عبداللطيف القانوع: يجب إصلاح «منظمة التحرير» على قاعدة الشراكة والدفاع عن الحقوق الفلسطينية

دعا المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) د. عبداللطيف القانوع إلى إصلاح «منظمة التحرير الفلسطينية»، باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني على قاعدة وطنية موحدة تقوم على الشراكة في صياغة مشروع التحرر والدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
جاء هذا في الحوار الذي أجرته «المجتمع» مع القانوع، وتطرق لعدة ملفات مهمة حول «حماس» وصفقة الأسرى والعلاقة مع إيران والانتخابات والمصالحة الفلسطينية وعن الحصار ودور الحركة في تفكيك حلقاته والمقاومة بكافة أشكالها في الضفة، ومخاطر التنسيق الأمني للسلطة مع الاحتلال على الشعب الفلسطيني ومقاومته، وإشادته بالدور الكويتي المتميز في دعم القضية الفلسطينية.
أين تقف حركة «حماس» اليوم؟ وما أبرز النجاحات في تاريخ الحركة؟
- «حماس» اليوم بعد ما يزيد على ثلاثة عقود من انطلاقتها تقف وتتربع على مشروع المقاومة، وتؤمن أن المقاومة خيار إستراتيجي لتحرير الأرض من دنس الاحتلال، وتمكنت من ترسيخ العمل الوطني المشترك والعمل المقاوم من خلال غرفة العمليات المشتركة، واستطاعت أن تضع قضايا شعبنا على الطاولة، منها تحرير الأسرى والإفراج عما يزيد على 1050 أسيراً، وأسر عدد من الجنود الصهاينة في معارك مختلفة، ومنها أيضاً دحر الاحتلال من قطاع غزة عام 2005م مع المقاومة الفلسطينية، واليوم «حماس» تقف وتتربع على المقاومة وتقود مشروعها لمواجهة الاحتلال الصهيوني ومشروع تصفية القضية الفلسطينية.
كان للمعركة الأخيرة "سيف القدس" آثار إيجابية على مستوى العالم العربي والإسلامي، فهل لمست الحركة هذه الآثار؟
- لا شك أن معركة «سيف القدس» الأخيرة وحَّدت الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وجمعت الشعوب العربية والإسلامية تجاه قضيتنا المركزية قضية فلسطين، ونحن الشعب الفلسطيني لمسنا التضامن الواسع من أبناء شعوب أمتنا العربية والإسلامية في كافة مجالات تخصصاتهم وانتماءاتهم من مشاهير ودول وحركات وبرلمانات.
إن حركة التضامن الواسعة والكبيرة في معركة “سيف القدس” تؤكد أن الشعب الفلسطيني يعمل بكل اقتدار على حشد كل أشكال الدعم من الدول العربية والإسلامية لتعزيز صموده، وهذا واضح من المواقف المتقدمة من الدول والبرلمانات تجاه مدينة القدس.
وجولة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية لعدد من الدول العربية والإسلامية بدأت ولم تنتهِ بعد؛ حيث لمسنا من خلالها الدعم والإسناد لشعبنا وقضيته؛ فمدينة القدس تتربع في قلوب أمتنا العربية والإسلامية، وهي من أولويات العالمين العربي والإسلامي، واستطاعت معركة “سيف القدس” أن تغسل عار “التطبيع” والمطبعين، الذين حاولوا شرعنة الاحتلال على أرضنا، وبالتالي أسقطت أقنعة كل المطبعين، وعززت صمود الداعمين المساندين لشعبنا الفلسطيني.
كانت لكم دعوات في يونيو الماضي لتصعيد المقاومة الشعبية بالضفة الغربية لمواجهة الاستيطان، فكيف كانت الاستجابة الشعبية لهده الدعوات؟
- المقاومة الشعبية أحد خيارات شعبنا لمواجهة الاحتلال وقطعان المستوطنين؛ فمن حقنا استخدام كافة خيارات المقاومة سواء الشعبية أو العسكرية أو السلمية، وهي مستمرة في كل محافظات الوطن، وليس أمام شعبنا إلا رفع وتيرة المقاومة الشعبية لمواجهة قطعان المستوطنين والاستيطان والتهويد والعدوان على المقدسات.
«حماس» نجحت في تفكيك حلقات الحصار المشدد على غزة والخيارات مفتوحة لرفعه كاملاً
هل ترون أن للسلطة الفلسطينية وقيادتها دوراً في إجهاض التحركات الشعبية بالضفة المحتلة؟
- دور السلطة الفلسطينية في استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني مخالف للتوافق الوطني، وهذا جرَّمته كل الفصائل الفلسطينية سواء في المجلس المركزي لمنظمة التحرير أو المجلس الوطني؛ فهناك قرار بوقف كافة أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال، لأن استمرار التنسيق الأمني وملاحقة الشباب الثائر باستمرار والقمع وسحل وضرب النساء يشكل ضغطاً على الشعب الفلسطيني، ويمنع توسيع رقعة المقاومة بالضفة المحتلة.
المطلوب من السلطة الفلسطينية منح مساحة كبيرة لأبناء شعبنا، ورفع يدها الثقيلة عن شعبنا ومقاومته، ووقف كافة أشكال الاعتقالات، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، واستدامة المواجهات مع الاحتلال في كافة المناطق والمفترقات، والميادين وعلى الحواجز.
هناك حراك تم مؤخراً في ملف تبادل الأسرى، فأين توقفت هذه التحركات؟
- فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، نحن أبلغنا جميع الوسطاء الذين تواصلوا معنا بعد معركة «سيف القدس» التي انتصر فيها شعبنا الفلسطيني، أن ما لدى المقاومة من جنود صهاينة لا يقابله إلا إطلاق سراح الأسرى الأبطال، ومحاولة الاحتلال ربط ملف الأسرى بملفات أخرى لا تقبله الحركة، ولا كل فصائل المقاومة، وبالتالي فملف صفقة تبادل الأسرى ما زال يراوح مكانة بسبب مماطلة وتلكؤ الاحتلال، الذي يعيش أزمة داخلية وغير جاهز لإتمام صفقة تبادل جديدة، ونحن في حركة «حماس» نؤكد جاهزيتنا للبدء عملياً في الحديث غير المباشر لإتمام صفقة تبادل للإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال.
هل هناك بادرة إيجابية لرفع الحصار عن غزة؟
- نؤكد أن من حق شعبنا أن يعيش عزيزاً على أرضه، وأن يتم كسر هذا الحصار الذي استمر أكثر من 15 عاماً، وخيارات شعبنا مفتوحة لكسر هذا الحصار، فكسره حق سياسي وإنساني وطبيعي لشعبنا، نحن نناضل من أجل ذلك، وقطعنا شوطاً طويلاً، وفككنا حلقات الحصار المشدد عن غزة، وندعو العالم والمجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لإنهاء كل أشكال الحصار، وليس من المنطق والأخلاق أن يحاصَر ما يزيد على مليوني نسمة، وتغلق المعابر وتمنع مقومات الحياة الإنسانية والمواد الطبية من الدخول، رفع الحصار هو ضرورة وعلى أولويات حركة «حماس»، ونحن نناضل من أجل ذلك وخياراتنا مفتوحة لتحقيق ذلك.
هل يمكن القول: إن ملف الانتخابات أُغلق لأجل غير مسمى؟ وما سبب ذلك؟
- الانتخابات الفلسطينية كانت بشكل توافقي مع كل الفصائل ومنها حركة «فتح»؛ بحيث تكون أحد الملفات المهمة في إتمام الوحدة الوطنية وترتيب البيت الداخلي، وهي خطوة أولى على طريق ذلك، وتوافقنا وقطعنا شوطاً كبيراً من الترتيبات والإمكانات وتشكيل اللجان والمرشحين إلى أن وصلنا لساعة الدعاية الانتخابية، وفوجئ شعبنا وصُدم بقرار منفرد من رئيس السلطة محمود عباس بتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى، بحجة عدم إجرائها في مدنية القدس، رغم أن الشعب الفلسطيني لديه القدرة على فرض الانتخابات بالقدس، فشعبنا استطاع أن يفرض معادلة في مدينة القدس وساحات الأقصى وفي معركة «سيف القدس» الأخيرة، واستطاع أن يفرض معادلة في معركة «البوابات الإلكترونية»، ويكسر شوكة الاحتلال، ويرفض تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، ويواجه قطعان المستوطنين في اقتحاماتهم، وهو قادر على أن يفرض إرادته وأن يجري الانتخابات في القدس، وبالتالي فقرار الانتخابات تأجل من رئيس السلطة محمود عباس، ونحن جاهزون لإتمام وترتيب البيت الداخلي، وتحقيق الوحدة الوطنية وأيدينا ممدودة لذلك، ومستعدون لاستئناف ذلك.
الكويت ساهمت في تعزيز صمودنا بـ»سيف القدس» وتشارك بفاعلية في إعادة الإعمار
كيف تنظر "حماس" لـ"منظمة التحرير"؟ وما مستقبل التعامل معها؟
- نحن نؤمن أن «منظمة التحرير الفلسطينية» الممثل الشرعي لشعبنا ولا بد من إصلاحها، لتصبح الجامع الحقيقي للشعب وفصائله، وأن تكون هناك إستراتيجية نضال موحدة تتكئ عليها الفصائل الفلسطينية في إدارة مشروع التحرير والعودة، معركتنا مع الاحتلال مستمرة وصراعنا دائم وطويل، بالتالي هذا يتطلب إصلاح منظمة التحرير على اعتبار أنها الجامع لشعبنا الفلسطيني.
حدثنا عن طبيعة علاقة "حماس" مع دول الإقليم وفي مقدمتها إيران.
- علاقتنا مع الإقليم ومع الدول وإيران، علاقة إيجابية ونقف على مسافة واحدة من الجميع، نحن نقترب من أي دولة حسب قربها من شعبنا، وإنصافها ودعمها لقضيتنا ومقاومتنا؛ فبعض الدول تدعمنا عسكرياً، وهناك دول تدعمنا سياسياً، وبعضها يدعمنا إنسانياً واقتصادياً، ونحن نقدر جهود جميع الدول، وعلاقتنا بكل دول الإقليم إيجابية وبناءة تصب في مصلحة قضيتنا العادلة.
كيف تنظرون لمواقف دولة الكويت الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني؟
- نحن في حركة «حماس» نقدر الشعب الكويتي؛ أميراً وحكومة وشعباً ومؤسسات وفاعلين ونشطاء وداعمين لقضيتنا الفلسطينية العادلة، ونحن نثمن الأصوات الحرة التي خرجت من قلب البرلمان والشعب الكويتي أثناء معركة «سيف القدس»، وعززت صمود شعبنا، وأدانت العدوان الصهيوني على غزة، ونبارك ونشجع ونوجه التحية لكل الجهود الكويتية المتواصلة لدعم قضيتنا العادلة، ولموقف الكويت الداعم لإعادة إعمار القطاع، هذه أصوات حرة ونبيلة تنم عن أصالة وعراقة دولة الكويت ووقوفها لجانب الحقوق الفلسطينية.