جنرال صهيوني: «السابع من أكتوبر» أعظم الإخفاقات في تاريخ «إسرائيل»
إن الصور التي تأتي من قطاع غزة المدمر لا تصور «حماس» كمنظمة منهارة أو مسحوقة أو مفككة، ناهيك عن كونها منظمة مدمرة، علينا أن نبحث عن صور النصر التي كنا نأمل في رؤيتها في مكان آخر، فالمرحلة الأولى من إطار إطلاق سراح الرهائن تجري الآن بعد 15 شهراً من الحرب، ومن قوة نيران «إسرائيلية» لا هوادة فيها، وحملة عسكرية مستمرة في قطاع غزة.
«حماس» لم تتفكك
لأشهر، أكد كبار المسؤولين في جيش الدفاع «الإسرائيلي» وقادة الحكومة للجمهور أن «حماس» تم تفكيكها كقوة عسكرية، وأنها فقدت معظم قدراتها، وأن قبضتها على الرأي العام المحلي بدأت تتضاءل.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، مارست «إسرائيل» ضغوطاً كبيرة على غزة بإغلاق معبر رفح، وفرض سيطرتها على ممر فيلادلفيا، وتقسيم القطاع إلى نصفين على طول محور نتساريم مع منع السكان من العودة إلى شمال غزة، ومع ذلك، فقد تم إزالة اثنين من أدوات هذا الضغط في هذا الأسبوع.
«حماس» هي التي تحكم
لا شك أن صفقة إطلاق سراح الرهائن ضرورية، بل كان من الواجب تنفيذها في وقت سابق، ولكن في الأسبوعين الماضيين، وبينما تمتنع «إسرائيل» عن اتخاذ قرارات بشأن اليوم التالي لرحيل «حماس» في غزة، فإن الواقع على الأرض يظهر منظمة «إرهابية» ما زالت هي الحاكم الوحيد للقطاع، وكذلك تستغل «حماس» كل مرحلة من مراحل إطلاق سراح الرهائن لتقديم عرض مسرحي لإظهار مظاهر الحكم وتعزيز سيطرتها وقدرتها على التنظيم والحفاظ على الرموز الظاهرية -الزي العسكري، والمركبات المجهزة، والتصوير الفوتوغرافي، والأعلام، والتواجد الشرطي، وغير ذلك- إلى جانب العروض العسكرية للمقاتلين المسلحين والمركبات، وهذا بعيد كل البعد عما قد يتوقعه المرء من مجموعة تم سحقها وتجريدها من قدراتها.
قوة «حماس» التنظيمية
أين ذهب كل القصف والضغوط العسكرية التي شنتها قوات الدفاع «الإسرائيلية»؟ مع أن غزة أضحت معزولة تماماً عن العالم الخارجي، لا تزال «حماس» قادرة على حشد القوات والمعدات بهذه الطريقة المنظمة، سواء من حيث الحجم أو الحالة، في غضون أيام؟
من الصعب فهم هذا، وهو يتطلب تفسيراً من قادة قوات الدفاع «الإسرائيلية»، لم نسمعه بعد! إن هذه المنظمة التي جُرِّدَت من هيكلها القيادي وأصولها، ما زالت قادرة على إظهار قوتها، وتبدو صورة النصر التي سعينا إلى تحقيقها في هذه الحرب ضد «حماس» في غزة بعيدة المنال، فما زالت «حماس» صامدة، ومع مرور الوقت واستمرار عملية إطلاق سراح الرهائن، تشتد قبضتها وسيطرتها على القطاع.
«حماس» مفاوض بارع
لقد أثبتت «حماس» أنها مفاوض صعب في محادثات إطلاق سراح الرهائن، وقد استغلت الموقف بمهارة لصالحها، ومن المرجح أن يكون إصرارها على خطة إطلاق سراح تدريجي تمتد على مدى 42 يوماً، إلى جانب إزالة أدوات الضغط «الإسرائيلية»، مثل إعادة فتح معبر رفح ورفع التقسيم الإقليمي عند محور نتساريم، بمثابة خطوة إستراتيجية تهدف إلى إعادة تأكيد سيطرتها، ومن خلال تسهيل عودة مئات الآلاف من سكان غزة إلى شمال غزة دون شروط معيشية أساسية، تستخدم «حماس» هؤلاء السكان كدروع بشرية؛ الأمر الذي يجعل من الصعب للغاية على جيش الدفاع «الإسرائيلي» استئناف العمليات العسكرية في الشمال، أو في أي مكان آخر في القطاع.
إن محاولة «حماس» فرض شروط على مراحل إطلاق سراح الرهائن في المستقبل هي في جوهرها محاولة لتقليص الخسائر، وفي حين يتم تأطير هذه المحاولة باعتبارها خطوة ضرورية لإزالة التهديد الجسدي الذي يشكله حشد غير منضبط ومسعور على الرهائن -وهي خطوة مبررة- فإنها تشكل أيضاً محاولة لحرمان «حماس» من عروض النصر التي تخدم أهدافها الدعائية الداخلية، التي قد تستخدم ذات يوم ضد «إسرائيل» أيضاً.
مأزق الرهائن
حتى عندما تكتمل المرحلة الثانية من إطلاق سراح الرهائن، ويعود كل الأسرى إلى ديارهم، فلن تكون هذه صورة النصر، إن إطلاق سراحهم يشكل التزاماً أخلاقياً وضرورة وطنية، تنبع من أحد أعظم الإخفاقات في تاريخ «إسرائيل»، ولا ينبغي لنا أن نخدع أنفسنا، ومن الأهمية بمكان أن نتذكر الثمن، والوقت الذي مضى، وأولئك الذين كان بوسعهم العودة أحياء ولكنهم لن يعودوا أبداً.
لا شيء سيمحو أهوال السابع من أكتوبر
كدولة ومجتمع، نسعى إلى لحظات التفاؤل والفرح وتأكيد الحياة، ولكن لا ينبغي لنا أن نخطئ التقدير، فهذه المشاعر لن تمحو أهوال السابع من أكتوبر 2023م، ولأولئك الذين أكدوا لنا أننا هزمنا «حماس» (كما زعم وزير الدفاع كاتس عند توليه منصبه) أو أن «حماس» تم تفكيكها، جنبًا إلى جنب مع كتائبها وقدراتها (كما أعلن رئيس أركان جيش الدفاع)، آمل أن تكون الصور القادمة من غزة سببًا لإعادة التقييم.
يجب أن يسألوا أنفسهم: أين أخطأنا؟ والأهم من ذلك، إلى أين نتجه من هنا؟ ما الواقع الذي سيبقى في غزة في اليوم الذي نعيد فيه آخر رهينة إلى الوطن؟ إن عروض العلاقات العامة والاستعراضات العسكرية لـ«حماس» تطرح الكثير الذي يستحق التأمل.
_______________
- الكاتب عميد احتياطي، قائد سابق لقيادة الدفاع الجوي «الإسرائيلي»، مستشار إستراتيجي.
- المصدر: «إسرائيل اليوم».