24 فبراير 2025

|

أيها المعلم.. تخيل أنك الطالب

كلنا يذكر موقفاً أو أكثر في حياته الدراسية، من الابتدائي حتى الثانوي، خصوصاً مع المعلمين والمعلمات، ونذكر من نحبهم بخير إلى الآن، ونستحسن مواقفهم التربوية قبل التعليمية، التي ارتبطت بوجداننا سنوات طوالاً، والأثر الإيجابي الذي تركوه في أنفسنا، الذي قد يكون غيّر مسار حياتنا للأفضل.

كما نذكر من نكره تصرفاتهم (لا أقول نكرههم)، والأثر السلبي الذي تركوه في أنفسنا، الذي قد يكون غيّر مسار حياتنا إلى الأسوأ!

أنتم -أيها المعلمون والمعلمات- ستكونون ذلك الأثر في حياة أبنائنا، فإن أحسنتم أحسنوا، وإن أسأتم أساؤوا.

تخيل نفسك أيها المعلم أنك أنت الطالب، وكيف تتمنى أن يكون المعلم؛ صديقاً، وحبيباً، ومبتسماً، ونصوحاً، ومؤازراً، وشفيعاً، ومخلصاً، ومتميزاً، ومبدعاً، ومبتكراً، وضحوكاً، ومربياً، وأخيراً.. قادراً على التعليم وإيصال المعلومة.

كنّا نحب المعلم الذي ينكّت معنا، وينزل إلى مستوانا، ويتغافل عن زلاتنا، ويشاركنا الأنشطة، ويرتب لنا الرحلات، ويرفع من قدرنا، ويشجعنا، ولا يعتبر الخطأ أو السقوط نهاية المطاف، ويتدخل لدى الإدارة المدرسية عند الحاجة، ويكلم زملاءه المعلمين عند الضرورة، وهو شعلة نشاط.

ذلك من نتمنى أن نراه في الصباح، وعند الطابور، وفِي الفرص، وفِي الهدة.

وضمن هذا الخيال الواسع، وقبل أن تنطق بأي كلمة جارحة أو قاسية، ضع نفسك مكانه، أو ضع ابنك.. أو أختك مكانه، هل ستقبل هذا الكلام؟ وهل تعلم أثره في النفس؟ هل سيجرح كرامته؟ هل.. وهل.. تساؤلات تستحق منا التريث قبل الكلام.

أتمنى ألا نكرر أنفسنا، ولنبدأ حياة جديدة، ولنجعل التعليم متعة، فنستمتع جميعاً بِمَا تقدمونه للمجتمع، ولنقدم التعليم بصورة أجمل، ولنتعامل مع الطلبة وفق أنماطهم الشخصية، فذاك عجول، وهذا غضوب، وذاك حساس، وهذه انفعالية، وتلك مزاجية، وأيضاً هذا ألعبان، وهذه فتانة.. إنها أنماط حياتية، نعيشها في بيوتنا يومياً، فلا غرابة.

ولا ننس أن هناك قضايا اجتماعية وأسرية مختلفة للطلبة، لا يعلمها إلا الله، ولن يستوعبها سوى «المربي»، والتعامل معها بالحكمة.

ولننس قليلاً القسم والإدارة، والمنطقة والوزارة، فكل يضغط على الآخر، حسب التدرج الوظيفي، وكلنا يعلم مدى القصور الذي تتمتع به وزارة التربية منذ سنوات، فلا نحمل الطلبة الوزر الوظيفي، فهم لا ذنب لهم في ذلك.

ولنحاول ترك المشكلات الأسرية خارج المدرسة، فهموم الدنيا ليس لها نهاية، ولا نحمل الطلبة مشكلاتنا، فهم لا ذنب لهم.

لنحاول استشعار أجر المعلم والمربي، لنكسب الحسنيين؛ الأجر الدنيوي (الراتب)، والأجر الأخروي (الإخلاص في التعليم)، وقد يزدوج الأجر دنيوياً وأخروياً من حيث لا نعلم.

أنا معلم سابق، وأعرف تماماً معاناة المعلمين في كل اتجاه، والذين لا يعرفون من هو طقاقهم؛ الإدارة، المنطقة، الوزارة، الآباء، التوجيه، الأنشطة، المجتمع، الإعلام، ولكن كما قلت في البداية؛ لا نحمل الطلبة مشكلاتنا، ولنضع أنفسنا مكانهم.

أما المعلمون السلبيون والمشاكسون والمداهنون للإدارة لتقليل العمل عليهم، وأصدقاء النواب، فلا يكونوا سبباً في تراجعنا، فنحن نعمل لله عز وجل، ونراقبه في تصرفاتنا.

وفقكم الله لكل خير، وجعلكم منارة للعلم والتربية لأبنائنا، الأمانة في أيديكم.

_______________

المصدر: «الوطن».


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة