علماء ومفكرون: رعاة العبث الرمضاني يخدمون العلمانية والصهيونية

يعد شهر رمضان الفضيل، تاج الشهور، بما يحمله من طاقة روحية
وإيمانية يتقوى بها المسلم طوال العام، لكن من بني جلدتنا، ممن يدينون بالإسلام،
من ينفقون المليارات؛ لمبارزة الله بالمعاصي، وإشاعة الفن الهابط الذي يضيع الوقت،
ويثير الشهوات، وينشر الفاحشة، ليخرج الصائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.
"المجتمع" طرحت على مائدة عدد من
العلماء والمفكرين، أخطار وتداعيات استمرار هذا المخطط منذ عقود، والذي يزداد
الإنفاق عليه بسخاء في الأعوام القليلة الأخيرة، وكيفية النجاة منه.
يؤكد الدكتور «عبد المنعم سلطان»، رئيس قسم الشريعة، كلية
الحقوق - جامعة المنوفية، أننا في عصر الفتن بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، حتى
أصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، مذكرا بما سبق أن دعا إليه «صمويل زويمر»
أحد عتاة التنصير في توصيته في مؤتمر القدس التنصيري الذي عقد عام 1935م: "ليس
الغرض من حملات التنصير في العالم الإسلامي أن يتحول المسلمون إلى نصارى، فقد
أثبتت التجارب استحالة هذا، ولكن مهمة التنصير في هذا القسم من العالم هو التحول
عن الإسلام وكفى!"
اقرأ أيضا: صورة رجل الدين
في الدراما والسينما العربية
يتابع في حديثه لـ«المجتمع»: زاد هذا التوجه في ظل تحالف
وتآمر التنصير والغزو الثقافي والاستشراق، ليمثلوا وسائل شيطانية تستقطب أبناء
جلدتنا من الرويبضات الذين حذرنا منهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "سيأتِي
على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ؛ يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ، ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ،
ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ، ويخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ. قِيلَ:
وما الرُّويْبِضةُ؟ قال: الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ في أمرِ العامةِ".
حرب شاملة:
ويوضح «سلطان» أن من معالم تلك الحرب، تفريغ العبادات -ومنها
الصيام- من مضمونها لتصبح في أحسن الأحوال مجرد طقوس بلا معنى أو روح أو تأثير،
حتى وصل الأمر إلى أن راقصة تروج أنها بعد السهر والتعري يوميا في الملهي تحرص على
أداء صلاة الفجر، وفنانون تافهون يقدمون برامج مقالب يتم إنفاق عشرات الملايين من
الدولارات عليها؛ لتسطيح الفكر وتضييع الدين، وصدق الإمام الشافعي إذ يقول:
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا ** وَما لِزَمانِنا عَيبٌ
سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمان بِغَيرِ ذَنبٍ ** وَلَو نَطَقَ الزَمانُ
لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ ** وَيَأكُلُ بَعضُنا
بَعضاً عَيانا
تآمر تاريخي:
ويرى الدكتور «صلاح عاشور»، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة
الأزهر، أن الحرب على رمضان لإفساده على المسلمين ليست وليدة اليوم، ولن تتوقف حتى
قيام الساعة، فقد علمت "شياطين الإنس" أن إخوانهم من "شياطين
الجن" قد صفدت فيه فقاموا هم بنفس الدور وزيادة، حيث تفننوا في تزيين كل
معصية، ومدحها على أنها تحضر وتمدن مهما كانت درجة تعارضها مع الأخلاق والقيم
العربية والإسلامية.
يضيف لـ«المجتمع» أن ظهور الاستعمار الثقافي والتبشير
والاستشراق، ما يمكن تسميته "الثلاثي العدواني" الكاره لكل ما هو
إسلامي، يقف وراء احتضان أية أفكار منحرفة، وتشجيع أي منحل يدعو إلى المجون والعري
وسفالات التغريب والعلمانية، وتقديمه على أنه من "نجوم المجتمع"، لذلك
يشهد شهر القرآن سفها غير مسبوق في إنتاج فن هابط ومسابقات تافهة وبرامج مقالب
تفسد الصيام، وتعاد ليلا ونهارا، بل في الشهور التالية لرمضان من خلال قنوات خاصة،
وكأنها تطارد ديننا وعباداتنا وتفسد عقولنا، وخاصة أطفالنا ونساءنا وشبابنا، وصدق
الله إذ يقول: (وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) (النمل:
24).
عبادات وأخلاق:
وتقول الخبيرة الاجتماعية الدكتورة «إقبال السمالوطي»، العميد
الأسبق للمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، إن الفرحة الحقيقية في رمضان تكون بمزيد
من الطاعات والتوبة من المنكرات والمعاصي، ليبدأ الصائم صفحة جديدة مع ربه، وكذلك
مع كل أفراد المجتمع لينقي صدره من الغل والحسد وشهادة الزور وغيرها من المعاصي
التي تفسد الصيام وتضيع ثوابه.
يتم سنويا رصد المليارات
لمسخ الهوية من خلال إشاعة الفن الهابط:
وتحذر «السمالوطي» من المخطط الغربي الصهيوني الخبيث لتدمير
مجتمعاتنا العربية والإسلامية بعدما سيطروا على غالبيتها سياسيا واقتصاديا
وثقافيا، إلا أنها فشلت في تفكيك الأسرة التي تعد اللبنة الأولى لمجتمعاتنا، ولهذا
تركزت كل جهودهم لتدمير الأسرة بالدعوة للشذوذ والإجهاض والصداقة بين الجنسين
والمساكنة والعلاقات الشيطانية خارج نطاق الزواج، وتبرير زنا المحارم والعري
والمخدرات والتدخين، أليست كل هذه القضايا تدعو إليها الدراما الرمضانية بشكل
مباشر أو غير مباشر، والله يقول: (إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا
تَعْلَمُونَ) (النور: 19)، ولهذا فإن مواجهة هذا الشر
المستطير تكون بتحصين المجتمع وخاصة النشء من خلال التنشئة الدينية السليمة في
الأسرة، بالتعاون مع مؤسسات التعليم والتثقيف والإعلام والتربية، وغيرها من
المؤسسات ذات الصلة.
شهوة "التريند"
يؤكد الناقد الفني «سمير الجمل»، مدير مركز الجمهورية
للسيناريو والنقد الفني، أنه منذ عقود طويلة تحولت البوصلة الرمضانية -بفعل فاعل-
من غذاء للروح إلى وسيلة لإثارة الشهوات الحيوانية، بل إنه أصبح أكثر شهور العام
فجورا ولهوا ومجونا وعبثا على شاشات التلفزة، تحت شعارات "التريند"
والرغبة في جني المكاسب المالية الطائلة ولو على أشلاء مكارم الأخلاق، ولتذبح
الفضائل بحثا عن الشهرة والأموال.
يجب تحصين الأسرة من سموم
الفن وإنتاج أعمال هادفة وراقية:
يتابع: للأسف فإن الوضع يزداد سوءا بعد أن تنافست بعض الدول
لرعاية هذا اللهو الشيطاني، والمسخ المتعمد والمستمر والمتزايد لشهر رمضان حتى يتم
تفريغه من محتواه الحقيقي، ليكون شبيها بالكريسماس الذي كان احتفالا دينيا بميلاد
المسيح عليه السلام، إلا أنه تحول تدريجيا لحفلات اللهو والمجون، واختفى أي مظهر
ديني في هذه المناسبة حيث تمت "علمنة الميلاد" وضاعت الحكمة من الاحتفال.
ينهي حديثه لـ«المجتمع» بالقول: لابد من تعديل البوصلة وتقديم
البديل الراقي بإنتاج أعمال فنية دينية واجتماعية هادفة لسد الفراغ الحالي في هذين
اللونين من الفن، والغريب أنه عندما يتم عرض عمل فني ديني يكون مثيرا للجدل مثل
مسلسل "معاوية" الذي فيه تشويه للدين والتاريخ، أليست هذه مؤامرة أخرى
بعباءة دينية؟!
اقرأ أيضا: الشباب العربي
على رادار الفن الهابط!