الأمة ورقيها.

وفي هذا الإطار وانطلاقاً من هذا المفهوم، سعت وزارة التربية دائما على أن تجعل عملية الاستثمار هذه تتم في أحسن الظروف وتعطي أحسن النتائج، وإذا كنا مرتاحين للتقدم الكثير الذي حققته الكويت وفي وقت قصير في مجال التربية والتعليم، ولا حاجة للتدليل على ذلك فأعداد الطلاب الذين سيدخلون المدارس هذا الأسبوع وأعداد الخريجين المتزايد سنة بعد سنة أبلغ دليل على ما نقول غير أننا نطمح دائما إلى الأفضل والأحسن ونريد أن نتلافى من خلال تجربتنا طيلة السنوات الماضية كل ما من شأنه أن يخل بالمسيرة التربوية.

مراجعة المناهج التربوية

الملاحظة الأولى: لا بد أن ننوه بفكرة مراجعة المناهج التربوية التي اعتمدتها وزارة التربية الكويتية وأملنا أن تخرج نتائج المراجعات بحيث تكون قابلة للتطبيق وتسير مع اختياراتنا التربوية العامة.

إن الزمن يتغير بسرعة والنظريات التربوية في تطور مستمر ونحن نريد لمناهجنا التربوية أن تواكب التقدم والتطور وألا تظل كما هي فالتغيير والحركة عنوان اليقظة والسكون، والركود عنوان التقهقر والتخلف ولابد أن تلاحظ أننا لا نطلب التغيير من أجل التغيير، بل من أجل مستوى تعليمي أرقى ومن أجل طريقة استيعاب أسهل وأيسر ومن أجل طلاب أفضل علما وأدبا ودينا.

التعليم النظري والتعليم التطبيقي

الملاحظة الثانية: التي نريد أن نبديها وهي على صلة وثيقة بما سبق أن قلناه تدور حول عدم التوازن بين التعليم النظري والتعليم التطبيقي، فمن مشكلات التعليم في الكويت كما في البلدان النامية عموما غلبة التعليم النظري على التعليم المهني التقني في حين أن هذه البلدان في أحوج الحاجة للكوادر العليا والمتوسطة من الفنيين وحتى من العمال الماهرين ونصف الماهرين في كافة التخصصات، ومن جملة أسباب هذا الخلل نظرتنا (بدأت تتغير والحمد لله) للمهنة على أنها امتهان، إذن لا بد من إعطاء هذه القضية ما تستحق من الاهتمام ولا بد من تشجيع التعليم المهني والفني وضبط محتوى لهذا التعليم يتلاءم مع مستلزمات المهن والصناعات والأعمال المختلفة في المجتمع، وبعبارة أخرى أن يكون هناك ترابط بين هذا التعليم وحاجيات المجتمع حتى لا تتخرج من مدارسنا أفواج من العاطلين مثلما هو الشأن بالنسبة للتعليم النظري في بعض البلدان العربية والنامية.

لقد تبين للباحثين في شؤون التربية أن الكثير من الطلاب تفكيرهم عملي ولهم رغبة في تشغيل أيديهم، بل ولهم مواهب تظل مكبوتة إذا لم تتح لهم فرصة التعليم المهني ومن التعسف عليهم مطالبتهم بالنجاح في التعليم النظري.

فلا يسعنا ونحن نبدأ عاما دراسيا جديدا إلا أن نأمل أن تواصل وزارة التربية مسيرتها على نهج التطوير والتهذيب الذي سلكته ونحن متفائلون لأن وزارة التربية الكويتية تولي منذ زمن قضية التعليم المهني أهمية خاصة ونرجو أن تواصل سعيها بجد من أجل خلق تقاليد تعليمية مهنية راسخة(1)




__________________

(1) نُشر بالعدد (783)، 12 المحرم 1407هـ/ 16 سبتمبر 1986م، ص10.  


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة