20 فبراير 2025

|

عبر «طوفان الأحرار».. التنين حر والصياد مهزوم!

ياسمين عنبر

18 فبراير 2025

5326

لقد فُتح باب الزنزانة الذي غطى الصدأ حديده للتنين، ذاك البطل الذي راهن زعماء الاحتلال على دفنه في مقابر الأحياء للأبد! 

تنين جنين، زكريا الزبيدي.. هزم المحتل وخرج إلى النور بعد ظلمة السجن وقهر السجان بعد أن تباهى وزير الأمن القومي «الإسرائيلي» بن غفير بإعادة اعتقاله عام 2021م حين هرب من السجن ليتنفس هواء الوطن برفقة 6 من رفقائه، أصبح الزبيدي حراً ويهتف بصوت عالٍ لحظة تحرره وعودته إلى أزقة جنين التي يحب: «سيبقى التنين صاحب الأرض، والصياد دخيلاً عليها»!

فصول الحكاية 

في 30 يناير 2025م، تحرر زكريا الزبيدي في صفقة عز مشرفة، وخرج من زنزانة لا تتعدى المترين إلى سعة البلاد والحرية، فمن هو الزبيدي؛ طفلًا وشابًا ومقاومًا ومناضلًا ثم مطاردًا وجريحًا ثم أسيرًا ثم حرًا عبر نفق الحرية، ثم إلى العزل الانفرادي ثم حرًا قهرًا للسجان وقراره؟!

عبر مجلة «المجتمع»، نروي لكم فصول الحكاية، حكاية الأحرار الذين تلدهم أمهات فلسطينيات ويرفضون الخنوع والانصياع لمحتل دخيل على الأرض!

هو ابن مخيم جنين للاجئين، ولد عام 1976م وترعرع فيه، وتعلق بأزقته وأشجاره وكرومه، كان والده مدرسًا، ولكن الاحتلال منعه من ممارسة عمله لسنوات طويلة.

كان للزبيدي نصيب كبير من أوجاع الوطن السليب، ففي عام 1989م، أصيب برصاصة جيش الاحتلال بساقه حين كان يرمي الحجارة على الجنود الذين يعربدون في شوارع مخيمه، وكانت إصابته بالغة حيث خضع لـ4 عمليات جراحية، لكنه بقي متأثرًا بهذه الإصابة بشكل دائم؛ لأن قدمه المصابة أصبحت أقصر من الأخرى، وذلك حين كان عمره 13 عامًا، ثم اعتقل للمرة الأولى حين كان بعمر 15 عاماً، وقد سجن 6 شهور، ثم اعتقلوه لمدة 4 سنوات ونصف سنة بتهمة إلقاء عبوات حارقة على جيش الاحتلال، وفي عام 2002م، ارتقت والدته شهيدة، ثم ارتقى شقيقه طه، خلال عملية «الدرع الواقي» في أكبر عملية اقتحام لمخيم جنين.

وفي زنزانته قبل عام، تلقى الزبيدي خبر استشهاد شقيقه داود، حيث ارتقى شهيدًا في مستشفى رمبام في حيفا متأثراً بجراحه الذي أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال «الإسرائيلي» في جنين، ثم قدم فلذة كبد آخر للوطن على طريق التحرير قبل شهور من تحرره، حين ارتقى نجله محمد مع عدد من المقاومين في غارة جوية بمدينة طوباس شمالي الضفة الغربية.

الأسير المحرر محمد العارضة كان رفيق زنزانته، يحكي موقفًا حين حمله الأسرى مسؤولية إخبار الزبيدي بارتقاء فلذة كبده محمد، ليتفاجأ بعد 3 أيام بمعرفته بالخبر وصمته رضًا واحتسابًا وما زال يردد وقتها: «لو لم يستشهد محمد بهذه الطريقة لما افتخرت أنه ابني».

نفق الحرية 

مسيرة نضال طويلة خاضها الزبيدي منذ أن كان فتى يغار على مخيمه جنين حين تمشي به مركبات العدو عربدة على أصحاب الأرض، إلى أن أصبح مطاردًا يلاحقه المحتل، ثم أسيرًا يتحرر مرتين؛ مرة من نفق الحرية، ومرة عبر طوفان الحرية.

كما تقلد مناصب كثيرة سواء في الحياة المهنية أو على الصعيد السياسي، فقد عُيِّن مديرًا لمسرح الحرية في مخيم جنين للاجئين حيث يمكن للأطفال دراسة المسرح وتجربة الثقافة الفنية والموسيقية المتنامية حول مهرجانات فلسطين السينمائية الدولية.

وعلى الصعيد السياسي الوطني، فقد كان قائدًا عسكريًا فلسطينيًا، كما عُيِّن عضوًا في المجلس الثوري الفلسطيني، كما يعد من رموز الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

عام 2019م، أعاد الاحتلال اعتقال الزبيدي برفقة المحامي طارق البرغوثي بتهمة مشاركتهم في أنشطة تحريضية، بعد أن اقتحمت قوات الجيش مدينة رام الله، وبعد اعتقالهما بساعات اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، واعتدوا على كل الصحفيين الذين كانوا يغطون الأحداث وقتذاك.

وفي عمل بطولي وأسطوري عبر تاريخ النضال الفلسطيني يوم 6 سبتمبر 2021م، نجح الزبيدي برفقة 5 أسرى أن يحفروا نفقًا في زنزانتهم والهروب منه إلى ربوع الوطن، رغم أن سجن جلبوع من السجون شديدة التحصين والإغلاق، وبعد 4 أيام من التجوال على أرض الوطن أعيد اعتقالهم إلى زنازين انفرادية.

«تنين جنين» حراً

«تنين جنين» أطلق على نفسه توصيفًا لحالته مع الاحتلال كونه مطاردًا لسنوات طويلة، بينما أطلق عليه العدو الصهيوني لقب «قط شوارع»، فقد قال الجيش عنه حين تم اعتقاله عام 2019م: «لطالما حاولنا الإمساك به، لكنه أفلت من أيدينا، والآن أعيد اعتقاله لانخراطه مرة أخرى في أنشطة إرهابية».

وضمن الدفعة الثالثة من صفقة طوفان الأحرار، استنشق الزبيدي هواء الحرية خلال المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية بغزة برفقة 109 أسرى فلسطينيين مقابل أسيرتين «إسرائيليتين»، هما أربيل يهود، وآجام بيرغر، إضافة إلى أسير ثالث وهو غادي موزيس.


تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة