أكاديميون عن تصريحات الشيخ عثمان الخميس:

إثارة الخلافات الداخلية بهذا التوقيت في مصلحة الاحتلال الصهيوني

شهدت الأيام الماضية جدلًا واسعًا حول تصريحات نُسبت إلى الشيخ عثمان الخميس بشأن حركة «حماس»، حيث أثار مقطع متداول من مقابلة له ضمن بودكاست «جمعية إنسان» ردود فعل متباينة، وانتشر المقطع على نطاق واسع، خصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي؛ ما دفع العديد من الشخصيات الدينية والأكاديمية إلى التعليق على محتواه وسياقه.

تناول المقطع الذي تم الترويج له حديث الشيخ الخميس عن حركة «حماس» بعبارات وصفها البعض بأنها «مسيئة»، إذ نُقل عنه أنه وصف الحركة بأنها «مفسدة»، «سيئة»، «منحرفة»، «مرتمية في أحضان إيران»، مع إشارته إلى أنه لو كانت الأمور مستقرة، لسعى إلى تفكيكها ومحاربتها.

إلا أن متابعين أكدوا أن هذا التصريح تم اقتطاعه من سياقه، حيث لم يُنشر الجزء الذي عبّر فيه الشيخ عن دعمه لـ«حماس» في قتالها ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، مؤكدًا أنه لا يمكن الاصطفاف مع الكفار ضد حركة إسلامية.

تفنيدات من شخصيات أكاديمية وإعلامية

د. الخاطر: تسييس النقاش لصالح أجندات معينة

أكدت د. لولوة الخاطر، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر، في حسابها عبر منصة «إكس»، أن الجدل الذي أُثير حول تصريحات الشيخ عثمان الخميس يأتي في سياق أوسع لتشويه المقاومة الفلسطينية، مشيرةً إلى أن هذه الحملات تعتمد على اجتزاء التصريحات وإعادة تأويلها بما يخدم أجندات سياسية معينة، وأوضحت أن هناك استغلالًا واضحًا لهذا الجدل بهدف خلق حالة من الاستقطاب داخل المجتمعات الإسلامية.

وأضافت أن موقف الشيخ الخميس قد يكون محل نقد أو اختلاف، ولكن توظيفه بهذه الطريقة في سياق أوسع من محاولات ضرب المقاومة أمر يجب الانتباه إليه، كما شددت على أن إثارة الخلافات الداخلية في هذا التوقيت هو في مصلحة الاحتلال الصهيوني، الذي يسعى إلى تفتيت الصف الإسلامي بدلًا من توحيده.

د. المطر: حملة ممنهجة لتشويه الشيخ الخميس

في هذا الإطار، علّق أستاذ العقيدة د. محمد المطر، موضحًا أن انتشار المقطع جاء ضمن حملة موجهة عبر حسابات وهمية وحقيقية على منصات التواصل، بهدف تشويه موقف الشيخ الخميس.

وأشار المطر إلى أن مواقف الشيخ أثبتت استقلاليتها في عدة قضايا، منها رفضه لمشروع «البيت الإبراهيمي»، وظهوره على قناة «الجزيرة» رغم الانتقادات، وعدم تبنيه مواقف معادية للمقاومة رغم تحفظاته عليها.

كما لفت إلى أن المشكلة ليست في نقد «حماس» أو تأييدها، بل في طريقة توظيف هذه التصريحات لتحقيق أهداف سياسية، فالمقاومة الفلسطينية أكبر من أي فصيل، ومن واجبنا دعمها وعدم السماح باستغلال أخطاء الأفراد لضرب مشروع التحرير.

الشاعر الكندري: التعامل مع الأخطاء بميزان الإنصاف

من جهته، قال الشاعر أحمد الكندري: إن الشيخ عثمان الخميس معروف بمنهجه العلمي الذي يتسم بالدقة والوضوح، وأي تصريح له يجب أن يُفهم في سياقه الكامل، وليس من خلال اجتزاء مقاطع قصيرة قد تُفهم بشكل خاطئ.

وأشار الكندري إلى أن «حماس» كحركة سياسية لها اجتهاداتها، وقد تخطئ وتصيب، ولكن الواجب هو الإنصاف عند النقد، وعدم توظيفه لخدمة أجندات خارجية تهدف إلى ضرب المقاومة الفلسطينية.

كما أوضح أن هناك محاولات مستمرة للفصل بين المقاومة الفلسطينية والمجتمعات الإسلامية عبر نشر خطاب يُظهر أن القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين وحدهم، مؤكدًا أن هذا الطرح يخدم الاحتلال بشكل مباشر.

«حماس» وإيران.. تحالف سياسي أم ارتماء في الأحضان؟

من أبرز النقاط التي أثارها الجدل هو علاقة «حماس» بإيران، التي اعتبرها البعض دليلًا على «انحراف» الحركة، إلا أن المدافعين عن موقف «حماس» يرون أن العلاقة بين الطرفين لا تتعدى كونها تحالفًا سياسيًا تكتيكيًا لدعم المقاومة، دون أن يكون لها أبعاد عقائدية.

وفي هذا السياق، أشار المطر إلى أن التعاون بين الحركات الإسلامية ودول غير مسلمة أو حتى أنظمة ذات توجهات مختلفة ليس أمرًا جديدًا، مستشهدًا بحالات مشابهة مثل:

- تعاون دول الخليج مع الولايات المتحدة لتحرير الكويت.

- دعم واشنطن للمجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفييتي.

- تعاون بعض الدول الإسلامية مع الصين وروسيا رغم سياساتهما تجاه المسلمين.

وأكد أن موقف «حماس» تجاه بعض السياسات الإيرانية كان واضحًا، حيث رفضت دعم النظام السوري ضد الثورة، ولم تؤيد الحوثيين في صراعهم مع الخليج؛ ما يدل على أنها ليست أداة طيّعة بيد طهران كما يدّعي البعض.

التعامل مع الاختلافات داخل الصف الإسلامي

من جانبها، عقّبت الداعية هدى الدهيشي على الجدل بقولها إن «حماس» تخطئ لأنها ليست معصومة، والشيخ عثمان الخميس يخطئ لأنه أيضًا غير معصوم، مشددة على ضرورة التوازن في النقد دون شيطنة أي طرف، وأضافت أن وصف المخالفين بالانحراف يحتاج إلى أدلة قاطعة، وأن الأصل في الاجتهاد هو تحرّي الصواب.

تحذيرات من استغلال الجدل في مخططات صهيونية

في ظل تصاعد الجدل، حذّر محللون من أن هناك محاولات لصياغة خطاب إعلامي يهدف إلى فصل «حماس» عن غزة، عبر الترويج لفكرة أن المشكلة تكمن في وجود الحركة، وأن غزة ستكون أفضل بدونها، وأشاروا إلى أن هذا التكتيك هو جزء من إستراتيجية صهيونية وعربية لمحاصرة المقاومة الفلسطينية وإضعافها.

ويبقى الجدل حول موقف الشيخ عثمان الخميس من «حماس» نموذجًا للتحديات التي تواجه النقاشات الداخلية في العالم الإسلامي، حيث يتم التلاعب بالسياقات وتوظيف التصريحات لتحقيق أهداف سياسية.

وبينما يؤكد البعض ضرورة النقد الموضوعي للحركات الإسلامية، يرى آخرون أن الأولوية يجب أن تكون لدعم المقاومة ضد الاحتلال، دون الانجرار إلى معارك داخلية تخدم أجندات معادية.


تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة