22 فبراير 2025

|

يديعوت أحرونوت: تركيا أكثر خطورة على إسرائيل من إيران

جمال خطاب

13 فبراير 2025

5515

 

 

نفوذ تركيا عقائدي أكثر من غيره وأكثر انتشارًا وأكثر ترابطًا مع الصراع الإقليمي على النفوذ، وطموحات تركيا ودعمها للجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، يهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط.

 

فقد شهد الشرق الأوسط، في السنوات الأخيرة، تحالفات جيوسياسية متغيرة، مع ظهور تركيا كقوة رئيسية في المنطقة. ومع أن إيران كانت تعتبر منذ فترة طويلة أخطر خصم لإسرائيل بسبب طموحاتها النووية ودعمها العسكري للجماعات "المقاومة" بالوكالة والخطاب المناهض لإسرائيل، فإن الفحص الدقيق يكشف أن تركيا تشكل تهديدًا أكبر لأمن إسرائيل. 

 

وهذا التهديد لا يتشكل من خلال طموحات تركيا الإقليمية فحسب، ولكن من خلال انحيازها الأيديولوجي لجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، والتي مازالت تتحدى استقرار إسرائيل بشكل مباشر.

 

تاريخيًا، كانت إسرائيل وتركيا تشتركان في علاقة براجماتية، وخاصة خلال التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بناءً على المخاوف الأمنية المتبادلة والمصالح المشتركة. ولكن هذا التحالف بدأ في التدهور تحت قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. 

القيادة التي حولت سياسته الخارجية بشكل كبير نحو موقف عدواني في الشرق الأوسط. فقد عملت تركيا تحت قيادة أردوغان على تعزيز موقفها كمتحدٍ للنظام الإقليمي القائم، وتبنت سياسات تتعارض في كثير من الأحيان مع مصالح إسرائيل.

 

ومن أهم العوامل التي تساهم في التهديد المحتمل الذي تشكله تركيا لإسرائيل علاقاتها الوثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة إسلامية سنية تأسست في مصر في عام 1928. وتدعو جماعة الإخوان المسلمين إلى إقامة خلافة إسلامية، استناداً إلى تفسيرها للشريعة الإسلامية، وظلت تاريخياً معادية لوجود إسرائيل.

 

لقد أقامت تركيا تحت قيادة أردوغان تحالفاً مع جماعة الإخوان المسلمين، على مدى العقد الماضي، وعرضت الدعم السياسي والعسكري والمالي للجماعة وفروعها في جميع أنحاء العالم العربي. وفي دول مثل مصر وليبيا وسوريا، دعمت تركيا الفصائل الإسلامية المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، وهذا من شأنه تقويض المصالح الإسرائيلية بشكل مباشر.

 

والواقع أن أيديولوجية الإخوان المسلمين تتعارض بشكل أساسي مع الدولة اليهودية، وتنظر إلى إسرائيل كمحتلة للأراضي الإسلامية، وقد دعت تاريخيًا إلى تدميرها. ومع أن التهديد الإيراني لإسرائيل تهديد عسكري إلى حد كبير، يركز على القضية النووية، فإن ارتباط تركيا بجماعة الإخوان المسلمين يمثل تحديًا أيديولوجيًا أعمق. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص عندما تستخدم تركيا نفوذها السياسي والعسكري لنشر الأيديولوجيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، وهو ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر وخلق بيئات أكثر عدائية لإسرائيل.

 

وبعيدًا عن الدعم الأيديولوجي، فإن الوجود العسكري المتزايد لتركيا في مناطق الصراع الرئيسية مثل سوريا يشكل تهديدًا أمنيًا مباشرًا لإسرائيل. وكان لتدخل أردوغان في سوريا، التي دعمت الجماعات المتمردة، بما في ذلك بعض الجماعات المرتبطة بالفصائل المتطرفة، آثار كبيرة على إسرائيل.

 

بالرغم من أن الحرب الأهلية السورية بدت في البداية بعيدة عن المصالح الإسرائيلية، إلا أن الوجود المتزايد للقوات المدعومة من تركيا في شمال سوريا، إلى جانب التهديدات المتكررة من جانب أردوغان بمهاجمة القوات الكردية (التي تعد من الحلفاء الرئيسيين للغرب والولايات المتحدة)، وهذا يخلق بيئة متقلبة على الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل.

 

وإذا اكتسبت هذه القوات، التي قد تشمل جماعات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، السلطة في سوريا، فقد تستهدف المصالح الإسرائيلية، إما من خلال العمل العسكري المباشر أو من خلال تشجيع المشاعر المعادية لإسرائيل في المنطقة. وعلاوة على ذلك، يثير الوجود العسكري التركي في ليبيا، حيث تدعم حكومة الوحدة الوطنية في الحرب الأهلية الجارية، مخاوف في إسرائيل.

إن احتمال إنشاء تركيا لموطئ قدم عسكري دائم في شمال إفريقيا من شأنه أن يخلق جبهة جديدة ضد إسرائيل، نظراً لقرب شمال إفريقيا من أوروبا وحدود إسرائيل نفسها. وقد يمكن هذا تركيا من زعزعة استقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​الأوسع، حيث لإسرائيل مصالح اقتصادية وعسكرية حاسمة، من بينها استكشاف الغاز والأمن البحري. 

وبسبب الدور المتنامي لتركيا في سوريا وعلاقاتها الوثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين، تواجه إسرائيل تحدياً معقداً في المنطقة. 

إن الأسس الإيديولوجية للسياسة الخارجية التركية تجعلها خصماً أكثر خطورة من إيران. إذ يتركز التهديد الإيراني في المقام الأول حول الأسلحة النووية والدعم العسكري لحزب الله وجماعات أخرى، لكن نفوذ تركيا أكثر انتشاراً وأيديولوجية ومترابطاً مع صراعات القوة الإقليمية الأكبر. 

إن طموحات تركيا في الشرق الأوسط، إلى جانب دعمها للجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، تهدد بإعادة تشكيل النظام الإقليمي بطرق تقوض أمن إسرائيل.

 

التحالف مع الدول العربية 

 

نظراً للتهديد المتزايد من تركيا، يتعين على إسرائيل إعادة النظر في موقفها الاستراتيجي في المنطقة. 

ومع أن إيران ستظل تشكل محوراً أساسياً بسبب برنامجها النووي وترسيخها العسكري، يتعين على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار التحدي الإيديولوجي الذي يفرضه دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين. 

إن تعزيز التحالفات مع الدول العربية التي تخشى التوسع التركي ــ مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ــ من شأنه أن يساعد في موازنة النفوذ الإقليمي التركي. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على إسرائيل أن تستمر في بناء قدراتها العسكرية، وخاصة في مجال الدفاع الجوي وجمع المعلومات الاستخباراتية، لمواجهة البصمة العسكرية التركية المتنامية في سوريا وليبيا.

 

 

 

ويتعين على "إسرائيل" أيضاً أن تزيد من جهودها الدبلوماسية لكشف الدور التركي المزعزع للاستقرار في المنطقة، مع تعزيز علاقاتها مع الجماعات الكردية وغيرها من الفصائل غير الإسلامية في سوريا. فمن خلال القيام بذلك، تستطيع إسرائيل الحفاظ على نهج مرن وشامل للتهديد المتعدد الأبعاد الذي تشكله تركيا، وضمان أمنها على المدى الطويل في الشرق الأوسط غير المستقر على نحو متزايد.

 

 

 

فالتدخلات العسكرية التركية، ودعمها للجماعات الإسلامية السنية، وطموحاتها لاستعادة نفوذ العصر العثماني تضعها في معارضة مباشرة للمصالح الإسرائيلية. وعلى هذا النحو، يتعين على إسرائيل أن تتبنى استراتيجية متعددة الجوانب تعالج الجوانب العسكرية والأيديولوجية للتهديد التركي. وبذلك، تستطيع إسرائيل حماية أمنها والتحرك عبر ديناميكيات الشرق الأوسط المتزايدة التعقيد.

 

------------

 

الكاتب: أمين أيوب، زميل منتدى الشرق الأوسط، محلل سياسي وكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت.


كلمات دلاليه

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة