مواكب الفاتحين

إن القيام بواجب الجهاد وتبليغ دعوة الإسلام والسعي إلى الفوز بإحدى الحسنيين؛ إما النصر وإما الشهادة، هي الأهداف الحقيقية التي دفعت المسلمين لتحقيق أعظم وأرحم حركة فتح لبقاع الأرض في التاريخ.

وفي الفتوحات الإسلامية نرى فن قيادة الجيش المسلم، كما نرى البُعد الرسالي والإيماني للفتوحات الإسلامية، بل نرى ذلك الانضباط والطاعة في مسير الفاتحين.

وبدأ موكب الفاتحين في يوم الفرقان يوم التقى الجمعان يوم «بدر» الكبرى صبيحة 17 رمضان من السنة الثانية الهجرية؛ (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (آل عمران 123).

ويستمر المسير في موكب الفاتحين إلى «فتح مكة» في السنة الثامنة من الهجرة وفي العشرين من شهر رمضان.

ويتحرك موكب الفاتحين بقيادة المثنى بن حارثة إلى البويب بالقرب من مدينة الكوفة؛ فينتصر المسلمون في معركة «البويب»؛ حيث جددت هذه المعركة مسيرة المسلمين في حربهم مع الإمبراطورية الفارسية.

وفي السنة الثانية والتسعين من الهجرة النبوية، يتوجه موكب الفاتحين إلى بلاد السند بقيادة القائد الشاب الفذ محمد بن القاسم، وكان في السابعة عشرة من عمره؛ فخضعت السند للخلافة الإسلامية.

وفي السنة الثانية والتسعين للهجرة، تمدد موكب الإسلام إلى أوروبا حيث رحلة الجلال والجمال وكان الفتح بقيادة طارق بن زياد، وموسى بن نصير، وبذلك بدأ العصر الإسلامي في الأندلس؛ فارتفعت منارة الإسلام في أوروبا، وامتدت تلك الفترة إلى ثمانية قرون.

وفي رمضان 583هـ، قاد صلاح الدين الأيوبي معركة «حطين» لكسر شوكة الصليبيين في أرض الشام؛ فكانت حطين البوابة الأوسع لتحرير المسجد الأقصى المبارك وإنهاء مأساته التي استمرت تسعين عاماً!

«سار عمر من الجابية حتى وصل إلى مدينة القدس، هو وغلامه يتبادلان الركوب على الجمل، ودخل عمر القدس وهو يمشي على قدميه وغلامه راكب! ويذكر أنه شارك معه في فتح القدس 4 آلاف من الصحابة، وهي المدينة الوحيدة التي استلم الخليفة عمر مفاتيحها بنفسه» (محسن محمد صالح، الطريق إلى القدس).

وتستمر مواكب الفاتحين قوة وعزة ونشراً لدعوة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.

وتأديباً وصداً للعدوان الذي اجتاح العالم الإسلامي عن طريق التتار، حيث انتصر المسلمون بقيادة السلطان المملوكي سيف الدين قطز على جيش التتار المغولي بزعامة هولاكو في معركة «عين جالوت»، في 25 رمضان 658هـ.

ومع الإيمان القوي والعزم الفتي والإصرار على الجهاد في سبيل الله، ومقارعة العدو لن تتوقف مواكب المنتصرين الفاتحين.

وما انتصار غزة ببعيد، إذ فضحت غزة طغيان الصهاينة وحلفائهم، فأملى المجاهدون الفلسطينيون شروطهم وركّعوا وأذلوا عدوهم وحرروا أسراهم؛ حيث حُرّرت تسعون امرأة عربية مسلمة.

وخرج وما زالوا مؤيدين للقضية الفلسطينية ومقدرين لجهاد الفلسطينيين وصبرهم وتحملهم، بل وإن كثيراً من قادة الغرب ورجال السياسة بدؤوا بالتخلي عن مناصرة الصهاينة، وهذا أحد مؤشرات سقوط الكيان الصهيوني المحتل، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، والله أكبر ولله الحمد.

ونشبت معارك انتصر فيها المسلمون من أهمها معركة «اليرموك» في المنطقة التي تشملها الأردن اليوم، أدت هذه المعركة إلى زوال الحكم البيزنطي، وقد تولى هذه المعارك كل من خالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن معاوية، رضي الله عنهم.

عن نافع بن عتبة رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله» (رواه مسلم)؛ أي تقاتلون الدجال، فيجعله الله مقهوراً مغلوباً!

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين.

والحمد لله رب العالمين.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة