مع افتتاح المدارس..

من أجل ترشيد الخطة التربوية في الكويت

بمناسبة افتتاح العام الدراسي الجديد لا بد لنا من العودة إلى طرح موضوع العملية التربوية وتطوير التعليم، وهو الأمر الذي أولته الدولة عنايتها وعقدت من أجل ذلك الندوات، واستمعت إلى مختلف الآراء ممن لهم علاقة بهذه العملية ذات الأثر البالغ في بناء الإنسان ورقي المجتمع وتطوره.

ففي مطلع هذا العام عقدت حلقة دراسية حول اتجاهات التجديد في التعليم الأساسي بالدول العربية، وكان لوكيل وزارة التربية كلمة طيبة في هذه الحلقة.

مؤتمر للتعليم العام

ثم عُقد بعد ذلك مؤتمر للتعليم العام في مطلع شهر أبريل الماضي، اجتمع فيه نظار المدارس بالمسؤولين بالوزارة لتبادل وجهات النظر حول كافة القضايا التربوية، تحدث فيها وكيل وزارة التربية المساعد للمعلومات والشؤون الطلابية.

وفي مطلع شهر مايو الماضي عادت المجموعة الفنية لبرنامج التجديد التربوي إلى الاجتماع الذي افتتحه وكيل وزارة التربية بكلمة طيبة قال فيها:

«إن أبناءنا الذين تضمهم مدارسنا اليوم هم الجيل الذي سوف يحمل أمانة القرن الحادي والعشرين، ويواجهون تحدياته، ويتحملون مسؤولياته، وعليهم أن يجدوا لأنفسهم وأمتهم مكانًا فاعلًا وسط صراعاته وهم يشهدون أكبر وأسرع مرحلة تغيير تمر بها البشرية، وأمامهم آفاق من المخاطر تلح عليهم بوادرها من تناقص الموارد وتلوث البيئة، واهتزاز القيم وتمزق الأمة وتفرقها، وعودة قانون الغاب يفرض فيه القوي شروطه».

منطقة الجهراء التعليمية

وفي منطقة الجهراء التعليمية عقد السيد مدير المنطقة التعليمية سلسلة من اللقاءات مع عدد من المدرسين الذين جرى انتخابهم لتمثيل مدارسهم، واستمع مدير المنطقة والمسؤولون فيها إلى آراء المدرسين والمدرسات وتحاوروا معهم حول أفضل السبل لتطوير العملية التربوية والتخلص من سلبياتها ذات العلاقة بالطالب والمنهج والمدرس، وهي الأبعاد الثلاثة للعملية التربوية.

كما أقامت بعض الصحف المحلية عددًا من الندوات حول هذا الموضوع، تحدث فيها عدد من المعنيين بالعملية التربوية وتشخيص سلبياتها وتطويرها.

وأخيرًا، قررت الدولة إنشاء لجنة من كافة الاتجاهات والخبرات الأكاديمية والتربوية مهمتها وضع مخطط تربوي لتطوير التعليم.

توصيات مجلة «المجتمع»

ولما كانت «المجتمع» حريصة على أن يخرج هذا المخطط على الوجه الأكمل فإننا نقول:

  • إن بناء الإنسان عقليًّا ونفسيًّا وجسميًّا عملية غاية في الأهمية والخطورة، فهي ليست بناء بيت يمكن هدمه وتغييره، وليست إقامة شركة يمكن حلها، وإنما هي بناء الإنسان وبالذات إنسان المستقبل الذي سيكون طبيبًا ومهندسًا ومدرسًا وموظفًا وعاملًا فنيًّا، وهو الذي سيكون قائدًا وسياسيًّا وعسكريًّا ورجل أمن، ومن المدرسة ستتخرج ربة البيت وأم المستقبل.

أي إن المدرسة والمعهد والجامعة هي القواعد التي يقوم عليها البنيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدولة، فلا بد من إيلاء العملية التربوية الأهمية التي تستحقها.

  • إن مهمة تطوير العملية التربوية تقتضي إيجاد لجنة عليا للتخطيط والتطوير تتناسب مع خطورة المهمة، وتأخذ في اعتبارها الأبعاد الثلاثة للعملية التربوية، وهي الطالب والمنهج والمدرس بالإضافة إلى الإدارة المدرسية والتوجيه الفني، وما إلى ذلك.

وحتى تكون هذه اللجنة على مستوى المهمة المنوطة بها لا بد أن تكون على مستوى عال من الخبرة والكفاءة، بحيث تستطيع فعلًا أن تضع الأسس النظرية والعملية للتطوير، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بتشخيص الإيجابيات في العملية التربوية القائمة وتعزيزها وتشخيص السلبيات والعمل على تلافيها معتمدة على دراسات موضوعية، وميدانية، وإحصائيات، واقعية.

  • إن هذه اللجنة لا بد أن تسترشد بالأهداف العامة التي رسمتها الدولة للمجتمع، هذه الأهداف التي تنطلق من كون هذا المجتمع عربيًّا إسلاميًّا له دينه الذي يحرص عليه وثقافته التي يعتز بها وطموحاته التي يسعى إليها في التطوير والنماء.
  • من البديهي والمنطقي أن يكلف بهذا العمل الجليل من تتوفر فيه -بالإضافة إلى الكفاءة والخبرة والنزاهة- القدرة على تمثل أهداف المجتمع واستيعابها والإيمان بها، وألا يكون مجرد ناقل لهذه التجربة، أو تلك، أو مقلد لهذا المجتمع أو ذاك، أو حافل لنظريات متناقضة أو غير متلائمة مع طبيعة هذا المجتمع العربي المسلم، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) (الأنعام: 153).
  • لا بد أن يكون القائمون على هذه اللجنة من الرجال الأخيار المؤمنين بأن حل مشكلات هذه الأمة لا يتم إلا بالمنهج الإسلامي الذي وضعه الله تعالى في كتابه العزيز وطبقه الرسول الكريم في سنته المطهرة.

والرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا، كتاب الله وسنتي».

وألا يتعارض اجتهادنا أو اقتباسنا عما ورد في الكتاب والسُنَّة، ولا ينبغي التهاون في هذا الأمر أو المجاملة على حساب الحق الذي هدانا الله إليه.

ومن كان في نفسه شك في جدوى المنهج الإسلامي في حل كافة مشكلاتنا، وفي مقدمتها المشكلة التربوية، فلا ينبغي له أن يتصدر لعلاج هذه المشكلة وإلا زادها تعقيدًا، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) (طه: 124)(1).




____________________

(1) نُشر بالعدد (833)، 15 المحرم 1408هـ/ 8 سبتمبر 1987م، ص8.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة